3. المبحث الثاني:عوامل نشأة وتطور الفلسفة الإسلامية.

تمهيد حول نشأة التفكير الفلسفي :

         اختلف الباحثون حول نشأة وبداية التفكير الفلسفي إلى فريقين اثنين:

-1 الرأي الأول: ذهب فريق من الفلاسفة والعلماء الباحثين والمستشرقين إلى أنّ التفكير الفلسفي في بلاد الشرق أقدم ظهوراً من بلاد اليونان إلى أن التفكير الفلسفي بدأ أولاً فـي بـلاد الشرق قبل القرن السادس ق. م، حيث شهدت بلاد الشرق القديم مجموعـة مـن أنمـاط التفكير الفلسفي مثل :الفلسفة المصرية والفلسـفة الفارسية،والفلسـفة البابليـة، والفلسـفة الهندية،والصينية .وعلى رأس هؤلاء المؤرخ الإغريقي" دبوجين لاإرس" الذي قال فـي كتابه "حياة الفلاسفة ":" إن الفلسفة الإغريقية ليست إلا تراثاً ً شرقيا ً متغلغلا في القـدم  . واستدلّوا على ذلك بوجود كثير من النصوص والأساطير البابلية والمصرية التـي جـاء فيها حديث عن أصل العالم.فمثلاً قيل إنّ طاليس قال:بأنّ أصل العالم هو الماء، ولقـد جاء في الأساطير والنصوص القديمة أنّ العالم في البدء كان ماءً وهذا يـدلّل علـى أنّ طاليس قد استفاد قوله من تلك الأساطير.

ويؤكّد هذا الرأي أنه في مجال العلوم الكونية والرياضية وجدت بعـض هـذه العلوم عند القبائل الناشئة في بلاد الصين القديم على نحو ما هو موجود في بلاد اليونان.فمثلاً :الصينيون أسبق إلى معرفة المثلث القائم الزاوية وخصائص وتره .

الرأي الثاني: ذهب فريق آخر إلى أن اليونان هم أوّل من ظهر فيهم التفلسـف، فأرسـطو يـرى أنّ طاليس اليوناني هو أول فيلسوف حاول أنّ يفسر الكون تفسيراً عقلياً.والخيال والبداهـة، ولم يكن مسلكهم في التفكير خاضعاً لمنهج علمي أو أسلوب فلسفي معين . لكنّ اليونان هم أوّل من قدّم المنهج والمصطلح الذي سارت عليه الفلسفة حتى اليوم، والتفكير الفلسـفي عند اليونان كان تفكيراً منظماً يعتمد على الاستدلال العقلي والتأمـل الفلسـفي والنظـر المنطقي.

التوفيق:وخروجاً من هذا الخلاف يمكن القول: بأنّ التفكيـر الفلسـفي نشـأ أولاً فـي حضارات الشرق القديم، ولكنه كان مجموعة من الأساطير أو الملاحظات التجريبية التي دفعتهم إليها حاجتهم إلى الشراب والطعام والمسكن، واعتمدوا فيها على الأوهام، ورغم اختلاف الباحثين في نشأة الفلسفة إلاّ أ نّهم أجمعوا على أنّ الفلسفة اليونانية كانت أعمق الفلسفات بحثاً، وأوسعها موضوعاً، وأحسنها تنظيماً وترتيباً.