1. النظام البرلماني

هو النظام الذي يقوم على مبدأ الفصل النسبي بين السلطات مع التوازن و التعاون بين السلطتين التشريعية و التنفيذية و قد كان هذا النظام وليد ظروف تاريخية و سوابق عرفية نشأت و تطوّرت في بريطانيا

أركان النظام البرلماني.

يرتكز النظام البرلماني على :

أ*- ثنائية السلطة التنفيذية
ب*- عنصر التعاون و الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية


الفرع الاول: ثنائية السلطة التنفيذية:
تتكوّن السلطة التنفيذية من طرفين الرئيس و الحكومة.
1- رئيس الدولة

قد يكون رئيس الدولة ملكا يتلقى السلطة عن طريق الوراثة أو رئيسا منتخبا من الشعب أو من البرلمان.

 و الرئيس غير مسئول سياسيالكنه مسئول جنائيابخلاف ما إذا كان ملكا فهو غير مسئول لا سياسيا و لا جنائيا و سبب عدم تحميل رئيس الدولة المسؤولية السياسية لأنه كقاعدة عامة لا يتمتع بسلطة تنفيذية حقيقية، فدوره في ممارسة السلطة لا يتعدى مجرد توجيه النصح و الإرشاد إلى سلطات الدولة و إن الصلاحيات المحددة له دستوريا لا يباشرها إلاّ من خلال الوزراء المعينين، و إذا كان لهم اختصاص ممنوح لرئيس الدولة هو تعيين رئيس الوزراء فإنه مقيّد في ذلك بنتيجة الانتخابات و مهما كان الدور الممنوح للرئيس إلاّ أنه يبقى الحكم الأعلى بين سلطات الدولة.

2- الوزارة (الحكومة) :
و هي تتشكل من رئيس الحكومة الذي يعيّن من بين الأغلبية في البرلمان و يقوم باختيار أعضاء حكومته و تمارس الحكومة مهام السلطة التنفيذية في النظام البرلماني فهي صاحبة السلطة الفعلية و لذا فإنها تتحمل المسؤولية أمام البرلمان سواء كانت مسؤولية فردية أم نظامية و تتخذ القرارات في مجلس الوزراء بأغلبية الأصوات و يمكن لرئيس الدولة حضور اجتماعات الحكومة لكنه لا يحق له تصويت.
الفرع الثاني: عنصر التعاون و الرقابة المتبادلة :
تظهر تعاون السلطتين في الآتي :
* أعمال تقوم بها السلطة التنفيذية لتتعاون مع السلطة التشريعية و إجراء الرقابة اتجاهها :
1- تقوم السلطة التنفيذية بالأعمال الخاصة بتكوين البرلمان مثل الإعداد و الإشراف على عملية الانتخاب.
2- استدعاء الهيئة التشريعية لانعقاد و لإنهاء دورته.

3- لها حق اقتراح القوانين و الاعتراض عليها و إصدارها.
4- كما يسمح بالجمع بين عضوية البرلمان و الوزارة.
5- و أخطر عمل تقوم به السلطة التنفيذية هو حقها في حل البرلمان .


*الأعمال التي تقوم بها السلطة التشريعية للتعاون مع السلطة التنفيذية و إجراء الرقابة عليها:
1- توجيه السؤال بحق النواب في طلب استفسار من أحد الوزراء بخصوص مسألة معيّنة و السؤال يبقى مجرد علاقة بين النائب و الوزير.
2- حق الإيستجواب و هو محاسبة الوزراء (الحكومة) أو أحد أعضائها على تصرّف معيّن و هو يتضمن اتهاما أو نقدا للسلطة التنفيذية، و يشترك في النقاش أعضاء البرلمان و يمكن أن ينتهي بسحب الثقة.
3- هو المسؤولية الوزارية و يجوز للبرلمان أن يسحب ثقته من الوزير فتكون مسؤولية فردية أو من الوزارة ككل فتكون مسؤولية تضامنية و بالتالي على الحكومة تقديم استقالتها.
4- حق إجراء تحقيق إما عن طريق لجنة برلمانية أو إنشاء لجنة تحقيق مؤقتة.
5- تولي رئيس الدولة منصبه عن طريق البرلمان فبعض الدساتير تخوّل البرلمان انتخاب رئيس الدولة.
6- الاتهام الجنائي و المحاكمة: بعض الدساتير تعطي البرلمان حق توجيه الاتهام الجنائي للرئيس أو لأحد الوزراء بسبب قيامهم بجرائم أثناء تأدية لمهامه، كما تقرر اشتراك بعض النواب في عضوية الهيئة الخاصة بمحاكمة هؤلاء.

