3. النظام شبه الرئاسي: النظام السياسي الفرنسي

و يقصد بهذا النظام، النظام الذي يجمع بين خصائص النظام البرلماني و الرئاسي في نفس الوقت فهو يقوي مركز رئيس الدولة الذي ينتخب من قبل الشعب و يوسع صلاحياته و رغم ذلك لا يحمّله المسؤولية السياسية، و كذلك فإن هذا النظام يمنع الجمع بين عضوية البرلمان و الوزارة.
و أحسن مثال على هذا النظام هو النظام السياسي الفرنسي في ظل دستور 1958 أو ما يسمّى بالجمهورية الخامسة.
عرف هذا النظام تحت اسم الجمهورية الخامسة و نقتصر فيه على دراسة السلطتين التشريعية و التنفيذية و العلاقة بينهما.

المطلب الاول: السلطة التنفيذية :
تتكوّن من رئيس الجمهورية و الحكومة (الوزارة):
أ- رئيس الجمهورية:
قبل تعديل دستور 1958 في 1962 كان الرئيس ينتخب من قبل أعضاء البرلمان و أعضاء المجالس المحلية، و بعد 1962 أصبح ينتخب من قبل الشعب مباشرة لمدة 7 سنوات و عدّل في السنة الماضية و أصبح لمدّة 5 سنوات.
- اختصاصات الرئيس :
1- في الظروف العادية:
1.1. اختصاصاته في ميدان السلطة التنفيذية :
- يعيّن رئيس الحكومة و يعفيه من مهامه.
- يعيّن الوزراء بناءا على اقتراح من الوزير الأوّل.
- يوقّع الأوامر و المراسيم التي تتم مداولتها في مجلس الوزراء.
- يعيّن كبار الموظفين.
- يبرم المعاهدات و يصادق عليها.
- يتولّى رئاسة مجلس الوزراء بينما يتولّى رئيس الحكومة رئاسة مجلس الحكومة.
2.1. اختصاصاته في المجلس التشريعي :
- يصدر القوانين و له حق الاعتراض عليها 15 يوما من تاريخ إحالتها له لإصدارها.
- له حق دعوة البرلمان للانعقاد و وقف جلساته و حق مخاطبته.
- له حق حل الجمعية الوطنية و ليس البرلمان لأنه نكوّن من غرفتين.
- له الحق في إجراء الاستفتاء الشعبي.
3.1. اختصاصاته في المجال القضائي :
- يعيّن ثلاث أعضاء في المجلس الدستوري و رئيس هذا المجلس.
- حق عرض القوانين على المجلس الدستوري. (إخطار)
- يعيّن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.
- يصدر العفو البسيط.
2. في الظروف الاستثنائية :
طبقا للمادة 16 من الدستور الفرنسي فإن اختصاصات الرئيس في الظروف الاستثنائية شبه مطلقة فهو يجمع بين السلطتين التشريعية و التنفيذية.
و لإعلان حالة الظروف الاستثنائية لابد من توافر:
- شروط موضوعية : و نعني بها وجود تهديد أو خطر يمس بسلامة الدولة و يمنع السير المنتظم للسلطات الدستورية .
- شروط شكلية : يستشير رؤساء : الجمعية الوطنية، الحكومة و مجلس الشيوخ إضافة إلى إعلان الأمة.
* و ضرورة استشارة المجلس الدستوري في كل الإجراءات التي يتخذها و استمرار البرلمان منعقدا.
الرئيس غير مسؤول سياسيا و لكنه مسؤول جنائيا.
أ*- الحكومة :
- تتولّى رسم و توجيه سياسة الأمة.
- تقترح القوانين و تحدد جدول البرلمان.
- لها حق الطلب من الرئيس لإجراء استفتاء.
- لها حق إصدار مراسيم تشريعية بتفويض من البرلمان.
- يتولّى رئيس الحكومة السلطة التنظيمية أي يصدر مراسيم تنظيمية مستقلة لها قوة القوانين التي يصدرها البرلمان.
- كما يصدر مراسيم تنفيذية.

المطلب الثاني: السلطة التشريعية :
يتكوّن البرلمان الفرنسي من غرفتين هما الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ.
أ*- الجمعية الوطنية : تنتخب الجمعية الوطنية بالاقتراع العام المباشر لمدة 5 سنوات ، و تجرى عملية الاقتراع في دورتين و لكي يفوز المترشح لابد أن يتحصل على الأغلبية المطلقة، و في الدورة الثانية يكتفى بالأغلبية النسبية و هناك مرشح للنيابة العامة و مستخلف له و يبلغ عدد أعضاء الجمعية الوطنية 487 عضو.
ب*- مجلس الشيوخ : يتكوّن من 283 عضو ينتخبون لمدة 9 سنوات يجدد ثلث أعضاء هذا المجلس كل 3 سنوات و يتم انتخابهم بطريقة غير مباشرة في الهيئة التي تنتخبهم تتكوّن من أعضاء الجمعية الوطنية و أعضاء المجالس المحلية.


