1. القواعد المكتوبة و القواعد العرفية:المطلب الاول

تنقسم مصادر القانون الدولي الانساني الى قواعد عرفية و قواعد مكتوبة .

الفرع الاول :القواعد العرفية:

يلعب العرف دورا اساسيا في تكوين قواعد القانون الدولي الانساني لان البشرية عمدت الى ارساء قواعد و اصول للحرب بالاعتماد على مقتضيات الديانات و الانماط الثقافية المختلفة بحيث يشكل العرف و مبادئ الانسانية بخصوص سير العمليات الحربية و ما يمكن الحاقه بالعدو من اذى او بالاشخاص الذين قد يتاثرون لويلات الحرب مصدرا لا يمكن انكاره من مصادر القانون الدولي الانساني و تبدو اهمية العرف كمصدر للقانون الدولي الانساني من خلال الدراسة التارخية لتطور هذا القانون لذلك نقول بان القانون الدولي الانساني هو تاكيد لقواعد عرفية قديمة تم تطويرها و توسيع نطاقها عند تدوينها بالاضافة الى ذلك فقد اتفق على اعتبار المواثيق الاساسية مواثيق اعلانية و هذا ما راته محكمة نورمبورغلالئحة لاهاي و كذلك فهي ملزمة حتى بالنسبة للدول التي لم تنظم اليها .

و التطرق الى العرف كمصدر للقانون الانساني له دلالته التارخية لان جمع الحضارات و الديانات تدعو الى الانسانية مما يدل الى الانسانية يدل على ان للقانون الانساني جذور تاريخية مطبوعة بالقيم السائدة. و رغم ان الديانة المسيحية تعتبر الناس اخوة و تحرم سفك الدماء دون مبرر ما دعى الكنيسة الى صياغة نظرية الحرب العادلة و التى غايتها هي توفير الراحة الصورية للضمائر بالتوفيق بيم المثل الاخلاقي الاعلى للكنيسة و بين الضرورات السياسية المحيطة بها.

و تقوم نظرية الحرب العادلة على فكرة مفادها ان الحرب التي يخوضها عاهل شرعي هي  حرب ارادها الله و ان افعال العنف المقترفة تفقدها كل صفة من صفات الخطيئة لان الخصم في هذه الحالة يكون عدو الله و الحرب التى يباشرها انما هي حرب ظالمة.

هذه النظرية حللت كل شئ ضد من يوصفون بالاشرار معتبرة الحرب ضدهم عقوبة واجبة و ترتب على ذلك ان كل فريق يدعي عدالة قضيته مما وسع من  دائرة المذابح و المجازر تحت ستار من الحق المشروب بالرياء و كانت هذه النظرية اساس الحروب الصليبية و التي كانت اسوا مثال على الحرب العادلة.

و كان للشريعة الاسلامية الفضل الاساسي في ارسال القواعد الانساني في زمن الحرب في الوقت التي كانت تسود فيه اروبا نظرية الحرب العادلة بحيث ان الشريعة الاسلامية اجمع فقهاءها على ان الجهاد مشروع لحماية الدعوة الاسلامية و دفع العدوان على المسلمين . لذلك اقامت الشريعة نظاما انسانيا متكاملا لسير العمليات القتالية من ذلك.

وضع قيود على سير القتال: بحيث لا يجوز توجيه السيف الا للمقاتل . و بذلك تكون الشريعة اول من فرق بين المقاتل و غير المقاتل و هي التفرقة التي عرفتها اروبا في العصر الحديث.

و تستخلص هذه القيود من توجيهات الرسول عليه الصلاة و السلام  للجيش (( لا تقتلوا شيخا فانيا و لا طفلا صغيرا و لا امراة و لا تغلوا و ضعوا غنائمكم و اصلحوا و احسنوا ان الله يحب المحسنين ))

ومن جهته اوصى ابو بكر الصديق رضي الله عنه يزيد بن ابي سفيان عندما ارسله على راس الجيش للشام بعشر و قال ((لا تقتلن امراة و لا صبيا و لا كبيرا هرما و لا تقطعن شجرا مثمرا و لا نخلا و لا تحرقها و لا تخرين عامرا و لا تقعرن شاة و لا بقرة الا لما اكله ولا تجبن و لا تغلل))

بخصوص الاسرى :دعىالاسلام  ال المحافظة على الكرامة الانسانية في الحروب و جاءت الاشارة الى الرفق بالسرى في قوله تعالى :(( استوصوا ب الاسرى خيرا)).

      هذه المبادئ الانسانية التي ارسلتها الشريعة الاسلامية انتقلت الى بعض الكتاب المسيحيين من دعاة الرحمة مثل فيكتوريا وسواريز فاخذوا بعض النظم الدينية مثل صلح الرب و هدنة الرب و هي نظم تهدف الى الغاء عادات الحرب الوحشية .

وكان لعراب القانون  الدولي "غروتيوس الفضل في مهاجمة نضرية الحرب العادلة في كتابه المعروف "قانون الحرب و السلم" لسنة 1623 -1624 على ضوء التجربة التي عاشها ابان حرب الثلاثين سنة الدينية بحيث ندد بالمجازر و الالام و دعى الى وجوب ارساء قواعد لضبط سلوك المتحاربين مثل عدم جواز قتل المهزوم و عدم جواز تدمير الملكية الا لاسباب عسكرية ضرورية و تعد هذه مساهمة من الكاتب ذات شان في قواعد القانون الدولي التي تنظم حالة الحرب و تعكس مدى تاثرهبالافكار الاسلامية .

