المحاضرة الثامنة:
يولي علم النفس البيئي لبعض المؤثرات البيئية كالضوضاء، والحرارة، والتلوث والازدحام وغيرها، اهتماما خاصا في دراساتهم للعلاقة بين البيئة والسلوك.
وفي ذلك سوف نعرض نماذجا من هذه المؤثرات ذات الدلالة بالنسبة للبيئة في عالمنا العربي وخاصة مع تعاظم ظاهرة التحضر.
1- الضوضاء والسلوك:
تمثل الضوضاء أحد المتغيرات الفريدة في البيئة الطبيعية لأن هذا المتغير البيئي الذي يؤثر في السلوك الإنساني هو من صنع الانسان ذاته وكنتاج لمدنيته وليس مصدره البيئة الطبيعية.
إن التعريف البسيط والشائع للضوضاء هو أنها "صوت غير مرغوب".
(مثال: قد تستمتع بصوت موسيقى كلاسيكية ولكن إذا تطرق إلى مسامعك هذا الصوت وأنت منكب على القراءة أو منهمك في عمل عقلى أو مهيأ للنوم، فإن هذا الصوت نفسه سوف يسبب لك ازعاجا وبالتالي يكون "صوتا غير مرغوب"، كذلك فإن الأصوات العالية التي تصدر عن آلات المصانع وغيرها تحدث الضوضاء، ولكن الفرد لا يحس بهذه الأصوات إلا إذا أدركها على أنها أصوات غير مرغوبة).
هكذا، يتضمن مفهوم الضوضاء مكونا نفسيا هاما وهو اللامرغوبية "غير مرغوب" بالإضافة إلى المكون الفيزيائي، هذا المكون الفيزيائي ندركه بالأذن وبالعمليات العصبية العليا في الدماغ.
ويعرفها شحاته (2000) بأنها: "تلك الأصوات غير المرغوب فيها نظرا لزيادة حدتها وشدتها وخروجها عن المألوف من الأصوات الطبيعية التي اعتاد على سماعها كل من الانسان والحيوان". وكذلك تم التطرق الى مصطلح التلوث الضوضائي ويمكن تعريفه كما ذكر شحاته أيضا بأنه: "الضوضاء التي إذا زادت عن حدها وشدتها وخرجت عن المألوف والطبيعي الى الحد الذي يسبب الأذى والضرر للإنسان والحيوان والنبات، وكل مكونات البيئة".
كما يعرف التلوث السمعي أو التلوث الضوضائي بأنه:" جميع الأصوات التي تتجاوز في شدتها المستوى المقبول عند الإنسان وهو 60 ديسبل".
وتختلف الضوضاء عن غيرها من ملوثات الهواء من عدة نواحي:
- متعددة المصادر وتوجد في مكان ولا يمكن السيطرة عليها.
- ينقطع أثرها بمجرد توقفها، فلا يبقى منها شيء حولنا.
- تختلف عن عوامل التلوث الأخرى في أنها محلية إلى حد كبير بمعنى أننا لا نحس بها إلا بجوار مصدرها.
يحدد "كرايتر" (1970) و"جلاس وسنجر" (1972) ثلاثة أبعاد رئيسية تؤثر في جعل الضوضاء كظاهرة بيئية مزعجة:
- ارتفاع الصوت:
فكلما ازداد حجم الصوت كلما أدى الى إعاقة الاتصال اللفظي، وإلى ازدياد الاستثارة والتوتر، وإلى تمركز الانتباه على الضوضاء ذاتها.
- الضوضاء غير المتوقعة وغير المنتظمة:
فعدم التوقع يؤدي إلى زيادة الاستثارة والشدة لأن الضوضاء غير المتوقعة يجري تقييمها على أنها جديدة وباعثة على التهديد، ولأنها تستحوذ على انتباه الفرد كي يفهمها ويقيمها فلا ينتبه للأنشطة الأخرى، وكذلك لأنه يصعب التكيف معها.
-إدراك عدم القدرة على التحكم في الضوضاء:
فنقص التحكم المدرك كأن تعوزنا وسائل التحكم في الضوضاء، يكون مهددا وباعثا على الضيق والازعاج.
