1. المطلب الأول ــ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الأرضية.

كما سبقت الإشارة إلى أن التعاون الدولي يعد من أفضل الوسائل لحل مشكلات حماية البيئة ووضع قواعد قانونية لحماية الموارد الطبيعية والحد من التلوث، تعتبر الأراضي أو التربة والأحياء البرية والموارد الطبيعية الأخرى من عناصر البيئية قد حظيت بنصيب وافر من الجهود الدولية في إطار اتفاقي عالمي وإقليمي ومن بين هذه الاتفاقيات نذكر(1).

الفرع الأول ــ اتفاقية رامسار لعام 1971 الخاصة بالأراضي الرطبة .

  أبرمت هذه الاتفاقية في مدينة رامسار الإيرانية فبراير سنة 1971، والتي تهدف إلى إيقاف الزحف المطرد على الأراضي الرطبة وتأكيد أهميته الوظائف البيئية الأساسية لهذه الأرض وقيمتها الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياحية، وعلى وجه الخصوص اعتبارها موطن للكائنات البرية والبحرية لاسيما الطيور المائية، وعرَّفت الاتفاقية الأراضي الرطبة على أنها تشمل طائفة واسعة من الموائل مثل المستنقعات والسهول الفيضية والأنهار والبحيرات والمناطق الساحلية مثل المستنقعات الملحية والحشائش البحرية والشعاب المرجانية إضافة إلى المناطق البحرية الأعمق من ستة أمتار عند انخفاض المد(2).ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في 21/12/1975 كثمرة لجهود الإتحاد الدولي لصيانة الموارد الطبيعية ومنظمة اليونيسكو لجذب الانتباه العالمي إلى أن سوائل الأراضي الرطبة آخذة في الاختفاء وضرورة الإلتزام الدولي بحمايتها خاصة وأن أغلب هذه الأراضي تمتد عبر حدود دولتين فأكثر أو أنها تمثل جزءا من أحواض الأنهار التي تشمل أكثر من دولة واحدة، وتتوقف سلامة تلك الأراضي الرطبة ومثيلاتها على نوعية وكمية إمدادات المياه العابرة للحدود سواء عن طريق الأنهار أو الجداول أو البحيرات أو المياه الجوفية، وعن الدول التي بإمكانها الإنضمام للإتفاقية حسب المادة التاسعة ف2 فهي الدول العضوة في الأمم المتحدة أو في احدى وكالاتها المتخصصة، أو طرف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، أما بالنسبة للكيانات العالمية مثل الاتحاد الأوروبي فهي غير مؤهلة للانضمام إلى الاتفاقية(1). وأوردت الاتفاقية على الدول الأطراف الالتزامات الآتية:

1-      التزام كل دولة بتحديد الأراضي الرطبة أو المبتلة داخل إقليمها ورسم حدودها على الخرائط كي تدون في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية(2).

2-     التزام كل دولة بوضع وتنفيذ الخطط والبرامج اللازمة للحفاظ على الأراضي الرطبة المقيدة بالقائمة والاستعمال الرشيد لتلك الأراضي.

3-      التزام كل دولة بتحمل مسؤولياتها الدولية عن حفظ وإدارة الأرصدة المهاجرة من الطيور المائية واستخدامها استخداما عقلانيا(3).

4-     التعاون الفني والعلمي بين الدول لتشجيع البحوث وتبادل المعلومات والحقائق والمنشورات المتعلقة بالأراضي الرطبة والحياة الحيوانية والنباتية فيها.

ويتولى مهمة الإشراف والرقابة على تنفيذ أحكام الاتفاقية الاتحاد الدولي لصيانة الطبيعة والموارد الطبيعية كمكتب دائم يختص بما يلي:

  1. الدعوة والتنظيم لعقد المؤتمرات اللازمة للحفاظ على الأراضي الرطبة والطيور المائية
  2. مسك قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية البالغة.
  3. الاستعلام من الأطراف وإبلاغهم بأي تعديلات في الأراضي الرطبة المقيدة في القائمة
  4. إبلاغ الأطراف المعنية بتوصيات المؤتمرات(1).

وبخصوص إقامة إحتياطي طبيعي أو محميات فإنه على كل طرف أن يرقى بالحفاظ على الأراضي الرطبة والطيور المائية بإقامة محتجز طبيعي من الأراضي الرطبة سواء كانت مقيدة بالقائمة أم لا.

الفرع الثاني  ـ اتفاقية الجزائر لعام 1968 بشأن الحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية.

تم إبرام اتفاقية الجزائر بشأن الحفاظ على الطبيعية والموارد الطبيعية تحت رعاية وإشراف منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1968، وبدأ سريان هذه الاتفاقية في 09 أكتوبر 1969 وتهدف إلى تشجيع الجهود الفردية والجماعية لحفظ واستخدام وتنمية التربة والماء والموارد النباتية والحيوانية لضمان رفاهية البشر في الحاضر والمستقبل من وجهات نظر متعددة علمية، غذائية، ثقافية ...الخ(2).