   و تابع الفقهاء من بعد "غروتيوس " الاهتمام بدراسة قانون الحرب بداية القرن الثامن عشر الذي استقرت فيه الدول بشكلها القانوني الحديثي و ظهور بعض القواعد العرفية و العادات المتعلقة بسير العمليات العسكرية و شكل قانون عرفي من ذلك

-حصانة المستشفيات

-عدم معاملة الجرحى و المرضى كاسرى حرب

-حماية الاطباء و مساعدتهم و المرشدون الدينيون من الاسرى

- المحافظة على حياة الاسرى و تبدلهم دون فدية

اصبح هناك نوع من الحماية للسكان المدنيين

هذه القواعد العرفية استنتج منها " جان جاك روسو " قاعدة اجتماعية ذكرها في العقد الاجتماعي مفادها ان الحرب ليست علاقة بين دولة و دولة . الافراد فيها اعداء يشكل عرضي فقط و عداؤهم لا يقوم على اساس انهم بشر بل على اساس انهم جنود و بالقائهم اسلحتهم و استسلامهم فانهم يعودون من جديد ليصبحوا بشرا لا يحق لاي انسان الاعتداء عليهم .

    و تعتبر اتفاقية باريس لسنة 1856 المتعلقة بمعاملة المحاربين في الحروب البحرية تجسيدا لبعض هذه المفاهيم و الاعراف المتعلقة بسير الحرب و ان كان البعض يعطي الاسبقية للبلاغ الصادرة عن وزارة الدفاع الامريكية سنة 1838 باعتباره نقطة البداية في التطور الحديث لهذا القانون لانه يقضي بلزوم معالجة الجرائم التي ارتكبت اثناء حرب الاستقلال .

هذه العراف و الاتفاقيات التي كانت ساندة في نطاق جغرافي محدد و في زمن معين ظلت قائمة الى ان تم تجسيدها على مستوى عالمي في نصوص و اتفاقيات تشكل المصادر المكتوبة للقانون الانساني او قانون المنازعات المسلحة .

الفرع الثاني :القواعد المكتوبة :

ان المصادر المكتوبة للقانون الدولي الانساني تتمثل في نوعين من القواعد :

1-     القواعد المنصوص عليها في قانون لا هاي

2-     2- القواعد المنصوص عليها في قانون جنيف

و الملاحظ انه بصدور و ظهور البروتوكول الاول الملحق باتفاقيات جنيف سنة 1977

لم يعد لهذا التمييزين المصدرين الا  قيمة تاريخية لصهره القانونين معا من خلال تضمنه للعديد من الاحكام الخاصة بوسائل و اساليب القتال التي ينص عليها لاهاي

تتمثل المصادر المكتوبة للقانون الدولي الانساني في تلك الاتفاقيات المبرمة ذات البعد الدولي و التي قننت في غالبيتها الاعراف و العادات التي كانت سائدة في مجال المنازعات المسلحة .

و لكون هذه الاتفاقيات مؤسسة على اعراف فإنها تعتبر اتفاقيات اعلانية تكون نافذة حتى قبل الدول التي لم تصادق عليها و ذلك طبقا لاتفاقية فيينا لسنة 1969 الخاصة بالمعاهدات .

و المتتبع لتطور المصادر المكتوبة للقانون الدولي الانساني يلاحظ انها قواعد جاءت كرد فعل على واقعة مؤلمة ، لذلك يقول الشراح" بان قواعد القانون الدولي الانساني تأتي دائما متأخرة لحرب ".

و تعتبر اتفاقية جنيف لسنة 1864 المتعلقة بتحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان اول انجاز عالمي في مجال انسنة الحرب و تلاها دستور الاتحاد السويسري لعام 1874 الذي نصت مادته 12 على تحويل المحكمة الاتحادية النظر في الجنايات و الجنح الموجهة ضد قانون البشر . ثم تلت ذلك اتفاقية لاهاي لسنة 1899 و 1907.

اولا :قانون لاهاي:

يحدد قانون لاهاي او قانون الحرب حقوق المتحاربين و واجباتهم في ادارة العمليات الحربية و يقيد اختيار وسائل القتال.

و قد نشات هذه القوانين بصورة رئيسية من اتفاقيات لاهاي لعام 1899 المعدلة في عام 1907 و هي الاتفاقية المتعلقة بملائمة الحرب البحرية لمبادئ اتفاقية جنيف لسنة 1864 المتعلقة بتحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان.و قد نقلت اجزاء مهمة من اتفاقية لاهاي الى اتفاقية جنيف لسنة 1929 و 1949 الخاصة بالوضع القانوني لاسرى الحرب و الجرحى و الغرقى في المليشيات الحربية البحرية و الوضع القانوني للسكان المدنيين في الاراضي المحتلة.

و تعتبر اتفاقية لاهاي لسنة 1899 نتيجة حتمية لما نتج عن موقعة (ليسا البحرية) في الحرب بين فرنسا و النمسا سنة 1866 التي لم تكن احكام اتفاقية جنيف لسنة 1864 متلائمة معها الامر الذي دفع الى اعداد هذه الاتفاقية لتتلاءم هذه الاحكام مع الحرب البحرية.

اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 :

في 18 اكتوبر 1907 ابرمت في لاهاي خمس اتفاقيات لضبط احكام النزاعات البرية و البحرية و واجبات الاطراف المتحاربة و مراكز الدول المحايدة.

الاتفاقية الاولى :بدء العمليات العدائية :

هذه الاتفاقية تتعلق ببدء العمليات العدائية بين الدول المتحاربة بحيث توجب هذه الاتفاقية على الاطراف المتعاقدة قبل شن الحرب توجيه انذار للطرف الاخر في شكل اعلان للحرب كما توجب اعلان الدول المحايدة لذلك.

الاتفاقية الثانية :خاصة احترام قوانين و اعراف الحرب البرية:

تؤكد الاتفاقية على المبادئ التالية :

المبدأ الاول:الى حين اصدار مدونة كاملة لقوانين الحرب تعلن الاطراف السامية المتعاقدة انه في الحالات غير المشمولة بالاحكام التي اعتمدتها يظل السكان تحت حماية و سلطان مبادئ قانون الشعب

المبدأ الثاني :يجب غلى الدول المتعاقدة ان تصدر الى قواتها المسلحة تعليمات تكون مطابقة للائحة الملحقة بالاتفاقية و الخاصة باحترام قوانين و اعراف الحرب البرية

المبدأ الثالث:  لا تطبق احكام هذه الاتفاقية الا بين الاطراف المتعاقدة .

