مجال علم الاجتماع

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مجالات العلوم الاجتماعية - المجموعة د - أ.عيبود
Livre: مجال علم الاجتماع
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 25 November 2024, 10:38

Description

دليل الطالب لدراسة تخصص علم الاجتماع

1. تمهيد

   إن علم الاجتماع من العلوم التي ربطت الانسان في المجتمع حيث قامت على أساس ذلك نظم ونظريات ومفاهيم وقد أثرت عدة تصورات حول علاقة علم الاجتماع بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للفرد، وإذا تساءلنا عن دراسة علم الاجتماع، تبادر إلى أذهاننا المجتمع والظواهر الاجتماعية والعلاقات الانسانية، حيث برزت المدارس الفرنسية وغيرها من أجل دراسة علم الاجتماع الذي أخذ بالانتشار بعد أن أخذ المجتمع يتطور وينمو.

حيث يحظى موضوع علم الاجتماع بمكانة هامة في دراسات علم الاجتماع منذ نشأته الأولى وحتى اليوم، حيث درس الباحثون هذا العلم وبحثوا في دوره في تنظيم سلوكيات المجتمع، وترجع أهميته لأنه هوالذي يهتم بالاستقرار والتوازن في المجتمع الانساني.

2. تعريف علم الاجتماع

      هناك من يرى أن: أن اوجست كونت، هو أول من أطلق كلمة Sociology أي علم الاجتماع وهي كلمة مركبة من: Socio وتعني المجتمع، Logy وتعني الدراسات ذات المستوى الرفيع من حيث الدقة والتعمق، ومن ثمة فالكلمة مجتمعة تعني دراسة المجتمع دراسة تتمتع بدرجة عالية من التعميم والتجريد.

    وعرفه ماكس فيبر: بانه دراسة وصفية تفسيرية مقارنة للمجتمعات الانسانية كما تبدو في الزمان والمكان، للتوصل إلى قوانين التطور التي تخضع لها هذه المجتمعات الانسانية في تقدمها وتطورها، كما يقوم علم الاجتماع على الدراسة الموضوعية للظواهر الاجتماعية وتحليلها تحليلا علميا صحيحا.

     وعرفه تالكوت  بارسونز: بأنه العلم الذي تتركز مهمته في دراسة الأنساق الاجتماعية

     ويعرفه توم بوتمورT.Bouttomore بأنه: علم دراسة الحاضر ونشأ نتيجة الحاجة الماسة لوجود علم يهتم بدراسة الحياة العصرية ونوعية البناءات والنظم المتغيرة التي ظهرت في هذه الحياة، ومن ثم فإن علم الاجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الحياة الاجتماعية ، سواء كانت بناءات نظم أو أفراد أم جماعات اجتماعية.

ويمكننا تعريف علم الاجتماع: بانه علم دراسة المجتمع الانساني أو التفاعلات الاجتماعية أو السلوكات الاجتماعية او العلاقات الاجتماعية والأنظمة الاجتماعية ومختلف التبادلات والتفاعلات التي تحث داخل المجتمع في حالة ثباتها أو ديناميكيتها

3. تاريخ نشأة علم الاجتماع

 كان لظهور الدول الحديثة واستقلالها والثورة الصناعية والمطالبة بالحرية والمساواة سببا في ظهور الفلاسفة والمفكرين الذين تناولوا الدولة وصلتها برعاياها والمجتمع، ونشاته وتطوره، ولقد كثر الجدل والنقاش حول كثير من الموضوعات.

وعلى الرغم من التاريخ الطويل للإنسان ومعرفته بالحياة الاجتماعية منذ نشأته الأولى إلا أن عمر علم الاجتماع قد لا يتجاوز  المائة عام وهو كما يقول: روبرت ميرثون" علم جديد جداً لموضوع قديم جداً".

لقد اعتمد الباحثون على ماركته الحضارات القديمة عند المصريين والبابليين والصينيين والهنود واليونان والرومان، وتؤكد معظم الكتابات القديمة على محاولات الانسان لفهم الحياة جماعته  وضبطها وأن هذه المحاولات الأولى كانت في المجالات الدينية والسياسية.

