3. مبادئ قانون البيئة

: مبادئ قانون البيئة:

   يقوم قانون البيئة على مجموعة من المبادئ القانونية التي تشكل مرتكزات للأحكام القانونية البيئية ويمكن إجمالها فيما يلي:

أ-مبدأ التنمية المستدامة:

     يعتبر مفهوم التنمية المستدامة من ابرز المفاهيم التي ساهمت مازالت في صياغة التوجهات والسياسات الدولية والوطنية حيال مشاكل البيئة وحمايتها

      وضعت العديد من التعريفات للتنمية المستدامة وبطرق مختلفة ولكن يستند التعريف الشائع المستخدم على نطاق واسع إلى تقرير '' مستقبلنا المشترك'' الذي نشر أثناء عقد لجنة بروتنلاند  عام 1987 والذي نص بشكل أساسي على '' أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة.

      أما اللجنة العالمية للتنمية المستدامة فقد عرفتا على أنها '' التنمية التي تفي بإحتيادات الحاضر دون المجازفة بموارد أجيال المستقبل. وبناءا على هذه التعاريف يمكن تقديم الملاحظات التالية:

*مفهوم التنمية المستدامة ينادي بالعدالة بين الأجيال في استغلال الموارد والعدالة في إطار الجيل الواحد.

*مفهوم التنمية المستدامة غامض فأنصار حماية البيئة لهم فهمهم الخاص لهذا المبدأ يشدد على حماية البيئة وضرورة الترشيد في استغلال الموارد الطبيعية أما الإقتصاديون يركزون على تحقيق أعلى معدلات الإنتاج باعتبار أن ذلك –حسب وجهة نظرهم-هو المقياس الحقيقي للتنمية وهم يقولون باستحالة التنمية المستدامة بالمفهوم الذي يقرره البيئيون بحجة أن أي استغلال للموارد غير متجددة يعني إنقاص المتاح منها أمام الأجيال المستقبلية. أما الساسة فلهم مفهوم خاص يحاول من خلاله التوفيق بين النظرة الإقتصادية والبيئية والإجتماعية للتنمية.

*مفهوم البيئة المستدامة عابر للأجيال فلا يمكن تحقيق الإستدامة بإجراء مقارنة واقع البيئة والموارد الطبيعية وحجم العرض والطلب والإستهلاك بين جيلين على الأقل وبدون ذلك لا يمكن التحقق من النجاح في تطبيق فكرة التنمية المستدامة   

ب-مبدأ الوقائي:

      لا يوجد اتفاق على مفهوم احد لهذا المبدأ لكن المفهوم الأكثر رواجا في الوثائق الدولية الخاصة يبرز العناصر الأساسية لهذا المبدأ والمتمثلة بأنه في الحالة التي يكون فيها تهديد باحتمال وقوع أضرار بيئية خطيرة أولا يمكن معالجتها فإن غياب اليقين العلمي الذي يؤكد تلك الأضرار لا يجوز أن تكون سببا لعدم اتخاذ إجراءات للوقاية من تلك الأضرار المحتملة وذلك بمنع وقوعها أو التخفيف من آثارها ضمن تكاليف اقتصادية معقولة.

      وقد ظهر هذا المبدأ في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ثم إعلان ري ودي جانيرو عام 1992 حيث نصت المادة 15 من إعلان ريو على أنه '' حيثما وجدت تهديدات بأضرار خطيرة للبيئة لا يمكن إصلاحها رغم عدم ثبوت وجود التأثيرات السلبية علميا، فلا يجوز التذرع  بالافتقار إلى اليقين العلمي الكامل كحجة لتأجيل اتخاذ تدابير فعالة من حيث التكلفة لمنع التدهور البيئي أو اتخاذ الإجراءات المناسبة لتجنب أو التقليل من هذه الأضرار. 

 فهذا المبدأ يدعو للتحرك لمواجهة المخاطر البيئية المحتملة استباقيا لعدم انتظار اليقين العملي لإثبات سلامة الأنشطة أو المنتوجات لأن هناك من الضرار البيئية التي قد يؤدي وقوعها إلى استحالة معالجتها وإعادتها إلى ما كانت عليه سابقا.

ج-مبدأ الملوث يدفع:

    عرف هذا المبدأ لأول مرة على المستوى الدولي ابتداء من سبعينيات القرن الماضي حيث تم النص عله سنة 1972 كتوصية من منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية كمبدأ اقتصادي وكأهم المبادئ الرئيسية الكامنة وراء وضع سياسة بيئية فعالة حيث نصت التوصية على أن «الملوث يجب أن يتحمل تكاليف تدابير المنع ومكافحة التلوث من خلال التدابير التي اعتمدتها الحكومة أو السلطات المختصة لضمان حماية البيئة وهي في حالة مقبولة».    

وقد امتد تأثير هذا المبدأ إلى القوانين الداخلية منها. القانون الجزائري حيث تبنى المشرع الجزائري مبدأ الملوث يدفع من خلال: المادة 03 من القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة حيث يتم تطبيق هذا المبدأ من خلال الاستناد إلى قواعد المسؤولية المدنية لتحديد أساس التعويض عن الأضرار وفقا لمبدأ الغنم بالغرم

ومن أبرز خصائص هذا المبدأ ما يلي:

*أنه مبدأ اقتصادي يضمن توزيع تكاليف حماية البيئة بشكل منصف

*أنه مبدأ قانوني ينسجم مع فكرة العادلة من خلال إلزام محدث الضرر يتحمل تبعاته فتلويث البيئة لا يجوز ان يكون مجانا.

*يعتبر بمثابة أداة توفيق يساعد تبنيه على توحيد السياسات البيئية على المستوى الوطني والدولي

*أن نفاذ مبدأ الملوث يدفع يتسم بالمرونة، فهذا المبدأ يمكن نفاذه تشريعيا بوسائل جزائية أو مدنية أو إدارية أو حتى مالية

*أن هذا المبدأ يسعى لتحقيق هدفين بارزين، هما إلزام الملوث بدفع التكاليف والتعويضات المناسبة لمعالجة الأضرار البيئية التي نتجت عن نشاطه وكذلك إعطاء الأشخاص حافزا ماليا لتصويب نشاطاتهم وإتباع تقنيات صديقة للبيئة في ممارستها.