علم النفس اللغة وعلم اللغة النفسي
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | علم اللغة النفسي |
Livre: | علم النفس اللغة وعلم اللغة النفسي |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Sunday 22 December 2024, 22:39 |
1. علم النفس اللغوي
ترجع العلاقة بين اللغة وعلم النفس إلى طبيعة اللغة باعتبارها أحد مظاهر السلوك الإنساني ، وحيث أن علم النفس يعنى بدراسة السلوك الإنساني عامة ، فإن دراسة السلوك اللغوي تُعتبر حلقة اتصال بين علم اللغة وعلم النفس .
وقد اهتمت المدرسة السلوكية اهتماما بالغا بالسلوك اللغوي ، وكان لها أثر واضح في البحث اللغوي الأمريكي في النصف الأول من القرن الماضي، لكن البحث في قضايا اللغة من وجهة نظر اللغويين تختلف كثيرا عنه من وجهة نظر علماء النفس، فالفرق شاسع بينهما، إذ يهتم علماء اللغة بدراسة العبارات اللغوية المنطوقة عند صدورها من الجهاز الصوتي وعند تلقيها من طرف المخاطب، وهنا نلاحظ أن العمليات العقلية لا تدخل ضمن مجال علم اللغة، بينما يهتم علماء النفس بتلك العمليات العقلية التي تسبق تلك العبارات المنطوقة وانصب اهتمام الباحثين في الآونة الأخيرة بدراسة اللغة لا من حيث أنها استجابات لغوية فحسب ، وإنما من حيث البنية اللغوية في تلك الاستجابات .
وقد كانت لآراء تشومسكي في قواعد النحو التحويلي الأثر البالغ في ظهور (علم النفس اللغوي) حيث استبدل مصطلح Psychologie du langage إلى psycholinguistique، أي من علم نفس اللغة إلى علم النفس اللغوي وهو يدل على نوع من التغيير في اتجاهات علماء النفس بالنسبة إلى موضوع السلوك اللغوي والظاهرة اللغوية.
فبعدما كانت الدراسات النفسية للغة تتضمن مجال علم النفس، جاء تشومسكي بعدها بنظريات تساءل فيها عن : كبيعة اللغة (فطرية)، ووظيفتها (أداة للتفكير)، والمنهج في دراستها (عقلي)، ومن ثم بدأ علم اللغة النفسي يتطور في الإطار اللساني التطبيقي.
2. علم اللغة النفسي
يعد علم اللغة النفسي (Psycholinuistics) من العلوم الحديثة التي لم تتضح معالمها ولم تستقل استقلالا تاما إلا في النصف الثاني من القرن العشرين مع ظهور الاتجاه المعرفي الفطري في علم اللغة، وخاصة مع افصاح تشومسكي (Chomsky) عن آرائه النقدية حول طبيعة اللغة ووظيفتها وأساليب اكتسابها ومنهج دراستها وتحليلها في كتابه (الأبنية النحوية)، وكذلك في هجومه على البنيوية والسلوكية –خاصة عالم النفس سنكر (Skinner)- الذين يهتمون بظاهر اللغة لا بعمقها ويفسرون اكتسابها آلياً، مع تغييب الجانب الإبداعي الخلاق في اكتسابه واستعمالها، لأن اللغة الإنسانية كما يعبر عنها تشومسكي[1] هي المفتاح الحقيقي لمعرفة عقل الإنسان وتفكيره، وليس من المعقول أن تكون اللغة بهذه الأهمية ثم تتحول إلى مجرد تراكيب شكلية مجردة من المعنى، كما يرى الوصفيون والسلوكيون.
ولهذا فإن علم اللغة النفسي من أهم فروع علم اللغة التطبيقي (Applied Linguistics)؛ الذي يهتم بدراسة اللغة واكتسابها واستعمالها وفهمها.
يتضح مما سبق أن مجال هذا العلم هو (السلوك اللغوي/ Langnage Behaviour) للفرد، والمحوران الاساسيان في هذا السلوك هما (الاكتساب) اللغوي (Acquisition)، و(الأداء) اللغوي (Performance[2]، ولا يمكن الوصول إلى شيء من ذلك إلا بمعرفة الأنظمة المعرفية (Cognitive) عند الإنسان.
يختصر تعريف علم اللغة النفسي جاك ريتشاردز ( Richards, J) وآخرون في معجمهم اللغوي التطبيقي بقولهم: هو "العلم الذي يهتم بدراسة العمليات العقلية التي تتم في أثناء استعمال الإنسان للغة فهماً وإنتاجاً، كما يهتم باكتساب اللغة نفسها"[3] ، والملاحظ أن هذا التعريف يعتبر أن علم اللغة النفسي يهتم بدراسة السلوك اللغوي الإنساني، والعمليات النفسية العقلية المعرفية التي تحدث أثناء واكتساب وفهم اللغة.
وهذا يعني أن موضوع علم اللغة النفسي هو اللغة اللغة ذاتها؛ أي دراسة اللغة والبحث فيها وصفا وتحليلا واكتسابا وتعلما وتعليما، هذا يعني أن موضوع هذا العلم هو نفسه موضوع علم اللغة عند اللغويين.