تعد ظاهرة المخدرات في المجتمع من أكبر المشاكل التى تواجه البشرية حيث يزداد فى كل عام أعداد المدمنين مع تنوع لأشكال المخدرات، وأنوعها كما يلاحظ فى الفترة الأخيرة أن ظاهرة الإدمان لم تعد مقصورة على الأغنياء فقط كما كان يحدث فى الماضى بل الامر اصبح يشمل فئات من الطبقات الفقيرة وربما بشكل أكبر من عدد الأغنياء المدمنين كما كان تناول المخدرات يقتصر فى الماضي بصورة كبيرة على فئة الذكور اما الان فاصبحت فئة الإناث تتعاطى المخدرات المختلفة وذلك وفقا لاحدث الدراسات.
و تعتبر المخدرات من أشد الآفات فتكاً بالمجتمعات الإنسانية، حيث تلقي بظلالها القاتمة وآثارها السلبية على جميع مناحي الحياة الخاصة بمتعاطيها، وتدل الإحصائيات على نسب انتشار متزايدة في أعداد متعاطي المخدرات في ظل وجود كثير من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، وتنفق الحكومات ملايين الدولارات على مكافحة هذه الظاهرة السلبية، ومعالجة مدمني المخدرات سنوياً.
أسباب شيوع ظاهرة المخدرات:
البطالة:
تعاني مجتمعاتنا العربية والإسلامية من ظاهرة البطالة، وعدم وجود فرص العمل، مما يؤدي إلى تعطل الأفراد، وعدم قدرتهم على إشغال وقت الفراغ الكبير المتاح أمامهم، وبالتالي التفكير في إدمان المخدرات.
الفقر المدقع:
الفقر والحاجة بلا شك هي سبب من أسباب انحراف الشباب وإدمانهم على المخدرات، فالشاب الذي لا يجد قوت يومه، وما يسد به رمقه ورمق من يعول، يلجأ إلى إدمان المخدرات للهروب من الواقع المرير الذي يعيشه ويعاني منه أشد معاناة.
الفساد الأخلاقي:
من أسباب شيوع المخدرات في مجتمعاتنا حالة الفساد والانحلال الأخلاقي التي تظهر في سلوكيات منحرفة، وتصرفات شاذة بعيدة عن أعراف المجتمع ودينه وثقافته، وهذه الحالة تشكل بيئة خصبة لانتشار المخدرات، وكثرة مدمنيها ومتعاطيها في المجتمع.
انعدام الوعي بعض فئات المجتمع:
لا يدرك خطر المخدرات على صحة الإنسان وحياته الاجتماعية، كما تنتشر في المجتمع صور مزيفة لبعض أنواع المخدرات تصورها على أنها سبب للمتعة، ووسيلة الوصول إلى السعادة الآنية بصورةٍ تغرر بأصحاب العقول الضعيفة في المجتمع.
غياب قوانين الردع:
عدم وجود تشريعات صارمة بمعاقبة مروجي المخدرات، فكثيرٌ من المجتمعات تفتقر إلى التشريعات القانونية الصارمة التي تحد من هذه الظاهرة وتكبحها.
المخدرات في الجزائر:
رغم أن المخدرات عموما لم تكن مجهولة لدى الفرد الجزائري فهي لها جذورها التي تمتد في عمق الحضارات الإنسانية، لكنها لم تشكل ظاهرة مرضية إلا بانتشارها المهول الذي لم تفلت منه أي دولة في العالم، فلا يخلو تجمع بشري اليوم من هذه الآفة ومن عصابات ترويج السموم وتجار الموت، ما عدا مناطق معدودة قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ولأن الجزائر لا تدخل ضمن الاستثناء فقد شهدت في السنوات الأخيرة زيادة في كميات المواد المخدرة المضبوطة من جهة وزيادة في أعداد المدمنين من جهة أخرى، أما معدلات الجريمة التي تزداد و تيرتها يوما بعد يوم فهي لا تخرج عن كونها نتائج حتمية للتعاطي وانتشار الإدمان.
ففي الجزائر هناك رواج كبير للقنب الهندي أو ما يسمى بالحشيش أو الكيف وهو يضبط بالأطنان ففي عام 2002 تم ضبط 6 أطنان ليرتفع إلى ما يفوق 8 أطنان من القنب عام 2003 بنسبة زيادة وصلت إلى 32 % مع الإشارة إلى أنه يصعب تحديد ما يروج فعلا في الواقع لأن هناك طرق ملتوية عديدة يسلكها المروجون والتجار لا تطالها مصالح المكافحة أما الأنواع الأخرى مثل الكوكايين والهيروين فهي تضبط بكميات محدودة لا تتجاوز بعض الكيلو غرامات لخطورتها وغلائها ولا يمكن أن تجد لها سوقا في الجزائر علما أن نسبة مضبوطات بين 2001 و2003 فاقت 65 % وحدد عدد الأشخاص المتورطين بين سنتي 1994 و2001 بـ 59804شخص دون تجاهل المؤثرات العقلية والتي يتعاطاها الآلاف، وقد تم ضبط 452086 قرص لعام 2002 ووصل عدد الأقراص في عام 2003 إلى 571138قرص أي بنسبة زيادة وصلت 62 % في حين سجلت وزارة العدل على المستوى الوطني عام 2002 ( 4227 قضية) معالجة مرتبطة بجرائم المخدرات وفي عام 2003 سجلت 5161 قضية ونسبة الزيادة هنا 22.1 % وكل هذه الأرقام تشير إلى أن الوضع خطير جدا وسيزداد خطورة إذا لم نعط الظاهرة حقها من الاهتمام، لذلك لابد من بحث بواعث التوجه نحو الاتجار أو التعاطي بين الشباب ومحاولة الاحتواء الجدي لهذا الوباء الخطير وتقديم العلاج الفعال، ولن يتم هذا إلا بتعاون الأسرة والمدرسة والمجتمع وكذا الهيئات المعنية فلا حل في المخدرات ما يتوهم المتورطون بل إنها طريق سريع نحو الانحراف والجريمة والموت وهذه مسؤولية الجميع فعلى كل معني أن يأخذ دوره". وتجدر الأشارة وجود ثلاثة مراكز لمعالجة الإدمان عبر الوطن، في البليدة و عنابة و وهران وستفتح ثلاثة مراكز بتيزي وزو و قسنطينة وتلمسان علما أن في كل مركز استشفائي مصلحة لمعالجة المدمنين.