المدارس الاقتصادية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: الاقتصاد السياسي
Livre: المدارس الاقتصادية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 3 May 2024, 08:10

1. الفكر الاقتصادي في العصور القديمة

    عند الاغريق و الإمبراطورية الأثينية _ وبعد ذلك في عصر روما في كل من اليونان وروما كانت 

الزراعة هي الصناعة الأساسية _ وكانت الأسرة هي وحدة الإنتاج  وكان الرقيق هم قوة العمل.

وكانت الحياة الفكرية والسياسية والثقافية و وكذلك نسبة جوهرية من  المعيشة والإقامة  تتركز في ا لمدن  كإسبرطة وكورنثيا وأثينا  وبصفة خاصة روما  وهي ا لمدن التي يكتب التاريخ عنها  لكن هذه المدن لم تكن بشكل الذي نعرفه اليوم  وفيما يلي  أهم الملامح الاقتصادية لها :  

-   النشاط  الصناعي كان يقتصر على الحرفيين من الرقيق ، أما استهلاك السلع فيقتصر على المواد

الغذائية  الأولية و الشراب أو بعض الملابس  أو أشياء قليلة أخرى  ضئيلا للغاية بالنسبة للجميع فيما عدا أقلية الحاكمة التي تستحوذ ايضا على القدر الأكبر من استهلاك الخدمات الذي تحصل عيه من الرقيق . [1]

المسائل الاقتصادية لهذا العصر توجد أساسا في كتابات كل من ارسطو و  افلاطون.

1-أفكار أفلاطون :

   عاش افلاطون خلال الفترة 347-427 ق.م  و هو يندرج ضمن الفلاسفة لكن الدراسة المتأنية لكتابه "الجمهورية "نجد فيها بعض الأفكار الاقتصادية ففي هذا الكتاب لا يصف أفلاطون مجتمعا قائما بذاته انما يحاول أن يرسم صورة لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع الأمثل و من أهم أفكاره الاقتصادية  هي تقسيم العمل بين فئات المجتمع المثالية و تحريم الملكية الخاصة على طبقة الحكام و المحاربين لابعادهم عن مغريات المادة . [2]

2-    أفكار ارسطو :

تتجلى افكار ارسطو الاقتصادية في كتابه القيم " السياسات " و يقف وقفات تحليلية امام بعض المشكلات و الظواهر الاقتصادية لذلك يعتبر من الأوائل الذين وضعوا بذور ما نسميه نظرية الاقتصادية .

من أهم اراءه الاقتصادية  :

-اقراره بالحق في الملكية الفردية للجميع .

- مناقشته لموضوع النقود و وضائفها و نشأتها  و الاساس الذي تستمد منه قبولها بين الناس بالاسلوب الذي يسير عليه نفسه الاقتصاديون المعاصرون فقد ذكر أن نقود هي الوسيلة الطبيعية للتبادل فضلا على انها مخزن للقيمة .

- و تطرق لموضوع الربا فانتقده اشد الانتقاد فيقول :  " طالما أن النقد لا تلد النقود كما يقول و من هنا فان الربا هو اشد طرق المال مجافاة للطبيعة البشرية " و هو هنا يقترب من الاقتصاد الاسلامي و اصوله الحديثة .



[1] جون كينيث جالبريت ترجمة أحمد فؤاد بلبع ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، دار عالم المعرفة ، كويت ، ص ص 24، 27 بالتصرف

[2] ،صلاح الدين نامق ، قادة الفكر الاقتصادي ، دار المعارف ، القاهرة ، ص 9،10

2. الفكر الاقتصادي في القرون الوسطى

    في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوروبا التكوين الاجتماعي الاقطاعي  و يسمى هكذا كل تكوين اجتماعي يرتكز على طريقة للانتاج فيها من يزرع الأرض ، و قد كف أن يكون عبدا ، خاضعا لكل أنواع القيود غير الاقتصادية التي تحد من حريته و ملكيته الشخصية على نحو لا يكون معه لا انتاج عمله و لا قدرته على العمل محلا للمبادلة الحرة أي سلعة .[1]

و خلال هذه الفترة التي تعد مظلمة لم الاعتماد على الزراعة و كان الاقتصاد مغلق و كانت الكنيسة من تسير الحياة الاقتصادية ، لذلك لا نجد خلال هذه الفترة بروز المفكرين اقتصاديون بل نجد رجال الدين من لهم بعض الآراء خاصة فيما يخص الفائدة .

