2. الدعوى البولصية

المطلب الأول

مفهومها وشروطها

تمثل هذه الدعوى الوسيلة الأمثل التي يواجه بها الدائن التصرفات الإيجابية (لا السلبية كما في الدعوى غير المباشرة) التي يقدم عليها مدينه والتي من شأنها إنقاص الضمان العام الذي يعول عليه الدائن لاستيفاء حقه. وهذه الدعوى من ابتداع البريتور الروماني paulus ومنه استمدت تسمينها. وترمي هذه الدعوى إلى جعل تصرفات المدين الضارة بالدائن غير نافذة في مواجهته. أما عن شروطها فيعضها متعلق بالدائن والآخر بتصرف المدين.

أولا- الشروط الخاصة بالدائن:

       يشترط في حق الدائن أن يكون حال الأداء( وهذا على خلاف الدعوى غير المباشرة) بالإضافة إلى كونه خاليا من أي نزاع. وبديهي أيضا أن يشترط في حق الدائن أن يسبق وجوده تصرف المدين الضار، و إلا ما حصل هذا الإضرار بالدائن.

ثانيا- الشروط الخاصة بتصرف المدين:

       يشترط هنا أن يباشر المدين تصرفا قانونيا ( سواء كان معاوضة كالبيع أو تبرعا كالهبة) ولا يهم أن يكون هذا التصرف عبارة عن عقد أو تصرف بالإرادة المنفردة. كما يشترط أيضا أن يكون ذلك التصرف مفقرا للمدين، بحيث يؤدي إما إلى إعساره أو الزيادة فيه. ويراعى هذا الشرط سواء وقت إقدام المدين على التصرف أو عند رفع هذه الدعوى. ويعد من قبيل التصرفات المفقرة أو الضارة عدم تمسك المدين بتقادم مسقط أو مكسب، و وتفضيل دائن معين على غيره من الدائنين ( كأن يرتب له رهنا)، والوفاء لدائن معين قبل حلول أجل دينه. هذا ويجب فوق كل ما سبق إثبات التصرف الذي أقدم عليه المدين فيه غش متى كان معاوضة، أما إن كان تبرعا فلا حاجة لإثبات ذلك.

       ويقصد بالغش أن يتصرف المدين بنية الإضرار بدائنيه، ويتحقق ذلك متى أقدم على التصرف وهو عالم بعسره. ولئلا يضار الغير بذلك أوجب المشرع- مع إثبات غش المدين- إثبات غش من تصرف له المدين، بكونه كان عالما بعسره يوم أبرم التصرف، وعلى غرار الدعوى غير المباشرة، فإن الدعوى البولصية تكون غير مقبولة متى كانت تصرفات المدين متعلقة بأموال لا تقبل الحجز عليها، أو تصرفات متصلة بشخص المدين.

المطلب الثاني

آثار الدعوى البولصية

       تتمثل هذه الآثار في علاقة الدائن رافع الدعوى بمدينه، حيث أنه إن نجح فيها عدَّ التصرف الذي أجراه المدين غير نافذ في مواجهة هذا الدائن وبقية الدائنين الذين تضرروا من تصرف المدين. ويقصد بعدم النفاذ، إعتبار التصرف كأن لم يكن. أما في علاقة المدين بالمتصرف له، فيبقى التصرف بينهما صحيح، لكن طالما لا يستطيع المتصرف له الإفادة منه، كان له أن يرجع على المدين بدعوى ضمان الإستحقاق أو التعرض، أو يطاب بفسخ العقد الذي بينهما كي يسترد الثمن مثلا.

       هذا وتتقادم هذه الدعوى إما بمضي ثلاث سنوات من يوم علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف في حقه، أو ب 15 سنة منذ تاريخ إبرام التصرف