الرابع :كل طرف متعاقد تخل بأحكام هذه الاتفاقية يكون مسؤولا و ملزما بالتعويض عن جميع الاعمال التي يرتكبها اشخاص ينتمون الى قواته المسلحة .

و الحقت بهذه الاتفاقية لائحة بقوانين و اعراف الحرب البرية نصت عليها 56 مادة تضمنت احكاما خاصة بالمسائل التالية

تعريف المحاربين :فقد نصت المادة الاولى و الثانية و الثالثةمن الملحق على ان قوانين  الحرب لا تطبق على الجيش فقط بل تنطبق ايضا على المليشيات و الوحدات المقطوعة ،كما تنطبق على سكان الاراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء انفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية ،كما يمكن ان تتألف القوات المسلحة لا طراف النزاع من مقاتلين و  غير مقاتلين .

تحديد اسرى الحرب و معاملتهم : نصت المادة الرابعة بان اسير الحرب يقع تحت سلطة حكومة العدو و ليس تحت سلطة الافراد او الوحدات التي اسرته و نصت المواد من 05 الى 20 على الاحكام الخاصة بمعاملة الاسرى .

المرضى و الجرحى : احالت المادة 21  من الملحق على اتفاقية جنيف لسنة 1906 فيما يتعلق بخدمة الجرحى و المرضى.

تقييد العمليات العدائية :و نصت على التقييد المادة22 مؤكدة على انه ليس للمحاربين الحق المطلق في اختيار وسائل الحاق الضرر بالعدو . و تضمنت المواد من 23 الى 28 باقي الاعمال المحضورة كاستعمال الغدر للقتل و استخدام الاسلحة التي تحدث اضرارا الا مبرر لها و عدم تدمير الممتلكات الا اذا اقتضت الضرورة الحربية لذلك .

الجواسيس :عرفت المادة 29 الجاسوس بانه الشخص الذي يقوم بجمع المعلومات في منطقة العمليات التابعة لطرف في النزاع عن طريق عمل التزييف او التخفي .

و اعطت المادة 30 الحماية للجاسوس الذي يجب محاكمته مع تمتعه بوضع اسير الحرب .

الاراضي المحتلة : عرفت المادة 42 الارض المحتلة بانها ارض الدولة التي تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو.

و حددت الواد من 43 الى 56 من الملحق الوضعية القانونية للأرض المحتلة و مركز السكان بحيث لا يجوز لسلطة الاحتلال المساس بالقوانين السارية في البلاد عدم اجبار السكان على التعامل معها و عدم اصدار العقوبات الجماعية .

الاتفاقية الثالثة : حول حقوق و واجبات الدول المحايدة في الحرب البحرية

تضمنت هذه الاتفاقية  في موادها الثلاثة و الثلاثين حقوق و واجبات الدول المحايدة في الحرب البحرية و تضمنت القواعد التالية :

اولا: احترام الدولة المحايدة و ذلك بالامتناع عن القيام في اراضيها او مياهها الاقليمية باي عمل من شانه ان يكون مخالفا للحياد من ذلك خطر اي عمل عدائي سواء كان احتجاز هو ممارسة لحق التفتيش تقوم به سفينة حربية و كذلك امتناع الدولة المتحاربة تشكيل محكمة الغنائم على ارض محايدة او على متن سفينة في مياه محايدة .

ثانيا : منع الدول المتحاربة للموانئ و المياه المحايدة لعملياتها البحرية التي تشنها ضد خصومها او انشاء محطات للاتصالات .

ثالثا :امتناع الدول المحايدة عن تزويد الدولة المتحاربة بالسفن او الذخيرة كما يتعين على الدولة المحايدة منع تجهيز او امداد سفينة بالاسلحة تكون تحت سلطتها .

رابعا : عدم التزام الدولة المحايدة بمنع او مرور اسلحة يستعملها جيش او اسطول تابع لاحدى الدول المتحاربة .

خامسا: وجوب معاملة الدولة المحايدة للطرفين بدون تحيز من حيث الشروط و القيود و المحظورات بالنسبة بدخول السفن الحربية او غنائمها الى موانئها لمدة اربعة و عشرين ساعة لاجراء الاصلاحات اللازمة دون ان  تضيف الى قدراتها .... اي شيء على انه اذا تزودت بالوقود في دولة محايدة لا يجوز لها التزود من جديد الا بعد ثلاث اشهر .

الاتفاقية الرابعة : تخص محكمة الغنائم

جاءت هذه الاتفاقية ب 57 مادة تضمنت الاحكام الخاصة بالمحكمة الدولية للغنائم و هي الجهة التي تنظر في الطعون المرفوعة ضد المحاكم الوطنية التي .....في الاستلاء على سفينة اثناء الحرب البحرية . و هذه الاحكام يمكن اجمالها فيما يلي

1-     ان مدى قانونية الاستلاء على سفينة ......يتم من طرف الجهة القضائية للطرف المحارب الذي استولى عليها ، يجوز الطعن في القرار امام المحكمة الدولية للغنائم في الحالات التالية :

-         عندما يتعلق الامر بملكية دولة محايدة

-         عندما يتعلق الامر ببضاعة مملوكة للعدو محملة فوق سفينة مملوكة لدولة محايدة او تم الاستلاء على السفينة التابعة للعدو في مياه اقليمية لدولة محايدة

-         عندما يكون الاستلاء قد تم بالمخالفة لقاعدة اتفاقية بين الاطراف المتحاربة

2-    اجراءات الطعن :

-يتم الطعن من طرف الدولة المحايدة او من اي شخص محايد .

-يرفع الطعن امام المحكمة الدولية المشكلة من قضاة معينين من الاطراف المتعاقدة

اذا رات المحكمة عدم قانونية الاستلاء تامر برد السفينة مع التعويضات اللازمة .

