الحماية الإتفاقية الدولية للبيئة.

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: القانون الدولي للبيئة
Livre: الحماية الإتفاقية الدولية للبيئة.
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 6 May 2024, 06:12

Description

    حظيت البيئة بعد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة " استوكهولم" سنة 1972 باهتمامات متزايدة ومستمرة على مختلف المستويات، وتجسد هذا الإهتمامفي إبرام المزيد من الاتفاقيات الدولية العالمية والإقليمية في مجالات البيئة البحرية، الأرضية، الهوائية للحد من مشكلات التلوث، وسنحاول في هذا الفرع أن نتناول أهم هذه الاتفاقيات.

1. المطلب الأول ــ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الأرضية.

كما سبقت الإشارة إلى أن التعاون الدولي يعد من أفضل الوسائل لحل مشكلات حماية البيئة ووضع قواعد قانونية لحماية الموارد الطبيعية والحد من التلوث، تعتبر الأراضي أو التربة والأحياء البرية والموارد الطبيعية الأخرى من عناصر البيئية قد حظيت بنصيب وافر من الجهود الدولية في إطار اتفاقي عالمي وإقليمي ومن بين هذه الاتفاقيات نذكر(1).

الفرع الأول ــ اتفاقية رامسار لعام 1971 الخاصة بالأراضي الرطبة .

  أبرمت هذه الاتفاقية في مدينة رامسار الإيرانية فبراير سنة 1971، والتي تهدف إلى إيقاف الزحف المطرد على الأراضي الرطبة وتأكيد أهميته الوظائف البيئية الأساسية لهذه الأرض وقيمتها الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياحية، وعلى وجه الخصوص اعتبارها موطن للكائنات البرية والبحرية لاسيما الطيور المائية، وعرَّفت الاتفاقية الأراضي الرطبة على أنها تشمل طائفة واسعة من الموائل مثل المستنقعات والسهول الفيضية والأنهار والبحيرات والمناطق الساحلية مثل المستنقعات الملحية والحشائش البحرية والشعاب المرجانية إضافة إلى المناطق البحرية الأعمق من ستة أمتار عند انخفاض المد(2).ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في 21/12/1975 كثمرة لجهود الإتحاد الدولي لصيانة الموارد الطبيعية ومنظمة اليونيسكو لجذب الانتباه العالمي إلى أن سوائل الأراضي الرطبة آخذة في الاختفاء وضرورة الإلتزام الدولي بحمايتها خاصة وأن أغلب هذه الأراضي تمتد عبر حدود دولتين فأكثر أو أنها تمثل جزءا من أحواض الأنهار التي تشمل أكثر من دولة واحدة، وتتوقف سلامة تلك الأراضي الرطبة ومثيلاتها على نوعية وكمية إمدادات المياه العابرة للحدود سواء عن طريق الأنهار أو الجداول أو البحيرات أو المياه الجوفية، وعن الدول التي بإمكانها الإنضمام للإتفاقية حسب المادة التاسعة ف2 فهي الدول العضوة في الأمم المتحدة أو في احدى وكالاتها المتخصصة، أو طرف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، أما بالنسبة للكيانات العالمية مثل الاتحاد الأوروبي فهي غير مؤهلة للانضمام إلى الاتفاقية(1). وأوردت الاتفاقية على الدول الأطراف الالتزامات الآتية:

1-      التزام كل دولة بتحديد الأراضي الرطبة أو المبتلة داخل إقليمها ورسم حدودها على الخرائط كي تدون في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية(2).

2-     التزام كل دولة بوضع وتنفيذ الخطط والبرامج اللازمة للحفاظ على الأراضي الرطبة المقيدة بالقائمة والاستعمال الرشيد لتلك الأراضي.

3-      التزام كل دولة بتحمل مسؤولياتها الدولية عن حفظ وإدارة الأرصدة المهاجرة من الطيور المائية واستخدامها استخداما عقلانيا(3).

4-     التعاون الفني والعلمي بين الدول لتشجيع البحوث وتبادل المعلومات والحقائق والمنشورات المتعلقة بالأراضي الرطبة والحياة الحيوانية والنباتية فيها.

ويتولى مهمة الإشراف والرقابة على تنفيذ أحكام الاتفاقية الاتحاد الدولي لصيانة الطبيعة والموارد الطبيعية كمكتب دائم يختص بما يلي:

  1. الدعوة والتنظيم لعقد المؤتمرات اللازمة للحفاظ على الأراضي الرطبة والطيور المائية
  2. مسك قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية البالغة.
  3. الاستعلام من الأطراف وإبلاغهم بأي تعديلات في الأراضي الرطبة المقيدة في القائمة
  4. إبلاغ الأطراف المعنية بتوصيات المؤتمرات(1).

وبخصوص إقامة إحتياطي طبيعي أو محميات فإنه على كل طرف أن يرقى بالحفاظ على الأراضي الرطبة والطيور المائية بإقامة محتجز طبيعي من الأراضي الرطبة سواء كانت مقيدة بالقائمة أم لا.

الفرع الثاني  ـ اتفاقية الجزائر لعام 1968 بشأن الحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية.

تم إبرام اتفاقية الجزائر بشأن الحفاظ على الطبيعية والموارد الطبيعية تحت رعاية وإشراف منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1968، وبدأ سريان هذه الاتفاقية في 09 أكتوبر 1969 وتهدف إلى تشجيع الجهود الفردية والجماعية لحفظ واستخدام وتنمية التربة والماء والموارد النباتية والحيوانية لضمان رفاهية البشر في الحاضر والمستقبل من وجهات نظر متعددة علمية، غذائية، ثقافية ...الخ(2).