ويشير بعض المؤرخين إلى أن التفكير والفلسفة الصينية الاجتماعية مثلا تمثل أقدم تفكير منظم قيل عصر سقراط، وكما يقول بعضهم أن الفضل يرجع إلى فلاسفة اليونان في وضع أساس العقلانية الغربية وإلى ظهور أول تفكير منظم فتح باب الأساليب العلمية في الموضوعات الاجتماعية، كالملاحظة والمقارنة والنقد وغيرها، ولم يمسوا ماله علاقة بالعادات والأساطير والخرافات، بل ذهبوا يفتشون عن الحق الطبيعي في احترام الشخصية الانسانية ودافعوا عن الفرد، كما اهتموا أخلاقيا بالدفاع عن فكرة المساواة ومقارعة العبودية والوطنية الضيقة التي تمثلها المدن اليونانية (أسبارطة، أثينا)

لكن في المقابل لا يمكننا أن ننسى العلامة العربي ابن خلدون له الفضل في اعطاء التاريخ تعبيره الاجتماعي ،منذ بدأ مقدمته أنه يقوم بمحاولة غير مسبوقة، وهي علم الاجتماع أو ما سماه علم العمران البشري، وفي هذا يقول ابن خلدون: وكأن هذا علم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع وهو العمران البشري والاجتماع الانساني، وذو مكسائل هي بيان ما يلحقه من العوارض الذاتية( القوانين) وهذا شأن كل علم من العلوم وصفيا كان أو عقليا

حيث يتضح أن ابن خلدون كان يهدف إلى تخليص البحوث التاريخية من الأخبار الكاذبة، فهداه تفكيره ذلك إلى اكتشاف علم جديد هو علم الاجتماع، ونجد انه أعطى عذرا للمؤرخين قبله وذلك أنه إلى عهده لم تكن ظواهر الاجتماع قد درست دراسة وصفية ترمي إلى بيان طبيعة الظواهر وما تخضع له من قوانين، وإنما درست هذه الظواهر لأغراض أخرى علمية، ويرى ابن خلدون أن لعلم الاجتماع أهداف كثيرة غير مباشرة وفي ذلك يشير إن كانت حقيقة متعلقة طبيعة يصلح أن يبحث عما يعرض لها من العوارض لذاتها (قوانينها)، وجب أن يكون باعتبار كل مفهوم وحقيقة علمه من العلوم يخصه وهذا ( علم الاجتماع).

ويندرج في هذا الاطار أهمية علم الاجتماع الخلدوني بالنسبة لنا كأفراد نعيش في المجتمع الذي كان ذات مرة ميدان دراسة ابن خلدون وتحليله الاجتماعي، وكان الأرضية النظرية في العمران البشري، كما يمثل النموذج النوعي في البحث الاجتماعي والبناء النظري التأسيسي لعلم العمران البشري.

لكن من أعطى التسمية الحقيقية والانطلاقة الفعلية لهذا العلم وأوجده إلى الوجود هو المفكر الفيلسوف الفرنسي أوجست كونت، حيث يرى أن علم الاجتماع هو نقطة بداية ونهاية في نفس الوقت للفلسفة الوضعية، فعلم الاجتماع كما نصوره كونت هو بمثابة درجة في الفلسفة الوضعية وهذه الأخيرة ستكتسب بسبب إنشاء علم الاجتماع طابع العموم الذي مازال ينقصها وستصبح بهذه الوسيلة قادرة على احتلال مكان الفلسفة اللاهوتية والميتافيزيقية.

ولقد أدرك كونت أهمية هذا العلم الجديد فكتب يقول إنه لينا فيزياء سماوية وفيزياء أرضية ميكانيكية أو كيماوية، وفيزياء بنائية حيوانية، وما زلنا بحاجة إلى نوع آخر وأخيرا من الفيزياء هو الفيزياء الاجتماعية، ذلك العلم الذي يتخذ من الظواهر موضوعا للدراسة باعتبار أن هذه الظواهر من نفس روح الظواهر الفلكية والطبيعية من حيث كونها موضوعا للقوانين الطبيعية الثابتة.

 فهناك العديد من العوامل التي ساهمت في بروز وتطور علم الاجتماع منها:

1-  العوامل الفكرية: وتمثلت في الآراء والأفكار والتيارات الفكرية  والاتجاهات  النقدية التي ظهرت في أوروبا خلال عصر التنوير، وظهرت فلسفة عصر التنوير نتيجة الآثار التي أحدثتها النهضة الأوروبية في تطوير المجتمع الأوروبي وتغييره، وقامت فلسفة عصر التنوير على حركة النقد الاجتماعي للواقع الأوروبي بكافة جوانبه، وواكبت انهيار النظام الاجتماعي القديم ( الاقطاع)، وصعود النظام الجديد ( المجتمع الصناعي الرأسمالي).