 

الاتفاقية الخامسة :خاصة بحقوق و واجبات الدول المحايدة و الاشخاص المحايدين في حالة الحرب البرية :

هذه الاتفاقية جاءت في 25 مادة و تضمنت احكاما تخص

1-حقوق و واجبات القوى المحايدة :

تتمحور حقوق القوى المحايدة في ضمان عدم انتهاك حرمة اراضيها من طرف الدول المتحاربة بمنعها من عبور اراضيها او انشاء محطات للاتصالات او استخدام اية محطة تكون الدولة المتحاربة قد انشاتها قبل الحرب.

اما واجبات الدولة المحايدة :

لاتسمح الدولة المحايدة للقوات المتحاربة بالمرور فوق اراضيها او انشاء محطات للاتصال او استخدام محطات تم انشائها قبل الحرب .

تطبق الدولة المحايدة على الطرفين المتحاربين نفس القيود و الحظر .

2-المتحاربون المحتجزون و الجرحى المعالجون على ارض محايدة :

-يجب على الدولة المحايدة في حال استقبالهالجيوش مقاتلة اعتقالهم في معسكرات تبعد عن مسرح العمليات مع تزويدهم بالمؤونة التي تستوجبها قواعد الانسانية .

-اما بخصوص المرضى و الجرحى فان الدولة المحايدة ترخص لهم بالمرور على ارضها شرط ان لا تحمل القطارات التي تنقلهم مقاتلين او معدات حربية .و تسري عليهم احكام اتفاقية جنيف.

3- الاشخاص المحايدين:

يعتبر مواطنو الدولة التي لا تشارك في الحرب محايدين و لكن لا يجوز للشخص المحايد الاحتماء بحياده اذا ارتكب عملا عدائيا ضد احد الاطراف المتحاربة او قام بعمل لصالح احد الاطراف كان يتطوع للقتال.

و لتحديد العمل العدائي استنت المادة 18 الاعمال التالية من تعداد الاعمال العدائية

-تزويد احد الاطراف المتحاربة بامدادات او قروض

تقديم خدمات فيما يخص شؤون الشرطة او الادارة المدنية

اضافة الى اتفاقية 1899 و 1907 هناك تفاقيات و بروتوكولات تدخل ضمن قانون لاهاي لارتباطها بوساتل القتال منها

-تصريح سان بترسبورغ لعام 1868 الخاص يحضر استخدام بعض المقذوفات وقت الحرب مثل الرصاص المتفجر من نوع دمدم

- بروتوكول جنيف لعام 1925 الذي يمنع استخدام الغازات السامة و الخانقة و الاسلحة الجرثومية

- اتفاقية الامم المتحدة لسنة 1954 بشان حماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاعات المسلحة و بروتوكولاتها الاضافية .

- اتفاقية الامم المتحدة لعام 1980 بشان حضر استخدام بعض الاسلحة التقليدية مثل الاسلحة الحارقة و المعمية .

- اتفاقية 1993 المتعلقة بالاسلحة الكيماوية .

- اتفاقية اوتاوا لسنة 1997 الخاصة بحضر و انتاج و تخزين و نقل و استخدام الالغام الضادةللافراد

ثانيا: قانون جنيف

هذا القانون بمختلف الاتفاقية التي تدخل فيه يهدف الى حماية الفرد من ويلات الحرب و حماية الأشياء و الاعيان  مدنية اتفاقية اوبئة طبيعية

     و يتجسد قانون جنيف في العديد من الاتفاقيات الدولية و هي :

1-     اتفاقية جنيف لعام 1864 المتعلقة بتحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان و تعتبر هذه الاتفاقية الانطلاقة الاولى للقانون الدولي الانساني بالنظر الى المواد العشرة التي تضمنها و التي تهتز و التي ارست قواعد تضمن حماية الجرحى العسكريين فنصت على حصانة عربات الاسعاف و المستشفيات و المستشفيات العسكرية و ضرورة حمايتها و احترامها .

-         حياد و حماية افراد الخدمات الطبية و المتطوعين المدنيين الذين يساهمون في اعمال الاغاثة و تقديم المساعدة

-         -وجود شارة خاصة على المستشفيات و ان يحملها افراد الخدمات الطبية هي (صليب احمر على رقعة بيضاء)

تعتبر اتفاقية جنيف لسنة 1864 الخاصة بتحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان انجاز كبيرا رغم عدم تضمنها عقوبات عن الجرائم الواردة فيها . هذه الاتفاقية نبتت فكرتها من التحويلات الجذرية في الضمائر .و يعود شرف الدعوة الى وضعها الى شاب سويسري من اهل جنيف يدعى "هنري دونان" الذي هزته الاحداث التي شهدها في مدينة سولفيرينو الايطالية نتيجة الحرب بين جنود نابليون الثالث ( الفرنسي و جيوش ماكسيمال النمساوي عام 1859 . و هاله بصورة خاصة رؤية الجرحى المكدسين في الكنائس الذين يموتون متأثرينبالآلام بينما كان يمكن انقاذهم لو تم اسعافهم .

و نتيجة تأثره الف كتابا سماه "تذكار سولفيرينو" نقل فيه المآسي التي شهدها و ضمنه امنية مزدوجة تتمثل في :

-         انشاء في كل بلد جمعية غوث تطوعية يعد تنظيمها في زمن السلم لتقديم الخدمات الصحية للجيش في وقت الحرب .

