مدخل مفاهيمي لدراسة إبستيمولوجيا علم السياسة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: إبستيمولوجيا علم السياسة
Livre: مدخل مفاهيمي لدراسة إبستيمولوجيا علم السياسة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 22 November 2024, 19:01

Description

 يتضمن هذا الدرس عرض أهم المفاهيم والمصطلحات الضرورية من أجل فهم أفضل لابستيمولوجيا علم السياسة، حيث تسهل عملية الفهم من خلال إدراكه لمعاني تلك المصطلحات.

1. knowledge and science المـــعــــرفـــة والعــــلــــم

    يبدو أن مختلف العلوم تصب كلها في تراكم المعرفة الإنسانية، إلا أن مصطلح "المعرفة" يحمل معاني أشمل من مصطلح "العلم"،ففي حين يحمل العلم معاني العمل الممنهج فإنه لا يمكن تجاهل تلك العبارة البسيطة التي تقول المعرفة هي المعرفة العامة والمعرفة العلمية أيضا. إن النقاش في العلوم السياسية بين المعرفة والعلم ينطوي على معاني الامتداد، إن الدارسين في علم السياسة، المنظرين والكتاب لا ينكرون دور التراكم المعرفي في دعم أعمالهم، إنها نوع من اللوجستيك المعرفي، يقول ألكسندر وندت في حوار أجراه مع موقع theory talk، أنه قضى عشرة سنوات في دراسة كتب النظرية الماركسية، ولذلك فبالرغم من الاختلاف بين الماركسية والبنائية لألكسندر وندت إلا أن الجميع يساهم في ويأخذ من خزان المعرفة.



 

2. الابستيمولوجيا والأنطولويجا epistemology and ontology

     كثيرا ما يواجه طالب العلوم السياسية تلك المصطلحات العالية الإحالة، أي التركيز الشديد للمعاني ضمن مصطلح واحد من جهة، ومن جهة أخرى قد تمثل التسمية مشكلة منهجية للطالب في حين أن المصطلح أبسط مما قد يبدو. وتعتبر مصطلحات الابستيمولوجيا والأنطولوجيا أحد تلك المصطلحات المهمة في علم السياسة وفي نفس الوقت تمثل مشكلة فهم لدى طالب العلوم السياسية.

    تحاول هذه الورقة تقديم شرح مبسط عن هذه المصطلحات ، لكن هذا لا يمنع من القول أن الشرح المبسط لا يخلي من مهام الطالب في التوسع أكثر في المطالعة حول هذين المصطلحين، ولا يبدو مبالغا الاعتقاد بأن إكتساب القدرة العالية على التحليل يرجع إلى الفهم الجيد لهذين المحورين.

2.1. الإبستيمولوجيا

هي طريقة بناء المعرفة، أي الوسائل (النظريات، المقاربات، المداخل، المناهج، أدوات التحليل، ...) التي توصلنا إلى فهم وتحليل الظواهر التي ندرسها. عندما نطرح التساؤل: كيف نعرف؟ how to know؟

لابستيمولوجيا هي فلسفة للعلم، أو ما تعارف عليه بعلم نقد المعرفة، لكن يبدو من العملي بالنسبة للطالب، هو أن يبني فهم حول ابستيمولوجيا علم السياسة، بأنها الجانب المعرفي من علم السياسة، توليفة النظريات والمقاربات والادوات التحليلية بكل اختلافاتها التي تحاول إعطاء فهم حول الظواهر المدروسة وهي الظواهر التي تدخل في حقل دراسة العلوم السياسية

إن الدارس الذي يدرس النظريات التي تحلل العلاقات الدولية، النظريات التي تقوم بتحليل السياسة العامة، النظريات التي تفسر سلوك النظام السياسي، المقاربات التي تفسر النزاعات الدولية، المقاربات التي تقدم تحليلات حول الأمن حول التكامل، حول الحوكمة، كل الحقول الدراسية في العلوم السياسية. هذا الجانب نسميه الإبستيمولوجيا.

