يعنى نظام المسؤولية الدولية بتنظيم مسألة مساءلة الدول بموجب أحكام القانون الدولي، فهو نظام يقوم على فكـرة المشروعية، وبالتالي يؤدي خرق قاعدة دوليـة سواء تعلقت بالالتزامات التي تعهدت بها الـدول أو بتلك التي تفرض عليها بموجب القانـون الدولي بالضرورة إلى قيـام مسؤوليتيها.
وقد تأكد تطبيق هذا المبدأ في نطاق القانون الدولي للبيئة منذ حكم التحكيم الصادر في قضية مصنع "TRIAL" سنة 1941. ومع ذلك تبقى مسألة حماية البيئة تخضع لمجال خاص يتعذر فيه تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية نتيجة كون الأضرار البيئية تتميز بخصائص تجعلها بعيدة الشبه عن الإضرار العادية، الأمر الذي يجعل نظام المسؤولية الدولية في المجال البيئي يمتد ليشمل تطبيقات أوسع في مجال تنفيذ الالتزامات الدولية المتعلقة بحماية البيئة والوقاية من الضرر العابر للحدود دون الاقتصار على الحالات التي يتم فيها خرق التزام أو أكثر من الالتزامات العرفية أو التعاهدية. وهو ما يفسر التضارب الكبير بشأن الأساس الفقهي للمسؤولية الدولية الناتجة عن الإضرار البيئة وطبيعتها ومدى كفايتها لتوفير الحماية اللازمة للبيئة.
بناء على ماسلف، نتساءل عن مضمون تلك النظريات الموجودة لتقرير المسؤولية الدولية عموما والمسؤولية عن الأضرار البيئة بصفة خاصة. وما هي إيجابياتها وكذلك النقائص المتعلقة بكل منها؟ وهل تمكنت هده النظريات من تكريس مبتغى المسؤولية الدولية والغرض منها؟