بجانب هذه العوامل الأكثر أهمية في تحديد تأثير الضوضاء على السلوك، تفترض بعض البحوث (بورسكي) عدة عوامل أخرى تزيد من الازعاج المصاحب للضوضاء، وذلك في الحالات التالية:
- إذا كان الشخص يدرك الضوضاء على أنها غير ضرورية.
- إدراك الأشخاص الذين يحدثون الضوضاء على أنهم غير مبالين بصالح الآخرين الذين يتعرضون للضوضاء.
- كما أن الشخص الذي يسمع الضوضاء قد يعتقد أنها خطيرة بالنسبة للصحة. ويربطها بالخوف.
- ويكون غير راض عن جوانب أخرى من بيئته.
كخلاصة:
العوامل التي يتوقف عليها ثاثير الضوضاء، هي:
- طول فترة التعرض للضجيج حيث يتناسب التاثير وشدة الخطورة طرديا مع طول فترة التعرض.
- الصوت المفاجئ هو اكثر تاثيرا من الضجيج المستمر.
- انتظام الضوضاء: الصوت المنتظم اكثرازعاجا وضيقا من الضوضاء غيرالمنتظم.
- شدة الصوت ودرجته حيث كلما اشتد الصوت كان تاثيره اكبر واحيانا يؤدي الى فقدان السمع الكلي .
- حدة الصوت فالأصوات الحادة اكثر تاثيرا من الاصوات الغليظة.
- موقع السامع من مصدر الصوت: فكلما قرب السامع من مصدر الصوت تاثر به بشكل اكثر.
- التركيب العمري للمتعرض الى الضوضاء: فالاطفال أكثر تحملا.
- مهنة الشخص وبيئته.
2- تأثيرات الضوضاء:
للتلوث الضوضائي عدة تأثيرات سلبية، ويمكن أن نحدد عدة جوانب للتأثيرات التي تحدثها الضوضاء في السلوك:
أولا- التأثيرات الفسيولوجية: وتتضح في النواحي التالية:
- فقدان السمع:
ويحدث في حالة الارتفاع الشديد للصوت، كأن يصل إلى150 ديسبل، حيث يؤدي إلى تمزق في طبلة الأذن أو غيرها من أجزاء الأذن، أما إصابة السمع نتيجة للضوضاء الزائدة فتحدث عادة عند مستويات أقل من الضوضاء (90 إلى 120 ديسبل) بسبب الإصابة المؤقتة أو الدائمة للخلايا الشعرية الدقيقة في قوقعة الأذن الداخلية.
وفي الواقع أن فقدان السمع الذي يؤثر في ملايين الناس، يمثل مشكلة خطيرة، فتقدر "وكالة حماية البيئة" على سبيل المثال أن ما يقرب من ثلاث مليون أمريكي يعانون من فقدان السمع بسبب الضوضاء.
- الصحة البدنية:
وهى تتأثر بازدياد الاستثارة والضغط الناتجين من التعرض للمستويات العالية من الضوضاء، ورغم أن بعض الدراسات (كوهين، جلاس، فيليبس) لم تتوصل إلى نتائج قاطعة بشأن العلاقة بين حدوث بعض الأمراض الجسمية وازدياد التعرض للضوضاء، إلا أنه من الواضح أن الضوضاء عامل مَرضي يؤدي إلى ازدياد النشاط الكهربي وانقباض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وازدياد إفرازات الغدد وغير ذلك من التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بردود الأفعال إزاء الضغط والشدة.
ومع ذلك، فقد وجدت بعض الدراسات المسحية والارتباطية أن التعرض المتكرر للضوضاء يرتبط بتقارير عن أمراض شديدة (كدراسة كاميرون، روبرتسون، زاكس) وبازدياد استهلاك الحبوب المنومة وبالحاجة إلى التردد على الطبيب (دراسة جراندجين وآخرون)، لكن الدراسات في هذا الميدان ينقصها الكثير من الضبط للعوامل والمتغيرات العديدة المرتبطة بالظاهرة مثل ظروف السكن والدخل والتعليم.
لذا جاءت نتائج الدراسات متناقضة أو غير محددة:
مثلا: وجدت بعض الدراسات علاقة بين تعرض الأمهات الحاملات لضوضاء الطيران وازدياد نسبة وفيات أطفالهن (آندو، هاتوري)، كما أظهرت دراسات أخرى ارتباط تعرض العمال المشتغلين بالصناعة للضوضاء بظهور اضطرابات في القلب وبأمراض الحساسية والحنجرة وبالاضطرابات المعدية (كوهن، جانسن).
