3. المطلب الثالث: الإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الهوائية ـ الجوية ـ الفضائية.

إن الإتفاقيات الدولية التي تعالج مشاكل تلوث الهواء قليلة العدد إذا ما قورنت بالاتفاقيات الدولية الخاصة بتلوث البحار،حيث لم تلق مشكلة تلوث الهواء الإهتمام الكافي إلا في السنوات الأخيرة،كذلك فإن هذا النوع من التلوث لم تكن أثاره وطريقة انتشاره والإجراءات اللازمة لمكافحته متاحة إلا في وقت قريب.

الفرع الأول: إتفاقيات الحماية من التلوث الإشعاعي والنووي.

تعتبر مخاطر التلوث الإشعاعي الناشئ عن استخدامات الطاقة النووية في الأغراض العسكرية من أهم ما اهتمت به المنظمات الدولية والإقليمية عن طريق إبرام اتفاقيات لتوفير الحماية للبيئة ،خاصة اثر تزايد هذه الأخيرة بسبب التوسع في إنتاج الأسلحة النووية والكوارث الناتجة عن تسرب الإشعاعات النووية واحتراق المفاعلات النووية وانفجارها،وكذا محطات الطاقة التي تعمل بالوقود النووي(1).

أولا: الإتفاقية المتعلقة بحماية العمال من الإشعاعات المؤينة.

عقدت هذه الاتفاقية في جنيف بسويسرا بتاريخ 22يونيو1960،وتهدف إلى حماية صحة وسلامة العمال في إطار اهتمام منظمة العمل الدولية بحماية العمال من الإشعاعات المؤينة ومن الأحكام التي قررتها الإتفاقية :

1-  ضرورة التزام كل عضو في منظمة العمل الدولية ومُنظم إلى الإتفاقية بتنفيذ أحكامها عن طريق إصدار قوانين ولوائح لازمة لذات الغرض.

2-  ضرورة اتخاذ الخطوات الملائمة لتأمين حماية فعلية للعمال بشأن صحتهم وسلامتهم ضد الإشعاعات المؤينة.

3-  إلتزام كل دولة عضو أن تحدد بدقة نسب كميات المواد الإشعاعية المسموح بها.

4-  إلتزام الدول بإبلاغ مكتب العمل الدولي بالتدابير المتخذة لحماية العمال من الإشعاعات(1).

ثانيا: معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عام 1968.

قامت الأمم المتحدة بمجهود كبير لإعداد هذه الإتفاقية على مدى عشرين عاما، بعدها تم تقديم مشروع المعاهدة إلى الجمعية العامة لإقراره في 11مارس 1968 وأصدرت قرار بدعـــــوة الدول إلى توقيعـــــها فــي 12 يونيو 1968 ودخلـــــت الإتفاقية حيز النفاذ في 05 مارس 1970 ولجميع الدول الحق في الإنضمام إليها سواء التي تفاوضت أو التي لم تفعل، أو التي تمتلك السلاح النووي أو التي لاتمتلك .

تدعو الإتفاقية إلى منع انتشار الأسلحة النووية تفاديا لنشوب الحروب النووية وما ينجم عنها من دمار،ومن ناحية أخرى تشجِّع الإتفاقية على استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية للتكنولوجيا النووية(2).

الفرع الثاني: الإتفاقيات المتعلقة بحماية الهواء.

أولا:  إتفاقية جنيف لعام 1977 للحماية من تلوث الهواء والضوضاء والإهتزازات.

بالتنسيق بين منظمة العمل الدولية والمنظمات الدولية المتخصصة تم الإعداد لعقد اتفاقية عامة لحماية العمال من الأخطار الناجمة عن تلوث الهواء بأماكن عملهم وعقدت هذه الاتفاقية بتاريخ 20يونيو 1977 بجنيف وتلزم الإتفاقية السلطة الوطنية المختصة باتخاذ كافة التدابير الضرورية لتخفيض معدلات التلوث والضوضاء والاهتزازاتإلى الحد الذي لا يشكل خطرا على صحة العمال عن طريق الأجهزة والمعدات الفنية أو عن طريق اللجوء الى وسائل جديدة للإنتاج.(1)كما يجب أن يخضع العمال المعرَّضين للمخاطر المهنية للرعاية الطبية خلال فترات زمنية مناسبة دون تحميلهم مصاريف الرعاية.(2)

ثانيا:  الإتفاقية الخاصة بتلوث الهواء طويل المدى عبر الحدود 1979.

تم التصديق على هذه الاتفاقية في 13 نوفمبر 1979 في نطاق اللجنة الاقتصادية الأوروبية، والتي تهدف إلى حماية الصحة العامة والبيئة بالتقليل والحد من تلوث الهواء طويل المدى عبر الحدود عن طريق اتخاذ التدابير التي تتسم بالتعاونوتلتزم الدول الأعضاء بوضع استراتجيات وسياسات لمكافحة تلوث الغلاف الجوي عن طريق تبادل المعلومات والتشاور والبحث والرصد والتعاون في البحث والتطوير فيما يتعلق بتكنولوجيا تقليل الانبعاثات بالنسبة لملوثات الهواء الرئيسية،تقنيات الرصد والقياس لمعدلات الانبعاثات من ملوثات الهواء وتركيزها في الجو،نماذج نقل ملوثات الهواء طويل المدى، تأثير ملوثات الرئيسية على الصحة والبيئة(3).

الفرع الثالث :الإتفاقيات الخاصة بحماية الفضاء والمناخ.

أولا: إتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985.