وقد قررت هذه الاتفاقية الأحكام الآتية:

1-       إلتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير الضرورية للحفاظ على التربة والمياه والموارد النباتية وفقا للمبادئ والأسس العلمية.

2-       إلتزام الدول الأطراف بتوفير الحماية الخاصة لأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بخطر الانقراض، وقد حددت الاتفاقية قائمة الأنواع التي يخطر صيدها إلا بتصريح خاص.

3-       إلتزام الدول الأطراف بالحفاظ على المحميات الطبيعية الموجودة وقت نفاذ الاتفاقية والسعي نحو توفير محميات طبيعية جديدة.

4-       إلتزام الدول الأطراف، وهي بصدد سعيها نحو تحقيق التنمية الاقتصادية، بأن تأخذ في الاعتبار عوامل الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية(3).

الفرع الثالث ـ اتفاقية باريس لعام 1972 المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي .

      تعتبر من مكونات البيئة البرية جميع عناصر التراث الحضري ومنها الآثار وغيرها والتي ينبغي الحفاظ عليها وصيانتها لما لها من قيمة علمية، تاريخية، فنية وأدبية، لذا قامت منظمة اليونيسكو بعقد مؤتمر دبلوماسي في باريس في الفترة من 17 أكتوبر إلى 16 نوفمبر عام 1972 لوضع اتفاقية دولية بعد أن لاحظت المنظمة تعرض هذ التراث لخطر التدهور والتدمير، وقد انتهى الموتمر بالموافقة على هذه الاتفاقية، والتي بدأ سريانها في 17 ديسمبر سنة 1975، ووفقا للمادة الأولى من الاتفاقية فإنه يعد من قبيل التراث الثقافي كل من الآثار ومجموعات المباني والمواقع الأثرية ذات القيمة العالية الناشئة بفعل التكوينات الطبيعية والجيولوجية والجغرافية.(1)  قد أكدت الاتفاقية في مادتها الثالثة على مبدأ سيادة كل دولة على إقليمها وعلى ما يوجد به من أثار وتراث ثقافي وطبيعي.(2)

وقررت الاتفاقية أنه على الدول أن يلتزموا بما يلي :

  1. تبني سياسة عامة تهدف إلى إعطاء التراث الثقافي والطبيعي وظيفة في حياة المجتمع.
  2. إنشاء جهاز مناسب أو أكثر لحماية وحفظ وعرض التراث الثقافي والطبيعي.
  3. إجراء الدراسات والبحوث العلمية والتقنية اللازمة لدفع المخاطر المهددة للتراث.
  4. التعاون الدولي، خصوصا في النواحي المالية والفنية والعلمية والتقنية، من أجل الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي ، باعتباره تراثا مشتركا للإنسانية(3).

 

 

الفرع الرابع ـ اتفاقية بون لعام 1979 بشأن حفظ الأحياء البرية والموائل الطبيعية.

      أبرمت هذه الاتفاقية من خلال مجلس أوروبا في 19 فبراير 1979، وتهدف إلى حفظ الحيوانات والنباتات البرية ومواطنها الطبيعية لاسيما تلك الأنواع والموائل التي يتطلب حفظها تعاون العديد من الدول(4).

      وطبقا لأحكام الاتفاقية تتخذ الأطراف التدابير الملائمة التي تكفل صيانة الحيوانات والنباتات البرية إلى الحد الذي يتماشي مع مقتضيات الظروف البيئية والعلمية والثقافية كما أن عليها أن تحاول تكييف التدابير القائمة لتتلاءم مع هذا الحد أو المستوى(1) كما تقوم الدول المتعاقدة ببذل عناية خاصة بحماية المناطق التي لها أهمية بالنسبة للأنواع المهاجرة المحددة في المرفقين الثاني والثالث من الاتفاقية.



(1)رياض صالح أبو لعطاـ نفس المرجع السابق ، ص 149.

(2)أمانة اتفاقية رامسارـ دليل اتفاقية رامسار  بشأن الأراضي الرطبة ــ الإصدار الرابع ــ سنة 2006، ص 03.

(1)المادة 09 ف2 اتفاقية رامسار

(2)المادة 02 ف2 من اتفاقية رامسار.

(3)Art0 2 p06 «  eachcontracting party shall consider its international responsibilities for the convention, management and wise use of migratory stocks of waterfowl…”

(1)المادة 08 اتفاقية رامسار.

(2)د. خالد العراقي  ـ نفس المرجع السابق ، ص 204.

(3)د.رياض صالح أبو العطاـ  نفس المرجع السابق ، ص 150.

(1)Art 01 «  monuments : architectural works, works ……… art or science”

(2) Article 03 : «  it is for each state party to this convention to identify and delineate the different properties situated on its territory mentioned in articles 01 and 02 above “

(3)Article 05 convention for the protection of the world cultural and national heritage – paris 1972.

(4)المادة 04 من الاتفاقية ــ المشار إليها في مرجع الدكتور خالد العراقي ــ مرجع سبق ذكره .

(1)د. خالد العرقي ـ نفس المرجع السابق ، ص 203.

2. المطلب الثاني ـ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة البحرية والمائية.

الفرع الأول:  حمايــة البيئـــة البحريــة.