إلا أن ثمة دراسات (مثل فينكل، يوين، جلوريج) تقرر أنه لا يوجد ارتباط بين التعرض لضوضاء الصناعة والكثير من الاضطرابات الجسمية السالفة الذكر.
هكذا، يصعب علينا الخروج بنتيجة عامة مفادها أن للضوضاء تأثيرا سلبيا مباشرا على الصحة الجسمية، ولكن يحتمل كثيرا أن هذا التأثير يحدث ارتباطا بعوامل ضاغطة أخرى (مثل الملوثات الصناعية، والتوتر في العمل، والضغوط الاقتصادية وغيرها) أو يزداد لدى أولئك الأشخاص الذين لديهم استعداد للإصابة باضطرابات فسيولوجية معينة (كوهن وآخرون).
- الصحة العقلية:
إذا كان التعرض للضوضاء المرتفعة يؤدي إلى زيادة النشاط الفسيولوجي المميز لحالات الضغط أو الشدة، وإذا كان الضغط أو الشدة عاملا سببيا للأمراض العقلية، فإننا نتوقع أن التعرض الزائد والمتكرر للضوضاء يرتبط بالأمراض العقلية كما يتضح من بعض الدراسات المسحية (كرايتر، كوهن وآخرون).
وفي المجال الصناعي توضح دراسات عديدة (ستراكوف، كوهن، ميلر) أن التعرض للضوضاء الشديدة يرتبط بأعراض مرضية مثل كثرة الصداع والغثيان، وعدم الاستقرار والثرثرة، والقلق، والتقلب المزاجي أو الوجداني.
وقد حاولت سلسلة من الدراسات أن تبحث العلاقة بين الضوضاء في المناطق المحيطة بالمطارات والصحة العقلية:
فقد قارنت دراسة "آبي، ويكراما وآخرون" معدل التردد على المستشفيات والمصحات العقلية بين المناطق ذات الضوضاء المرتفعة والمنخفضة المحيطة بمطار "هيثرو" بلندن، أوضحت نتائج هذه الدراسة أن المعدل المرتفع من نزلاء المستشفيات والمصحات العقلية كان من بين سكان المناطق التي تعاني من ضوضاء زائدة نتيجة لقربها من المطار.
وقد توصل "هريدج" إلى نتائج مماثلة تقريبا، وفي الواقع أن تفسير نتائج مثل هذه الدراسات ينبغي أن يؤخذ بحذر، لأن ثمة عوامل ومتغيرات أخرى ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في هذا الصدد.
ثانيا- التأثيرات السلوكية:
إن الضوضاء، التي يتراوح مداها بين 90 إلى 110 ديسبل، لا تؤثر في الأداء الخاص بالأعمال الحركية أو العقلية البسيطة في معظم الظروف، إلا أنه في نطاق هذا المدى، إذا كانت الضوضاء من النمط غير المتنبأ به (أي تتداخل في فترات غير منتظمة)، فإنها تتداخل مع الأداء في الأعمال التي تستلزم انتباها ويقظة، وتقلل من فاعلية الذاكرة، وإنجاز الأعمال المعقدة التي تستلزم من الفرد القيام بنوعين من النشاط في آن واحد.
من ناحية أخرى، وجد "جلاس وسنجر" أن إعاقة الأداء على هذا النحو كانت تقل لدى الأفراد الذين أدركوا أن في مقدورهم التحكم في الضوضاء (كأن يوقفوها إذا أرادوا ذلك).
ويظهر من دراسات أخرى (برودبنت) أن الضوضاء المفاجئة والعالية والغير متنبأة تؤدي الى تشتيت انتباه الفرد وإلى وقوعه بالتالي في أخطاء إذا كان العمل يتطلب يقظة وتركيزا.
ولكن تأثير الضوضاء على الأداء يتوقف إلى حد ما على تكوين الشخصية، كما يتبين من نتائج دراسات "أوبل وبريتون" التي أوضحت أن الأشخاص الذين يعاق أداؤهم بالضوضاء كانوا يعانون من ازدياد القلق.