 

 

أفكار ابن خلدون :

عاش ولي الدين أبو عبد الرحمان بن محمد بن خلدون خلال القرن الرابع عشر (1332م /1406 م) (732ه/808 ه ) و هو مفكر عربي اسلامي على الرغم انه يحسب على علم الاجتماع  الى كتابه  مقدمة و ما يحتويه  من العديد من الأفكار  في الموضوعات الاقتصادية  يجعله من أبرز المفكرين الاقتصادين الذين سبقوا عصرهم و سنلقي نظرة متواضعة على بعض ما جاء به فيما يخص العمل و القيمة لدقتها و موضوعيتها .

تلقى  عنصر العمل اهتمام   كبير عند ابن خلدون  بحيث جعله  المصدر الاساسي للثروة و المزيد منها قبقدر ما يبذل الفرد من المجتمع منه بقدر ما تكون ثروته و الغنى و النمو كل ذلك رهين بالانتاج و لا انتاج بغير عمل ، يقول ابن خلدون "أعلم أن الكسب انما يكون بالسعي في الاقتناء و القصد الى التحصيل فلا بد في الرزق من السعي و عمل و لو في تناوله و ابتغائه من وحوهه "قال تعالى : -فابتغو عند الله الرزق -  و السعي اليه انما يكون لاقدار الله تعالى و الهامه فالكل من عند الله فلا بد من الأعمال الانسانية في كل مكسوب و مثمول ، لأنه ان كان عملا بذاته مثل الصنائع فظاهر ، و ان كان مقتنى من الحيوان و النبات و المعدن فلا لبد فيها من العمل الانساني كما نراه ، و الا لم  يحصل و لم يقع به انتفاع "

و قد اشار الى تخصص و تقسيم العمل لكن سماها التعاون و توزيع الأعمال  ، و لم يقف هنا بل اشار الى اهم الأسس و  الظوابط التي يرتكز عليها و قد اشار في ذلك الى ضرورة توفر الارادة و القصد و التخطيط و التفكير الرشيد فالعمل يتطلب يدا و فكرا ، و كان بذلك يتطلع الى العمل الماهر المدرب ، كذلك اشار الى أهمية الاجادة و الاتقان و المواصلة و الاستمرارية ، هذا كله مع التأكيد أن ضابط الاساسي للعمل التعاون و توزيع الأعمال .[2]

أما من جانب القيمة فنجد ابن  خلدون يفرق بين الثمن و القيمة  بانهما مصطلحان  مختلفا المضمون فيقول مثلا : فيبذلون في ذلك لأهل الأعمال أكثر من قيمة أعمالهم مزاحمة و منافسة في الاستثار بها "

حيث يرى أن القيمة و ان ارتبطت بالثمن الا أنها من حيث حقيقتها متميزة عنه فالثمن ظاهرة سوقية قد تعبر عن القيمة و قد لا تعبر حسبما تكون عليه السوق .

أما بالنسبة لمحددات القيمة فيرجعها للعمل و المنفعة  و قد وردت عبرات كثيرة له تدل على ذلك منها   فبالنسبة للعمل " ان هذه الأمول هي قيمة الأعمال الانسانية .

