2. مراحل السيطرة الإنجليزية على أمريكا الشمالية

كان 'البيوريتان' من أولى الجماعات التي هاجرت إلى العالم الجديد واستقرت به، وكوّنت نظاما اجتماعيا واقتصاديا قائما بذاته، ثم ساهمت في بناء أمريكا الحديثة فيما بعد.

 شكّل إنشاء الشركات للسيطرة على المناطق التي يتجمع بها المستوطنون الإنجليز، أسلوبا جديدا من أساليب التنافس الاستعماري الأوربي في العالم الجديد، فأنشأت إنجلترا لهذا الغرض شركتين هما: شركة لندن London campany وشركة بليموث Plymouth company وكان ذلك عام 1606م.

         في عام 1620م، وصلت سفينة "الحجاج" المسمّاة ماي فلاور mayflower، تحمل أعداد من البيوريتان الإنجليز، الذين استقروا في مكان يسمى اليوم 'بليموث'، وقد كانت هذه الهجرة فاتحة لهجرات دينية أخرى عديدة ومتتالية، خاصة للجماعات التي خرجت عن الأنجليكانية كما ذكرنا سلفا، ولكن هذا الأمر لا ينفي وجود هجرات أخرى قائمة على أسباب مادية وتجارية (جمع الذهب والفضة والاتجار بهما)، وكذلك الهجرة للعمل في المجال الزراعي. وقد استطاعت هذه الجماعات الدينية (البيوريتان خاصة)، أن تُؤسس  عددا لا بأس به من المستعمرات الإنجليزية في العالم الجديد، هي مستعمرات ماساتشوست وكنكيتكي ورود آيلاند ومين ونيوهيمشير، وجمعت تحت مسمى مستعمرات نيوأنجلند، كما أقامت جماعة من الكاثوليك بزعامة اللورد "بلتيمور" في ولاية ماريلاند منذ عام 1634م، بعيدا عن مضايقات البروتستانت، وقامت جماعة أخرى يترأسها عدد من التجار باستعمار منطقة كارولينا عام 1665م، وأسس أتباع مذهب الكويكرزQuakers  الكاثوليكي؛ مستعمرة أخرى في منطقة بنسلفانيا عام 1682م.

         وهكذا استطاع الإنجليز في مدة ثمانين عاما (1606-1682)، تكوين مستعمرات في الساحل الشرقي الشمالي، وصارت مناطق نفوذهم بمحاذاة ساحل المحيط الأطلسي، من ولاية ماسوتشوست حتى ولايتي كارولينا الشمالية والجنوبية، وفي خضم التنافس الاستعماري الأوربي على العالم الجديد، تمكّنت إنجلترا من السيطرة على جميع المستعمرات الهولندية والسويدية مثل نيو "أمستردام"نيويورك الحالية، و بعدها سيتمكنون من إبعاد الفرنسيين والحد من نفوذهم تدريجيا.

         بحلول عام 1733م صار لدى الإنجليز ثلاثة عشرة مستعمرة تطل جميعها على المحيط الأطلسي، تمتد على مساحة تقدر بحوالي ألف ميل، ويقطنها أكثر من 2 مليون نسمة.