المحاضرة الثالثة:
1- مفهوم البيئة المدرسية:
تؤثر البيئة التي تتم بها عملية التعلم على أداء سلوك الطالب، وحتى يتم فهم الطالب ومن اجل الوصول إلى تشخيص دقيق وفهم كامل له، ينبغي أن يتم تقويم لطبيعة البيئة التي يمارس فيها الطلبة نشاطاتهم وتعليمهم إذ إن للعوامل البيئية تأثيرا مباشرا وغير مباشر في سلوك الطلبة النفسي.
2- عناصر البيئة المدرسية:
تشمل العناصر التالية:
- البيئة المادية: تشمل المباني والأثاث المدرسي، والمرافق الصحية، والتجهيزات والمكتبة، والملاعب والحدائق، ودور العبادة ودورات المياه، ونظافة المدرسة وتصميم مبنى المدرسة وموقعه، وتوفير الإضاءة الطبيعية، وخلق مساحة لممارسة الأنشطة البدنية، والمرافق من أجل التعلم وتناول الطعام الصحي. فالبيئة المادية الجذابة التي تشمل على غرف صفية مريحة ومنظمة ونظيفة، ومساحات واسعة ومرتبة، وجودة التسهيلات المتوافرة، كل ذلك يؤثر إيجابيا على تعلم الطلبة، أما المدرسة التي لا تتوافر فيها مثل هذه البيئة، يشعر الطلبة بالإحباط والملل الذي يشجع على إبداء السلوك غير المقبول.
- البيئة الأكاديمية: تشمل الكتب والمراجع والوسائل التعليمية والمناهج وأساليب التقويم. إن للمكتبة المدرسية والكتب والوسائل التعليمية القدرة على المساهمة في تكوين شخصية الطالب المتكاملة عن طريق إثارة العقل وتقوية الفهم والمهارات الأساسية، وتحقق الدور الاجتماعي للمدرسة وتلبي احتياجات الطلاب النفسية والوجدانية.
- العوامل البيولوجية: تشمل الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تنتشر في المدرسة مثل الفيروسات التي يمكن أن تسبب الأمراض للطلبة.
- البيئة الاجتماعية: وتشمل إدارة المدرسة والعلاقات الإنسانية بما فيها العلاقة بين الطلبة والمدرسين والعاملين بالمدرسة، كما تشمل الانضباط، والنظام. عموما تتمثل في شبكة العلاقات التي تربط بين مختلف العناصر من إدارة ومدرسين وتلاميذ كل حسب دوره وموقعه في العملية التعليمية. كما تتأثر البيئة الاجتماعية للمدرسة بالعلاقات مع الأهل والمجتمع ككل، وتوفر التواصل الجيد فيما بين كل الأطراف في المجتمع المدرسي ويمكن أن تنعكس بيئة المدرسة على سلوك الطلبة.
- البيئة الترويحية: وتشمل الأنشطة الرياضية والفنية والاجتماعية والثقافية. ويمثل النشاط المدرسي الترويحي الجانب التقدمي في التربية المعاصرة، لأنه يهتم اهتماما كبيرا بالجوانب اليومية والحياتية للمتعلمين في مختلف مراحل نموهم، كما تساهم في تنمية معارف المتعلمين وقيمهم واتجاهاتهم بطريقة مباشرة.
3- تأثير البيئة المدرسية على نوعية التعلم:
تلعب البيئة المدرسية الدور الأعظم في حياة كل فرد داخل المدرسة حيث أن الطالب يحتاج إلى أن يكون لديه قدر كافي من الاستقرار النفسي والاجتماعي المدرسي كي يؤدي دوره الفعال ويحقق الهدف من العملية التعليمية، وتحقيق الاستقرار النفسي داخل المدرسة يجب أن تحققه المدرسة لطالبها وإن لم تحقق ذلك فقد تفقد المدرسة دور من أهم أدوارها المناط بها.
فالتعليم الناجح هو من یرتقي بنمو الطفل وقیمه ویقوده إلى تكوین شخصیة قویة متزنة طموحة وذات ً دافعية وصحة نفسیة وسلوك إیجابیین واعيا بقضایا مجتمعه وأمته واثقا بنفسه وقدراته. إن التعليم الناجح ليس مجرد تحصيل دراسي مرتفع بل تكوین أجيال صالحة تقود المجتمع وتخرج له قيادات ونخب ومواطنين صالحين. لذا یجب عدم اغفال الاهتمام بتوجیه وارشاد التلامیذ إلى السلوك والصحة النفسیة الإیجابیین وبمختلف الاشكال في مراحل النمو المبكرة وفي المدرسة التي یقضي فیها الكثیر من وقته.