إن أول المحاولات الدولية لحماية البيئة البحرية تمثلت في الاتفاقية الدولية للوقاية من تلوث البحار بزيت البترول، ثم تلتها بعد ذلك اتفاقيات دولية تضمنت قواعد قانونية حمائية للبيئة البحرية .

أولا ـ الإتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالزيت ( لندن 1954) .

عقد عام 1954 بلندن مؤتمر دولي بغرض مواجهة الآثار المدمرة الناتجة عن إلقاء وتصريف زيت البترول من السفن إما بصورة اختيارية عمدية أو بسبب حوادث في البيئة البحرية ومصائد الأسماك والمناطق السياحية. وقد خرج المؤتمر بتوقيع اتفاقية دولية لمنع تلوث البحر بالزيت، وتعد هذه الاتفاقية من أول وأهم الاتفاقيات الدولية التي عالجت مكافحة التلوث البحري وقد تم تعديلها سنة 1962 و 1969(2). وتطبق الإتفاقية على كافة السفن البحرية المسجلة لدى أي دولة عضو في الاتفاقية، ويستثني من ذلك ناقلات الصهاريج ذات الحمولة الأقل من 150 طن، والسفن الأخرى ذات الحمولة الأقل من 500 طن، وكذلك سفن المساعدات الحربية(3).  وقد حظرت الإتفاقية إلقاء الزيت أو المزيج الزيتي إلا طبقا للشروط الآتية:

1-    أن يتم أثناء تشغيل السفينة، أي أن تكون تجري في البحر.

2-    ألا يزيد معدل الإفراغ الفوري عن 60 لترا في كل ميل .

3-    لا يمكن الإلقاء إلا إذا كانت نسبة الزيت أقل من 100 جزء لكل مليون جزء للمزيج.

4-    أن يكون التفريغ بعيدا عن البر بالقدر المعقول، وبالنسبة لناقلات الصهاريج إلا إذا كانت الكمية الكلية للنفط المفرغ في رحلة الصابورة لا تتجاوز جزءا واحدا من 15 ألف جزء من سعة حمولة الشحنة الكلية أو إذا كانت الناقلة بعيدة عن أقرب بر بما يزيد عن 50 ميلا(1).

إن المادة الرابعة من المعاهدة تضمنت الإستثناءات الخاصة بحظر الإلقاء فجعلته في الحالات التي يتطلبها تأمين سلامة السفينة أو الشحنة أو الركاب أو في الحالات الناتجة عن عطب يجعل تسرب الزيت أمرا لا يمكن تجنبه مع اتخاذ الإحتياطات الضرورية اللازمة لمنع أو للتقليل من كمية الزيت المتسرب(2).

كما قررت الإتفاقية شروطا لصلاحية السفينة، وتلزم الحكومات بتوفير الاستعدادات اللازمة لاستقبال النفايات النفطية المفرغة من السفن في موانئها البحرية(3) .

ثانيا : اتفاقية بروكسل بشأن التدخل في أعالي البحار في حالات التلوث بالنفط 1969.

تواصلت الجهود الدولية في إطار حماية البيئة البحرية، حيث انعقد مؤتمر بروكسل لعام 1969، بعد حادث غرق ناقلة البترول توري كانيونCanyon Torry عام 1967 قبالة شواطئ المملكة المتحدة، فقد تم الاجتماع بناءا على دعوة المنظمة البحرية الدولية لتدارك عيوب اتفاقية لندن لعام 1954 لقصورها عن مواجهة حالات التلويث بالنفط الناتج عن كوارث السفن في أعالي البحار، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 06 ماي 1975.    تم السماح للدول الساحلية المتعاقدة في الاتفاقية باتخاذ التدابير اللازمة لمنع أو تخفيض حدة أو إزالة خطر جسيم ومحدق بساحلها أو مصالحها الساحلية، وهذا ما قامت به بريطانيا في حادثة توري كانيون، حيث قام سلاح الجو البريطاني بتدمير الناقلة من الجو للحد من أضرار التلوث الناجم بسبب تسرب كميات البترول(4) .

وطبقا للمادة الثالثة ينبغي على الدولة الساحلية قبل اتخاذ أي إجراء بحق السفينة أو الناقلة إخطار دولة العلم، والتشاور مع خبراء مستقلين وأن تخطر أي شخص يتوقع بصورة معقولة أن تتأثر مصالحه بمثل هذا الإجراء، غير أنه لا يجوز أن تتخذ هذه التدابير في مواجهة السفن الحربية أو السفن التي تملكها الدولة وتديرها للأغراض غير التجارية، وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية لا تتعلق إلا بالتلوث الحادث من المنشآت النفطية دون غيره من الملوثات الأخرى.

ثالثا: إتفاقية لندن بشأن منع التلوث البحري بإغراق النفايات والمواد الأخرى 1972.