تمثل طبقة الأوزون الدرع الواقي من الأثر المدمر الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية وتوجد هذه الطبقة على ارتفاع يتراوح بين 25و30 كلم فوق سطح الأرض،وقد لاحظ العلماء نضوبا مستمرا لهذه الطبقة وظهور العديد من الثقوب بها ما دفع إلى تشكيل مجموعة من الخبراء القانونيين والفنيين من 35 دولة و11منظمة دولية تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة وبالتعاون التام مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لإعداد اتفاقية دولية لحماية الأوزون وقد بدأ عقد الإجتماعات ابتداء من سنة 1982 إلى حين انتهاء مجموعة الخبراء من عملها يناير1985 أين دعا المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دبلوماسي لعقد اتفاقية إطارية لحماية طبقة الأوزون، والتي وقِّعت في 22مارس 1985وبدأ تنفيذها في 22 سبتمبر 1988، وتتكون من ديباجة وإحدى وعشرين  مادة فضلا عن ملحقين (1).

نصت الإتفاقية على التزامات الدول الأطراف فيها على النحو الآتي :

1-    إلتزام الدول الأطراف، وفقا لإمكانياتها والوسائل المتاحة لها بالتعاون فيما بينها عن طريق الرصد المنظم والبحث وتبادل المعلومات وذلك من أجل زيادة فهم وتقويم آثار الأنشطة البشرية على طبقة الأوزن.

2-    إلتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية المناسبة، والتعاون من أجل تنسيق السياسات المناسبة المراقبة أو تحديد أو خفض أو منع الأنشطة البشرية التي تقع في حدودها الإقليمية  والخاضعة لسيطرتها.

3-    وضع واتخاذ تدابير وإجراءات ومعايير للتعاون فيما يبن الدول وكذلك مع الهيئات الدولية .

4-    التعاون مع الهيئات الدولية المتخصصة لإجراء البحوث وعمليات التقويم العلمية المستمرة(2).

ثانيا: اتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967.

أبرمت هذه المعاهدة باقتراح كل من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي سابقا، حيث أعدت اللجنة القانونية المتفرعة عن لجنة الأمم المتحدة لاستعمالات الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية مشروعها الموقع عليه في 28 يناير 1967 وأصبحت سارية المفعول في 10 أكتوبر 1967، ولقد تضمنت هذه الاتفاقية مجموعة من المبادئ التي تحكم نشاط الدول في استكشاف الفضاء الخارجي واستعماله بما في ذلك القمر والأجرام السماوية، ومن الأحكام التي قررتها:

1. التأكيد على الطبيعة القانونية للفضاء باعتباره تراثا مشتركا للإنسانية ما يتيح الحق لجميع الدول باستكشافه واستعماله دون تمييز(1).

  1. إستعمال الفضاء الخارجي في إطار سلمي يحظر عليه إنشاء منشآت عسكرية (2)
  2. الإلتزام بعدم إحداث أضرار أو تلوث أثناء استخدام الفضاء الخارجي(3).

ثالثا: إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو.

تم التصديق على هذه الاتفاقية في 09 ماي 1992 كرد فعل للإهتمام الزائد بالتغيير في مستويات غازات الغلاف الجوي، وخاصة ما تعلق بزيادة غازات البيوت الزجاجية، وهدف الإتفاقية هو تثبيت تركيز غازات البيوت الزجاجية في الغلاف الجوي إلى مستوى يمنع التدخل الخطير للإنسان في النظام المناخي، بالإضافة  كذلك إلى ضمان عدم تهديد الإنتاج الغذائي والتمكين من تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وحماية النظام البيئي لأجيال الحاضر والمستقبل، بالإضافة إلى تشجيع البحوث العلمية ذات الصلة وجمع البيانات وملاحظة المناخ وتقديم إطار عمل يمكِّن الدول من وضع شروط محددة يمكن تغييرها في المستقبل في حالة إتاحة معلومات علمية جديدة(4).

صادقت على الاتفاقية 191 دولة وصادقت 174 دولة على بروتوكول كيوتو الملحق للإتفاقية الذي يحدد أهداف وجداول زمنية للحد من الإنبعاثات في البلدان الصناعية، ومن بين الإلتزامات المنصوص عليها في البروتوكول تقليل مستوى انبعاثات أهم ستة 06 غازات من (GHG)(5) بنسبة 8% إلى 10 % بين عامي 2008 و2012 بحيث تصل نسبتها إلى 05% أقل مقارنــة بعام 1990 وهذه الغازات الستة هي ثاني أكسيد الكربون، الهيدروفلورو كربون، الميثان، أكسيد النتروس، برفلوروكربون، وهيكسا فلورايد الكبريت.

 

 

 



(1) د. خالد العراقي – نفس المرجع السابق –ص 15

(1)د. رياض صالح أبو العطا ــ نفس المرجع السابق ، ص 132.

(2)د.خالد العراقي –نفس المرجع السابق-ص 158

(1) المادة 09 من الاتفاقية

(2) المادة 13 من الاتفاقية

(3)د.خالد فهمي مصطفى ــ نفس المرجع السابق –ص 291.

(1)د. صالح رياض أبو العطا ــ نفس المرجع السابق ، ص 144.

(2)المادة 02 فقرة 02 من الاتفاقية تحت عنوان إلتزامات عامة .

(1)المادة الأولى من الإتفاقية الخاصة بحماية طبقة الأوزون.

(2)المادة 04 من الاتفاقية .

(3)المادة 09 من الاتفاقية.

(4) د.خالد مصطفي فهمي ــ نفس المرجع السابق ، ص 281.

(5)(GHG) غازات البيوت الزجاجية.