2. علم اللغة النفسي
يعد علم اللغة النفسي (Psycholinuistics) من العلوم الحديثة التي لم تتضح معالمها ولم تستقل استقلالا تاما إلا في النصف الثاني من القرن العشرين مع ظهور الاتجاه المعرفي الفطري في علم اللغة، وخاصة مع افصاح تشومسكي (Chomsky) عن آرائه النقدية حول طبيعة اللغة ووظيفتها وأساليب اكتسابها ومنهج دراستها وتحليلها في كتابه (الأبنية النحوية)، وكذلك في هجومه على البنيوية والسلوكية –خاصة عالم النفس سنكر (Skinner)- الذين يهتمون بظاهر اللغة لا بعمقها ويفسرون اكتسابها آلياً، مع تغييب الجانب الإبداعي الخلاق في اكتسابه واستعمالها، لأن اللغة الإنسانية كما يعبر عنها تشومسكي[1] هي المفتاح الحقيقي لمعرفة عقل الإنسان وتفكيره، وليس من المعقول أن تكون اللغة بهذه الأهمية ثم تتحول إلى مجرد تراكيب شكلية مجردة من المعنى، كما يرى الوصفيون والسلوكيون.
ولهذا فإن علم اللغة النفسي من أهم فروع علم اللغة التطبيقي (Applied Linguistics)؛ الذي يهتم بدراسة اللغة واكتسابها واستعمالها وفهمها.
يتضح مما سبق أن مجال هذا العلم هو (السلوك اللغوي/ Langnage Behaviour) للفرد، والمحوران الاساسيان في هذا السلوك هما (الاكتساب) اللغوي (Acquisition)، و(الأداء) اللغوي (Performance[2]، ولا يمكن الوصول إلى شيء من ذلك إلا بمعرفة الأنظمة المعرفية (Cognitive) عند الإنسان.
يختصر تعريف علم اللغة النفسي جاك ريتشاردز ( Richards, J) وآخرون في معجمهم اللغوي التطبيقي بقولهم: هو "العلم الذي يهتم بدراسة العمليات العقلية التي تتم في أثناء استعمال الإنسان للغة فهماً وإنتاجاً، كما يهتم باكتساب اللغة نفسها"[3] ، والملاحظ أن هذا التعريف يعتبر أن علم اللغة النفسي يهتم بدراسة السلوك اللغوي الإنساني، والعمليات النفسية العقلية المعرفية التي تحدث أثناء واكتساب وفهم اللغة.
وهذا يعني أن موضوع علم اللغة النفسي هو اللغة اللغة ذاتها؛ أي دراسة اللغة والبحث فيها وصفا وتحليلا واكتسابا وتعلما وتعليما، هذا يعني أن موضوع هذا العلم هو نفسه موضوع علم اللغة عند اللغويين.