5. أقسام الأنثروبولوجيا

 يقسم علم الأنثروبولوجيا إلى ثلاثة أقسام وهي:

1- الأنثروبولوجيا البيولوجية (الطبيعية): تهتم بدراسة التنوع البشري والتكيف، وظاهرة الثقافة بالذات، فمن الواضح أن الانسان يشترك في كثير من السمات البيولوجية مع بقية العالم الحيواني، حيث تعرض الانسان واسلافه لبعض التغييرات البيولوجية من أجل التكيف مع الظروف البيئية الجديدة أو المتغيرة، وقد أتاحت هذه القدرة التكيفية الجديدة للإنسان أن ينمو عددياً، وأن يشغل كثيرأ من البيئات الأكثر تنوعا كما أتاحت له القدرة على التأثير في سرعة تطوره البيولوجي.

وتنقسم البحوث الكثيرة في الأنثروبولوجيا البيولوجية إلى ميدانين رئيسيين هما: دراسة الانسان كنتاج لعملية التطور، ودراسة تحليل الجماعات البشرية، فكلا الاتجاهين يركز على موضوع مشترك هو التنوع البشري، وهذا الموضوع بدوره ذو أهمية جوهرية لفهم عمليات تكيف الانسان، التي تمثل مشكلة أساسية، وكنتاج لعملية التطور يتطلب قدرا من فهم تطور أشكال الحياة كافة وكذلك فهم طبيعة الحياة نفسها.

ومن الأجزاء الهامة والحديثة نسبيا في الأنثروبولوجيا الطبيعية دراسة العمليات الفعلية التي عن طريقها تحدث التغيرات البيولوجية في الانسان، وكانت إحدى المراحل المبكرة في دراسة هذا الموضوع تتضمن دراسة نمو الانسان من الحمل إلى البلوغ وتأثير الظروف البيئية المختلفة على هذا النمو، أما المرحلة الأحدث في هذه الدراسة فتقوم على دراسة الوراثة البشرية، يعني ميكانيزمات الوراثة، وأساليب تعديل الصفات الوراثية، وأساليب تكييف الكائنات البشرية بيولوجيا مع الظروف الجديدة، سواء على مستوى الفرد الواحد أو على مستوى النوع بأكمله.

2- الأنثروبولوجيا الثقافية:

تدرس أصول المجتمعات والثقافات الانسانية وتاريخها، فتتبع نموها وتطورها وتدرس بناء الثقافات البشرية وأداءها لوظائفها في كل زمان ومكان، فالأنثروبولوجيا الثقافية تهتم بالثقافة في ذاتها سواء كانت ثقافة أسلافنا أبناء العصر الحجري، أو ثقافة أبناء المجتمعات الحضرية المعاصرة في أوروبا وأمريكا، فجميع الثقافات تستأثر باهتمام دارس الأنثروبولوجيا لأنها تسهم جميعا في الكشف عن استجابات الناس المتمثلة في الأشكال الثقافية للمشكلات العامة التي تطرحها دوما البيئة المادية ( الطبيعية)، وعن محاولا الناس الحياة والعمل معاً، وتفاعلات المجتمعات الانسانية بعضها البعض.

حيث تدرس الأنثروبولوجيا الثقافية ، جانبين، فالجانب الأول هو الدراسة المزامنة أو في زمن واحد( أي دراسة المجتمعات والثقافات في نقطة معينة من تاريخها، والجانب الثاني هو الدراسة التتبعية (أو التاريخية) أي دراسة المجتمعات والثقافات عبر التاريخ.

حيث شهدت الفترة التي نعيشها الآن إزدهار الأنثروبولوجيا الاجتماعية على حد سواء، واهتمامها بدراسة كل المجتمعات الانسانية التقليدية والقروية والحضرية بمناهجها وأساليبها المتميزة، كما شهدت أيضا تعاونا بينها وبين فروع علم الانسان الأخرى بل وبينها وبين العلوم الاجتماعية والانسانية كعلم الاجتماع وكعلم النفس بالخصوص.

3-  الأنثروبولوجيا الاجتماعية: موضوع الأنثروبولوجيا الاجتماعية هو دراسة المبادئ العامة للسلوك الانساني، وتعدد فروع الأنثروبولوجيا الاجتماعية بتعدد الأنساق والنظم الاجتماعية التي تكوِن بنية المجتمع.

فهي تدرس السلوكات الاجتماعية التي يتخذها في العادة شكل نظم اجتماعية كالعائلة ونسق القرابة والتنظيم السياسي والاجراءات القانونية والعبادات الدينية وغيرها، كما تدرس العلاقة بين هذه النظم ، سواء في المجتمعات المعاصرة أو في المجتمعات التاريخية التي توجد لدينا معلومات عنها سواء مناسبة من هذا النوع، ويمكن معها القيام بمثل هذه الدراسات.

وتولي الأنثربولوجيا الاجتماعية البناء الاجتماعي فهي تحلل هذا البناء في المجتمعات الانسانية، وخاصة المجتمعات البدائية والبسيطة التي يظهر فيها تكامل البناء الاجتماعي ووحدته بوضوح. كذلك يزداد الاهتمام من قبل علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية بالقطاع الاجتماعي للحضارة، والدراسة التفصيلية للبناء الاجتماعي، وتوضيح الترابط المتبادل بين النظم الاجتماعية.

فالأنتربولوجيا الاجتماعية هي إذن الدراسة التكميلية المقارنة القائمة على ملاحظة السلوك الانساني في مضمونه الاجتماعي، فهي دراسة تكاملية لأنها تتبنى المنهج الكلي الذي يسعى لإدراك الاطار الاجتماعي العام الذي توجد فيه الظاهرة، والاحاطة بالعوامل التي تؤثر فيها وتتأثر بها، وهي دراسة مقارنة بمعنى أها تدرس النظام القرابي أو الاقتصادي في مجتمع معين، ثم تقارن بين هذا النظام ونظيره في مجتمع أخر، بقصد الوقوف على مظاهر التشابه وجوانب التباين، وبالتالي الوصول إلى المبادئ العامة أو القوانين التي تحكم هذه الظاهرة.