ولا تنطوي الضوضاء فحسب على تأثيرات مباشرة وفورية على الأداء ولكن أيضا على تأثيرات لاحقة وبعيدة المدى، كما تكشف دراسات "جلاس، سنجر فريدمان وشيرود وآخرون، في هذه الدراسات طلبوا من المفحوصين أداء أعمال بعد 25 دقيقة من التعرض لضوضاء ذات 108 ديسبل بعض هذه الأعمال عبارة عن ألغاز غير قابلة للحل تعتبر مؤشرا لتحمل الإحباط وللمثابرة، والآخر قراءة "بروفة تصحيح (تجربة مسرحية قبل عرضها على الجمهور) " لبعض النصوص وهو عمل يستلزم يقظة وتركيز انتباه عاليين. ويتضح من النتائج أن نسبة تتراوح مابين النصف إلى الثلث فقط من المفحوصين، مقارنة بغيرهم من المجموعة الضابطة التي لم تتعرض لضوضاء، قد أظهروا قدرة على تحمل الإحباط، ومن ناحية أخرى كانت نسبة الأخطاء التي وقعوا فيها كبيرة بما يدل على تشتت انتباههم.
للضوضاء كذلك تأثيرات سلبية على العمل والإنتاج، فمن المشكلات الحادة المترتبة على وجود خلفية من الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج والتجارة هو تداخلها مع العمليات الاتصالية وإعاقتها للسلوك الاتصالي. (نيميكيك، جراندجين، ماكينزي)
وقد اتضح أنه حينما كانت هذه الخلفية الضوضائية عبارة عن محادثة فإنها تعوق الأداء أكثر من الضوضاء التي لا يتم إدراكها على أنها محادثة، ومن الواضح أننا نحاول أن نسمع المحادثة الخلفية كاتصال لذا فإننا نركز قدرا كبيرا من انتباهنا عليها، الأمر الذي قد يعوق الأعمال أو الأنشطة التي نقوم بها.
وتكشف بعض البحوث (آكتون) عما يعرف بظاهرة "التكيف الاتصالي للخلفية الضوضائية"، التي تبدو في مقدرتنا على تعلم الاتصال بفاعلية في حالة وجود أنماط كثيرة من الخلفية الضوضائية.
فالمستويات المقبولة من الخلفية الضوضائية تتراوح ما بين 55 إلى 70 ديسبل، والكثير من المصممين البيئيين يستخدمون هذه المعايير في هندسة البيئة.
وقد ظهر من دراسات "برودبنت وليتل" أن خفض الضوضاء يؤدي إلى زيادة الإنتاجية عند العمال.
وقد أدى الاهتمام بتأثير الضوضاء على الكفاية الانتاجية والحالة المعنوية والصحية للعاملين بالكثير من الهيئات الحكومية والصناعية إلى التخطيط لتخفيف عوامل الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج، ومن بين هذه الاجراءات:
استخدام السجاد السميك، ومواد عازلة للصوت في بناء الأسقف والجدران، وكذلك تصميم الآلات بطريقة تخفف من ضوضائها أو اصطناع أساليب مكيانيكية لامتصاص ضوضاء الآلات، وغير ذلك من الإجراءات.
3- مقياس التلوث الضوضائي (السمعي):
هو مقدار ما يتحمله الإنسان من ضوضاء، ويقاس معدل الضوضاء بوحدة تسمى الديسيبل أو الهرتز، ويشار لها بالحرفين اللاتينيين dB وكل ديسيبل واحد يمثل عتبة يمكن سماعها بالأذن البشرية. يمكن للأذن البشرية أن تتحمل الاستماع إلى ضجيج يساوي 91 ديسيبل لمدة ساعتين، والاستماع إلى ضجيج يساوي 100 ديسيبل لمدة 15 دقيقة، وإلى ضجيج يساوي 112 ديسيبل لمدة دقيقة واحدة؛ أما الضجيج الذي يزيد على 140 ديسيبل، فلا يمكن للبشر تحمل الاستماع إليه، وقد يؤدي ذلك إلى تلف عصبي فوري لديهم.
