1. نشاة النقد التاريخي

1.1. رواد النقد التاريخ

ظهر العديد ممن ينادون بالنقد التاريخي، وبأنّه علم كغيره من العلوم التجريبية له قوانينه التي يجب أن يُتّخذ بها وتطبق على الأدباء جميعًا، ومن أبرز النقاد الذين تمثلوا النقد التاريخي ونهضوا به في البداية هم :

:أ-سانت بيف

كان من أوائل الدّاعين إلى دراسة الأديب دراسة علميّة دقيقة، من خلال أحوال طبيعتة وخصائصه الجسمية، وبيئته وعادات مجتمعه ومبادئهم وأخلاقهم، كذلك أصدقائه والفترة التي بدأ فيها الكتابة ومَن أثنى على كتابته، وأعدائه ومَن بخّس في كتابته، والفترة التي ضّعُف فيها فهو يبحث ويدقق في أبسط التفاصيل وأدقها، وبعدها يصنّف ويرتِّب الأدباء إلى فصائل وطبقات تبعا لنتائج بحثه، فمن يشتركون وتجمعهم خصائص معينة دون غيرهم يجعلهم في فصيلة أو طبقة واحدة، وهذا يوضح مدى تأثره بالعلوم التجريبية فهو يصنع ما يصنعه عالم النبات حيث يقسم عالم النباتات النبات إلى فصائل ويضع الصفات والقوانين الخاصة بكل فصيلة، وقد برزهذا النهج في مؤلفيْه" أحاديث الاثنين" و "أحاديث الاثنين الجديدة" وبهذا يمكن تسمية دراسة بيف بِـ "التاريخ الطبيعي للأدب".

ب-هيبولت تين:

يعدُّ تين من أكبر تلامذة سانت بيف الذين ساروا على نهجه وأكّدوا عليه، فقد صيّر طريقة أستاذه إلى الحتمية المُلزمة وأكد على ضرورة وجود قوانين عامة تُطبّق على كلّ الأدباء دون استثناء ودون اعتبار لشخص ونفسيّةالكاتب والأديب فهو يهملها - وهذا ما يحدث في العلوم الطبيعية- وهذا ما فعله أثناء دراسته في "تاريخ الأدب الإنجليزي" فالفرد جزء من مجتمعه ولا بد في دراسته من الرجوع إلى مجتمعه والبيئة التي نبت فيها والعوامل التي أثرت فيه والتي حصرها تين في ثلاثة عوامل، وهي: الجنس، فلكلّ جنس خصائصه التي تميزه عن غيره من الأجناس الأخرى، والبيئة، فالبيئات متعددة ومختلفة في جغرافيتها وخصائصها، والزمان، فلكلّ حقبة وعصر أحداث ومجريات تختلف عن غيرها.

:ج-برونتيير

قام برونتيير بمحاولة تطبيق نظرية النشوء والارتقاء لدارون على الأدب والأدباء وعلته في ذلك أنّ الأديب جزء من الكائنات، ولهذا ستخضع لهذه النظرية فطبّق ذلك على ثلاثة أنواع من الأدب: الشعر الغنائي والمسرح والنقد الأدبي، منذ نشأتهم والتطور الذي طرأ على هذه الأنواع بتطور الزمن والبيئة.