-         ان تصادق الدول على مبدا اتفاقي مقدس يؤمن الحماية القانونية للمستشفيات العسكرية و افراد الخدمات الطبية

و باطلاعهم على هذا الكتاب بادر المشاهير بتوجية التشجيع له و التاييد من ذلك "فيكتور هيجو" الذي قال ( انك تسلح الحرية و تخدم الانسانية و انني اصفق لجهودك النبيلة )) . و كذلك كان من بين قراء مؤلف "دونان" احد رؤساء الجمعيات الخيرية و هو جوستاف موانييه الذي دعى جمعيته الى دراسة اقتراحات دونان و و محاولة الوصول بها الى نتيجة عملية و تمكن دونان من اقناع نابليون بدعوته و شكل موانييه لجنة دائمة بدات اجتماعها سنة1863 و تعتبر هذه الجنة هي الجهاز المؤسس للصليب الاحمر و المحرك الاساسي لاتفاقيات جنيف . ثم اجتمع ممثلو ستة عشر دولة في جنيف و وضعوا اساس ما يسمى فيما بعد بالصليب الاحمر و الذي كان يمثل انذاك مشروعا لغوث الجرحى .

و لم يكن هذا المؤتمر مخولا لمعالجة القضايا القانونية و كان ذلك  من شان مؤتمر ديبلوماسي دعى اليه في العام التالي حيث ابرمت اتفاقية جنيف خلاله اي سنة 1864 مؤشرة على الانطلاقة الحقيقية للقانون الدولي الانساني

وقد وقعت الدولة العثمانية على اتفاقية 1864 و الاتفاقيات التي تلتها و لكنها ابدت تحفظا بشان استعمال الهلال الاحمر بدلا من الصليب و تمت الموافقة على ذلك ثم طلبت ايران بان يقبل شعار الاسد و الشمس و لم تجد الصين و اليابان في شعار الصليب الاحمر اي باس اذا كان متشابها لعلم سويسرا و ليس له اي معنى ديني .

2-     اتفاقية جنيف لعام 1906: الخاصة بتحسين حال الجرحى و المرضى العسكريين في الميدان

هذه الاتفاقية هي تطوير و تعديل لاتفاقية 1864 من حيث انها اضفت الحماية على فئة اخرى فئة المرضى و تضمنت ثلاثا و ثلاثين مادة . و حاولت الاتفاقية مواجهة الصعوبات الملازمة لاتفاقية 1864 بحث اهتمت بالحروب البرية و اعتنت بضحاياها و اوجبت احترام العسكريين و المرضى و الجرحى و معالجتهم بغض النظر عن جنسياتهم من قبل سلطات الدولة التي وقعوا في قبضتها

3-     اتفاقية جنيف لسنة 1929 : نظرا للآلام التي نتجت عن الحرب العالمية الاولى و التي لم تفلح اتفاقية جنيف سنة 1906 في معالجتها و الحد منها استوجب الامر مراجعة سلوك المتحاربين و مراجعة كذلك المعاهدات النافذة . لذلك انعقد مؤتمر ديبلوماسي في جنيف سنة 1929 خلص الى ابرام ثلاث اتفاقيات :

الاولى: متعلقة بتحسين حال الجرحى و المرضى العسكريين في الميدان و تعتبر صيغة جديدة و معدلة لاتفاقية عام 1906 و تحتوي على 39 مادة و اقرت استخدام شارتين اخريين الى جانب الصليب الاحمر هما الهلال الاحمر و الاسد و الشمس الاحمرين.

الثانية: متعلقة بمعاملة اسرى الحرب و جاء في 77 مادة تخص ما يتعلق بحياة الاسير و توفير الحماية له و الاستفادة من خدمات اللجنة الدولية للصليب الاحمر و وكالاتها المنخصصة لجمع المعلومات عن الاسرى و تبادلها مع ذويهم. هذه المسائل كانت معالجة بصفة جزئية قي اتفاقية لاهاي .

الثالثة: خاصة بتحسين حال الجرحى و المرضى و الغرقى من القوات البحرية و جاءت تعديلا لاتفاقيتي لاهاي لسنة 1899 و 1907 .

هذه الاتفاقيةلم تتمكن من مجابهة ماسي الحرب العالمية الثانية باسلحتها الرهيبة بحيث ابيدت عشرات الملايين من البشر محاربين و مدنيين و نساء و اطفال ممن لم يكن لهم اي دور في المعركة لذلك تقرر اجراء مفاوضات على مستوى عالمي لمواجهة هذه النكابات و الحد من ويلات الاجرام الدولي و تجسد ذلك بابرام اتفاقيات جنييف الاربعة لسنة 1949

4-     اتفاقيات جنيف الاربع لسنة 1949

تعتبر هذه الاتفاقيات التي يزيد عدد موادها عن اربع مائة مادة احدث و اشتمل مدونة للقواعد التي تحمي الفرد في حالة النزاع المسلح و هذا بعد ان ثبن للمجتمع الدولي ما خلفته الحرب العالمية الثانية من ماسي البشرية سواء في الارواح او في العيان او الاشياء . و ابرمت هذه الاتفاقيات نتيجة المؤتمر الديبلوماسي الذي دعت اليه الحكومة السويسرية في جنييف سنة 1949

           الاتفاقية الاولى : هذه الاتفاقية تعتبر تعديل و تطوير لاتفاقية جنيف لسنة 1929 بشان تحسين حال الجرحى و المرضى العسكريين في الميدان .

         الاتفاقية الثانية: تخص تحسين حال الجرحى و المرضى و الغرقى للقوات المسلحة في البحار و تعتبر تطويرا لاتفاقية لاهاي لسنة 1907.

   الاتفاقية الثالثة : تتعلق بمعالمة اسرى الحرب وهي تعديل و تطوير لاحكام اتفاقية جنيف لسنة 1929

   الاتفاقية الرابعة : تخص حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب . و تعتبر اول اتفاقية نوعية تخص هذا الشان لان اتفاقية لاهاي لسنة 1907 تناولت بصفة جزئية العلاقة بين المحتل و سكان الارض المحتلة بحيث تعتبر نصوصها تكملة لحماية المدنيين

  الاحكام العامة لهذه الاتفاقيات

تحتوي اتفاقيات جنيف الاربعة على نصوص عامة و قواعد تطبييقية .