2-  العوامل الاقتصادية: وتتمثل في الثورة الصناعية التي أحدثت في القرن الثامن عشر والتي بدأت في انجلترا حيث أحدثت الثورة تغييرات في علم الاجتماع وتحديد مشكلاته وبلورة مفاهيمه في ظروف العمل والتحول الذي طرأ على نظام الملكية وظهور المدينة الصناعية والتقدم التكنولوجي ونظام المصنع الحديث والاستعمار وظروفه بالإضافة لظهور الثروات المعدنية.

3- العوامل السياسية: حيث تعتبر الثورة الفرنسية سنة 1889م الحدث البارز الذي أثر في مسيرة علم الاجتماع حيث انتقلت من عقول المفكرين إلى عقول المثقفين، ثم إلى العامة أنفسهم وترجمت الثورة اعلان حقوق الانسان والمواطن، ومبادئ الحرية والمساواة، وقد ظهر علم الاجتماع على يد علماء فرنسيين كاستجابة لأزمة المجتمع الفرنسي وأسسوا المدارس الفرنسية المتنوعة التي بحثت في علم الاجتماع.

4. موضوع علم الاجتماع

لقد اختلف علماء الاجتماع في تحديد موضوع علم الاجتماع ولكن اتفق معظمهم على عدة عناصر اساسية يهتم بها وبدراستها منها:

1-  المجتمع: وذلك من خلال دراسة تطوره وتطور الفكر الاجتماعي في المجتمع ، ودراسة المجتمع في حالة ثباته وحالة تغيره.

2-  الظواهر الاجتماعية: وذلك انطلاقا من وحدة الجماعة ، بمعنى عينة الدراسة هي الجماعة وليس المجتمع، ومن أمثلة الظواهر الاجتماعية التي درسها: الانتحار، تقسيم العمل، الدين...

3-  تطور المجتمع: من خلال المماثلة بين تطور خلايا الكائن الحي وتطور المجتمع، من مجتمع بسيط إلى مجتمع أكثر تعقيداً، فالخلية تنقسم للتكاثر، كذلك مؤسسات المجتمع تتفرع إلى أنساق فرعية ثم تتطور وتتفرع إلى أنساق أكثر تعقيداً.

4-  الصراع الطبقي: وذلك باعتباره محركا للتاريخ والمسؤول عن تطور المجتمع وتغييره تغييرا راديكاليا، الصراع بين طبقتين: طبقة مالكة لوسائل الانتاج وطبقة فاقدة لها، وأن علم الاجتماع مهمته دراسة هذا الصراع وفهمه، والذي هو السبيل المناسب لفهم المجتمع في حركته وتطوره.

5-  الأنساق الاجتماعية: فالمجتمع هو نظام كلي مؤلف من مجموعة من الأنظمة الفرعية المرتبطة مع بعضها البعض وظيفيا وتكامليا،  وعلم الاجتماع يستهدف تحليل هذه الأنساق الفرعية ووظائفهما وعلاقتهما فيما بينها على اعتبار أن أساس قيام المجتمع واستمراره هو الأنساق الفرعية وترابطها الوظيفي.

العصبية : فالمجتمع قائم على أساس الترابط بين أفراد المجتمع ترابطا أساسه وحدة الدم ووحدة النسب والحمية لهما، وعلى هذه العصبية، يقوم المجتمع ويستمر  ويقوم تنظيم الحياة الاجتماعية للأفراد، وبالتالي فهم المجتمع يكمن في تحليل ظاهرة العصبية

5. منهج البحث في علم الاجتماع

   يتحدد جوهر البحث في علم الاجتماع في تعريف أوغست كونت لعم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمجتمع، ويعتى بذلك إخضاع دراسة المجتمع إلى الدراسة العلمية بواسطة توظيف مناهج وأدوات العلوم الطبيعية في تحليل الظواهر الاجتماعية، ويتمثل ذلك في تحليل استخدام علم الاحصاء وقوانين الفيزياء ومفاهيم علم البيولوجيا وعلم الجغرافيا في تحليل وتفسير الظواهر الاجتماعية، ومن هذا المنظور يوظف المنهج الوصفي ذو التنظيم الاحصائي، والمنهج التجريبي بواسطة استخدام التجربة وغيرها من المناهج.