وطبقا لمنظمة الصحة العالمية WHO يعادل مستوى التكلم الطبيعي لدى الإنسان 60 ديسيبل مثلا، ومستوى الضوضاء المسموح في البيئات المدرسية ينبغي أن لا يتعدى 35 ديسيبل داخل الصف في أثناء التدريس وأن لا يتجاوز مستواها من المصادر الخارجية 55 ديسيبل في أثناء فرصة الاستراحة في ساحة المدرسة. أما إذا تجاوز التعرض للضوضاء بمستوى85 ديسيبل لأكثر من ست ساعات في اليوم الواحد، فمن المحتمل أن تسبب خطرا على الصحة.
معدل الضوضاء المقرر عالمیاً ھو كالتالي :
من 25 -40 مقبولة في المناطق السكنیة.
من 30 -60 مقبولة في المناطق التجاریة.
من 40 -60 مقبولة في المناطق الصناعیة.
من 30 -40 مقبولة في المناطق التعلیمیة.
من 20 -35 مقبولة في المستشفیات.
4- الضوضاء في الوسط المدرسي:
يمكن حصر مصادر الضوضاء في البيئة التعليمية، على النحو التالي:
- مصادر موجودة داخل غرفة الصف:
من مصادر الضوضاء داخل غرفة الصف والتي يمكن ملاحظتها ما يلي: حركة واهتزاز الأثاث داخل الصف، الصحف والأوراق المعلقة بالحائط، ألعاب الحاسوب، كلام الطلاب داخل الفصل بشكل غير منظم..
- مصادر موجودة داخل المدرسة :
هناك مصادر ضوضاء يمكن حدوثها داخل غرفة الصف، فإن هناك بعض مصادر الضوضاء خارج غرفة الصف. فمن مصادر الضوضاء داخل المدرسة ما يلي :
قاعات الدروس المجاورة، الممرات المزدحمة بالأصوات، مناطق الازدحام مثل المطعم أو الصالات الرياضية، وأجهزة التكييف.
- عدد التلاميذ:
يرتبط هذا العامل حسب هيجي وآخرون (1996) بشكل أساسي بمساحة القسم الذي يتواجد فيه التلميذ، أي أن توفير مساحة مناسبة لعدد التلاميذ المتواجدين في القسم يساهم وبشكل فعال في التخفيض من مستوى الضوضاء بشرط أخذ تصميم البناء الهندسي المدرسي بالاعتبار.
- الفئة العمرية للتلاميذ:
بينت دراسة وورلد وآخرون (1999) أن معدل مستوى الضوضاء للفئات العمرية (6- 8) سنوات أعلى من مستويات الضوضاء الصادرة من الفئات العمرية المتقدمة في السن والتي تكون بين (11- 12) سنة.
- خبرة المعلمين:
بينت دراسة دوكرل وآخرون (2002) أن الخبرة الكافية في مجال التعليم، تساهم في تخفيض مستويات الضوضاء الصادرة عن التلاميذ المتواجدين في الأقسام الدراسة.
- مصادر ضوضاء خارج المدرسة:
إن موقع المدرسة من أهم الأمور التي لابد من أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في بناء مدرسة. فمن الأفضل وجود المدرسة في مكان هادئ بعيد عن مصادر الضوضاء. وبينت دراسة هانز وآخرون (2000) أن موقع المدرسة المتواجد بالقرب من الطرقات والسكك الحديدية والمطارات يعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع مستويات الضوضاء في المدارس.
ويمكن تلخيص مصادر الضوضاء خارج المدرسة، فيما يلي:
أصوات الطائرات، أصوات السيارات أو حركة مرور السير المزدحمة، أصوات متعلقة بأجهزة ومعدات البناء والمصانع.
ويسهم تصميم البناء الهندسي للمدرسة في التخفيض في مستوى الضوضاء، من خلال توفير المعالجات الصوتية التي تساهم في التخفيض من الضوضاء، كاستعمال الجدران العازلة للصوت والتي تمنع دخولها إلى الأقسام الدراسية، بالإضافة إلى اختيار الموقع المناسب لفتحات النوافذ والأبواب.
- تأثيرات الضوضاء في الوسط المدرسي:
وتؤثر الضوضاء بشكل كبير على إعاقة التحصيل الدراسي والنمو التعليمي للتلاميذ، حيث يؤثر مستوى الضوضاء على:
- تؤثر الضوضاء على المستوى الفيزيولوجي حيث تسبب للمتعلمين اضطرابات النوم، واضطراب ضغط الدم والكورتيزول.
