4. المنهج والموضوع

     رغم أنّ كلا من علم الآثار و علم ما قبل التاريخ يبحثان في موضوع واحد يتمثل في إعادة تشكيل وتصور حياة الإنسان منذ نشأته، إلا أنّ الثاني ينفرد عن الأول من حيث منهجية البحث، فإذا كان علم الآثار يعتمد أساسا على النصوص الكتابية لتدعيم وتصحيح التاريخ بشواهد مادية فإن علم ما قبل التاريخ يستند على عدة علوم مساعدة مثل الجيولوجيا، علم المستحثات (الإنسانية والحيوانية) وعلم النبات القديم والجيومورفولوجيا، وكذلك العلوم الفيزيائية فيما يتعلق بتأريخ الشواهد المادية لوضعها ضمن إطار كرونولوجي لحضارات ما قبل التاريخ.

نشير كذلك إلى الفرق الموجود بين علم آثار ما قبل التاريخ وعلم ما قبل التاريخ، فالأول يأخذ بعي الاعتبار في تحليله البقايا المادية فقط. في حين أنّ الاختصاص الثاني يلم بجميع معطيات حضارات إنسان ما قبل التاريخ في البيئة التي كان يعش فيه بما في ذلك من غطاء نباتي والمحيط الحيواني وطبيعة المناخ.

عالم الآثار و ما قبل التاريخ خلافا للمؤرخ يعتمد على البقايا المادية الأثرية التي يجب عليه اكتشافها في الأرض أو في الماء، وهذا يتطلب وقت وجهد كبيرين، ما يستدعي وضع منهجية علمية تسمح له بجمع كل المعلومات الممكنة قبل، أثناء وبعد الحفرية.

هذه المعلومات التي تحملها البقايا الأثرية تطورت حاليا وأصبحت دقيقة بفعل تطور تقنيات البحث وتشمل جميع البقايا التي نجدها في الموقع الناتجة عن نشاطات الإنسان اليومية مثل المواقد(Foyers)، الفحم (charbon)، حبيبات اللقاح (pollens)...إلخ