وكانت المشكلة التي تواجه علماء الاجتماع في بدية تأسيسه وحتى يومنا هذا هو تدخل الاعتبارات الذاتية الشخصية والأحكام المسبقة لدى الباحث في صياغة نتائج البحث وبلورة التحليل الاجتماعي للظواهر الاجتماعية ومختلف مواضيع المجتمع.

وعلى هذا الأساس طرح إميل دوركهايم فكرة الموضوعية في البحث الاجتماعي، والتي تشير إلى عزل الذات والاعتبارات الشخصية عن التحليل الاجتماعي، ومن أجل تطبيق هذه المنهجية يجب الالتزام بالخطوات التالية:

-  الدقة

- التحديد: أي تعيين درجة معينة للشيء الملاحظ

- التسجيل والدقة: بمعنى التدقيق في تسجيل الملاحظات والمعلومات التي تجمع من الظواهر الاجتماعية المدروسة.

- صياغة الفرضيات: وتمثل محاولة الباحث صياغة فروض تفسير الظاهرة أو تحل مشكلة أو تجيب عن تساؤولاته التي قام بطرحها من قبل.

- التحقق من الفرضيات: فكلما كان الفرض العلمي يثار في ذهن الباحث من خلاب الملاحظة والتجربة فإن تحقيقه أيضا يتم في حدود الواقع من خلال الملاحظة والتجربة  وهذا يقتضي من الباحث أن يرى ما إذا كانت فروضه تتفق مع الواقع فيأخذ به أم تتعارض معه فيعدل منها أو يتركها لغيرها ...(محمد أحمد بيومي،2001، ص49).

- التعميم: وذلم بكشف وتفسير الظواهر وارتباطاتها وعلاقتها ببعضها البعض، وبالتالي الباحث يستطيع أن ينمي قدرته على التنبؤ بالوصول إلى القوانين التي تحكم هذه الظواهر والتي توجه أو تحدد علاقاتها وارتباطاتها للوصول إلى القانون العلمي أو التعميم.

- إمكانية الدراسة العلمية للمجتمع: لقد عرض الكثير من الباحثين والفلاسفة إمكانية تطبيق المنهج العلمي في الدراسات الاجتماعية وكانوا يرون أن دراسة الظواهر الاجتماعية باتباع الأساليب العلمية الدقيقة أمر لا يمكن تحقيقه لما بين ظواهر العلوم الطبيعية والاجتماعية من اختلاف وفوارق جوهرية.

-  صعوبة التنبؤ بالسلوك الانساني: فالسلوك الانساني كثير التقلب غير منظم وغير مستقر، بحيث لا نستطيع إخضاعه للدراسة العلمية والتجريب واستخلاص قوانين تتعلق بهذا السلوك فعالم الاجتماع لا يستطيع على وجه اليقين أن يتنبأ بسلوك إنسان أو حياته في لحظة معينة من الزمن.( محمد أحمد بيومي،2001، ص50)

- الذاتية: يجب أن يتجرد الباحث من آرائه الشخصية ووجهة نظره الخاصة حين يقوم بدراسته، إلا أن هذا المطلب صعب التحقيق فالموضوعية كما يقول البعض ما هي إلا هي وهم، فعالم الاجتماع هو نفسه نتاج الثقافة والبناء الاجتماعي الذي ينتمي إليه. ولهذا قدم علماء الاجتماع مجموعه من المناهج الخاصة به والطرق التي تستخدم في البحوث الاجتماعية.

- تعقد المواقف الاجتماعية: فالحياة الاجتماعية تخضع لعدد من المؤثرات النفسية والطبيعية والثقافية  والاجتماعية، ولذلك فالظواهر الاجتماعية غاية في التعقيد ويصعب فهمها واكتشاف القوانين التي تحكمها.

- استحالة إجراء التجارب في العلوم الاجتماعية: أن تطبيق المنهج العلمي في الدراسات الاجتماعية وإجراء التجارب أمر مستحيل ، فالإنسان ليس حقلا للتجارب مثله مثل الظواهر في العلوم الطبيعية.

- تعذر الوصول إلى قوانين اجتماعية: وهذا بسبب أن الظاهرة الاجتماعية خاضعة للتغير المستمر، كما أنها لا تخضع للحتمية وذلك بسبب الحرية التي يتمتع بها الانسان، فالإنسان قادر على صنع ظروفه بعكس الحال في العلوم.