1-    حالات التطبيق :

كثيرا ما اهملت الاتفاقيات اثناء الحرب العالمية الثانية بحجة انها سارية المفعول قانونا و لذلك كانت من الخطوات الاساسية المطلوبة في عام 1949 وضع نصوص تبطل مثل هذه الحجج بحيث تشمل الاتفاقيات االنص على وجوب سريانها فور اندلاع العمليات الحربية و ليس فقط عند اعلان الحرب رسميا .

لقد تضمنت اتفاقية جنيف لسنة 1906 و اتفاقية لاهاي لسنة 1907 فقرة مفادها ان التزامات المعاهدة لا تطبق اثناء النزاع الا اذا كان جميع الخصوم قد وقعوا المعاهدة وفي خلال الحرب العالمية الاولى كانت الدول المتنازعة تتهرب من التزامتها لكونها غير موقعة على الاتفاقية و نتج عن ذلك مصير رهيب للضحايا في بعض البلدان خلال الحرب العالمية الثانية لمجرد ان بعض الدول لم تكن قد صادقت على اتفاقية 1929 بشان معاملة اسرى الحرب.

و لعلاج هذا القصور نصت المادة 02 من الاتفاقية لسنة 1949 على التزام اطراف النزاع بالاتفاقية فيما يتعلق بدولة ليست طرفا فيها اذا قبلت الدولة الاخيرة احكامها . لذلك اذا اعلنت دولة غير موقعة على الاتفاقية انها سوف تلتزم باحكامها او طبقتها كان على الخصوم التزام قانوني بمعاملتها بالمثل و طبق هذا المبدا خلال حرب السويس سنة 1956 .

2-     تحديد الانتهاكات : حددت الاتفاقيات الحالات التي تشل انتهاكا خطيرا و الزمت الدول بسن تشريعات تفرض عقوبات على المخالفين و حددت الانتهاكات الخطيرة التالية

-         اعمال ترتكب ضد افراد تحميهم الاتفاقيات : مثل القتل – التعذيب المعاملة اللاإنسانية

-         اعمال ترتكب ضد الاسرى الحرب : كارغامهم على الخدمة في قوات دولة معادية و حرمانهم من الحق في المحاكمة العادلة

-         اعمال ترتكب ضد المدنيين : مثل النفي و الابعاد و الاعتقال

و تلاحظ اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي ان بعض الدول سنت قوانين تحضر مثل هذه الانتهاكات و ان كانت تلك القوانين غير وافية بحيث لا يمكن محاكمة الشخص الا اذا كان ما ارتكبه يعتبر جريمة ايضا بموجب القانون الوطني

و رغبة في مساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها حاولت اللجنة سنة 1956 وضع قانون نمطي غير ان هذا الجهد كان عقيما بسبب اختلافات الفلسفات القانونية .

هذه الانتهاكات تعتبر جرائم حرب و هي من الجرائم الدولية الكبرى ، و هي ذات طبيعة قانونية تختلف عن الجرائم الدولية الاخرى لانها ذات وضع  خاص في اعتبارات القانون الدولي ، و يرى بعض المؤلفين ان طبيعتها الاجرامية ثابتة لها بموجب مبدا مستقر في هذا القانون منذ نهاية القرون الوسطى و حتى ايامنا هذه و اذا لم تظهر هذه الطبيعة الجنائية بجلاء احيانا ، فلان العدة جرت على ان تتضمن معاهدات الصلح التي تنهي الحروب فقرات خاصة بالعفو عن مرتكبي هذه الجرائم

و جنايات الحرب هي بانجار تلك التي ترتكب ضد القوانين و عادات الحرب و قد عرفت الفقرة ب المادة 06 من لائحة محكمة نورمبرغ هذه الجنايات بانها :" الاعمال التي تشكل انتهاكا لقوانين و اعراف الحرب " . و يلاحظ ان ممثلي الاتهام في محاكاماتنورمبرغ اجمعوا على تعريف جنايات الحرب بانها " الافعال التي ارتكبها المتهمون بالمخالفة لقوانين و اعراف الحرب و الاتفاقيات الدولية و القوانين الجنائية الداخلية و المبادئ العامة للقانون الجنائي المعترف بها في كل الدول المتمدنة"

و يرجع اصل تلك الجرائم الى القواعد العرفية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر ثم في اتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و 1907 ثم في قائمة لجنة المسؤوليات لجرائم الحرب لعام 1919 ،ثم في قائمة لجنة الامم المتحدة لمجرمي الحرب عام 1942 ثم في لائحة نورمبرغ ( الفقرة ب من المادة 06) عام 1945، و لائحة طوكيو الدولية المادة 05 لعام 1946 ثم في المبدا السادس من مبادئ نورمبرغ و في مشروع تقنين الجرائم ضد السلام و امن البشرية م 02/12 و في اتفاقيات حنيف الموقعة سنة 1949 لحماية ضحايا الحرب في المواد 50 من الاتفاقية الاولى و 51 من الاتفاقية الثانية و 130 من الاتفاقية الثالثة و 147 من الاتفاقية الرابعة .ثم في المادتين 11 و 85 من الملتحق لهذه الاتفاقيات الموقع عام 1977 الذي كان واضحا في تسميته الاشياء باسمائها حين وصف الانتهاكات الجسيمة المرتكبة خلافا لاحكامه او للاتفاقيات التي يكملها بانها "جرائم الحرب " .فلم يعد ثمة مجال لتاويل او اجهاد امام صراحة النص .