و في المنفعة يقول  "....تقل المنفعة فيها بتلاشي الأحوال فترخص قيمتها و تتمللك بالأثمان اليسيرة " " ان الكسب قيمة الأعمال و انها متفاوتة بحسب الحاجة اليها فاذا كانت الأعمال ضرورية في العمران عامة البلوى كانت قيمتها أعلى "[3]

 



[1] أحمد دويدار ، مرجع سابق ، ص 73

[2] شوقي احمد دنيا ، علماء المسلمون و علم الاقتصاد " ابن خدون مؤسس علم الاقتصاد "، دار معاذ لنشر و توزيع ، ،1993 ، ص 33،36

[3] نفس المرجع السابق ، ص 61، 67

3. الفكر الاقتصادي الأوربي المعاصر

و تضم هذه الفترة العديد من المدارس بداية بالمدرسة التجارية ثم الطبيعية ثم الكلاسكية ثم الماركسية و أخيرا المدرسة الكنزية 

3.1. المدرسة التجارية

   عصر التجار  الزمن الذي يسمى أحيانا الرأسمالية التجارية وأحيانا االمركنتالية  والذي يعتقد أنه امتدد ثلاثمائة عام  وذلك بالتقريب منذ حوالي منتصف القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن وينتهي بوضوح ببداية الثورة الصناعية و صدور كتاب " ثورة الأمم  لآدم سميث، كرد فعل قويا للسياسات و الممارسات الاقتصادية للعصر التجاري ، وفي هذه القرون الثلاثة لم يكن لعلم الاقتصاد ناطق باسمه معترف أمثال أرسطو أو سميث وماركس وكينز في الأعوام التالية حيث لم تكن التجارية  نظاما فكريا في المقام الأول انما كانت نتاج عقول رجال الدولة وكبار الموظفين و رجال األعمال في تلك الأيام.[1]

و لفهم هذه المدرسة لبد من ذكر أهم الظروف الاقتصادية و غيرها التي أدت لتطور و نشوء هذا الفكر :

-         انتشار الأسواق و صعود طبقة التجار .

  -  الاكتشافات الجغرافيا  فنجد أول رحلات كشف أمريكا والشرق الأقصى في العام 1492 التى قام  بها كولمبس و توالت بعدها الرحالات من الدول الأوروبية التي تسببت في  تدفق منتجات جديدة وغير مألوفة إلى أوروبا من الشرق  والأكثر أهمية كان سيل الفضة والذهب من مناجم العالم الجديد.

و قد كان لتدفق الكبير لذهب و الفضة اثار هامة على للمواقف والسياسات الاقتصادية  في ذلك الزمن أهمها :

-         حدوث ارتفاع عام في الأسعار  وظهور مبكر  "نظرية كمية النقود" وتلك هى النظرية التارخية التى تقول إن الأسعار  إذا كان حجم التجارة ثابتا  تتغير في تناسب مباشر مع عرض النقود.

-         تاثير على حجم التجارة انطلاقا من ثورة الأسعار (التضخم ) فقد كانت محفزة و مشجعة لتجارة فشراء أي اصل معمر لبيعه مستقبلا كان مربحا لتوقع ارتفاع سعره .

والأمر المؤكد أيضا أن التدفق الكبير للذهب والفضة ساعد على تركيز اهتمام التجار والحكومات على هذين المعدنيين وعلى السياسات التي من شأنها تعزيز الكميات التي في حوزتهم منها  أو ا لموضوعة تحت تصرفهم. وكان ذلك محور فكر التجاريين  وسياستهم.

- ظهور وتدعيم سلطة الدولة الحديثة  وهي عملية لم تكتمل تماما حتى توحيد إيطاليا في العام 1861 وتوحيد المانيا في ڤرساي بعد ذلك بعشرة أعوام ، و مع صعود الدولة القومية ظهرت رابطة و ثيقة  و حميمية بين الدولة و مصلحة التجار .[2]

و نستطيع أن نقول اهم  أفكار التجاريين أو بالأحرى سياساتهم  ما يلي : [3]          

-         موقف التجار السلبي تجاه المنافسة ، لأنهم لم يكونوا يرحبون بها  فقد كانت هناك موافقة على الاحتكار أو على التحكم الاحتكاري في الأسعار و المنتجات فهم يرون أن المنافسة تدفع الأسعار للانخفاض  .