تعرف هذه الإتفاقية بالإتفاقية العامة للإغراق، والتي أبرمت بتاريخ 13 نوفمبر عام 1972، وقد عرَّفت المادة الثالثة منها المقصود بالإغراق وأهمية البيئة البحرية وما بها من أحياء وثروات بالنسبة للإنسانية جمعاء، مشيرة إلى القدرة المحدودة للبحار في استيعاب النفايات وجعلها غير ضارة وتوليد موارد طبيعية جديدة(1)، وتشمل أحكام الاتفاقية جميع البحار والمحيطات بصفة عامة حيث ألزمت الإتفاقية ووضعت قيودا على حرية استغلال أعالي البحار بضرورة المحافظة عليها وحمايتها مقابل حق استغلالها، إضافة إلى التزامات أخرى تهدف في مجملها إلى خلق التزام حقيقى على عاتق الدول بالحفاظ على البيئة البحرية عموما ومنع تلويثها بإغراق المواد السامة أو الضارة فيها على وجه الخصوص عن طريق التزام هذه الدول باتخاذ جميع الإجراءات والخطوات العملية لمنع تلوث البحر بإغراق النفايات والمواد الأخرى التي من شأنها خلق مخاطر للصحة الإنسانية والإضرار بالمواد الحية والحياة البحرية والمصالح السياحية ...الخ(2).

وكذلك اتخاذ التدابير الفعالة إنفراديا أو جماعيا، والتعاون مع الوكالات والأجهزة الدولية المتخصصة لحماية البيئة البحرية من التلوث الذي يسببه:

  1. الهيدروكربون بما في ذلك البترول والنفايات الأخرى .
  2. المواد السامة أو الضارة التي تنقلها السفن لغير أغراض الإغراق .
  3. النفايات المتولدة أثناء تشغيل السفن والطائرات والأرصفة والتركيبات الإصطناعية الأخرى في البحار.
  4. الملوثات المشتقة أيا كان مصدرها بما فيها السفن.
  5. المركبات الكيماوية والبيولوجية التي تستخدم في أغراض الحرب.
  6. النفايات والمواد الأخرى التي تنشأ مباشرة عن اكتشاف أو استغلال المواد المعدنية لقاع البحار(1) .

رابعا : الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الذي تتسبب فيه السفن لندن 1973.

بعد زيادة كميات النفط المنقول عبر البحار، وبسبب تطور مفهوم حماية البيئة البحرية، وبعدما تبين قصور اتفاقية لندن لعام 1954 مع ماطرأ عليها من تعديلات دعت المنظمة البحرية الدولية إلى عقد مؤتمر دولي في لندن، في الفترة ما بين 8 أكتوبر و 02 نوفمبر 1973 ما أسفر عن إبرام اتفاقية جديدة لمنع التلوث البحري الذي تتسبب فيه السفن والتي دخلت حيز النفاذ في 02 أكتوبر 1983 (2).

وتسري هذه الاتفاقية على كل أنواع التلوث سواء كان مصدره النفط أو غيره من المواد الضارة كما تسري على كل أنواع السفن سواء كانت ناقلات أو غيرها لهذا فإن هذه الاتفاقية تعد أكثر شمولا من اتفاقية 1954، وطبقا لهذه الاتفاقية تخضع كل ناقلة بترول يبلغ وزنها 750 طن فأكثر وكل سفينة أخرى يبلغ وزنها 400 طن فأكثر إلى فحوص خاصة قبل أن يسمح لمالك السفينة بتشغيلها أو قبل إصدار الشهادة الدولية المنصوص عليها في الملحق الخامس والتي تهدف إلى حماية البيئة البحرية من الأشكال العديدة للتلويث بأسلوب أكثر دقة للحيلولة دون وقوع تلوث بحري ناجم عن تصريف الزيت من السفن(3) .

وتتضمن الاتفاقية بروتوكولين وخمسة ملاحق، يتضمن البروتوكول الأول كيفية الإبلاغ عن الحوادث أما الثاني فيعالج وسائل حل المنازعات التي تحدث بين الأطراف،

و بالنسبة للملاحق فيحتوي الأول على قواعد خاصة لصلاحية السفينة من حيث تفريغ النفط والنفايات الأخرى ووسائل منع تلوث البحار بسبب السفن، أما الثاني يتضمن قواعد مكافحة التلوث بالمواد السائلة الضارة كالبترول والسوائل الأخرى، أما الملحق الثالث يتضمن تنظيمات منع التلوث بالمواد الضارة المنقولة بحرا سواء مغلقة أو في عبوات الشحن البحري.

والملحق الرابع يتضمن القواعد الخاصة بمنع التلوث بمياه المجاري والمياه المستعملة داخل السفينة، أما الخامس والأخير يتضمن التنظيمات لمنع التلوث الناشئ عن نفايات السفن(1).

خامسا : اتفاقية قانون البحار لسنة 1982.

بعد أن لاحظ المجتمع الدولي قصور الإتفاقيات الأربع التي أسفر عنها مؤتمر جنيف لقانون البحار عام 1958 عن حل مشاكل البحار، خاصة أنها لم تكن معبِّرة عن وجهة نظر الدول النامية وأنها لم تعد تساير ما يترتب على الثورة العلمية والتكنولوجية التي أخذت تمتد آثارها إلى نطاق الإستغلال الاقتصادي للبحار والتأثير على البيئة البحرية. حيث قامت هذه الإتفاقية المبرمة تحت إشراف الأمم المتحدة بإفراد الجزء الثاني عشر منها لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها(2).

وتنص الإتفاقية على ضرورة التعاون الدولي بين الدول على المستوى العالمي والإقليمي أو من خلال المنظمات الدولية المتخصصة لصياغة قواعد قانونية لحماية البيئة البحرية وقررت الاتفاقية الحق السيادي للدول في استغلال مواردها الطبيعية عملا بسياستها البيئية ووفقا لالتزامها بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها(3).