و يلاحظ ان اتفاقيات جنيف الاربع توجب على الدول الموقعة ان تعدل تشريعاتها لمعاقبة هذه الافعال .ومن هذه الدول من اكتفت بنص عام يعتبر انتهاك قواعد القانون الدولي جريمة ، و منها من عملت على تعديل قانونها الجزائي ، اذا كان دستورها لا يسمح بمعاقبة احد الا اذا قضى نص تصريح بمعاقبته اي انها لا تقبل التطبيق المباشر للقانون الدولي بسبب قانونية الجرائم و العقوبات و بسبب وجود نص في اتفاقيات جنيف يلزم الحكومات الموقعة بتعديل قوانينها كما تعهدت بذلك صراحة فان عددا من الدول انجزت هذا التعديل ، و ان عددا اخر في صدد اجرائه لكن غير هؤلاء و اولئك وقعوا على الاتفاقيات و التزموا بوجوب تعديل تشريعهم غير انهم لم يفعلوا شيئا حتى الان ، و انهم اصدروا تشريعات  معينة لكن محاكمهم ما تقيدت بها او ان احكام هذه المحاكم الغين بقرارات من المراجع العسكرية العليا فكانت ان مرت جرائم مجرمي الحرب دون عقاب فعلي . و هذا مايحدث بصورة منتظمة في اسرائيل فهناك و بعد بضع اشهر فقط من التوقيع على الملحق عام 1977 حكم ضابط اسرائيلي اتهم بتعذيب و قتل اربعة من اسرى الحرب خلال الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978 غير ان الجنرال اتيان رئيس الاركان العامة الغى الحكم و عفى عن مجرم الحرب هذا بكل بساطة . و هذا مجرد الحرب هذا بكل بساطة . و هذا مجرد مثال لسلسلة متلاحقة من هذه التصرفات المنافية لروح و نص القانون الدولي الانساني

صحيح ان الدولة التي تتعهد بالتزام قانون دولي كاستصدار نصوص تشريعية داخلية بمعاقبة جرائم الحرب ، و لا تنفذ التزامها تعتبر مسؤولة دوليا .

و صحيح انه بموجب القواعد التي أرستها لائحة نورمبرغ و احكامها لا تحتاج محكمة دولية مختصة لنص داخلي وطني يعاقب بموجبه المتهمين في جرائم الحرب هذه ، فنصوص القانون الدولي تكفي و لكن و لكن ما هي حدود المسؤولية الدولية للدولة في غياب المرجع القضائي الدولي المسلح باختصاص ملزم للبت فيها و هو مايعاني منه المجتمع الدولي و ما هي القيمة القانونية الفعلية لإيراد جرائم الحرب في معاهدات دولية دون النص على وجود مرجع قضائي جزائي دولي مستقل جاهز للحكم على مرتكبيها و من ذا الذي يضمن ان تقوم المحاكم الوطنية بمحاكمة مواطني دولة ما بتهمة ارتكاب جرائم حرب في حين انهم قد يعتبرون ابطالا وطنيين من وجهة نظر الراي العام في دولتهم او لنقل غالبية هذا الرأي  العام .

هذا و ذاك من الاسئلة يشكل جوهر المشكلة الحقيقية للطبيعة الحقوقية للقانون الدولي الجزائي بما فيه هذا الجزء الذي يتعلق بمعاقبة الجرائم التي ينص عليها القانون الانساني . فحين يتقزم الجزاء او ينعدم يثور السؤال جديا حول طبيعة الالتزام المفتقر الى خذا المؤيد لجهة كونه التزاما قانونيا ام مجرد التزام اخلاقي ادبي .

بعبارات اوضح تجدنا فيما يعرف القانون الدولي الانساني الان امام عدد من المفارقات فهناك انتهاكات جسيمة يعتبرها هذا  القانون جرائم حرب دولية من حيث الوصف و يساعد عنها الدول و الافراد مرتكبيها معا ( بغض النظر عن صفاتهم الوظيفية ) و لكن دون وجود مرجع قضائي جزائي دولي يحكم فيها مما يجعلها خاضعة للقضاء الوطني وحده ( اذا التزمت الدول باصدار تشريعات تنشئ مثل هذا القضاء المختص ) او بلا عقوبة جزائية فعلية البته ، الا اذا وقع مرتكبوها في قبضة العدو ( عندئذ يصبح هذا العدو خصما و حكما ) او في قبضة تسمح قوانينها الجزائية بمعاقبة مجرمي الحرب هؤلاء بغض النظر عن جنسياتهم و عن كونها هي طرفا في النزاع المسلح المعني ام لا .

المسؤولية المشتركة : تقضي الاتفاقيات المسؤولة المشتركة بين الاشخاص الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة و اولئك الذين يأمرونهم  بارتكابها و يمكن محاكمة اولئك كشركاء

و لا تسمح الاتفاقيات لشخص ان يدافع عن نفسه بمسؤولية الدولة .

4-البروتوكولات الملحقات بالاتفاقيات الاربع :

اثبتت الحروب التي اندلعت بعد ابرام اتفاقيات جنيف لسنة 1949 اوجه القصور و النقص في الاتفاقيات لا سيما ما يتعلق منها بالحماية الخاصة بضحايا النزاعات من المدنيين الذين تعرضهم اساليب الحرب الحديثة للاخطار و الويلات . لذلك برزت ضرورة تطوير قانون جنيف و استكماله باحكام جديدة مكملة له و كانت اهم الجهود جهود اللجنة الدولية للصليب الاحمر صاحبة المشروع الاول لهذه الاتفاقيات

ففي سنة 1965 اصدر المؤتمر الدولي العشرون للصليب الاحمر في فيينا قراره رقم (28) حث فيه اللجنة الدولية للصليب الاحمر على ضرورة تطوير و تنمية القانون الدولي الانساني ، و تماشيا مع هذه التوصية قامت هذه اللجنة سنة 1967 بارسال مذكرة الى جميع الدول الاطراف في اتفاقيات  جنيف دعتها فيها النظر فيما قرره المؤتمر الدولي العشرون بالنسبة لتطوير و تنمية القانون الدولي الانساني و مراجعة بعض اجزاء قانون الحرب الحالي و ذلك من اجل التفكير في وضع حماية لضحايا الحرب ضد اخطارها غير المميزة،و في سنة 1968دعا مؤتمر الامم المتحدة الخاص بحقوق الانسان المنعقد في طهران الامين العام للامم المتحدة الى ان يجري اتصالاته مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر من اجل اعداد الدراسات الخاصة بهذا الموضوع، و في سنة 1968 ابلغت اللجنة الدولية المشار اليها ممثلي جمعيات الهلال و الصليب الاحمر و الاسد و الشمس الاحمرين الوطنية انها تقوم باعداد دراسة جديدة حول تاكيد و تطور القانون الدولي الانساني المطبق في النزاعات المسلحة.

