5. منهج البحث في علم الاجتماع

   يتحدد جوهر البحث في علم الاجتماع في تعريف أوغست كونت لعم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمجتمع، ويعتى بذلك إخضاع دراسة المجتمع إلى الدراسة العلمية بواسطة توظيف مناهج وأدوات العلوم الطبيعية في تحليل الظواهر الاجتماعية، ويتمثل ذلك في تحليل استخدام علم الاحصاء وقوانين الفيزياء ومفاهيم علم البيولوجيا وعلم الجغرافيا في تحليل وتفسير الظواهر الاجتماعية، ومن هذا المنظور يوظف المنهج الوصفي ذو التنظيم الاحصائي، والمنهج التجريبي بواسطة استخدام التجربة وغيرها من المناهج.

وكانت المشكلة التي تواجه علماء الاجتماع في بدية تأسيسه وحتى يومنا هذا هو تدخل الاعتبارات الذاتية الشخصية والأحكام المسبقة لدى الباحث في صياغة نتائج البحث وبلورة التحليل الاجتماعي للظواهر الاجتماعية ومختلف مواضيع المجتمع.

وعلى هذا الأساس طرح إميل دوركهايم فكرة الموضوعية في البحث الاجتماعي، والتي تشير إلى عزل الذات والاعتبارات الشخصية عن التحليل الاجتماعي، ومن أجل تطبيق هذه المنهجية يجب الالتزام بالخطوات التالية:

-  الدقة

- التحديد: أي تعيين درجة معينة للشيء الملاحظ

- التسجيل والدقة: بمعنى التدقيق في تسجيل الملاحظات والمعلومات التي تجمع من الظواهر الاجتماعية المدروسة.

- صياغة الفرضيات: وتمثل محاولة الباحث صياغة فروض تفسير الظاهرة أو تحل مشكلة أو تجيب عن تساؤولاته التي قام بطرحها من قبل.

- التحقق من الفرضيات: فكلما كان الفرض العلمي يثار في ذهن الباحث من خلاب الملاحظة والتجربة فإن تحقيقه أيضا يتم في حدود الواقع من خلال الملاحظة والتجربة  وهذا يقتضي من الباحث أن يرى ما إذا كانت فروضه تتفق مع الواقع فيأخذ به أم تتعارض معه فيعدل منها أو يتركها لغيرها ...(محمد أحمد بيومي،2001، ص49).

- التعميم: وذلم بكشف وتفسير الظواهر وارتباطاتها وعلاقتها ببعضها البعض، وبالتالي الباحث يستطيع أن ينمي قدرته على التنبؤ بالوصول إلى القوانين التي تحكم هذه الظواهر والتي توجه أو تحدد علاقاتها وارتباطاتها للوصول إلى القانون العلمي أو التعميم.

- إمكانية الدراسة العلمية للمجتمع: لقد عرض الكثير من الباحثين والفلاسفة إمكانية تطبيق المنهج العلمي في الدراسات الاجتماعية وكانوا يرون أن دراسة الظواهر الاجتماعية باتباع الأساليب العلمية الدقيقة أمر لا يمكن تحقيقه لما بين ظواهر العلوم الطبيعية والاجتماعية من اختلاف وفوارق جوهرية.

-  صعوبة التنبؤ بالسلوك الانساني: فالسلوك الانساني كثير التقلب غير منظم وغير مستقر، بحيث لا نستطيع إخضاعه للدراسة العلمية والتجريب واستخلاص قوانين تتعلق بهذا السلوك فعالم الاجتماع لا يستطيع على وجه اليقين أن يتنبأ بسلوك إنسان أو حياته في لحظة معينة من الزمن.( محمد أحمد بيومي،2001، ص50)

- الذاتية: يجب أن يتجرد الباحث من آرائه الشخصية ووجهة نظره الخاصة حين يقوم بدراسته، إلا أن هذا المطلب صعب التحقيق فالموضوعية كما يقول البعض ما هي إلا هي وهم، فعالم الاجتماع هو نفسه نتاج الثقافة والبناء الاجتماعي الذي ينتمي إليه. ولهذا قدم علماء الاجتماع مجموعه من المناهج الخاصة به والطرق التي تستخدم في البحوث الاجتماعية.

- تعقد المواقف الاجتماعية: فالحياة الاجتماعية تخضع لعدد من المؤثرات النفسية والطبيعية والثقافية  والاجتماعية، ولذلك فالظواهر الاجتماعية غاية في التعقيد ويصعب فهمها واكتشاف القوانين التي تحكمها.

- استحالة إجراء التجارب في العلوم الاجتماعية: أن تطبيق المنهج العلمي في الدراسات الاجتماعية وإجراء التجارب أمر مستحيل ، فالإنسان ليس حقلا للتجارب مثله مثل الظواهر في العلوم الطبيعية.

- تعذر الوصول إلى قوانين اجتماعية: وهذا بسبب أن الظاهرة الاجتماعية خاضعة للتغير المستمر، كما أنها لا تخضع للحتمية وذلك بسبب الحرية التي يتمتع بها الانسان، فالإنسان قادر على صنع ظروفه بعكس الحال في العلوم.

 عدم دقة المقاييس الاجتماعية: فالعلوم الطبيعية تخضع لمقاييس كمية تساعد على التنبؤ الدقيق، أما العلوم الاجتماعية فيغلب عليها الطابع الكيفي.