 كما يجب على الدول اتخاذ جميع ما يلزم من تدابير لضمان أن تجرى الأنشطة الواقعة تحت ولايتها دون أن تلحق أضرارا بـــبيئات أخرى(4).

كما نصت الإتفاقية على ضرورة مساعدة الدول النامية في مجال حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها عن طريق تزويد هذه الدول بالمعدات اللازمة لمنع التلوث البحري(1) وكذلك قياس وتقييم وتحليل مخاطر تلوث البيئة البحرية أو أثاره بواسطة الطرق العلمية(2).

الفرع الثاني: حماية البيئة المائية .

     لقد أصبح موضوع المياه من أبرز وأهم المسائل التي يُعني بها المتخصصون، تعقد لها المؤتمرات والندوات على المستوى الإقليمي والدولي، حيث ثار التساؤل حول ماهية القواعد القانونية التي تحكم تلك الاستخدامات، لذا بدأ التفكير في التوصل إلى اتفاقات تحدد قواعد استخدام واستغلال الأنهار سواء الداخلية أو الدولية نتيجة مالحقها من تلوث، ويمكن تعريف التلوث المائي بأنه كل تغيير في الصفات الطبيعية للمياه بحيث يتغير لونه أو طعمه أو رائحته كنتيجة لإضافة مواد غريبة عليه تؤثر على الكائنات الحية التي تعيش فيه، أو تستفيد منه. ومن أهم الملوثات المعروفة أو الشائعة المواد النفطية والمركبات الكيميائية والمخلفات الصناعية والنفايات المشعة والصرف الصحي.

أولا: الحماية القانونية الدولية للأنهار من التلوث .

بدأ الاهتمام الفعلي بحماية الأنهار من التلوث منذ القرن 19، حيث تم الإتجاه إلى تنظيم مجاري المياه والأنهار والبحيرات الدولية خصوصا مع إبرام معاهدة 1814 التي أرست عددا من المبادئ القانونية التي تنظم استخدام مياه الراين بين الدول التي يمر بها، وكذلك أُبرمت عام 1885 بعض الاتفاقيات المنظمة لحقوق الصيد والرقابة على استخدامات الأنهار الدولية وحمايتها من التلوث إضافة إلى الإعلان الموقع عام 1875 بين امبراطورية النمسا والمجر وايطاليا والمتعلق بالحفاظ على الحياة البشرية، أما في القرن العشرين (20م) اتجهت الدول إلى عقد الاتفاقيات الدولية وسن التشريعات اللازمة لتحقيق هذه الحماية، لذا فقد تم النص في التوصية 55 لمؤتمر استوكهولم على أن يتخذ الأمين العام للمؤتمر الخطوات اللازمة لوضع برنامج استكشافي للوضع القائم والمحتمل للآثار البيئية لإدارة المياه، بالإضافة إلى وجوب تصنيف الأنهار الملوثة في العالم وفقا لمعايير تفريغ المياه، وكميات الملوثات فيها ونوعها وكذلك الأمر مع الأنهار النظيفة التي تم تحديدها وفق معايير دولية للإسهام في المحافظة على نظافتها(1).

تجدر الإشارة إلى أن الدول قد اهتمت قبل مؤتمر استوكهولم بحماية بيئة الأنهار الدولية ويتضح ذلك من قواعد هلنسكي الخاصة باستعمال مياه الأنهار التي وضعتها جمعية القانون الدولي عام 1966 التي ألزمت كل دولة بالامتناع ومنع أي شكل من أشكال تلوث المياه أو الزيادة في درجة التلوث في حوض المجرى الدولي(2) . وفي حالة إخفاق أو فشل الدولة في اتخاذ التدابير ينبغي عليها أن تدخل في مفاوضات للوصول إلى تسوية بغرض التعويض(3) .

أما في مجال المعاهدات لاسيما منها الإقليمية هناك إتفاقية حماية نهر الراين من التلوث الكيميائي المبرمة في 03/11/1976 وقد أُبرمت بعد التلوث الخطير ومعدلاته المرتفعة التي تعرَّض لها نهر الراين لوقوعه بين أكبر الدول الصناعية الأوربية ألمانيا، هولاندا، فرنسا، سويسرا حيث تفرغ فيه جميع هذه الدول العديد من مخلفاتها الصناعية الصلبة والسائلة.

وكذلك الاتفاقية المبرمة ما بين الهند وباكستان حول حماية نهر الهندوس عام 1960 حيث جاء في أحكامها على كل طرف أن يعلن نيته في أن يمتنع كلما كان ذلك ممكنا عن تلويث مياه النهر التي يمكن أن تؤثر على استعمالات تلك المياه واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع إلقاء أي نفايات في النهر"(4)

ومن الإتفاقيات الخاصة بحماية مياه البحيرات الدولية، حماية بحيرة " كونستانس" من التلوث عام 1960 حيث نصت المادة الأولى منها على وجوب تعاون الدول الموقعة عليها في مجال حماية البحيرة من التلوث بمختلف مصادره، وكذا الاتفاقية الكندية الأمريكية سنة 1972 في أوتاوا بعد التطور الخطير والغير مرغوب فيه من طرف كلتا الدولتين لنوعية المياه على جانبي الحدود مع العلم أن مصادر التلوث محلية مثل التلوث الصناعي أو التلوث بالفوسفور والأنشطة الزراعية ونشاط السفن(1).

ثانيا :الإتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لعام1997بشأن استخدام الأنهار الدولية لأغراض غير ملاحية.

