4. اللجوء إلى العنف لاصابة الهدف
والجدير بالذكر أن أولئك اللاعبين الأوائل لم يعرفوا سوى قاعدة واحدة ــ أن يجعلوا الكرة تخترق مرمى منافسيهم بأية طريقة ، ما عدا اللجوء إلى وسيلة القتل . ولكن حتى هذه القاعدة كثيرا ما نقضت . وقد كتب أول مراسل رياضي عرف ابان القرن السادس عشر : (( كرة القدم إنما هي لعبة جهنمية . فهي ، كما تبديه الاختبارات اليومية ، مزيج من الشغب والشجار والقتل والاغتيال وكثير من سفك الدماء ))
وكتب مراسل آخر : (( عند ما يشتد وطيس اللعب عنفا وقسوة ، يبدأ اللاعبون برفس قصبات أرجل بعضهم البعض ، دون أدنى اكتراث ، ومنهم من يسقط إلى الأرض من جراء جراحهم )) . والغريب في الأمر أن الإصابة بكسور في الرأس كانت تعتبر مجرد جروح طفيفة . وعلـّق أحد النظارة الأجانب ، وهو يشاهد إحدى هذه المباريات، بأنه إذا كان هذا ما يسميه الناس (( لعبا )) ، فإنه يبغض أن يقول ما هو الشيء الذي يسمونه قتالا .
وليس من الصعب أن نجد لهذه المشاجرات الرياضية صورا طبق الأصل في بعض أنواع المباريات الدولية التي تقام في الوقت الحاضر . فمثلا، ما زلنا نذكر مباراة الكأس الدولية بين هنغاريا والبرازيل في سنة 1954، عندما أصيب اللاعبون والمسؤولون ورجال الشرطة بجروح مختلفة ، وغدا الملعب أشبه ما يكون بميدان معركة. كما نذك (( معركة سنتياغو لسنة 1962)) ( كما تسمى الآن ) ، بين الفريق التشيكي والفريق الايطالي في مباريات الكأس الدولية ، عندما لكم أحد أفراد الفريق التشيكي بقبضته اليسرى الظهير الايطالي لكمة ألقته أرضا وأفقدته وعيه ، لا شبيه لها إلا على خشبة الملاكمة ، مما أدى إلى حدوث سلسلة من المعارك الفردية في طول الملعب وعرضه . ومع أن فن كرة القدم اكتسب لذاته صفة الحنكة والاتزان ، كما اكتسبت قواعدها بعض التعقيدات ، فان سلوك العقل لدى بعض اللاعبين لا يختلف كثيرا على ما يبدو عن سلوك رافسي الكرة الأوائل من سكان الكهوف .