العلم يقوم على قطبين أساسيين الابستيمولوجيا والأنطولوجيا، أي الظواهر التي يدرسها (الانطولوجيا) بوسائل علمية (الابستيمولوجيا)، لذلك فالدفاع عن علم السياسة على أنه علم يكون ضمن الدفاع عن: هل يملك إبستيمولوجيا؟ هل يملك نظريات، مقاربات، مداخل أدوات بحث ... لديها القدرة على التحليل؟

 

 

 

3. النظرية في العلوم الاجتاعىة

النظرية كأداة لبناء المعرفة، تم بناء هذه الأداة ضمن مخابر العلوم الطبيعية، بحيث أن تفسير الظواهر يخضع لتعميمات، بحيث يشكل تكرار نفس الأسباب إلى نفس النتائج، مما يجعل من الضروري صياغة قاعدة علمية تشرح أسباب النتائج. 

    النظرية في العلوم الإجتماعية تواجه نوع من السياق المغاير لما هو عليه في العلوم الطبيعية، لكن مبدأ صياغة القاعدة العامة للشرح لا يزال قائما.

من الصعب الحديث عن "تعريف النظرية" بل قد يكون من غير العلمي القول بـ "تعريف" النظرية في علم السياسة، لأن الذي يعرف النظرية على أنها أداة للتفسير causation، فإنه يلغي بذلك رأي مناصري الفهم constructivist ، الذين لا يعتقدون بوجود القدرة على التفسير في  "نظريات" علم السياسة بل يقدمون تحدي لمناصري التجريب، ويحاججون بأن النظرية تقدم فهم وليس تفسير.  لذلك يبدو من الأصح القول مفهوم النظرية في علم السياسة.

 إن النقاشات التي جمعتني مع الطلبة الدارسين جعلتنا نحاول أن نتبنى ولو بتحفظ جملة شارحة للنظرية في علم السياسة، على أنها توليفة من الإفتراضات الأساسية والافتراضات الفرعية التي تعطينا فهم/ تفسير حول ظاهرة محل دراسة. يقدم "إمري لاكاتوش" في هذا الشأن مفهوم للافتراضات الأساسية والفرعية على أن الافتراضات الاساسية هي نواة النظرية والافتراضات الفرعية هي محيط النظرية، مستنسخا بذلك نمودج الخلية التي تتشكل من النواة والمحيط.

 

وظائف النظرية:

التصنيف: إن العدد الهائل من المعلومات والاخبار الاعلامية والتحليلات Data قد تجعل من الشخص العادي تائها من حيث الاستناد المعرفي، لكن النظرية أداة علمية تمتلك خاصية التصنيف أي جمع المعلومات والاخبار وتصنيفها ضمن افترضات مختزلة. بحيث تجعل الباحث أكثر قدرة على تصنيف ذلك الكم الهائل  ضمن خانات من الافتراضات ومن متغيرات الدراسة.

فإذا كنت بصدد دراسة ظاهرة العنف في المجتمع فإن المعلومات والأخبار ذات العلاقة حتى وإن كانت بشكل كمي كبير، فإن النظرية التي تستعملها للتحليل قد تمنحك فرضيات دراسة تختزل لك ذلك الكم المعلوماتي، فإذا كنت تعمل:

 بالنظرية البنائية، فإن أحد فرضياتها هي أن خطاب العنف يحافظ على بنية العنف ويعيد إنتاجها. فبعملية حسابية بسيطة حول عدد وطبيعة المصطلحات التي يوظفها المجتمع والتي تشير الى معنى صريح أو ضمني حول العنف، الاشهار التلفزيوني، الأعمال السينيمائية، الخطاب العائلي، المدرسي، تمنحك القدرة على الفهم، كيف يتشكل العنف الاجتماعي؟ من دون أن تتيه بين الكم الهائل من المعلومات والأخبار.

