3. المحور الثالث: مدى امكانية اللجوء إلى الوساطة لحل منازعات الصفقات العمومية

تعريف الوساطة: تعتبر الوساطة من الآليات الجديدة التي استحدثها قانون الاجراءات المدنية والادارية ق 09/08 لتسوية النزاعات، نظرا لما تتمتع به من مزايا، كونها توفر الوقت والجهد والنفقات على الخصوم، وقد خص المشرع الوساطة ب 12 مادة وهي من المادة 994 إلى 1005 لكنه لم يعط لها تعريفا, الأمر الذي جعل الفقه يعرفها بأنها: "آلية تقوم على أساس تدخل شخص ثالث محايد في المفاوضات بين طرفين متخاصمين، حيث يعمل هذا المحايد على تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وتسهيل التواصل بينهما، ومساعدتهما على إيجاد تسوية مناسبة للنزاع".

أشكال الوساطة: الأصل أن الوساطة تتم في شكلين:

وساطة تعاقدية: تبنى على اتفاق الأطراف على اللجوء إلى وسيط في حالة ظهور نزاع بينهما.

وساطة قضائية: التي تتم بمسعى من القاضي، غير أن المشرع الجزائري أخذ بالوساطة القضائية دون الوساطة التعاقدية عملا بنص 994 التي لم تستثن منازعات الصفقات العمومية.

جعل المشرع من الوساطة إجراء وجوبي على القاضي لكنه لا يصبح نافذا إلا بقبول الخصمين له ويتم تعيين سلطة واسعة في اتخاذ التدابير التي من شأنها المساهمة في حل النزاع.

عملية الوساطة قد تكون مطلقة تشمل كل النزاع أو جزء منه مدتها لا تتعدى 3 أشهر على الأقل. يمكن تجديدها مرة واحدة بطلب من الوسيط وبموافقة الخصوم.

انتهاء الوساطة: تنتهي الوساطة بطريقتين، دون تحقيق الهدف منها، وذلك من طرف القاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم أو بطلب من الوسيط نفسه أو بعدم الوصل لحل يرضي الطرفين. ويبقى الطريق القضائي مفتوحا لحل النزاع.

تحقيق الهدف منها أي توصل الوسيط إلى حل يرضي الطرفين فيحرر محضر يوقعه هو الوسيط والخصم ويصادق عليه القاضي المعني.

المحضر لا يقبل أي طعن يعد محضر الاتفاق من المستندات التنفيذية.

ملاحظة: بالرغم من اقرار المشرع لآلية الوساطة إلا أنه من خلال قراءتنا لقانون الاجراءات المدنية والادارية يتبين لنا أن المشرع لم يدرج الوساطة ضمن الآليات البديلة بل تكلم فقط على آليتي التحكيم والصلح. مما يفهم ضمنا أن الوساطة لا تطبق في المنازعات الادارية، وحتى من الناحية الواقعية لا نجد تطبيقا للوساطة لا على مستوى النزاع المدني أو النزاع الإداري. وتبقى أية الصلح والتحكيم من الآليات البديلة التي لا يصلح اللجوء إليها إلا في دعاوى التعويض دون دعاوى الالغاء.