ويرى كل من رونز وهولجود 2000 Rones & Hoagmood وسناء زهران 2003، أن الخصائص التي ينبغي أن تتصف بها المدارس، تتمثل فيما يلي:
- خلق ثقافة مدرسية ينصهر في بوتقها:
- الثقة والتكامل.
- الديموقراطية.
- تكافؤ الفرص.
- العمل على إعطاء قيمة للطفل وتقديره بصرف النظر عن إمكاناته وقدراته:
أ- سياسات واضحة تتعلق بالسلوك المدرسي المقبول وغير المقبول.
ج- مستويات مهنية مرتفعة.
د- ارتفاع مستوى مهارة العملية التعليمية التدريبية لتشجيع اهتمامات الطفل وزيادة واقعيته.
ه- العمل النشط المنتج مع الوالدين.
وتتلخص أهم العوامل الداعمة للتعلم في الوسط المدرسي، فيما يلي:
أ- المعلم:
يلعب المعلم دورا هاما في عملية التربية ورعاية النمو النفسي للتلميذ. ويمكن القول أنه بقدر ما تكون علاقة المعلم بتلاميذه علاقة يغمرها الدفء والحنان والمحبة، ويشترك معهم في نواحي النشاطات جميعها بقدر ما يؤدي إلى جودة التعلم.
والاتزان النفسي للمعلم يستلزم تحقيق التوازن بين مختلف المظاهر الجسمية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية له، وهذا الاتزان تحدده عدة أبعاد أهمها الرضى المهني والراحة النفسية في العمل، والدافعية، وأخرى لها علاقة بالاحترام المتبادل والاعتراف والجزاء المقدم وتفاعله مع الإدارة والزملاء والتلاميذ بكل استقلالية مهنية دون ضغوطات.
إن المدرسين يواجهون ويتعرضون لعبء كبير والضغوطات النفسية، ويؤثر على نفسيتهم وأدائهم ومشاعرهم واتجاهاتهم نحو أنفسهم ونحو مهنتهم، والتعرض المستمر للضغوط تضعف من فعالية المدرس وكفاءاته، وله نتائج سلبية على حياته الشخصية وتلاميذه والمردودية التعليمية.
وترجح النظريات السيكولوجية والسوسيولوجية أن المعلم المؤثر الفعال هو الذي يراه تلاميذه على أن لديه، ما يلي:
- لديه السيطرة على الموارد والمصادر التي يرغب فيها.
- له خبرة وكفاءة في مجال معين من مجالات المعرفة.
- لديه سلطة ليكافئ ويعاقب.
- لديه القدرة على الاستثارة والتشويق في تعلم المادة.
- سمة التقرب من المتعلمين والتفاعل معهم.
إضافة إلى ذلك المعلم الفعال هو الذي يشرح الأشياء ويوضحها بطرق جديدة.
- يشرك المتعلمين جميعهم ويوجههم دون الاهتمام بفئة معينة أو متعلم واحد على غرار الآخرين.
وهناك بعض المعايير التي اتفقت عليها بعض دول العالم (أمريكا، إنجلترا، كندا، اليابان، الإمارات المتحدة..) لأهم المهارات المطلوبة لإعداد المعلم نظام رياض الأطفال لهذه المرحلة وتوصلت إلى ما يلي:
- أهمية إلمام المعلم بالمعرفة التي تؤهله ليكون معلما لمرحلة ما قبل المدرسة خاصة في مجالات النمو اللغوي والمعرفي والوجداني.
- الوعي بأهمية البيئة التعليمية الآمنة.
- الوعي بأهمية الشراكة الأسرية.
- والقدرة على التقويم الفعال.
وهناك مهارات أشارت إليها دون أخرى:
- التكنولوجيا في التعليم.
- مهارات التفكير العليا.
- الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة والموهوبين.
- التعلم الذاتي.
- التمركز حول التعلم.
- دور المعلم:
إن المعلم هو أحد المدخلات الهامة والأساسية في النظام التعليمي للمجتمع ككل، وكنتيجة للدور الهام الذي يلعبه المعلم في العملية التربوية، كان لا بد من مراعاة عدة أمور تساعد المعلم على القيام بعمله على خير وجه وبما يحقق توافق طلابه وصحتهم النفسية.