بعد اكتشاف إمكانية استخدام الأنهار الدولية في الأغراض غير الملاحية أخد الإنسان يهتم بالأنهار الدولية لاسيما عند ظهور الحاجة إلى توليد الطاقة من أجل مواجهته التنمية المتزايدة ،غير أنه ظهرت جراء هذه الإستخدامات مشاكل عديدة عند استعمال المياه في أغراض صناعية وزراعية مما يؤثر سلبا على الدول النهرية الأخرى(2). هذا ما دفع بالأمم المتحدة إلى تكليف لجنة القانون الدولي بدراسة الوضع وتنظيمه بتقنين خاص لاستخدام المجاري المائية الدولية، فتم إبرام هذه الاتفاقية في21مايو1997.

تضم الاتفاقية 37مادة في سبعة أبواب، الباب الأول: مقدمة، الباب الثاني: مبادئ عامة ،الباب الثالث: التدابير المزمع اتخذها، الباب الرابع: الحماية والصون والإدارة، الباب الخامس: الأحوال الضارة وحالات الطـــوارئ،البـــاب الســادس: أحكام متنوعة، الباب السابع: أحكام ختامية ،إضافة إلى ملحق يحدد الإجراءات الواجب إتباعها في حالة موافقة الدول على إخضاع نزاع ما للتحكيم (3).

وعرَّفت الاتفاقية المقصود بـ" مجرى مائي دولي" بوصفه شبكة المياه السطحية والمياه الجوفية التي تشكل بحكم علاقاتها الطبيعية بعضها ببعض كلا واحدا، وتتدفق عادة صوب نقطة وصول مشتركة، ويلاحظ من التعريف أنه يشتمل على المياه الجوفية المتصلة هيدرولوجيا بالمياه السطحية وهو الحال بالنسبة لمعظم المياه الجوفية في العالم(4).

يهتم الإتفاق الإطاري بتحديد القواعد والمبادئ العامة المتعلقة بالاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية التي يتم الاستناد إليها في إبرام إتفاقات خاصة في شأن كل نهر أو مجرى دولي على حدى آخذين في الإعتبار الأوضاع الخاصة بكل نهر من كافة النواحي، وتجدر الملاحظة إلى أن الاتفاقية ذات طابع تكميلي لا تؤثر على المعاهدات والإتفاقات التي سبقتها كما هو في قاعدة الخاص يقيد العام.



(2)د. أحمد محمود الجمل ــ حماية البيئة البحرية من التلوث ـ منشأة المعارف ـ مصر ـ ب، ط ــ سنة 2007، ص 105.

(3)المادة 02 من الاتفاقية .

(1)راجع المادة الثالثة من الاتفاقية .

(2) Art 04 :" article 03 shall not apply to the discharge of oil or of oily mixture from a ship for the purpose of securing the safety of ship, preventing damages …"

(3)د.خالد العراقي ــ نفس المرجع السابق ، ص 176.

(4)Art01 : « parties to the present convention may take such measures on the high seas as may be necessary to prevent, mitigate or eliminate grave and imminent danger ..harmful consequences .

(1)Art03 p1 : «  dumping  means : 1- any deliberate disposal at sea of wastes or other matter  from vessels, aircraft, platforms or other man-made structure at sea”

(2)Art01 : «  contracting parties shall individually and collectively promote……. Of the sea”

(1)المادة 12 من الاتفاقية .

(2)د. أحمد محمود الجمل ـ نفس المرجع السابق ، ص 120

(3)د. خالد العراقي ـ نفس المرجع السابق ، ص 184.

(1)عدلت هذه الاتفاقية بواسطة مؤتمر عقد سنة 1978 حول أمن السفن الصهريجية ومنع التلوث .

(2)د. خالد العراقي ــ نفس المرجع السابق ، ص 186 ــ يضم الجزء 12 من الاتفاقية ، المواد من 192 إلى 237 .

(3)art 193 « The states have the sovereign right to exploit their national resources pursuant to their environmental policies and in accordance with their duty to protect and preserve the marine environment”

(4)Art 194 : « the states shall take measures necessary to ensure that activities under their jurisdiction or control are as so conducted as not to cause damage by pollution to other states and their environment and that pollution arising from incidents or activities under their jurisdiction”

(1)المادة 202 من الاتفاقية.

(2)المادة 204 من الاتفاقية.

(1)د. نوري رشيد نوري الشافعي ــ البيئة وتلوث الأنهار الدولية ــ المؤسسة الحديثة للكتاب ــ لبنان ــ الطبعة الأولى ــ

سنة 2011، ص 128.

(2)المادة 10 من إعلانهلنسكي لسنة 1966.

(3)المادة 11 من إعلانهلنسكي لسنة 1966.

(4)د. نوري رشيد نوري الشافعي ــ نفس المرجع السابق ، ص 129.

(1)د. نوري رشيد نوري الشافعي ــ نفس المرجع السابق ، 130.

(2)د.نوري رشيد نوري الشافعي –نفس المصدر السابق –ص138

(3)الإتفاقية الإطارية بشان استخدام الأنـهار الدولية لأغراض غير ملاحية1997.

(4) المادة 02من الاتفاقية.

3. المطلب الثالث: الإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الهوائية ـ الجوية ـ الفضائية.