و لقد كان الاتجاه الرئيسي الذي راى اتباعه عدم المساس باتفاقيات جنيف الاربعة من حيث التعديل او التنظيم او اعادة الصياغة و ان الاصلح هو وضع بروتوكولات جديدة لتلحق بهذه الاتفاقيات و تكمل احكامها .

وفي سنة 1969 اصدر المؤتمر الدولي الحادي و العشرون للصليب الاحمر المنعقد باستانبول قراره رقم (13) و قد اوصى فيه اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالعمل بالنشاط الازم لمتابعة جهودها الخاصة بوضع مشروع القواعد التي تكمل القواعد القائمة حاليا للقانون الدولي الانساني ، كما اوصى المؤتمر اللجنة بان تدعو الى عقد مؤتمر خبراء حكوميين للتشاور من اجل اعدادا هذه القواعد.

و قد قامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر باجراء مشاورات مع عدد من الهيئات و المنظمات الدولية و الاقليمية الوطنية اسفرت عن ضرورة تقسيم بحث الموضوع الى قسمين يتناول الاول قواعد الحماية في حالات المنازعات المسلحة الدولية، و يتناول الثاني قواعد الحماية في حالات المنازعات المسلحة غير الدولية التي غدت ظاهرة لا يمكن تجاهلها في حياة البشر.

و قد اعدت الجنة صياغة لمشروعي بروتوكولين قامت بارسالهما الى الدول المدعوة للاشتراك في مؤتمر الخبراء الحكوميين الدي انعقد سنة 1971 و ناقشت هذين المشروعين الا ان الحاجة دعت الى عقد دورة ثانية لمؤتمر الخبراء الحكوميين و ذلك لعدم توصيل خبراء الدورة الاولى لنتيجة نهائية حول الموضوع .

و لقد راوح المشروعان في دورات متتالية للمؤتمر الدبلوماسي حتى العام 1977 حيث تم في الدورة الرابعة اقرارهما بحضور ممثلين عن 109 دول و يبلغ عدد المصادقين على البروتوكول الول 155 دولة في حين انضم الى الثاني ما يزيد عن 136 دولة .

         و قد صدر عن المؤتمر الدبلوماسي نتيجة دوراته الاربع الوثيقتان التاليتان:

         -الملحق "البروتوكول" الاضافي الاول لاتفاقيات جنيف الموقعة سنة 1949 بشان حماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية و يقع في 102 مادة و هذا البروتوكول مكمل لاتفاقيات جنيف الاربع و تضمن الباب الاول من قاعدة خاصة بشعوب العالم الثاث و مناضلي حركات التحرير تفيد ان حروب التحرير تعد نزاعا مسلحا دوليا ثم جاء الباب الثاني منه الخاص بالجرحى و المرضى و المنكوبين في البحار مكملا لاحكام الاتفاقيتين الاولى و الثانية و اضفى ذات الحماية على المدنيين . اما الباب الثالث فقد تناول اساليب و وسائل القتال و الوضع القانوني للمقاتل و اسير الحرب و هذا الباب هو الذي دمج قانون لاهاي و قانون جنيف لانه تناول العديد من القواعد المنصوص عليها في لاهاي و اكملها بما يتلائم و النزاعات الحديثة . فاما الباب الرابع فقد اهتم بالسكان المدنيين بهدف توفير اكبر حماية لهم من اخطار النزاعات .

        -الملحق "البروتوكول" الاضافي الثاني لاتفاقيات حنيف الموقعة سنة 1949 بشان حماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية (الملحق البروتوكول الثاني) و يقع في 28 مادة .

       -تناولت المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الاربع النزاعات المسلحة غير الدولية الا ان البروتوكول الاضافي الثاني تناولها بالتفصيل و قد حرر الملحقان بست لغات متساوية في الحجية من بينها لغتنا العربية.

و اصدر المؤتمر الدبلوماسي في هذه الدورة مجموعة من القرارات (التوصيات) منلشئ ان يكون انسانيا الا كان اذا كان مخلوقا من لحم و دم و لكن الدولة جهاز مجرد انها اشبه ما تكون بالانسان الالي و هي اذ تفتعل في كثير من الاحيان مواقف انسانية و لا تكف عن المناداة بالعدالة و عن اعلان انبل المشاعر، انما تقدم صورة دقيقة للتظاهر الزائف في خدمة الصلف الاناني.

و اذلك فان القانون الدولي قبل كل شئ ليس الا حصيلة مصالح الاطراف فيه ( اي الدول) غير ان الاشخاص الذين يملكون السلطة في داخل الدولة يستطعون غالبا تحت ضغط الراي العام الذي اصبح له في ايامنا دور مهم ان يمارسوا نفوذا ايجابيا في صياغة القانون و تطبيقه شانه في ذلك شان المؤسسات الخيرية التي تسعى الى ان يسود العالم شئ من العدل و الرحمة حتى عندما يتفجر العنف، كما تعمل على ان ينطوي القانون على بعض الجوانب الانسانية لصالح الفرد.

ان هذا العمل الذي التزم به الصليب الاحمر منذ قيامه قبل اكثر من ماةئة عام مضت لا يمكنه ان يتقدم الا بمثابرة صبورة دون طموح مفرط فاحكام اية معاهدة تعوزها الواقعية سوف ترفض على الفور و ان املاها الحب الصادق لخير الجميع،او على اي حال لن يحترمها احد و هكذالا تحقق اغراضه. و مع ذلك توجد بعض العوامل الاخرى التي تعوض هذه النقائص.