-         بسبب نفوذ التجار في الدولة كان هناك إ تجاه  قوي بدور الدولة وبتدخلها في الاقتصاد .

-         اتفاق على أن تراكم الذهب والفضة الثروة المالية  ينبغي أن يكون هدفا للسياسة الشخصية والعامة _ يجب أن يسخر له دائما كل جهد شخصي وتنظيم عام: »إن بيع البضائع للآخرين يكون دائما أفضل من شراء البضائع من الآخرين  لأن البيع يحقق مزية مؤكدة والشراء يجلب ضررا لا يمكن  اجتنابه.



[1] جون كينيث جالبريت، مرجع سابق ، ص45

[2] نفس المرجع سابق ، 47 ، 49

[3] نفس المرجع سابق ، ص 52

3.2. المدرسة الطبيعية

   نشأ الفكر الطبيعي أو كما يسمى ايضا الفكر الفيزوقراطي بفرنسا حيث كانت الزراعة لها مكانتها على الرغم من العمل بالفكر التجاري و كرد فعل عن السياسات التي فرضها هذا الفكر من احتكار و ضرائب ظالمة و غيرها من تدخلات الدولة لصالح التجار .

و لقد تأسس هذا المذهب على يد فرانسوا كيسناي (1694/1774 ) طبيب لويس الخامس عشر انذاك و كان لهذا المذهب مفكرين اخرين مثل آن روبير جاك تورجو ( 1728-1781) بيير صمويل ديبون دي نيمور ( 1739 -1817 ) .

و تدور أفكار  هذا المذهب حول ما يلي  :

- الإصلاح اﻟﻤﺠتمع القديم   الذي كان الجميع ملتزمين به عن طريق  تمييز أصحاب الأراضي  وأن يردوا عن هذا اﻟﻤﺠتمع طموحات وتطفلات الرأسمالية التجارية  والقوى الصناعية الصاعدة التي كانت توصف بأنها صعبة المراس وغير ناضجة وفظة.

- وكان الالتزام الأول والمحوري للفيزيوقراطي هو تجاه مفهوم القانون الطبيعي لأنه في رأيهم هو القانون الذي كان من الناحية الجوهرية  يحكم السلوك الاقتصادي والاجتماعي. أما قانون الملوك و المشرع فيكن قبولها الا بقدر ما يتسق مع القانون الطبيعي  أو بقدر ما يكون إضافة محدودة إليه. ويتمشى وجود ا لملكية وحمايتها مع القانون الطبيعي ، ومن ثم تتمشى مع حرية الشراء والبيع  أي حرية التجارة  والخطوات الضرورية لضمان الدفاع عن هذا اﻟﻤﺠال.فالحكمة تقضي بترك الأمور تسير فيها وفقا للبواعث والقيود الطبيعية دون تدخل.

كما أن القاعدة التي توجه  التشريع والحكم بوجه عام ينبغي أن تكون "دعه يعمل  دعه يمر".

- مفهوم الناتج الصافي الذي يعني  أن الثروة كلها تنشأ في الزراعة  ولا ينشأ شيء منها في أي صناعة أو تجارة أو حرفة أخرى.