الشرح/ الفهم هناك فارق كبير بين الشرح والفهم في نظريات علم السياسة، لكن لا يبدو من الضروري الخوض في هذا النقاش في هذه الورقة، إلا أنه من المهم الحديث عن وظيفة النظرية في إما تفسير الظواهر أي الإجابة عن الأسئلة التي تصاغ بـ لماذا؟ وهم تيار علمي قوي داخل علم السياسة والذي يفترض بإمكانية الاستعانة بالمناهج التجريبية في علم السياسة إنهم experimentalist  التجريبيون، البحث في الأسباب causation  وهو التيار الذي قدم نموذج بناء الفرضيات على أساس المتغير المستقل والمتغير التابع بمنطق السبب والنتيجة، وإما فهم الظواهر أي الإجابة عن الأسئلة التي تصاغ بـ كيف؟ وهم تيار نقدي للتجريبيين حيث يعتقدون أنه من غير المجدي البحث عن السبب لأن علم السياسة علم لفهم كيفية تشكل الظواهر وقد يستحيل إجراء التجربة على الظواهر السياسية مثلما هو في العلوم الطبيعية.

   التنبؤ/ الاستشراف: الكثير من النظريات التي تتبنى منطق "إمكانية التجريب" تعتقد بأن النظرية لديها وظيفة التنبؤ في الظواهر السياسية، عندما تنبأت النظرية النيواقعية بأن النظام الدولي خلال الحرب الباردة سيستمر نظام ثنائي القطبية، من خلال فرضيات (مادية) إحتساب القوة العسكرية للقطبين، ودرجة الهيمنة (المادية)، بالإضافة إلى متغيرات عدة جعلت من أصحاب هذه النظرية "يتنبؤون" باستمرار ثنائية النظام الدولي. الاستشراف من خلال رسم عدة سيناريوهات لمستقبل أي ظاهرة.

 

3.1. النظرية، المقاربة، المدرسة، ماهي الفهوم التي تقدمها هذه المصطلحات؟

    النظرية: مصطلح أكاديمي وعلمي يعبر عن أداة علمية، لها وظائف كما سبقت الإشارة إليها.

    المقاربة: تتفرع عن النظرية، بحيث أن النظرية تقدم إفتراضات عامة (يقصد بكلمة عامة القدرة العالية على التجريد وليس التعبير الأدبي 'العمومية') generalization. لكن المقاربة هي عندما ينشأ حقل دراسي فرعي يقوم أتباع النظرية من دارسين ومنظرين بإنشاء مقاربات جزئية تخص ذلك الحقل الدراسي، مثل أن نقول:

النظرية الواقعية في العلوم السياسية، الدراسات الأمنية كحقل دراسي فرعي ومقارباتها (المعضلة الأمنية، النشوئية...) في تفسير النزاعات الدولية.

    المدرسة: يبدو أنها تعبير أدبي (إلى حد ما إنشائي) وهي بالمعنى المستعمل أشمل من النظرية، تضم مجموعة التيارات المختلفة من النظرية الواحدة والمنظرين من بلدان مختلفة، ففي التعبير الانغليزي، ترد الكلمة بـ "school" وهي بالانغليزية تعبير إنشائي، فعندما نقول المدرسة الواقعية realism school تشير إلى التيارات النظرية الأربعة للواقعية، وفي نفس الوقت إلى أتباع النظرية من منظرين ودارسين ومن مختلف الجامعات والمناطق والدول. وبالتالي تقاليد الكتابة بالانغليزية جعلت بعض الكتاب يوظفون مصطلح المدرسة لاختصار المعنى.

   فأحيانا قد نجد كتابا قد لا يستعملون كثيرا كلمة school مثل كريس براون chris Brown  عندما يستعمل كلمة account مع العلم أنه يقصد أتباع تلك النظرية، فنجده يقول realism account.

 

علم السياسة علم عبر تخصصي interdisciplinary

   يقصد به أن علم السياسة يعبر حدوده التخصصية للعلوم الاجتماعية الأخرى  ليستعين بأدواتها العلمية، مثل علم الاجتماع، الاقتصاد، الفلسفة، التاريخ، الأنثروبولوجيا، ... ما يجعل كلمة علوم سياسية (بالجمع) ذات مدلول دقيق حينما نقول علم الاجتماع السياسي، علم الاقتصاد السياسي، التاريخ السياسي، الفلسفة السياسية، كلها تدخل ضمن العلوم السياسية.