 عدم دقة المقاييس الاجتماعية: فالعلوم الطبيعية تخضع لمقاييس كمية تساعد على التنبؤ الدقيق، أما العلوم الاجتماعية فيغلب عليها الطابع الكيفي.

6. أغراض علم الاجتماع

     إن لعلم الاجتماع أغراض عديدة ويمكن أن نجملها في قولنا أن لعلم الاجتماع أغراض نظرية وأخرى علمية:

أ‌- الأغراض النظرية : وهي تتلخص فيمايلي:

- دراسة طبيعة الحقائق الاجتماعية وما يتصل بها للوقوف  على نشأتها وعلى المبادئ العامة للحياة الاجتماعية والدعائم التي ترتكز عليها.

-  دراسة تطور الظواهر الاجتماعية واختلافاتها باختلاف الأزمنة وباختلاف الشعوب.

-  دراسة العلاقات التي تربط الحقائق الاجتماعية بعضها بالبعض الأخر أي دراسة العلاقات والروابط الاجتماعية والوقوف على مبلغ التفاعل الذي يحدث بينها وما ينجم عن ذلك من آثار في حياة الأفراد بصفة خاصة وحياة المجتمع بصفة عامة.

-  تحديد علاقة العوامل الاجتماعية بالحضارة أو الثقافة بصفة عامة.

-  الكشف عن الوظيفة الاجتماعية التي تؤديها الظواهر والنظم الاجتماعية وتطور هذه الوظائف\ف واختلافها باختلاف المجتمعات.

- الوصول غلى القوانين الاجتماعية التي تخضع لها طوائف الظاهرة الاجتماعية والتي تحكمها في نشأتها وتطورها وعلاقتها المتبادلة والوظائف التي تؤديها.

ب‌- الأغراض العلمية:

ويقصد بذلك أنه من الممكن الانتفاع بحقائق هذا العلم في الناحية العملية والاهتداء في ضوئه إلى ما ينبغي عمله في الحياة للارتقاء بأحوال المجتمعات وحل مشكلاتها وتحسين مستويات الجنس الانساني بصفة عامة، فمن الممكن أن تقام على قواعد علم الاجتماع بحوث علمية ترشدنا إلى ما ينبغي عمله في محاولة إصلاح ما هو معتل من شؤون المجتمع والقضاء على علله والانحرافات التي تنشأ فيه ورسم خطط تتوافق والتحولات التي تحدث.

7. تخصصات علم الاجتماع

1-  علم الاجتماع التربوي:

إن علم الاجتماع التربوي كتخصص من تخصصات الاجتماع علم حديث النشأة، حيث لم تحدد مجالاته وموضوعاته ومكانته بصفة نهائية إلا منذ سنة 1963، على الرغم من اهتمام علماء الاجتماع بميدان التربية، أمثال دوركهايم سنة 1992 في مؤلفه الشهير علم اجتماع التربية، والذي اعتبر فيه التربية نظام اجتماعي ، ومنذ ذلك الوقت تزايد الاهتمام بهذا الفرع كنظام علمي أكاديمي يهتم بالفهم السوسيولوجي للتربية.

   حيث يعتبر علم الاجتماع التربوي أحد فروع علم الاجتماع العام، وقد كانت الانطلاقة الأولى لهذا الحقل تحت اسم علم الاجتماع التربوي على يد "فريد كلارك" عام 1936، عندما أدرك أهميته في تطوير الفكر التربوي، وبعدها أخذ يتطور تطورا ملحوظا خصوصا سنة 1936، حين أصدر ولبر بروكوفر كتاب يحمل عنوان علم اجتماع التربية في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان يدرس فيه عملية التفاعل الاجتماعي بين الفرد وبيئته، وهو يستخدم مجموعة من الأدوات المنهجية في دراسة النظم التربوية، وذلك بهدف الوصول إلى الحقائق والمعارف وتوجيه المربين والمختصين في مجال التربية إلى المشكلات التي تصاحب عملية التغيير الاجتماعي كما نجد الكثير من المهتمين بهذا التخصص المعرفي قد وضعوا له الكثير من التعاريف منها:

يعرفه جون باين: على أنه العلم الذي يصف ويفسر النظم والطوائف والعمليات الاجتماعية ، ويقيم طبيعة العلاقات التي يكتسب الفرد فيها أو عن طريقها تجاربه ويقوم بتنظيمها.

