3. النظرية في العلوم الاجتاعىة

النظرية كأداة لبناء المعرفة، تم بناء هذه الأداة ضمن مخابر العلوم الطبيعية، بحيث أن تفسير الظواهر يخضع لتعميمات، بحيث يشكل تكرار نفس الأسباب إلى نفس النتائج، مما يجعل من الضروري صياغة قاعدة علمية تشرح أسباب النتائج. 

    النظرية في العلوم الإجتماعية تواجه نوع من السياق المغاير لما هو عليه في العلوم الطبيعية، لكن مبدأ صياغة القاعدة العامة للشرح لا يزال قائما.

من الصعب الحديث عن "تعريف النظرية" بل قد يكون من غير العلمي القول بـ "تعريف" النظرية في علم السياسة، لأن الذي يعرف النظرية على أنها أداة للتفسير causation، فإنه يلغي بذلك رأي مناصري الفهم constructivist ، الذين لا يعتقدون بوجود القدرة على التفسير في  "نظريات" علم السياسة بل يقدمون تحدي لمناصري التجريب، ويحاججون بأن النظرية تقدم فهم وليس تفسير.  لذلك يبدو من الأصح القول مفهوم النظرية في علم السياسة.

 إن النقاشات التي جمعتني مع الطلبة الدارسين جعلتنا نحاول أن نتبنى ولو بتحفظ جملة شارحة للنظرية في علم السياسة، على أنها توليفة من الإفتراضات الأساسية والافتراضات الفرعية التي تعطينا فهم/ تفسير حول ظاهرة محل دراسة. يقدم "إمري لاكاتوش" في هذا الشأن مفهوم للافتراضات الأساسية والفرعية على أن الافتراضات الاساسية هي نواة النظرية والافتراضات الفرعية هي محيط النظرية، مستنسخا بذلك نمودج الخلية التي تتشكل من النواة والمحيط.

 

وظائف النظرية:

التصنيف: إن العدد الهائل من المعلومات والاخبار الاعلامية والتحليلات Data قد تجعل من الشخص العادي تائها من حيث الاستناد المعرفي، لكن النظرية أداة علمية تمتلك خاصية التصنيف أي جمع المعلومات والاخبار وتصنيفها ضمن افترضات مختزلة. بحيث تجعل الباحث أكثر قدرة على تصنيف ذلك الكم الهائل  ضمن خانات من الافتراضات ومن متغيرات الدراسة.

فإذا كنت بصدد دراسة ظاهرة العنف في المجتمع فإن المعلومات والأخبار ذات العلاقة حتى وإن كانت بشكل كمي كبير، فإن النظرية التي تستعملها للتحليل قد تمنحك فرضيات دراسة تختزل لك ذلك الكم المعلوماتي، فإذا كنت تعمل:

 بالنظرية البنائية، فإن أحد فرضياتها هي أن خطاب العنف يحافظ على بنية العنف ويعيد إنتاجها. فبعملية حسابية بسيطة حول عدد وطبيعة المصطلحات التي يوظفها المجتمع والتي تشير الى معنى صريح أو ضمني حول العنف، الاشهار التلفزيوني، الأعمال السينيمائية، الخطاب العائلي، المدرسي، تمنحك القدرة على الفهم، كيف يتشكل العنف الاجتماعي؟ من دون أن تتيه بين الكم الهائل من المعلومات والأخبار.

الشرح/ الفهم هناك فارق كبير بين الشرح والفهم في نظريات علم السياسة، لكن لا يبدو من الضروري الخوض في هذا النقاش في هذه الورقة، إلا أنه من المهم الحديث عن وظيفة النظرية في إما تفسير الظواهر أي الإجابة عن الأسئلة التي تصاغ بـ لماذا؟ وهم تيار علمي قوي داخل علم السياسة والذي يفترض بإمكانية الاستعانة بالمناهج التجريبية في علم السياسة إنهم experimentalist  التجريبيون، البحث في الأسباب causation  وهو التيار الذي قدم نموذج بناء الفرضيات على أساس المتغير المستقل والمتغير التابع بمنطق السبب والنتيجة، وإما فهم الظواهر أي الإجابة عن الأسئلة التي تصاغ بـ كيف؟ وهم تيار نقدي للتجريبيين حيث يعتقدون أنه من غير المجدي البحث عن السبب لأن علم السياسة علم لفهم كيفية تشكل الظواهر وقد يستحيل إجراء التجربة على الظواهر السياسية مثلما هو في العلوم الطبيعية.

   التنبؤ/ الاستشراف: الكثير من النظريات التي تتبنى منطق "إمكانية التجريب" تعتقد بأن النظرية لديها وظيفة التنبؤ في الظواهر السياسية، عندما تنبأت النظرية النيواقعية بأن النظام الدولي خلال الحرب الباردة سيستمر نظام ثنائي القطبية، من خلال فرضيات (مادية) إحتساب القوة العسكرية للقطبين، ودرجة الهيمنة (المادية)، بالإضافة إلى متغيرات عدة جعلت من أصحاب هذه النظرية "يتنبؤون" باستمرار ثنائية النظام الدولي. الاستشراف من خلال رسم عدة سيناريوهات لمستقبل أي ظاهرة.