وقد قررت هذه الاتفاقية الأحكام الآتية:

1-       إلتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير الضرورية للحفاظ على التربة والمياه والموارد النباتية وفقا للمبادئ والأسس العلمية.

2-       إلتزام الدول الأطراف بتوفير الحماية الخاصة لأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بخطر الانقراض، وقد حددت الاتفاقية قائمة الأنواع التي يخطر صيدها إلا بتصريح خاص.

3-       إلتزام الدول الأطراف بالحفاظ على المحميات الطبيعية الموجودة وقت نفاذ الاتفاقية والسعي نحو توفير محميات طبيعية جديدة.

4-       إلتزام الدول الأطراف، وهي بصدد سعيها نحو تحقيق التنمية الاقتصادية، بأن تأخذ في الاعتبار عوامل الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية(3).

الفرع الثالث ـ اتفاقية باريس لعام 1972 المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي .

      تعتبر من مكونات البيئة البرية جميع عناصر التراث الحضري ومنها الآثار وغيرها والتي ينبغي الحفاظ عليها وصيانتها لما لها من قيمة علمية، تاريخية، فنية وأدبية، لذا قامت منظمة اليونيسكو بعقد مؤتمر دبلوماسي في باريس في الفترة من 17 أكتوبر إلى 16 نوفمبر عام 1972 لوضع اتفاقية دولية بعد أن لاحظت المنظمة تعرض هذ التراث لخطر التدهور والتدمير، وقد انتهى الموتمر بالموافقة على هذه الاتفاقية، والتي بدأ سريانها في 17 ديسمبر سنة 1975، ووفقا للمادة الأولى من الاتفاقية فإنه يعد من قبيل التراث الثقافي كل من الآثار ومجموعات المباني والمواقع الأثرية ذات القيمة العالية الناشئة بفعل التكوينات الطبيعية والجيولوجية والجغرافية.(1)  قد أكدت الاتفاقية في مادتها الثالثة على مبدأ سيادة كل دولة على إقليمها وعلى ما يوجد به من أثار وتراث ثقافي وطبيعي.(2)

وقررت الاتفاقية أنه على الدول أن يلتزموا بما يلي :

  1. تبني سياسة عامة تهدف إلى إعطاء التراث الثقافي والطبيعي وظيفة في حياة المجتمع.
  2. إنشاء جهاز مناسب أو أكثر لحماية وحفظ وعرض التراث الثقافي والطبيعي.
  3. إجراء الدراسات والبحوث العلمية والتقنية اللازمة لدفع المخاطر المهددة للتراث.
  4. التعاون الدولي، خصوصا في النواحي المالية والفنية والعلمية والتقنية، من أجل الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي ، باعتباره تراثا مشتركا للإنسانية(3).

 

 

الفرع الرابع ـ اتفاقية بون لعام 1979 بشأن حفظ الأحياء البرية والموائل الطبيعية.

      أبرمت هذه الاتفاقية من خلال مجلس أوروبا في 19 فبراير 1979، وتهدف إلى حفظ الحيوانات والنباتات البرية ومواطنها الطبيعية لاسيما تلك الأنواع والموائل التي يتطلب حفظها تعاون العديد من الدول(4).

      وطبقا لأحكام الاتفاقية تتخذ الأطراف التدابير الملائمة التي تكفل صيانة الحيوانات والنباتات البرية إلى الحد الذي يتماشي مع مقتضيات الظروف البيئية والعلمية والثقافية كما أن عليها أن تحاول تكييف التدابير القائمة لتتلاءم مع هذا الحد أو المستوى(1) كما تقوم الدول المتعاقدة ببذل عناية خاصة بحماية المناطق التي لها أهمية بالنسبة للأنواع المهاجرة المحددة في المرفقين الثاني والثالث من الاتفاقية.



(1)رياض صالح أبو لعطاـ نفس المرجع السابق ، ص 149.

(2)أمانة اتفاقية رامسارـ دليل اتفاقية رامسار  بشأن الأراضي الرطبة ــ الإصدار الرابع ــ سنة 2006، ص 03.

(1)المادة 09 ف2 اتفاقية رامسار

(2)المادة 02 ف2 من اتفاقية رامسار.

(3)Art0 2 p06 «  eachcontracting party shall consider its international responsibilities for the convention, management and wise use of migratory stocks of waterfowl…”

(1)المادة 08 اتفاقية رامسار.

(2)د. خالد العراقي  ـ نفس المرجع السابق ، ص 204.

(3)د.رياض صالح أبو العطاـ  نفس المرجع السابق ، ص 150.

(1)Art 01 «  monuments : architectural works, works ……… art or science”

(2) Article 03 : «  it is for each state party to this convention to identify and delineate the different properties situated on its territory mentioned in articles 01 and 02 above “

(3)Article 05 convention for the protection of the world cultural and national heritage – paris 1972.

(4)المادة 04 من الاتفاقية ــ المشار إليها في مرجع الدكتور خالد العراقي ــ مرجع سبق ذكره .

(1)د. خالد العرقي ـ نفس المرجع السابق ، ص 203.