كما يعرفه فرانسيس براون: هو العلم الذي يدرس واقعية التفاعل المتبادل بين الفرد وبيئته الاجتماعية التي لا يمكن أن ينفصل أحدهما عن الأخر.

    أهمية النظام التربوي: تكمن أهميته من خلال الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها والوظائف التي يقوم بها، فالهدف من التربية يجب أن يكون واحد في كل المجتمعات، وخاصة أن استمرارية المجتمع ونموه تعتمدان على التعليم، وكذا أهمية التربية كنظام اجتماعي مع تقدم المجتمع وازدهاره، فكلما سار المجتمع إلى طريق التصنيع والتحديث والتعقيد، أصبحت النظم التعليمية أكثر تعقيداً هي الأخرى وأشد اتصالاً بالمجتمع، ويصبح بذلك نظام التعليم مطلباً ضروريا من مطالب الاقتصاد بوصفه حلقة الاتصال بين حاجات العمل والقوى البشرية، كما يلعب النظام التعليمي دورا هاما في تحديد حجم وطبيعة القيم المراد توجيهها، وبهذا يسهم في التكامل الاجتماعي عن طريق عملية التنشئة داخل نسق قيمي مشترك تحدد فيه وظائف كل عضو.

2- علم الاجتماع الثقافي:

  يعتبر علم الاجتماع الثقافي أحد التخصصات الشابة لعلم الاجتماع الحديث، حيث تأخر ظهوره بسبب تهميش رواد علم الاجتماع الغربي لموضوع الثقافة، بعد أن كان لدور الثقافة بروزا في فكرهم السوسيولوجي المتعدد المفاهيم والنظريات، هو الشئ الذي جعل علم الاجتماع الثقافي يتطور شيئا فشيئا بين علماء الاجتماع الثقافيين في الولايات المتحدة الأمريكية ، من خلال نشر مجلة دورية تسمى" الثقافة" يسعون من خلالها ما ينشر فيها إلى تقدم علم الاجتماع الثقافي بواسطة إرساء مفاهيم وأدوات بحث ونظريات جديدة تمكن علم الاجتماع الثقافي من الفوز برهان المصداقية العلمية في البحوث الميدانية.

فعلم الاجتماع الثقافي هو علم يدور حول انشاء المعنى حيث يدرس كيف تحدث عملية إنشاء المعنى ولماذا تختلف المعاني وكيف تأثر المعاني في السلوك البشري الفردي والجماعي.

  كذلك يدرس التفاعل الثقافي والممارسات الثقافية، أي العلاقة بين البنى المعرفية أو الفكرية أو الثقافية أو الدينية في علاقتها بالأطر الاجتماعية، حيث يدرس ويعالج الكثير من القضايا والموضوعات الثقافية: كالعملية الاجتماعية للحضارة والثقافة، المظاهر الفكرية للحياة الاجتماعية، ظاهرة التغير الثقافي، الغزو الثقافي، الصراع الثقافي، منظومة الأفكار والقيم والمعتقدات التي تسود أو يختص بها كل أفراد المجتمع عن باقي أفراد المجتمعات الأخرى، التمازج الثقافي.

الخصائص الأساسية للثقافة: القد حاول المفكرون ذكر بعض الخصائص الأساسية للثقافة نذكر منها:

-  تنشأ الثقافة في مجتمع  ما وتظهر جليا من خلال أفعال أعضائه وسلوكاتهم التي تتأثر بذلك.

-          تتخذ بعض هذه السلوكات والتوجيهات والأفعال الشكل الرسمي، وتتمثل في أنماط سلوكية معترف بها ويعد الخروج عليها خروجا عن تقاليد المجتمع.

-   تنتقل هذه الطرق والأفعال والسلوكات شعوريا أو لا شعوريا من شخص لآخر ومن جماعة لأخرى، هذا بدوره يعطي للثقافة صفة الاستمرارية، وبالتالي تبنى على التراكمية.

-   أن الثقافة بالرغم من استمراريتها إلا أنها تتغير في الشكل والمحتوى.

-  أن الثقافة تمثل مقاومة تختلف شدتها من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر، إلا أنها في عمومها تواجه تيار التغيير الذي يواجهه المجتمع.

