3. الفكر الاقتصادي الأوربي المعاصر

3.1. المدرسة التجارية

   عصر التجار  الزمن الذي يسمى أحيانا الرأسمالية التجارية وأحيانا االمركنتالية  والذي يعتقد أنه امتدد ثلاثمائة عام  وذلك بالتقريب منذ حوالي منتصف القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن وينتهي بوضوح ببداية الثورة الصناعية و صدور كتاب " ثورة الأمم  لآدم سميث، كرد فعل قويا للسياسات و الممارسات الاقتصادية للعصر التجاري ، وفي هذه القرون الثلاثة لم يكن لعلم الاقتصاد ناطق باسمه معترف أمثال أرسطو أو سميث وماركس وكينز في الأعوام التالية حيث لم تكن التجارية  نظاما فكريا في المقام الأول انما كانت نتاج عقول رجال الدولة وكبار الموظفين و رجال األعمال في تلك الأيام.[1]

و لفهم هذه المدرسة لبد من ذكر أهم الظروف الاقتصادية و غيرها التي أدت لتطور و نشوء هذا الفكر :

-         انتشار الأسواق و صعود طبقة التجار .

  -  الاكتشافات الجغرافيا  فنجد أول رحلات كشف أمريكا والشرق الأقصى في العام 1492 التى قام  بها كولمبس و توالت بعدها الرحالات من الدول الأوروبية التي تسببت في  تدفق منتجات جديدة وغير مألوفة إلى أوروبا من الشرق  والأكثر أهمية كان سيل الفضة والذهب من مناجم العالم الجديد.

و قد كان لتدفق الكبير لذهب و الفضة اثار هامة على للمواقف والسياسات الاقتصادية  في ذلك الزمن أهمها :

-         حدوث ارتفاع عام في الأسعار  وظهور مبكر  "نظرية كمية النقود" وتلك هى النظرية التارخية التى تقول إن الأسعار  إذا كان حجم التجارة ثابتا  تتغير في تناسب مباشر مع عرض النقود.

-         تاثير على حجم التجارة انطلاقا من ثورة الأسعار (التضخم ) فقد كانت محفزة و مشجعة لتجارة فشراء أي اصل معمر لبيعه مستقبلا كان مربحا لتوقع ارتفاع سعره .

والأمر المؤكد أيضا أن التدفق الكبير للذهب والفضة ساعد على تركيز اهتمام التجار والحكومات على هذين المعدنيين وعلى السياسات التي من شأنها تعزيز الكميات التي في حوزتهم منها  أو ا لموضوعة تحت تصرفهم. وكان ذلك محور فكر التجاريين  وسياستهم.

- ظهور وتدعيم سلطة الدولة الحديثة  وهي عملية لم تكتمل تماما حتى توحيد إيطاليا في العام 1861 وتوحيد المانيا في ڤرساي بعد ذلك بعشرة أعوام ، و مع صعود الدولة القومية ظهرت رابطة و ثيقة  و حميمية بين الدولة و مصلحة التجار .[2]

و نستطيع أن نقول اهم  أفكار التجاريين أو بالأحرى سياساتهم  ما يلي : [3]          

-         موقف التجار السلبي تجاه المنافسة ، لأنهم لم يكونوا يرحبون بها  فقد كانت هناك موافقة على الاحتكار أو على التحكم الاحتكاري في الأسعار و المنتجات فهم يرون أن المنافسة تدفع الأسعار للانخفاض  .

-         بسبب نفوذ التجار في الدولة كان هناك إ تجاه  قوي بدور الدولة وبتدخلها في الاقتصاد .

-         اتفاق على أن تراكم الذهب والفضة الثروة المالية  ينبغي أن يكون هدفا للسياسة الشخصية والعامة _ يجب أن يسخر له دائما كل جهد شخصي وتنظيم عام: »إن بيع البضائع للآخرين يكون دائما أفضل من شراء البضائع من الآخرين  لأن البيع يحقق مزية مؤكدة والشراء يجلب ضررا لا يمكن  اجتنابه.



[1] جون كينيث جالبريت، مرجع سابق ، ص45

[2] نفس المرجع سابق ، 47 ، 49

[3] نفس المرجع سابق ، ص 52