و قد وضع فرنسوا ما يسمى  " الجدول الاقتصادي " قام فيه بتوضيح كيف تتدفق المنتجات من الفلاح إلى مؤجري الأرض أو ا لملاك ومنهم إلى التجار وأصحاب ا لمصانع وغيرهم من الطبقات العقيمة ،  وكيف تتدفق النقود _ عبر مسالك متعددة _ عائدة إلى الفلاح. [1]

 



[1] ص 61، 67 بالتصرف 

3.3. المدرسة الكلاسكية

  تعتبر المدرسة الفكرية الكلاسكية  وليدة الثورة الصناعية و اكتشاف قوة البخار في تسيير الآلات و هي وليدة المصانع  الكبيرة و المنافسة الحرة بين الوحدات الاقتصادية و هي تمثل بداية وضع اسس الصحيحة لعلم الاقتصاد و الرأسمالية المبكرة ، و يعد ادم سميث (1723-1790 ) هو مؤسس هذا المدرسة التي ظهر فيها مفكرون و فلاسفة اتسموا بخط فكري يكاد يكون موحد أساسه  حرية الفرد في نشاطه  السياسي و حريته في أن يمتلك ما شاء من الثروة المادية التي تنقله الى أعلى درجات المجتمع و حريته في أن يمارس التجارة الداخلية و الدولية دون ان تتدخل فيه الحكومة .

و بما ان آدم سميث هو مؤسس هذه المدرسة سنلقي النظر على أهم ما جاء به في كتابه "ثروة امم" الذي تضمن افكاره الاقتصادية التي بفضلها تأسس النظام الرأسمالي  .

-  ناقش فكرة تقسيم العمل التي تصل بالانتاجية  الى مستواها الأمثل .

- و قد اعتير كل من الأجور و الريع و الفائدة عوائد عوامل الانتاج ( العمل ، الأرض ، راس المال ، التنظيم ).

- اعتبر راس المال سمة  الرأسمالية الصناعية و ندى بضرورة زيادة تراكمه ،  و يرى أن بدونه ستقف الصناعة الراسمالية .

- انتقد التجاريين و القيود التي وضعوها لذلك كان يندي بالحرية الاقتصادية و رفع القيود التى وضعوها لتنظيم العلاقات الاقتصادية القومية الأوروبية انذاك .[1]

- أما بالنالسبة للقيمة اعتبر آدم سمیث العمل مصدر كل قیمة وأساس كل ثروة ، و نفس الشيء الذي جاء به ابن خلدون قبله بقرون .[2]

دايفد ريكاردو (1772-1723 ) اشتهر بكتابه " مبادئ الاقتصاد السياسي و الضرائب " ، و اسهم بنصيب كبير في تأصيل مبادئ الاقتصاد السياسي فضلا عن مساهمته في تعميق الفكر الكلاسيكي الرأسمالي و اعلاء شأنه   ،  و من أفكاره

-         مناقشته للقيمة  معلننا أن قيمة الشئ هي ما يبذل فيه من عمل .

-         نظريته  التكاليف النسبية في التجارة الدولية 

-         نظريته في الريع التي مفادها أولا أن الريع عائد اقتصادي نظير استخدام الأرض الطبيعة التي لا تنفذ قواها ، و ثانيا أن الريع المرتفع لا ينهض دليلا على كثرة خيرات الأرض ، بل  على العكس يدل على شح الأرض الطبيعة و بخلها .

و كل هذه النظريات معروفة في الفكر الاقتصادي المعاصر و لا زالت تدرس بالجامعات و المعاهد .



[1] صلاح الدين نامق ، مرجع سابق ، ص ص 15، 18

[2] احمد عبد السميع علام ، تطور مفهوم القيمة (نظرية القيمة ) من الاقتصاد التقليدي الى اقتصاد المعرفة ، مجلة العلوم الاقتصادية ، جامعة السودان ، العدد 17 ، 2016 ، ص 5

3.4. المدرسة الماركسية

ولدت هذه المدرسة انطلاقا من افكار كارل ماركس 1818-1883 الذي اشتهر بكتاب "رأس المال "

و قد كان يعبر عن صيحة المحرومين  في القرن التاسع عشر ، و ان كان آدم سميث هو مهندس الرأسمالية فان كارل ماركس هو المشخص لعيوبها و نهايتها المحتملة .