3-  علم الاجتماع الحضري:

   إن دراسة الظاهرة الحضرية تدفعنا إلى الحديث عن المدينة مع أن الاهتمام بدراسة المدينة قديم قدم الحضارات الانسانية، إلا أن الدراسة الجادة لها كانت أحد النتائج الهامة المرتبطة بنشأة علم الاجتماع وتطوره بصفة عامة، وعلم الاجتماع الحضري بصفة خاصة، ونستطيع القول أن معظم الدراسات الأولى التي تناولت المدينة كموضوع للبحث كانت تنمتمي إلى علوم أخرى غير علم الاجتماع كالسياسة والاقتصاد والجغرافيا وغيرها، ولهذا كانت بعيدة عن طبيعة النظرية والمنهجية الخاصة بعلم الاجتماع، خاصة أن معظم التعاريف في هذا السياق كانت تصور المدينة على انها ذلك المكان العمراني الذي يشغل أغلب سكانها أنشطة لا تنتمي إلى قطاع الزراعي، في حين أن علم الاجتماع الحضري ينظر غلى المدينة ويحللها كظاهرة اجتماعية في ذاتها.

يعرف علم الاجتماع الحضري بأنه علم اجتماع حياة المدينة، وينظر إلى المدينة ويحللها كظاهرة اجتماعية في ذاتها إلى جانب دراسة المشكلات الخاصة بها، ولقد تطور تراث واضح ومميز لهذا العلم في أوروبا وأمريكا في أواخر القرن 19، وأوائل القرن 20 وظهور بين الباحثين الأوروبيين ميل إلى تبني منهج تاريخي، لكن مع ذلك فسرت المدينة بطريقة مختلفة، حيث نجد ماكس فيبر في كتابة المدينة يحاول تحليل طبيعة المدينة والبحث عن وظائفها السياسية والادارية واهتم بشكل خاص بحقوق وواجبات المواطنين وأهمية تمايز المكانة.

كما ذهب روبارت بارك، إلى أن المدينة عبارة عن بناء طبيعي له قوانينه ترتبط بالنظام الأخلاقي، وكذلك فقد اهتم بظاهرة توسع المدن وأثر ذلك على بنائها ايكولوجي، لذلك أشار مصطلح علم الاجتماع الحضري بشكل عام إلى الدراسة السوسيولوجية للمدن أو الحياة في المدينة أو الحياة الحضرية، وفي سياق هذا يهتم علم الاجتماع الحضري بالمدينة وما يتخللها من بناءات ودعائم ونظم وتيارات اجتماعية بالدراسة والتحليل، كما يقوم بتفسير المظاهر المميزة لتنظيم الاجتماع في مناطق الاقامة الحضرية، وتأثير الحياة الحضرية على السلوك الاجتماعي، كما يتناول الحياة الحضرية في نشأتها وتطورها ووظائفها وأجهزتها الادارية والفنية وتقسيمها الطبقي والمهني ومستوياتها التكنولوجية.

وقد قام روبارت بارك بتطبيقه وتناوله في مقاله المشهور " المدينة" بأنه يهتم ببحث السلوك في البيئة الحضرية .

فعلم الاجتماع الحضري هو علم كسائر العلوم يطبق مناهجه ونظرياته ومفاهيهه في دراسة المدينة وأحوالها، والظواهر الاجتماعية المرتبطة بها ومدى تأثير الحياة الحضارية على السلوك الاجتماعي.

مجالات الدراسة في علم الاجتماع الحضري: لقد تعددت مجالات الدراسة فيه ويمكن ذكر الأهم منها:

-  دراسة المدن والأماكن الحضرية.

-  دراسة البناء الاجتماعي للحياة الحضرية.

-  دراسة الايكولوجية الحضرية بمعنى العلاقة بين الكائنات الحية وبيئتها الطبيعية.

-  دراسة المدينة ودورها التاريخي وتطورها وبنائها.

- دراسة المشلات الاجتماعية في المدينة.

- دراسة التأثيرات الاجتماعية للحياة الحضرية ودراسة العلاقة بين الحضر والمجتمع  والتصنيع.

  وهكذا يتضح أن علم الاجتماع الحضري هو العلم الذي يهتم بدراسة المدينة بوصفها مركزا للحضر ودراستها في نشأتها وتطورها ووظائفها، ومستوياتها التكنولوجية والمشكلات التي تعاني منها مثل مشكلات السكان، شؤون الأسرة، النقل والمواصلات، الخدمات الاجتماعية، المرافق العامة، الاسكان، السلوك والتصرفات الاجتماعية بين الأفراد وغيرها...

