الطبيعة القانونية لبطاقات الائتمان الالكترونية
لقد أثارت الطبيعة أو الأساس القانوني لبطاقة الائتمان خلافا وانقساما بين الفقه، نظراً لحداثة هذه البطاقة، وانفرادها ببعض الخصائص التي تميزها عن غيرها من وسائل الدفع الأخرى كونها متعددة الأطراف وتتشابك العلاقات القانونية التي تجمع بين أطرافها. لذلك لا بد من تحديد الطبيعة القانونية لبطاقة الائتمان وذلك لإيجـاد نظـام قانوني متطور يمكن تطبيق أحكامه على بطاقات الائتمان ونظامهـا ومميزاتهـا، باعتبارها أداة وفاء وأداة ائتمان في نفس الوقت، وكذا الوصول الى قواعد قانونية تحكم العلاقات الناشئة بين أطرافها. وانطلاقاً من هذا نجد أن هناك عدة آراء فقهية حاولت تحديد الأساس القانوني لبطاقة الائتمان، وتنقسم هذه الآراء إلى اتجاهين. كالآتي:
2. المطلب الثاني: الاتجاه الثاني لتحديد الطبيعة القانونية لبطاقات الائتمان
يرى الاتجاه الثاني أن محاولة الفقه التقليدي إدخال نظام بطاقات الائتمان تحـت القوالب التشريعية التقليدية يعتبر عقبة أمام التطور الذي تقوم عليـه المعـاملات التجارية التي لا تعرف الجمود، لذلك يرى هذا الاتجاه ضرورة التحليل القـانوني للأنظمة الحديثة ووضع الأنظمة القانونية الخاصة بها، ويتشكك هذا الاتجاه حـول مقدرة أي نظام قانوني أو تقليدي على احتواء نظام بطاقات الائتمان ويرى أن لها طبيعة خاصة[1].
يتـضح مما سبق أن جلّ المحاولات الفقهية والقضائية لتحديد الطبيعة القانونية لبطاقات الائتمـان لم تسلم من النقد، وذلك لكون هذه الوسيلة (بطاقات الائتمان) تعتبر وسيلة حديثة لا يمكن لأي قالب من القوالب القانونية التقليدية أن يفسر جميع العلاقـات القانونية المتشابكة الناتجة عنها، وذلك نظراً لارتباطهـا بـالتطور الاقتـصادي والتكنولـوجي للمعاملات التجارية.
الا أنه يمكن القول بأن بطاقات الائتمان تتمتع بطبيعة خاصة، نظراً لتعدد أطرافها وتشابك العلاقات القانونية الناشئة عنها حيث تحكمها عقود متعددة ومستقلة عن بعضها البعض، مما يترتب على ذلك انعدام الترابط بينهما، لذ لا يمكن أن نخضعها لنظام قانوني واحد من الأنظمة التي حدد المشرع أحكامها، فيجب علينا أن ننظر إلى كل علاقة قانونية على حده ونجعل كل عقد يحكمه نظام قانوني خاص به، فالعقد المبرم بين البنك المصدر للبطاقة والحامل يطبق عليه أحكام الاعتماد المستندي لمنح الأخير ائتمان أو اعتماد مفتوح مع تسليمه بطاقة الائتمان التي تمكنه من استخدام هذا الاعتماد، أما العقد المبرم بين الحامل والتاجر يحكمه عقد البيع، والعقد المبرم بين التاجر والبنك تطبق عليه أحكام الوكالة أو الإنابة في الوفاء بدين الحامل باعتبار أن البنك نائباً عن الحامل في الوفاء بدينه للتاجر. وهذا يعني أن بطاقة الائتمان تتكون من عدة عقود مختلفة ولكنها مشتركة في الغرض أو الهدف من إبرامها وهو توفير أداة مصرفية الكترونية تحقق وظيفتي الوفاء والائتمان[2].
كما تجدر الاشارة الى أن معظم الدول العربية لا تملك تشريعاً خاصا بهذا النوع من البطاقات، وذلك لكون هذه الوسيلة في كثير من الدول من الوسائل الحديثة ، لذلك كان من الضروري لمشرعي هذه الدول الانتظار حتى يستقر النظام القانوني لهذه البطاقات ومن ثم محاولة تطويعها لكي تتفق مع صيغ القوانين الموجودة عندهم، ومن ثم يمكـن وضـع نظـام تشريعي محدد يتصدى لهذا النوع المستجد من أدوات الائتمان.