2. الأغراض الحديثة للضبط الإداري

2.2. حماية البيئة من خلال حماية الرونق والرواء

ذهب مجلس الدولة الفرنسي في الرقابة على أعمال هيئات الضبط الإداري إلى أبعد من الأغراض التقليدية السابق ذكرها، حيث عدّ القيمة الجمالية للمدن هدفا من أهداف الضبط الإداري العام، ففي حكم به في 9 أكتوبر 1936 صرّح بأنه صحية صلاحيات سلطات الضبط الإداري حماية القيم الجمالية، حيث جاء في الحكم بأنه: «من حيث إن نص المادة 18 والمدراء اللاحقة من قانون 29 تموز 1881 بشأن حرية لصق توزيع المحررات في الطرق العامة، فليس ثمة ما يمنع رجال الضبط من أن تتخذ وطبقا للسلطة العامة التدابير التي تقتضيها صيانة الأمن والسكينة والصحة العامة والقيم الجمالية»[1].

ومن ذلك التطور القضائي أصبح الضبط الإداري العام يشمل في أغراض حماية جمال الرونق والرواد[2]، ولكن التساؤل المطروح: ما علاقة جمال الرونق والرواد كغرض الضبط الإداري بحماية البيئة؟

إن المظهر الحسن هو المظهر الجمالي الشارع والأحياء السكنية التي يستمتع المارة برؤيتها المسرة للنظر، والتي يجب المحافظة عليها من خلال ممارسات ترسيم المباني القديمة، وتزيين تقاطعات الطرق، والاهتمام بزراعة الميادين والطرق، ونظافة المساحات الخضراء ونشر عدد كبير منها ومن الحدائق[3]، وبلاشك أن هذه الأعمال تدخل في أبجديات حماية البيئة وتحسينها.

 



[1] حيثيات هذا الحكم في أن مدير ضبط السين أصدر لائحة ضبطية تحظر توزيع المنشورات على المارة في الطرق العامة، خشبية إلقائها بعد تصفحها، فيشوه رونقها وينقص جمال روائها، وقد طعن اتحاد نقابات المطابع والنشر بباريس في هذه الملائمة مطالبا بالغائها لتجاوزها الأغراض المجدية لنشاط هيئات الضبط الإداري، فأصدر مجلس الدولة الفرنسي حكمة الذي اعترف لهذه الهيئات بصلاحيتها في إصدار مثل هذه اللوائح التي تهدف إلى حماية منظر الطرقات وحسن رونق الأحياء السكينة.

عبد الرؤوف هاشم بسيوفي، نظرية الضبط الإداري في النظم الوضعية المعاصرة والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، الإسكندرية، 2008، ص94.

[2]

[3] اسماعيل نجم الدين زنكنة، المرجع السابق، ص289.