- اختصاصات البرلمان :
1- الاختصاص التشريعي :
وزع دستور 1958 الاختصاص التشريعي بين البرلمان و الحكومة و الملاحظ أن المادة 84 من الدستور قد حددت على سبيل الحصر المجالات التي يشرّع فيها البرلمان و كل ما يدخل ضمن منطوق المادة 84 من الدستور فإن الدستور فإن التشريع فيه يعود للحكومة عن طريق المراسيم التنظيمية المستقلة.
نشير إلى أن اقتراح القوانين على البرلمان إمّا أن يكون من الحكومة و يسمّى مشروع قانون بعد دراسته على مستوى مجلس الوزراء أو يكون بمبادرة من مجموعة من النوّاب و يسمّى باقتراح قانون. 
و قد فرّق دستور 1958 بين نوعين من القوانين التي يقرّها البرلمان :
1- القوانين النظامية : (الأساسية) : و هي تتعلق بتحديد المؤسسات و تنظيم سير أعمال السلطات العامة و يتطلّب إعداد هذه القوانين إجراءات خاصة كضرورة مرور 15 يوما من تاريخ إيداع المشروع قبل البدء في مناقشته و إجبارية إحالة هذه القوانين على المجلس الدستوري قبل إصدارها.
2- القوانين العادية : و هي القوانين التي لا يشترط في سنّها إجراءات خاصة مثلما هو الشأن في القوانين النظامية أو الأساسية.

2- الاختصاص المالي :
يتولّى البرلمان إصدار القوانين المتعلّقة بالميزانية لكن سلطاته في هذا الشأن مقيّدة فهو لا يستطيع تخفيض الواردات العامة أو حق اقتراح نفقات جديدة و المجلس ملزم بالتصويت على الميزانية في خلال مدّة معيّنة (70 يوما) و إذا مرّت هذه المدة دون تصويت ، حق للحكومة إصدار الميزانية بموجب مرسوم.

3- اختصاص تعديل الدستور :
يعود حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور إمّا إلى رئيس الجمهورية بناءا على اقتراح رئيس الوزراء و إمّا إلى أعضاء البرلمان و بعد موافقة البرلمان على التعديل يعرض للاستفتاء الشعبي.
و قد يستغني الرئيس عن إجراء الاستفتاء إذا عرض التعديل على البرلمان في تشكيل مؤتمر مشترك و تم إقرار مشروع التعديل بنسبة 5/3 من أصوات المؤتمرين.


4- اختصاص الرقابة السياسية على الحكومة :
و تتم هذه الرقابة من خلال توجيه الأسئلة و الاستجواب و سحب الثقة.
- العلاقة بين البرلمان و الحكومة :
أ- تبادل المعلومات :
لكي يتم التعاون بين السلطتين يستوجب الأمر على كل منهما تزويد الطرف الثاني بالمعلومات من خلال البيانات التي يدلي بها أمامه.
ب- الأسئلة النيابية :
سواء كانت مكتوبة أو شفوية، فالأسئلة الكتابية توجه إلى الوزير المعني ليجيب عنها كتابة خلال شهر و تنشر الإجابة في الجريدة الرسمية للبرلمان أما الأسئلة الشفهية فهي عبارة عن حوار بين السلطة التشريعية و التنفيذية و تخصص لها جلسة أسبوعية و هناك تفرقة بين أسئلة شفهية بسيطة دون مناقشة و أسئلة شفهية مع المناقشة.
ج- طرق الرقابة و إثارة المسؤولية الحكومية :
مراقبة الحكومة معناه محاسبتها عن الأعمال التي قامت بها و عن السياسة التي التزمت بها و للبرلمان الحق في معاقبة الحكومة عن طريق حجب الثقة.
و تثار مسؤولية الحكومة إمّا عن طريق مسألة الثقة أو اقتراح التأنيب.
- مسألة الثقة بالحكومة :
و فيه يطلب رئيس الوزراء من الجمعية تجديد الثقة من خلال طلب التصويت على برنامج الحكومة أو بيان السياسة العامة أو على مشروع قانون.
و إذا لم تنل الحكومة الأغلبية وجب عليها تقديم استقالتها إلى رئيس الجمهورية.
- اقتراح التأنيب :
يعود للجمعية الوطنية حق المبادرة في توجيه التأنيب أو اللّوم إلى الحكومة و لا يكون هذا الاقتراح مقبولا إلاّ إذا وقّعه عُشر 10/1 من أعضاء الجمعية الوطنية و لا يتم التصويت عليه إلاّ بعد انقضاء 48 ساعة من إيداعه.
و في حالة حصوله على الأغلبية يتعيّن على الحكومة تقديم استقالتها و يترتب على سحب الثقة من الحكومة حل البرلمان و إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
* بالإضافة إلى السلطتين السابقتين، نص الدستور الفرنسي 1958 على بعض الهيئات مثل : المجلس الدستوري، المحكمة العليا، و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي.

 للاطلاع أكثر حول النظام شبه رئاسي شاهد الفيديو التالي: https://www.youtube.com/embed/81jZ-WR9wig