وقد اتفق العلماء والباحثون في مجال علوم الاعلام والاتصال على تقسيم تاريخ الاتصال الإنساني حسب الترتيب الكرونولوجي لمراحل تطور وسائل الاتصال، وقد ظهرت العديد من التصنيفات نوردها على النحو التالي:
1) مرحلة العلامات والإشارات والرموز :
لقدر وجد الاتصال بوجود الإنسان كونه كائن اجتماعي اتصالي بطبعه، والاتصال ليس له بداية ولا نهاية فهو جزء من حياة الانسان مادام هذا الأخير دائم الاتصال بمن حوله، لكن لم يكن الاتصال في بداياته كما هو عليه اليوم بل كان التواصل يتم عن طريق الإشارات والرموز والعلامات التي تدل على حاجته لشيء ما، أو تعبر عن موقف ما، حيث استخدم الكثير من العلامات غير اللسانية كإشعال النار للدلالة على تواجده في تنظيمات قبلية، وكذا قرع الطبول للدلالة على الحرب...إلخ
لم يكن الانسان آنذاك قادرا على الكلام وذلك بسبب طبيعة جسده وجمجمته وأحباله الصوتية وحجمه الضخم، جيث كانت لغته الاتصالية عبارة عن زمحرة، همهمة، صراخ، حركات بالأيدي والأرجل وهي ما يعرف بلغة الجسد وكذا تعبيرات الوجه المختلفة.
2) مرحلة اللغة والكلام والتخاطب:
تعد الكلمة أساس اللغة وتعتبر حامل للثقافة وهي وسيلة مهمة للمعرفة وأحد أدواتها، واللغة أو الكلمة أساس الحضارة، اقترن ظهورها بظهور الزراعة وتنظيم القرى الذي كانت التجارة أحد مسببات وجوده، وأصبح اللغة نظام اتصالي مميز كونها وفرت القدرة على تجاوز حواجز الزمان والمكان، انظر الرابط أقدم لغات العالم.
3) مرحلة الكتابة والتدوين والطباعة:
انتقل الانسان عقب إرساءه لقواعد اللغة والكلام إلى مرحلة التدوين والكتابة التصويرية Pictpgraphics والمتمثلة في مجموع الصور والرسومات التي تحمل دلالات ومعاني، والتي تؤرخ لحدث ما باستخدام مجموعة من الصور بغية إيصال الفكرة. وقد اقترن ظهور الكتابة بظهور الأنشطة الزراعية عندها ظهرت الحاجة لتصوير ما يحتاجه الإنسان، وقد كانت مصر القديمة أول من عرف ذلك من خلال الكتابات التصويرية التي كانت توضح مراحل التحنيط وفكرة الحياة الثانية، كان هذا قبل حوالي 3000 سنة قبل الميلاد.
وعصر الكتابة كانت له الكثير من المراحل التي مر بها، فبعد التمكن من كتابة الصور والرسومات افرزت الحضارة السومرية العريقة والتي نشأت في الخليج العربي نمطا جديدا من الكتابة عرفت بالكتابة المسمارية (استخدام عصا رأسها مدبب والكتابة بها على الجدران)، ثم تقريبا في أقل من ألف عام ظهرت الكتابة الألفبائية من خلال استخدام الحروف.
بعدها توالت الكثير من التحسينات والتعديلات والاختراعات في مجال التدوين حتى ظهرت الطباعة والتي أطبق عليها تسمية "الفن المقدس"، والتي تعد
من بين المنجزات الكبرى في تاريخ البشرية، فقد كانت الطباعة اليدوية قديما سبيلا لنسخ الكتب إلا انها تعرضت لحدوث الخطأ ومحدودية الرقعة الجغرافية، جاءت بعدها محاولات يوحنا جوتنبرغ في اكتشاف الطباعة بالأحرف المعدنية، وأول ما طيع وقتها كانت كتب الإنجيل.
بدأت مرحلة الاتصالات السلكية بالتزامن مع اكتشاف الطاقة الكهربائية؛ حيث بدأ العلماء والمتخصّصون بالتفكير بالطريقة التي يمكنهم من خلالها استعمال هذه الطاقة الجديدة لغايات التواصل والاتصال بين البشر، فاختُرع البرق، والتلغراف، وإرسال الرسائل كهربائياً، وفي وقت لاحق تم التوصل إلى اختراع الهاتف؛ وهو الجهاز الذي ينقل الأصوات بين مكانين متباعدين، حيث انتشرت شبكات الهاتف في كل مكان من العالم، كما اخترع العلماء جهاز الفاكس والذي ينقل الوثائق والرسائل بطريقة سلكية، مما أتاح اتصالاً أكبر وأوسع بين الناس.
أما الاتصالات اللاسلكية تزامنت هذه المرحلة مع إرسال أول إشارة لاسلكية في أواخر القرن التاسع عشر، مما مهد إلى اختراع الراديو، الذي دفع إلى إنشاء المحطات الإذاعية المتخصصة، وقد استخدمت وسائل التواصل اللاسلكية في كافة المجالات وتحديداً في المجالات العسكرية في ظل انتشار الحروب والصراعات الدولية في العالم كانتشار النار في الهشيم في تلك الفترة الزمنية. وبعد الراديو ظهرت عدة اختراعات أخرى هامة وعلى رأسها التلفزيون، الذي تطور هو الآخر وحقق انتشاراً واسعاً، مما دفع إلى إنشاء العديد من المحطات المتلفزة التي تطورت من البث الأرضي إلى الأقمار الصناعية مما أتاح لها انتشاراً أوسع وأكبر.
