2. ماذا نعني بفلسفة العلوم؟

2.2. تعريف العلم

-تعريف العلم:

   يذهب ألكسيس رونبرج في كتابه"فلسفة العلم،مقدمة معاصرة" إلى صعوبة ضبط مصطلح العلم،وذلك يعود في نظره خاصة "عندما نكون إزاء نوعين من العلوم لم تتحقق لهما الدقة والضبط ما تحقق للعلوم الطبيعية أو عندما نكون إزاء أنماط من المعرفة  تحاول أن تتزيل بزي العلم وهي أبعد ما تكون عنه"[1].

  تعود كلمة علم Science في اشتقاقها اللاتيني scientia إلى المعرفة knowledge  وهي بمعناها الأشمل كل معرفة منهجية أو ممارسة تؤدي إلى نتائج أو تنبؤات لأشياء من الممكن التنبؤ بها في هذا المعنى[2]،من هذا التعريف يتضح لنا أن العلم يتميز بخصائص منهجية منطقية تميزه عن أية معرفة،ومن ثمة فهو يتميز بكونه مجموعة من المعارف التي تتصف بالوحدة والتعميم[3].

  إن هذا التناظر والتقابل بين المبدأين أدى إلى انقسام فلاسفة العلم إلى فريقين:الفريق الأول:يرى أن العلم والمعرفة لهما نفس المعنى ،إنما يكمن الفرق بينهما في العمومية فقط لا من حيث الجوهر ،وبذلك تكون المعرفة أوسع وأعم من العلم.....أما الفريق الثاني فيرى أن الفرق بينهما ليس فرقا في الكم وحسب،بل من حيث الكيف،أي يختلفان في المنهج والخصائص التي تميز محتوى كل منهما[4].       يتميز العلم بجملة من الخصائص التي تميزه عن المعارف الأخرى ،نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي:

-الصياغة الدقيقة للمفاهيم المختلفة وتكميم النتائج وصولا إلى تعميمها على الحالات الجزئية المشابهة في قانون واحد يعبر عنه بدالة رياضية ضمانا للدقة وتوخيا للموضوعية .

-استخدام المنهج العلمي:من المعروف في قاموس المعارف العلمية أن أي علم لا يكتمل نضوجه وظهوره إلا بمقدار توظيفه لمنهج دقيق وموضوعي ينسجم مع طبيعة الموضوع التي تحدد نوعه،ومن هنا تم اكتشاف المنهج التجريبي القائم على الفرضية والملاحظة والتجربة والتخلي عن المنهج التأملي الفلسفي الذي لا يتناسب مطلقا مع طبيعة الظواهر الطبيعية.

-الموضوعية: تتصف المعارف العلمية على تعددها بالموضوعية أي استقلال الذات عن الموضوع المدروس،بعيدا عن الذاتية والميول والأهواء الشخصية للباحث مما يمكّن من الحصول على نفس النتائج من باحثين متعددين متى توفرت نفس الأسباب والظروف،ما يكسب القوانين العلمية صفة العالمية والوحدوية.

-التراكمية:يعتير الكثير من الباحثين أن من سمات البحث العلمي التراكمLa cumultation،فلا يتيسر أي بحث علمي إلا بالأبحاث والاكتشافات السابقة وفي مجالات متعددة،أي أن لكل كشف علمي شجرة أسباب أدت إليه،مثلا:لم تكن الهندسات اللاإقليدية لتظهر لولا هندسة إقليدس،ولا مكان في العلم للصدفة والتولد التلقائي،بل إن العلم كما يقول جورج سارتون هو النمو الوحيد للخبرة الإنسانية[5]،لكن هذا لاينفي مطلقا الصفة الثورية عن التطور العلمي،فالنظريات العلمية هي كشف جديد وتقدم قطائعي مع النماذج القديمة.



[1]  أليكس رونبرج:فلسفة العلم،مقدمة معاصرة،ترجمة أحمد عبد الله السماحي وفتح الله الشيخ،مراجعة:نصار عبد الله،ط1، المركز القومي للترجمة،القاهرة،العدد 1693،2011،ص07.

[2]  المرجع السابق نفسه،ص 08.

 جميل صليبا :المعجم الفلسفي،ج2،ص 99.[3]

 عبد العزيز بوالشعير:مقالات في الدرس الابستمولوجي،منشورات ضفاف والاختلاف،لبنان،ط1،2016.،ص33.[4]

 صلاح قنصوة:فلسفة العلم،ص57.[5]