إن الإتفاقيات الدولية التي تعالج مشاكل تلوث الهواء قليلة العدد إذا ما قورنت بالاتفاقيات الدولية الخاصة بتلوث البحار،حيث لم تلق مشكلة تلوث الهواء الإهتمام الكافي إلا في السنوات الأخيرة،كذلك فإن هذا النوع من التلوث لم تكن أثاره وطريقة انتشاره والإجراءات اللازمة لمكافحته متاحة إلا في وقت قريب.

الفرع الأول: إتفاقيات الحماية من التلوث الإشعاعي والنووي.

تعتبر مخاطر التلوث الإشعاعي الناشئ عن استخدامات الطاقة النووية في الأغراض العسكرية من أهم ما اهتمت به المنظمات الدولية والإقليمية عن طريق إبرام اتفاقيات لتوفير الحماية للبيئة ،خاصة اثر تزايد هذه الأخيرة بسبب التوسع في إنتاج الأسلحة النووية والكوارث الناتجة عن تسرب الإشعاعات النووية واحتراق المفاعلات النووية وانفجارها،وكذا محطات الطاقة التي تعمل بالوقود النووي(1).

أولا: الإتفاقية المتعلقة بحماية العمال من الإشعاعات المؤينة.

عقدت هذه الاتفاقية في جنيف بسويسرا بتاريخ 22يونيو1960،وتهدف إلى حماية صحة وسلامة العمال في إطار اهتمام منظمة العمل الدولية بحماية العمال من الإشعاعات المؤينة ومن الأحكام التي قررتها الإتفاقية :

1-  ضرورة التزام كل عضو في منظمة العمل الدولية ومُنظم إلى الإتفاقية بتنفيذ أحكامها عن طريق إصدار قوانين ولوائح لازمة لذات الغرض.

2-  ضرورة اتخاذ الخطوات الملائمة لتأمين حماية فعلية للعمال بشأن صحتهم وسلامتهم ضد الإشعاعات المؤينة.

3-  إلتزام كل دولة عضو أن تحدد بدقة نسب كميات المواد الإشعاعية المسموح بها.

4-  إلتزام الدول بإبلاغ مكتب العمل الدولي بالتدابير المتخذة لحماية العمال من الإشعاعات(1).

ثانيا: معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عام 1968.

قامت الأمم المتحدة بمجهود كبير لإعداد هذه الإتفاقية على مدى عشرين عاما، بعدها تم تقديم مشروع المعاهدة إلى الجمعية العامة لإقراره في 11مارس 1968 وأصدرت قرار بدعـــــوة الدول إلى توقيعـــــها فــي 12 يونيو 1968 ودخلـــــت الإتفاقية حيز النفاذ في 05 مارس 1970 ولجميع الدول الحق في الإنضمام إليها سواء التي تفاوضت أو التي لم تفعل، أو التي تمتلك السلاح النووي أو التي لاتمتلك .

تدعو الإتفاقية إلى منع انتشار الأسلحة النووية تفاديا لنشوب الحروب النووية وما ينجم عنها من دمار،ومن ناحية أخرى تشجِّع الإتفاقية على استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية للتكنولوجيا النووية(2).

الفرع الثاني: الإتفاقيات المتعلقة بحماية الهواء.

أولا:  إتفاقية جنيف لعام 1977 للحماية من تلوث الهواء والضوضاء والإهتزازات.

بالتنسيق بين منظمة العمل الدولية والمنظمات الدولية المتخصصة تم الإعداد لعقد اتفاقية عامة لحماية العمال من الأخطار الناجمة عن تلوث الهواء بأماكن عملهم وعقدت هذه الاتفاقية بتاريخ 20يونيو 1977 بجنيف وتلزم الإتفاقية السلطة الوطنية المختصة باتخاذ كافة التدابير الضرورية لتخفيض معدلات التلوث والضوضاء والاهتزازاتإلى الحد الذي لا يشكل خطرا على صحة العمال عن طريق الأجهزة والمعدات الفنية أو عن طريق اللجوء الى وسائل جديدة للإنتاج.(1)كما يجب أن يخضع العمال المعرَّضين للمخاطر المهنية للرعاية الطبية خلال فترات زمنية مناسبة دون تحميلهم مصاريف الرعاية.(2)

ثانيا:  الإتفاقية الخاصة بتلوث الهواء طويل المدى عبر الحدود 1979.

تم التصديق على هذه الاتفاقية في 13 نوفمبر 1979 في نطاق اللجنة الاقتصادية الأوروبية، والتي تهدف إلى حماية الصحة العامة والبيئة بالتقليل والحد من تلوث الهواء طويل المدى عبر الحدود عن طريق اتخاذ التدابير التي تتسم بالتعاونوتلتزم الدول الأعضاء بوضع استراتجيات وسياسات لمكافحة تلوث الغلاف الجوي عن طريق تبادل المعلومات والتشاور والبحث والرصد والتعاون في البحث والتطوير فيما يتعلق بتكنولوجيا تقليل الانبعاثات بالنسبة لملوثات الهواء الرئيسية،تقنيات الرصد والقياس لمعدلات الانبعاثات من ملوثات الهواء وتركيزها في الجو،نماذج نقل ملوثات الهواء طويل المدى، تأثير ملوثات الرئيسية على الصحة والبيئة(3).

الفرع الثالث :الإتفاقيات الخاصة بحماية الفضاء والمناخ.

أولا: إتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985.

