بناء على استنتاجات لجنة القانون الدولي حول التفرقة بين المسؤولية الدولية على أساس الفعل الدولي غير المشروع والمسؤولية على أساس المخاطر، أوصيت الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة في 30 نوفمبر 1970 اللجنة بضرورة دراسة مسألة المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة الناجمة عن أنشطة أخرى، وتم تأكيد هذه التوصية في ديسمبر 1944 و 1975 .
وبموجب اللائحة رقم 97/31 الصادرة عن الجمعية العامة في 15/12/1976، تم تكليف اللجنة (CDI) بمعالجة مسألة المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة للأنشطة التي لا يحضرها القانون الدولي، بهدف وضع نظام للمسؤولية يعرف بالمسؤولية الموضوعية La responsabilité Objective عن الفعل المشروع دوليا. مع الإشارة إلى أن هذا النوع من المسؤولية ليست له أية سوابق في القانون العرفي، وهو ما يترجم صعوبة المهمة التي تعاقب عليها ثلاثة مقرين Baxter (1984)، Barbosa (1985) و(R.AGO) لتقنين ما لا يمكن تقنية " l'incodifiable Codifier ". الأمر الذي تطلب من اللجنة تقسيم الموضوع إلى جزئيين :
الأول يتعلق "بالوقاية من الأضرار العابرة للحدود والناتجة عن الأنشطة الخطيرة "و" المسؤولية الدولية عن الأضرار العابرة للحدود الناتجة عن الأنشطة الخطيرة". وبعد ما يقارب 30 سنة من العمل الشاق للجنة ظلت مهمة وضع نظام عام للمسؤولية على أساس المخاطر تعد من قبيل الإشكاليات الصعبة نظرا لعدم وضوح مفهومها وحجم اتساعها . وهذا ما جعل اللجنة تركز أعمالها على نظام مسؤولية الدولية بفرض التزام بالوقاية باعتباره نتيجة منطقية تترتب عن الأخذ في الحسبان الأضرار البيئة .
1/ الوقاية من الأضرار العابرة للحدود الناتجة عن أنشطة خطرة (2001)
تم تبني مشروع مواد متألف من 19 مادة في 23 ديسمبر 2001 من قبل اللجنة (CDI) بموجب لائحة الجمعية العامة رقم 82/56، ويفضي إلى ضرورة اتخاذ الدول كافة الإجراءات والتدابير المناسبة للوقاية من الأضرار الخطيرة العابرة للحدود أو على الأقل التقليل من أخطارها قدر الإمكان. وعليه هذا الالتزام العام بالوقاية يقوم على ضرورة التعاون بحسن نية(المادة 4)، وتطوير تبادل المعلومات بخصوص المخاطر التي تتضمنها الأنشطة أو الأضرار التي قد تترتب عنها (المواد 12 إلى 14). كما يتعين على الدول على المستوى الداخلي اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية للقيام بالالتزام العام بالوقاية لاسيما فيما يتعلق بأنظمة منح التراخيص المتعلقة بالأنشطة الخطيرة (المواد 5، 6)، والذي يشترط قيامها على تقدير المخاطر مع التزام الدولة في حال تبين إمكانية حدوث أضرار عابرة للحدود بتبليغ الدولة المحتمل تضررها بكافة المعلومات اللازمة وضرورة التعاون للتقليل من آثارها. كذلك من أهم ما تضمنه هذا المشروع، ضرورة تبليغ الدولة المحتمل تضرها بالأخطار التي تقع في حالة الضرورة لوضع الخطط المناسبة بالتعاون مع الدولة المتسببة في الضرر والمنظمات الدولية المختصة (المواد 16 و17) .
2/ مشروع المبادئ المتعلق بتوزيع الخسارة في حالة الضرر العابر للحدود الناجم عن أنشطة خطرة (2006)
يهدف هذا المشروع إلى وضع المبادئ العامة لتعويض ضحايا الضرر العابر للحدود وحفظ وحماية البيئة في حال وقوع مثل هذا الضرر وإصلاحها أو إعادتها إلى وضعها السابق (المبدأ 3) . يمتاز هذا النظام بأنه نظام مكمل وعام يطبق بغض النظر عن قواعد المسؤولية على أساس الفعل الدولي غير المشروع. وبالمقابل يدعوا إلى وضع نظم دولية مناسبة في مجالات معينة تخص الأنشطة الخطيرة، بموجب ترتيبات فعالة ضمن الاتفاقيات العالمية أو الإقليمية أو الثنائية (المبدأ السابع). للإشارة تم تبني هذا المشروع في 18/12/2006، يتألف من 8 مبادئ، وتعتبر الاتفاقية المتعلقة بالمسؤولية الدولية عن الأضرار الناجمة عن الأجسام الفضائية التي دخلت حيز النفاذ في 1972، الاتفاقية الوحيدة المتبناة في هذا الإطار. وفي كافة الأحوال لا يمكن الاعتماد على نظرية المخاطر في كل الحالات، فهي صالحة فقط على الأنشطة المشروعة دوليا التي تسبب أضرارا عابرة للحدود.