- تؤدي الضوضاء إلى ظهور فرط النشاط والإجهاد، كما تتأثر كل من الذاكرة والانتباه.
- بما أن الضوضاء تسبب مشكلات في السمع، وبالتالي تزداد المشكلات التعليمية واضطرابات التعليم وصعوباته.
- عدد ونوعية ومحتوى الاتصالات اللفظية، كما يسبب مشكلات في اللغة المكتوبة أو الملفوظة، وكذا التأخير في اكتساب اللغة وثراء المفردات المستخدمة.
- عدم القدرة على التركيز وبالتالي عدم الانتباه للفرد الآخر، وعدم القدرة للاستماع لشروحات الدرس، كما تسبب عدم القدرة على القراءة والحساب.
- تأثر الحالة المزاجية للمتعلم.
- الرغبة في الابتعاد عن مصدر الضوضاء واختيار الأماكن الهادئة وقد يكون أحد أسباب التسرب الدراسي.
- الدراسات التي أجريت حول تأثيرات الضوضاء على المتعلمين:
(01): قام "كوهن سنجر، جلاس" بدراسة على أطفال يعيشون مع أسرهم في بعض المباني العالية الواقعة في طرق رئيسية بمدينة نيويورك، حيث تزداد الضوضاء نتيجة لحركة المرور في الأدوار المنخفضة وتقل في الأدوار العليا، وقد اتضح من هذه الدراسة أن الأطفال في الأدوار المنخفضة يعانون أكثر من صعوبات السمع والقراءة، وكذلك من عدم وصولهم إلى مستويات متقدمة في الدراسة.
(02): في دراسة (برونزافت، ماكارثي) قارنوا مهارات القراءة لدى التلاميذ بين جهتين في المدرسة -جهة بجوار إحدى طرق السكك الحديدية والأخرى أكثر هدوءا لبعدها عن هذا الطريق، وقد تبين أن التلاميذ الذين يتعرضون للضوضاء أثناء العملية التعليمية تقل مهاراتهم في القراءة وينخفض مستوى تحصيلهم الدراسي بصفة عامة.
(03): تمثل الضوضاء عاملا مؤثرا في انتشار ظاهرة العدوان، في ذلك تتنبأ نظريات عديدة في تفسير العدوان (بركوفيتز، وباندورا) أنه في الظروف التي يكون فيها العدوان سلوكا مسيطرا في الدرج الهرمي السلوكي، فإن زيادة مستوى الاستثارة عند الفرد سوف يؤدي أيضا إلى زيادة شدة السلوك العدواني، أي أنه بقدر ما تؤدي الضوضاء إلى زيادة الاستثارة، فإنها أيضا تؤدي إلى زيادة العدوان بين الأفراد الذين لديهم استعداد بالفعل للعدوان.
(04): تؤثر الضوضاء في تناقص التفاعل الاجتماعي القائم على السلوك التعاوني، فالضوضاء الباعثة على الضيق وعدم الارتياح تجعلنا أقل ميلا إلى تقديم العون إلى الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدة، ففي المواقف التي تستلزم من شخص معاونة للآخر أو مساعدته على حل مشكلة ماء، كانت هذه الظاهرة الاجتماعية (تقديم العون للآخرين وتعضيدهم) تتناقص كلما ازدادت الضوضاء المصاحبة لهذه المواقف. حسب دراسة (ماثيوس، كانون، بيج) فالضوضاء لا تجعل المفحوصين ينتبهون إلى الأمارات أو العلامات الدالة على حاجة شخص أو أشخاص إلى العون.
والخلاصة أن الضوضاء قد تؤدي إلى زيادة الاستثارة والضغط والشدة، وتضييق الانتباه، وتقييد السلوك، هذا الأثر السلبي للضوضاء يتوقف على حجم الضوضاء ومقدرة الفرد على التنبؤ بها، وإدراكه لإمكانية التحكم فيها، وإذا تضافرت عوامل أخرى بجانب الضوضاء مثل درجة تعقيد العمل أو المهمة وخصائص شخصية الفرد وغير ذلك من العوامل، كان للضوضاء آثارا معطلة أو محبطة لفاعلية سلوك الفرد.