تمثل طبقة الأوزون الدرع الواقي من الأثر المدمر الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية وتوجد هذه الطبقة على ارتفاع يتراوح بين 25و30 كلم فوق سطح الأرض،وقد لاحظ العلماء نضوبا مستمرا لهذه الطبقة وظهور العديد من الثقوب بها ما دفع إلى تشكيل مجموعة من الخبراء القانونيين والفنيين من 35 دولة و11منظمة دولية تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة وبالتعاون التام مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لإعداد اتفاقية دولية لحماية الأوزون وقد بدأ عقد الإجتماعات ابتداء من سنة 1982 إلى حين انتهاء مجموعة الخبراء من عملها يناير1985 أين دعا المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دبلوماسي لعقد اتفاقية إطارية لحماية طبقة الأوزون، والتي وقِّعت في 22مارس 1985وبدأ تنفيذها في 22 سبتمبر 1988، وتتكون من ديباجة وإحدى وعشرين  مادة فضلا عن ملحقين (1).

نصت الإتفاقية على التزامات الدول الأطراف فيها على النحو الآتي :

1-    إلتزام الدول الأطراف، وفقا لإمكانياتها والوسائل المتاحة لها بالتعاون فيما بينها عن طريق الرصد المنظم والبحث وتبادل المعلومات وذلك من أجل زيادة فهم وتقويم آثار الأنشطة البشرية على طبقة الأوزن.

2-    إلتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية المناسبة، والتعاون من أجل تنسيق السياسات المناسبة المراقبة أو تحديد أو خفض أو منع الأنشطة البشرية التي تقع في حدودها الإقليمية  والخاضعة لسيطرتها.

3-    وضع واتخاذ تدابير وإجراءات ومعايير للتعاون فيما يبن الدول وكذلك مع الهيئات الدولية .

4-    التعاون مع الهيئات الدولية المتخصصة لإجراء البحوث وعمليات التقويم العلمية المستمرة(2).

ثانيا: اتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967.

أبرمت هذه المعاهدة باقتراح كل من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي سابقا، حيث أعدت اللجنة القانونية المتفرعة عن لجنة الأمم المتحدة لاستعمالات الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية مشروعها الموقع عليه في 28 يناير 1967 وأصبحت سارية المفعول في 10 أكتوبر 1967، ولقد تضمنت هذه الاتفاقية مجموعة من المبادئ التي تحكم نشاط الدول في استكشاف الفضاء الخارجي واستعماله بما في ذلك القمر والأجرام السماوية، ومن الأحكام التي قررتها:

1. التأكيد على الطبيعة القانونية للفضاء باعتباره تراثا مشتركا للإنسانية ما يتيح الحق لجميع الدول باستكشافه واستعماله دون تمييز(1).

  1. إستعمال الفضاء الخارجي في إطار سلمي يحظر عليه إنشاء منشآت عسكرية (2)
  2. الإلتزام بعدم إحداث أضرار أو تلوث أثناء استخدام الفضاء الخارجي(3).

ثالثا: إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو.

تم التصديق على هذه الاتفاقية في 09 ماي 1992 كرد فعل للإهتمام الزائد بالتغيير في مستويات غازات الغلاف الجوي، وخاصة ما تعلق بزيادة غازات البيوت الزجاجية، وهدف الإتفاقية هو تثبيت تركيز غازات البيوت الزجاجية في الغلاف الجوي إلى مستوى يمنع التدخل الخطير للإنسان في النظام المناخي، بالإضافة  كذلك إلى ضمان عدم تهديد الإنتاج الغذائي والتمكين من تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وحماية النظام البيئي لأجيال الحاضر والمستقبل، بالإضافة إلى تشجيع البحوث العلمية ذات الصلة وجمع البيانات وملاحظة المناخ وتقديم إطار عمل يمكِّن الدول من وضع شروط محددة يمكن تغييرها في المستقبل في حالة إتاحة معلومات علمية جديدة(4).

صادقت على الاتفاقية 191 دولة وصادقت 174 دولة على بروتوكول كيوتو الملحق للإتفاقية الذي يحدد أهداف وجداول زمنية للحد من الإنبعاثات في البلدان الصناعية، ومن بين الإلتزامات المنصوص عليها في البروتوكول تقليل مستوى انبعاثات أهم ستة 06 غازات من (GHG)(5) بنسبة 8% إلى 10 % بين عامي 2008 و2012 بحيث تصل نسبتها إلى 05% أقل مقارنــة بعام 1990 وهذه الغازات الستة هي ثاني أكسيد الكربون، الهيدروفلورو كربون، الميثان، أكسيد النتروس، برفلوروكربون، وهيكسا فلورايد الكبريت.

 

 

 



(1) د. خالد العراقي – نفس المرجع السابق –ص 15

(1)د. رياض صالح أبو العطا ــ نفس المرجع السابق ، ص 132.

(2)د.خالد العراقي –نفس المرجع السابق-ص 158

(1) المادة 09 من الاتفاقية

(2) المادة 13 من الاتفاقية

(3)د.خالد فهمي مصطفى ــ نفس المرجع السابق –ص 291.

(1)د. صالح رياض أبو العطا ــ نفس المرجع السابق ، ص 144.

(2)المادة 02 فقرة 02 من الاتفاقية تحت عنوان إلتزامات عامة .

(1)المادة الأولى من الإتفاقية الخاصة بحماية طبقة الأوزون.

(2)المادة 04 من الاتفاقية .

(3)المادة 09 من الاتفاقية.

(4) د.خالد مصطفي فهمي ــ نفس المرجع السابق ، ص 281.

(5)(GHG) غازات البيوت الزجاجية.