2. المطلب الثاني: تسوية القضائية للمنازعة

نشير بداية بشأن تحديد قواعد الاختصاص إلى أن: جهة القضاء الاداري هي من تختص بالفصل في المنازعة المتعلقة بعقد الصفقة العمومية، ضمن نطاق محدد يشكل نطاق اختصاص القضاء الإداري في هذا المجال، والذي يعقد خارجه الاختصاص بالفصل في بعض منازعات هذا العقد استثناء لجهة القضاء العادي، وتحديدا القاضي المدني والقاضي الجزائي، ويستند مبدأ اختصاص القاضي الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بعقود الصفقات العمومية إلى نصوص قانونية مختلفة منها ما يجد أساسه في النصوص الخاصة المنظمة للعقد، ومنها ما يستند للأحكام العامة، التي تحدد الاختصاص النوعي في المادة الإدارية في الجزائر[1]، والتي نجدها ترتكز على المعيار العضوي.

 وعلى هذا الاساس يختص القاضي الإداري بالفصل في منازعات عقد الصفقة العمومية، التزاما بالمعيار العضوي المكرس تشريعيا[2]، باعتبار أن أحد أطرافها بالضرورة شخص من أشخاص القانون العام المذكورة في المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،  ممثلا في المصلحة المتعاقدة سواء كانت الدولة أو البلدية، أما حسب قواعد الاختصاص الإقليمي، فقد أُوكل الاختصاص في مادة العقود الإدارية، تحديدا للمحكمة الإدارية، التي تم في دائرة اختصاصها إبرام العقد[3]، ومن المسلم به أن منازعات العقود الإدارية، ومن بينها عقد الصفقة العمومية، بعد تكوين الرابطة العقدية أي خلال مرحلة تنفيذ العقد تؤول أساسا إلى اختصاص قاضي العقد في إطار ولاية القضاء الكامل.

 ومع هذا نجد في منازعات العقود الإدارية، ما يعقد الاختصاص في بعض حالاتها وضمن شروطها الخاصة إلى قاضي الإلغاء، وذلك قبل تكوين الرابطة العقدية أي خلال مرحلة الابرام.



[1] -  تحدد هذه القواعد النصوص التالية: المادة 9 من، القانون العضوي، رقم 98-01 المؤرخ في 30-05-1998، المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، ج ر عدد 37، الصادرة بتاريخ 01 يونيو 1998، ص:3، المعدل والمتمم.

-      المادة الأولى من القانون، رقم 98-02، المؤرخ في 30 مايو 1998، المتعلق بالمحاكم الإدارية، ج ر عدد 37، الصادرة بتاريخ 01 يونيو 1998، ص:8.

-  المادة 800، من القانون، رقم 08-09، المصدر السابق.

-   للتوسع حول: توزيع قواعد الاختصاص النوعي بين القـانون العضـوي المتعلق بمجلس الدولة والقانون المتعلق بالمحكمة الإدارية، وقانون الإجراءات المدنية والإدارية، راجع: عمار بوضياف، (المعيار العضوي وإشكالاته القانونية في ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية)، دفاتر السياسة والقانون، العدد 5، جوان 2011، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، ص ص: 11-25.

-   أما للنظر في التطبيقات القضائية للاختصاص النوعي لمجلس الدولة، أنظر: حيثيات قرار غبر منشور لمجلس الدولة  الجزائري، صادر بتاريخ 26/07/1999، في قضية ساطوح أحمد ضد مديرية التربية لولاية سكيكدة، عن مرجع : لحسين بن الشيخ آث ملويا، المنتقى في قضاء مجلس الدولة، المرجع السابق، ص ص: 177- 179.

[2] -  أنظر: حسين فريجة، المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ط 02، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013، ص: 341.

-   وهو نفس الاتجاه الذي كان المشرع يأخذ به في قانون الإجراءات المدنية القديم في مادته رقم 7 مكرر، أنظر: مسعود شيهوب، النظرية العامة للمنازعات الإدارية (نظرية الاختصاص)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999، ص350 وما بعدها.

-   أنظر: رمزي حوحو، أحمد صابر حوحو، (معيار الاختصاص في المنازعة الإدارية )، مجلة المنتدى القانوني، العدد 03، ماي 2006، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، ص: 128 وما بعدها.

[3] -  خلافا لنص المادة 803 من القانون، رقم 08-09، المصدر السابق، المحددة للاختصاص الإقليمي بالإحالة إلى المادتين 37 و38 والمحدد بموطن المدعى عليه، فإن المادة 804 حددت وجوبا في مادة العقود الإدارية مهما كانت طبيعتها، رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو تنفيذه.