فقد أدان بجرأة استغلال النظام الرأسمالي الذي يمنع تدخل الدولة لضبط السوق و موازنتها فهو يرى انه نظام غير انساني يستغل البشر فالبضائع تتراكم و العمل ذاته لا تعتبره الراسمالية سلعة ، فتدفع للعامل فقط قيمة المنتج و لا تدفع له مقابل عمله ، و بذلك فالرأسمالية تراكم الأموال من خلال استغلالها جهد العامل . كما ستحل الالة محل العامل عندما تتراكم الموال و يجد العامل نفسه في صراع غير متكافئ مع الالة .[1]

و قد تجلت افكاره في نظرية فائض القيمة التي جاء بها و مفادها أن الرأسمالي بامتلاكه أدوات الانتاج لا

يستطيع أن ینتج السلع المطلوبة ، وهنا یشترى قوة العامل فى یوم طویل یدفع له المقابل أجرا غیر عادلاً ؟

فلم یتضمن هذا المقابل كل ما أنفقه العامل ویدخل ضمن نفقات العمل ، وكان المقابل فقط نتیجة المشاركة فى العملية الانتاجیه ، وهنا ظهر لغز القیمة . حیث يتجه الراسمالي  إلى استئجار مجهود العامل محرك الارباح الحقیقى، والتى یستحوذ علیها بالكامل ویعطى الكاد الضئیل ، والفرق سماه ماركس قانون فائض القیمة ، اى الفرق بین الجهد المبذول فى تحقیق الارباح ، وبین ما یحصل علیه من اجر مقابل مجهوده الكبیر ،وهذا الفائض لم یحقق. ( العدالة للعامل وحقق ارباح طائلة للرأسمالي .[2]



[1]جاسم سلطان ، مرجع سابق ، ص 53

[2] أحمد عبد السميع علام ، مرجع سابق ، ص 6

3.5. المدرسة الكنزية

يعتبر  ماينارد كينز 1883-1946 هو رجل  الذي أخرج العالم الرأسمالي من أزمته الاقتصادية سنة  1930 التي جاءت انطلاقا من الهزات العنيفة  النقدية للحرب العالمية الأولى ابرزها التضخم الذي اصاب بعض دول خاصة المانيا ، تمزق اوصال التجارة ، اختلال موازين مدفوعات الدول الكبرى اضافة خروج الاتحاد السوفياتي من النظام الرأس مالي  ، مما أدى للانهيار اسواق الأوراق المالية  فاغلقت المصانع و انتشرت البطالة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية .

و يعد كتاب " النظرية العامة في النقود و التوظيف و سعر الفائدة " الذي الفه كينز سنة 1936 الذي اشار فيه كينز على ضرورة تدخل الدولة الرأسمالية  واتخاذ اجراءات  تدخليه في اقتصادها القومي تهدف الى زيادة الاستثمارات و الحد نوعا ما من الادخارات ، و بهذا التدخل من جانب الحكومة لمعالجة أزمة الرأسمالية المعاصرة أعلن كينز عن ميلاد رأسمالية جديدة تؤمن بنوع من التدخل الحكومة .

 و هكذا نجا النظام الرأسمالي و بدأت الأزمة تنحسر شيئا فشيئ.

و الفكرة المحورية التي جاءت بها نظرية كينز هي ربط  الحجم الكلي لتوظيف بطلب الكلي على استثمار و الاستهلاك معا  ، و  معنى ذلك أن البطالة ترتبط بالنقص الذي يطرأ على هذا الطلب ، و طالما أن الطلب الكلي يتعادل و حجم التوظيف و الدخل القومي  ، فان  معنى ذلك أن الزيادة  تطرأ على حجم التوظيف تؤدي لزيادة في الدخل القومي .

و حتى تصل الحكومات الى هدف التوظف الكامل في المجتمع لابد من مباشرتها لبعض الاشراف على اوجه النشاط الاقتصادي الاستثماري دون أن تتحول هذه الرقابة الى تأميم .[1]

 



[1] صالح الدين نامق ، مرجع سابق ، ص 39