ويمكن تلخيص هذه الأمور، فيما يلي:
- التكوين الشخصي للمعلم وظروف تنشئته:
فالمعلم الذي نشأ في بيئة صحية خال من العقد ينعكس ذلك على علاقاته بطلابه باعتبار أن شخصية لمعلم في نظر الكثير من الطلاب هي امتداد لشخصية الأب أو الأم وما يحملانه من مشاعر طيبة أو سيئة تجاه أبنائهم بما ينعكس على صحتهم النفسية.
- تحسين التوافق الانفعالي الاجتماعي للمعلم: إن تحسين التوافق الانفعالي الاجتماعي للمعلم أمر ضروري في عملية إعداده، وذلك بهدف مساعدة طلابه على مواجهة مشاكل توافقهم الشخصي. فالمعلم كما هو محتاج إلى إعداده أكاديميا حتى يتمكن من أداء عمله، فإنه يحتاج إلى إعداده نفسيا واجتماعيا.
- تقبل المعلم لشخصية طلابه بجوانبها الإيجابية والسلبية:
وإظهار مشاعر الحب والود لهم فهذا يجعلهم يشعرون بالأمن والطمأنينة، وعلى المعلم أن يكون على علم بقدرات كل طالب من طلابه والفروق الفردية بينهم، حتى يتمكن من وضع خطة الدراسة واختيار أساليب التدريس الملائمة، وكذلك الوسائل التعليمية المناسبة وكذلك الأسلوب الأمثل للتقويم بما يحقق الأهداف المنشودة.
وقد يترتب على ذلك تعديل عملية التعليم بما يتناسب وإمكانات طلابه وكذا مساعدتهم على مواجهة مشاكلهم الشخصية والاجتماعية، وهذا بمثابة عاملا هاما في تحقيق توافقهم وصحتهم النفسية.
- مرونة المعلم:
بحيث يكون هناك تجانس في سلوكياته وتصرفاته، ولا يكون هناك تناقض في تصرفاته داخل المدرسة وخارجها.
- شروط عند اختيار المعلمين ينبغي أن تتوفر فيهم بعض السمات والصفات اللازمة لنجاحهم:
ومن أهمها استعداده للقيام بهذه المهمة الصعبة في إعداد أجيال قادرة على الاضطلاع بمسئولياتها وأدوارها في بناء مجتمعهم، فالمعلم العصابي مثلا يؤثر في طلابه تأثيرا سلبيا من الناحية النفسية وذلك لأن الطالب يجتاز مرحلة التوحد مع المعلم.
- على المعلم أن يخلق المناخ النفسي الملائم في فصله:
وأن ينجح في كسب ثقة طلابه بما يشجعهم على أن يتقربوا إليه، وأن يتصف بالصبر في معاملتهم، وأن يستمع إليهم بآذان صاغية حيث أن كثير من الطلاب لا يجدون سوى معلميهم لكي يشكون لهم مشاكلهم، وقد تزداد مشاكل الطلاب صعوبة حينما يجدون أن معلميهم يعزفون عن الاهتمام بهم أو الاستماع إليهم.
- أن يقوم المعلم بملاحظة شاملة لمختلف جوانب سلوك المتعلم:
وذلك في مواقف مختلفة داخل المدرسة وخارجها، ولتحقيق ذلك على المعلم أن يقوم بتسجيل ملاحظاته عن ردود الأفعال الوجدانية والاجتماعية لطلابه، حيث تعتبر هذه الملاحظات جزء من التقرير الدائم للطالب.
- معالجة مشكلات الصحة النفسية للمعلم:
تتركز معالجة الصعوبات التي تواجه الصحة النفسية للمعلم في أربعة جوانب، هي:
- العمل التدبيري الذي يسبق بدء المعلم عمله، وهو أساليب انتقاء المعلم وتدريبه وتأهيله باستخدام الروائز النفسية.
- التدبير العلاجي الذي يركز على معالجة مشكلات المعلم المتعلقة بعمله مثل : مشكلة الراتب، ضغط العمل، العلاقة مع الإدارة، فرص الترقية...
- مواجهة الإحباط عند المعلم ويتم بالتوعية الصحية والمهنية (التركيز على مشكلات التعليم، ومكانة المعلم منها.
- علاج مشكلات التكيف والاضطرابات السلوكية التي وقعت مثل حالات القلق والمخاوف والوساوس، والخلافات مع الزملاء، ومع الإدارة ... وغيرها.