4- علم الاجتماع السياسي:

   يرى البعض أن علم الاجتماع السياسي هو العلم الذي يهتم " بفحص ودراسة العلاقات بين السياسة والمجتمع، وبين البناء السياسي و البناء الاجتماعي، وبين السلوك الاجتماعي والسلوك السياسي"، وهناك من يرى أن علم الاجتماع السياسي ما هو إلا محصلة التعاون بين مختلف العلوم الاجتماعية التي تتوافق في شكل متساند على دراسة الظواهر المجتمعية.

فعلم الاجتماع السياسي يهتم بأثر المتغيرات الاجتماعية في تكوين بنية السلطة السياسية وتطور أنظمة الحكم في المجتمع، فالنظم الاجتماعية من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي ليست عوامل متغيرة (أو متحولات) أو عوامل مسببة، وما أمور السياسة وشؤونها غير عوامل تابعة، تتأثر بالعوامل الاجتماعية وتتغير بتغييرها وعلى هذا فان أي فهم دقيق للنظم والمؤسسات السياسية تحليلا لمركزاتها الاجتماعية ورصد العناصر التغير في المجتمع.

5-  علم الاجتماع الجنائي:

    يمكن تعريف الانحراف بصورة عامة بأنه يمثل عدم الامتثال أو عدم الانصياع لمجموعة من المعايير المقبولة لدى قطاع مهم من الناس في الجماعة أو المجتمع ، ولا يمكن على هذا الأساس أن نضع خطا واضحا وفاصلا في أي مجتمع بين المنحرفين من جهة والممتثلين من جهة أخرى .ولا يمكننا أن نضع على قدم المساواة تصرفات مثل : المعاكسة بالهاتف ، ونشل محفظة أو حقيبة  في الشارع ، وسرقة قلم من ممتلكات مؤسسة ما  ، أو قيادة السيارة بسرعة فائقة في وسط المدين ، أو الاعتداء بآلة حادة ، وينبغي الإشارة إلى إن مفهومي الانحراف والجريمة  ليس مترادفين ومتطابقين في المعنى والأثر والنتائج ، رغم أنهما قد يكونان مترابطين ومتداخلين أحيانا.

   يتناول البحث، في علم الاجتماع الجنائي،"  أسباب الجريمة والانحراف والعوامل الاجتماعية الممهدة لكليهما، كما يدرس نسبة تواتر الجريمة وتعدد أساليبها وأشكالها، ويربط ذلك باختلاف المجتمعات وتباين النظم وباختلاف أحوال الأفراد المعيشية، وجملة العوامل والظروف الموضوعية والنفسية للموقف أو الحالة، أي الظروف التي على هذا النحو أو ذاك، كما يرجع إلى نمط التفاعلات في البيئة الاجتماعية. وباستخدام لغة البحث العلمي "  يمكن القول: إن جملة هذه الظروف هي متغيرات تعمل على تفسير أشكال الجريمة ودوافعها.

6- علم الاجتماع التنظيم والعمل:

   يعالج علم الاجتماع التنظيم مشكلات تطر على الحياة العملية داخل المؤسسات و التنظيمات العمالية بشكل عام ، لعل أبرزها  التسلسل الهرمي للسلطة ، طريقة إتخاذ القرارات  حوادث العمل ، البناء التنظيمي ، التغيب عن العمل ، الإضرابات العمالية وأسبابها ، المطالب العمالية وفرص تحققها ، الممارسة النقابية والدفاع على الطالب العمالية ، السلطة في التنظيم وطبيعتها ، طبيعة الاتصالات الرسمية وغير الرسمية ، تقسيم العمل ودوره في تحقيق الفعالية المرجوة لأهداف التنظيم.

7- علم الاجتماع الديني:

يتناول علم الاجتماع الديني بالتقصي والتحليل النظم والتيارات الدينية السائدة في المجتمعات الإنسانية على اختلاف العصور، واختلاف البيئة الاجتماعية لمجتمع ما في نمط معيشته أو في طبيعة العلاقات الاجتماعية فيه على السواء. و لأن علم الاجتماع الديني يرى في المجتمع العوامل التي تحدد شكل الأديان ووظائفها، لذا فإنه يعني تباين أثر العوامل الاجتماعية، وارتباطها مع الدين بصفته ظاهرةً لا يخلو منها أي مجتمع.