ثم تلتها مرحلة الثورة تكنولوجيا الاتصال، إذ بحلول النصف الثاني من القرن 20 بدأت المرحلة، إذ شهدت ظهور للحاسب الآلي كذاكرة آلية لحفظ وتحليل كميات مهولة من المعلومات وتمثلت المرحلة الثانية في إطلاق الأقمار الصناعية، ولقد أدى الاندماج ما بين تكنولوجيا الحاسب الآلي وتكنولوجيا الأقمار الصناعية إلى ظهور ما يسمى بظاهرة "انفجار المعلومات" والتي تتمثل في المعالجة الآلية للمعلومات وتخزينها واسترجاعها باستخدام الحاسب الآلي في أقل حيز متاح وبأسرع وقت يمكن وسريان تلك المعلومات وتدفقها عبر الدول والقارات والمحيطات بطريقة فورية باستخدام الأقمار الصناعية.
وتستند الثورة التكنولوجية الاتصالية الراهنة على ركائز رئيسية عديدة تشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تضم التلغراف والهاتف والفاكس والطباعة عن بعد والراديو والتلفزيون وأجهزة الاستشعار عن بعد والميكروويف والأقمار الاصطناعية والحاسبات الإلكترونية والألياف البصرية وأشعة الليزر، وقد أسفر هذا التداخل عن ظهور ما يسمى "بالطريق سريع المعلومات".
وقد شهدت السنوات الأخيرة عدة ابتكارات طورت صناعة الاتصالات السلكية واللاسلكية من أبرزها:
ü ظهور الحاسب الشخصي والتوسع في استخدامه، إذ يتيح التعامل مع كمية كبيرة من المعلومات غير محدودة سواء للاستخدام الشخصي أو إمكانية الاستفادة من المعلومات التي تقدمها قواعد وبنود المعلومات من خلال الربط بخط تليفوني معها.
ü خلق عصر جديد للنشر الإلكتروني، حيث يتم طباعة الكلمات على شاشة التلفزيون أو وسيلة العرض المتصل بالحاسب الآلي لكي يستعمله المستفيد في منزله أو مكتبه، حيث يقترب مستخدمو النصوص الإلكترونية من المعلومات بالكمية والنوعية التي يرغبون فيها وفي الوقت الذي يناسبهم.
ü ظهور التكنولوجيا الجدية في مجال الخدمة التلفزيونية مثل: خدمات التلفزيون التفاعلي عن طريق الكابل الذي يتيح الاتصال باتجاهين، ويقدم خدمات عديدة مثل التعامل مع البنوك وشراء السلع وتلقي الخدمات وبخاصة الخدمات الأمنية والرعاية الطبية، ويتيح التلفزيون الكابلي نحو مائة قناة تلفزيونية، كذلك يقدم التلفزيون منخفض القوة خدمات الجريدة الإلكترونية الخاصة بالمنطقة المحلية أو الحي السكني، ويتيح للجماعات الصغيرة أن تناقش الموضوعات المشتركة على مستوى الحي أو المنطقة الصغيرة.
ü ظهور العديد من خدمات الاتصال الجديدة مثل: الفيديو تكس، التلتكست والبريد الإلكتروني، والأقراص المدمجة الصغيرة التي يمكن أن تخزن محتويات مكتبة عملاقة على قمة مكتب صغير، وكذلك المصغرات الفيلمية، وتطوير وصلات الميكروويف ونظام الليزر.
ü التوسع في إنتاج الفيديو كاسيت المنزلي، وأشرطة وأقراص الفيديو، مما يزيد من تحكم المشاهد في المحتوى الذي يراه، كذلك تطورت ألعاب الفيديو بشكل كبير بعد ربطها بالحاسب الالكتروني.
تصنيفات أخرى:
I. تصنيف مارشال ماكلوهان :
قدم ماكلوهان واحدا من بين التصنيفات التي أرخت للتطور التاريخي لوسائل الاتصال، حسب تطور المجتمعات إلى ثلاث أطوار:
II. تصنيف ملفين ديفلر وساندرا بول روكيش:
قسموا التطور التاريخي لوسائل الاتصال إلى خمس مراحل أساسية هي :
1-عصر الإشارات والرموز : باستخدام الحركة والصوت والنقش.
2-عصر الخطابة واللغة : حيث تمكن الإنسان من استخدام أساليب الكلام والخطابة
3-عصر الكتابة : ترجع جذوره إلى عصر الكتابة المصورة أو الرمزية، ولقد تكورت الكتابة المعاصرة قبل اكتشاف الورق عن طريق النقش والرسم على الجدران والصخور لتنتقل إلى استخدام ورق البردي والجلد والخشب وأخيرا الورق الحالي الذي اكتشفه الصينيون.
4-عصر الطباعة : بدأ خلال القرن الخامس عشر محدثا ثورة في مجال الاتصال والتي استمرت إلى حين بداية الاتصال السمعي البصري.
5-عصر وسائل الاتصال الحديثة : وفيه ظهرت وسائل الاتصال الحديثة من إذاعة وتلفزيون وأقمار صناعية وغيرها من الوسائل.