المطلب الثاني:النظام البرلماني التقليدي "بريطانيا"

الفرع الأول: مميزات النظام الدستوري البريطاني :
1- دستور غير مدوّن
2- ملكية تملك و لا تحكم
3- الثنائية الحزبية

1- دستور غير مدوّن :
رغم أن القواعد الدستورية البريطانية نشأت عن طريق العرف إلاّ أن هذا الدستور يتضمن بعض الوثائق المكتوبة.
أ*- وثيقة العهد الأعظم الصادرة في 1211 : ملكـــــــــية مقيّدة
و تحتوي على 63 مادة تضمنت أحكاما تصون حقوق الكنيسة و طبقة الأشراف و النبلاء في مواجهة سلطات الملك و حققت ضمانات حول فرض الضرائب و كفالة حرية القضاء و الكثير من الحريات الفردية و الملاحظة الهامة أن الوثيقة جاءت عقب ثورة طبقة النبلاء و الكنيسة و لهذا لم تكن موجهة لعامة الشعب.
ب- وثيقتا الحقوق الصادرتين 1628 و 1689: ثنــــــائية البرلمان
تضمنتا مبادئ دعمت اختصاصات البرلمان في مواجهة سلطة الملك حين قيّد حق الملك في فرض الضرائب و مست نفقات القصر الملكي و أصبح البرلمان يتولّى الرقابة المالية من خلال ميزانية الدولة السنوية فكذلك تعيد حق الملك في فرض الضرائب و مست نفقات القصر الملكي و أصبح البرلمان يتولّى الرقابة المالية من خلال ميزانية الدولة السنوية فكذلك تعيد حق الملك في إصدار اللوائح العامة حين أصبح نطاق اللاّئحة خاص بتنفيذ القانون دون تعديله و حرم على الملك تجنيد المواطنين إجباريا في وقت السلم.

2- ملكية تملك و لا تحكم :
نظام الحكم الملكي يتم اعتلاء العرش بالتوارث سواء بين الذكور أو الإناث و الملك غير مسئول لا جنائيا و لا سياسيا تطبيقا لقاعدة أن الملك لا يمكن أن يقوم بعمل ضار (لا يخطئ).
نظريا يتمتع الملك بصلاحيات واسعة في المجال التشريعي و التنفيذي كحق المصادقة على القوانين أو رفضها و كذلك تعيين رئيس الوزراء، لكنه مقيّد بقواعد اللعبة البرلمانية التي تقضي بتعيين زعيم الأغلبية، و له أيضا اختصاص تعيين كبار الموظفين و منح الألقاب و الأوسمة مثل لقب اللورد و دعوة البرلمان إلى الانعقاد أو حله و له حق العفو كما أم كل هذه الاختصاصات يملكها الملك نظريا فقط فالتي يتولاها عمليا هي الوزارة.
و هناك أسباب تاريخية عملت على إبعاد التاج عن الممارسة الحقيقية للسلطة و تركها للوزارة و هذا منذ 1719.


