3. الافتراضات المتعلقة بطبيعة السياسة الدولية

الافتراضات المتعلقة بطبيعة السياسة الدولية:

          شهدت السياسة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة في فترة الخمسينيات تطورات، حيث لم تبقى كما كانت في فترة ما بين الحربين الأولى والثانية، حيث أن التطور التكنولوجي في ميدان الاتصالات والنقل أحدث تأثيرا ثوريا على الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول.

          كما أن أزمة 1973 التي شهدها العالم، وكما يشير هانس مورغانتو(Hans J Morgenthau) بأنها أزمة غير مسبوقة في التاريخ، لأنها فصلت بين القوة العسكرية القوة الاقتصادية، فهذه الأزمة وما رافقتها من تطورات قد أفقدت الدولة دورها، الذي هيمن على السياسة العالمية لمدة أربعة قرون.

          لذلك فالليبراليون يرون بأن الاعتماد المتبادل هو صفة مميزة لكل نظام، لذلك فإن النظر إلى النظام الدولي يعني النظر إلى أنماط من التفاعلات بين الفاعلين، فالاعتماد المتبادل  يركز على الترابط بين الداخلي بين وحدات النظام، وهذا الترابط يؤثر على رغبات صناع القرار في الفعل.

          فالاعتماد المتبادل عند الليبراليين بمثل ما يمثله توازن القوى للواقعيين أو مفهوم التبعية لأصحاب النظرية الراديكالية، ويميز كيوهان (Keohane) و ناي (Nye) بين نوعين من الاعتماد المتبادل، الأول يخلق هيكلا راسخا أو إطار محددا ومقبولا من كل الأطراف، بالإضافة إلى أن الأدوات التي تستخدمها السياسة الخارجية تعرضه فقط لتغيرات تراكمية جزئية، ولا تمس الهيكل نفسه (نمط حساسية المتبادلة)، أما النمط الثاني فإنه يعرض هيكل العلاقات ذاته للسقوط (نمط القابلية للتأثر- Vulnérablity).

          فالليبراليون يؤكدون على أن مناخ العلاقات الدولية هو أقرب إلى حالة الاعتماد المشترك منه إلى حالة الفوضى والحرب، فهناك نوع من النظام الدولي آخذ في الاتساع والتكامل، وهو في طريقه إلى أن يفرض نفسه بوصفه نوعا من العرف والقانون الدولي المقبول طواعية من جميع الدول. كما أن اهتمامات الدول في سياستها الخارجية أصبحت تنصب على قضايا التطور التقني من جميع الدول. كما أن اهتمامات الدول في سياستها الخارجية أصبحت تنصب على قضايا التطور التقني والاقتصادي، وذلك على حساب القضايا الأمنية ، مما أدى إلى بروز مناخ من التفاهم والتعاون بين الدول