2. نشأة كرة القدم
حدث ذات يوم ــ خلال أحد العهود الغابرة ، عندما لم يكن أحد من الناس قد سمع بعد بروافد الأهداف وعواميدها الخشبية ، وكانت الشباك تستعمل فقط لصيد الأسماك ــ أن عاد رجل ، يلبس الجلود مصبوغ الوجه باللون الأزرق ، إلى كهفه صفر اليدين ، بعد أن قضى سحابة نهاره ساعيا وراء صيد الايائل . ثم ستـّف هراواته ونبابيته الخشبية ورماحه ذات الرؤوس الصوانية عند الحائط ، وفي لحظة تكاسل حسنة الطالع التقط مثانة خنزير بري كانت ملقاة على الأرض جانبا ، وراح ينفخها ، وبهذه النفخة استطاع ذلك الرجل الهمجي المجهول أن يخترع ، دون علم منه ، اول كرة عرفها العالم .
ولكي يخفف توتر أعصابه وحدة جوعه ، أعرب عن سخطه وشعوره المكبوت بالانتقام من تلك الكرة . فرفسها برجله ... فوجد التجربة ممتعة للغاية ، سيما وأن الكرة لم ترد عليه برفسة من جانبها ، كما كانت زوجته تفعل . فأعاد الكرة مثنى وثلاثا ورباعا .... واستمر يفعل ذلك حتى شاركه في بدعته تلك أصدقاؤه من سكان الكهوف المجاورة . ثم انضم اليهم جميع أفراد القبيلة ، وراح الكل يركض في الغابة تحت المطر ، يطاردون تلك المثانة المنفوخة ويرفسونها ، ويرفسون معها بعضهم بعضا ...
وعلى هذا النهج ــ أو بالأحرى هكذا نود أن نخال ــ بدأت لعبة كرة القدم أول ما بدأت . غير أن أولئك اللاعبين الأوائل كان من الصعب عليهم أن يتوقعوا أن أحفادهم بعد عدة آلاف سنة سيجنون الأجور الضخمة مقابل تأدية ذات العمل ، وأن ملايين الاشخاص في جميع أرجاء العالم سيدفع كل منهم أكثر من ثمن أيل كامل لمشاهدة فريقين يطاردان كرة في عطلة نهاية الأسبوع .وفي الخقيقة يعود تاريخ هذه اللعبة إلى أزيد من 2500 سنة قبل الميلاد، حيث مارسها الصينيون القدامى، وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم. وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد، والمصريون 300 سنة قبل الميلاد. كما أن بعض آثار الشعر الجاهلي تدل على أن العرب القدامى مارسوا أيضا هذه اللعبة.
إلا أن اللعبة، في شكلها الممارس اليوم، ظهرت بإنجلترا. ففي سنة 1016، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنمركيين عن بلادهم، لعب الإنجليز الكرة فيما بينهم ببقايا جثث الدنمركيين، ولك أن تحزر أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمنعت ممارستها. وكانت هذه اللعبة تظهر وتنتشر، ثم تمنع بمراسيم ملكية لأسباب متعددة، ووصل الأمر إلى حد المعاقبة على ممارستها بالسجن لمدة أسبوع