3- الثنائية الحزبية : (بعد تقرير مبدأ الاقتراع العام و إصلاح النظام الانتخابي)
هناك حزبان كبيران يتداولان السلطة في بريطانيا هو حزب المحافظين و حزب العمال، بالإضافة إلى أحزاب صغيرة ليس لها تأثير على الحياة السياسية و الحزب الذي يحوز على أغلبية أصوات الناخبين يمارس السلطة التنفيذية و التشريعية و هذا ما يقرره النظام من قيام التعاون بين السلطتين.
الفرع الثاني: المؤسسات السياسية البريطانية:
تتمثل أهم المؤسسات في : التاج، الوزارة و البرلمان.
1-التاج : و قد تطرقنا إلى موضوع التاج في الفقرة السابقة.
2-الوزارة: التاج + الوزارة = السلطة التنفيذية
و هي الوارث الحقيقي لسلطة الملك و يعود أصل نشأتها إلى مجلس الملك الخاص، الذي كان يتكوّن من كبار موظفي المملكة كهيئة استشارية، و في إطار هذا المجلس كانت هناك لجنة تدعى لجنة الدولة يعتمد عليها الملك في اتخاذ أهم القرارات ثم تطوّرت و أصبحت تشكل أساس الوزارة.
و قد نشأت الوزارة بعدما تقررت مسؤوليتها أمام البرلمان ففي البداية كان أعضاء المجلس أشخاص غير مسئولين إزاء البرلمان باعتبار تعيينهم من الملك كمستشارين له ثم تطوّرت الأمور فأصبح بإمكان البرلمان توجيه الاتهام الجنائي لهم.
و باعتبار أن الملك له حق العفو بعد صدور حكم المجلس ضد أحد المستشارين أو بإسراعه إلى حل مجلس العموم قبل إصدار الاتهام.
و تطوّرت المسؤولية الجنائية إلى مسؤولية سياسية إما فردية أو تضامنية و قيّدت سلطة الملك بإلغاء حق العفو الملكي عند استعمال وسيلة الاتهام و عدم جواز حل مجلس العموم بسبب قيامه بهذا الاتهام و عدم جواز حل مجلس العموم بسبب قيامه بهذا الاتهام.
و بعدما كان الملك هو الذي يرأس المجلس الخاص فلأسباب معيّنة تخلّى الملك عن ترؤس الاجتماعات و بهذا استقلت الوزارة عن الملك و أصبح لها رئيس خاص.
و تشكيل الوزارة حاليا يتم من خلال التعيين، رغم قرب الأغلبية في البرلمان و نظرا للصلاحيات الهامة المخوّلة لرئيس الوزراء (زعيم الحزب) فالبعض يلقبه بالملك المؤقت، فالوزارة تتولى مهام السلطة التنفيذية كتحديد السياسة العامة للدولة و تسير و تراقب الجهاز الإداري و تقترح مشاريع القوانين و تشرّع عن طريق التفويض.
و يعود المصدر الحقيقي لسلطة الوزارة إلى الشعب الذي يمنحها الثقة من خلال عملية الانتخاب.

3- البرلمان: السلطة التشريعية
يتكوّن البرلمان البريطاني من مجلسين : مجلس اللوردات و مجلس العموم
أما الملك فقد ابتعد عن المجال التشريعي و لم يبق دوره إلاّ اسميا فقط. و يعود النشاط التاريخي للبرلمان إلى فترة ما بعد إصدار وثيقتا العهد الأعظم حيث تكوّنت هيئة تسمى المجلس الكبير، الذي يتكوّن من الأشراف و النبلاء ثم في مرحلة لاحقة أضيف رجال الدين إليهم و رئيس كل مقاطعة و ممثلين عن كل مدينة ثم حدث انقسام داخل المجلس الكبير بظهور تجانس طبقي بين النبلاء و الأشراف من جهة و ممثلي المقاطعات و المدن من جهة أخرى و بذلك أصبح البرلمان متشكل من مجلسين :
أ*- مجلس اللوردات : House of Lords
يمثل هذا المجلس الطبقة الأرستقراطية البريطانية و هو يتكوّن من حوالي 1000 عضو، 500 عضو بالوراثة و الباقي بعضهم معيّن من طرف الملك و البعض الآخر منتحب من طرف زملائهم، فقد كانت مهام هذا المجلس هي نفس مهام مجلس العموم إذ لابد من موافقة المجلسين على مشاريع القوانين لكن بعد صدور قانوني 1911 و 1944 تضاءلت مهام هذا المجلس و أصبح اختصاصه منحصر في الاعتراض التوفيقي للقوانين.
ب*- مجلس العموم : House of comons
يتكوّن مجلس العموم من 630 نائبا يتم انتخابهم لمدة 5 سنوات علما بأن الأخذ بنظام الاقتراع العام لم يطبق في بريطانيا إلاّ إبتداءا من 1918 و بالنسبة للنساء منحت حق الانتخاب إبتداءا من 1928.
ينتخب المجلس رئيسا له دون الأخذ بالاعتبارات الحزبية، و يقسم مجموعة من اللجان التقنية تساعده في عمله، و يتمثل اختصاص المجلس في التشريع و اعتماد الميزانية و إقرار الضرائب و مراقبة و توجيه الحكومة. (السلطة الرقابية عن طريق الأسئلة أو إنشاء لجان تحقيق أو سحب الثقة).