وفقا للمفهوم الواسع lacto sensu تعني المسؤولية الدولية على أساس

المخاطر:" المسؤولية عن عمل لا يلعب فيه الخطأ أي دور مؤسس...وتوصف بأنها موضوعية كونها تترتب موضوعيا دون إمكانية نسبة أي خطأ لم يرتكب".

لم يعد الخطأ و الفعل غير المشروع كأسس لقيام مسؤولية الدولة بإمكانهما مسايرة التقدم الصناعي والتكنولوجي والثورة العلمية، كما لم تعد الأفعال المشروعة التي لا يحظرها القانون في منأى عن تحريك آلية المسؤولية متى كانت تنطوي على خطورة تنتج عنها أضرارا تلحق بالدول المجاورة، في غياب اشتراط الخطأ أو الإهمال أو حدوث الضرر. لذلك فهذه المسؤولية تقوم على فكرة تحمل النتائج المترتبة عن النشاطات الخطرة متى ثبت وجود علاقة سببية بين هذه الأخيرة و الضرر الواقع على شخص قانوني دولي. و عليه فالعبرة بحدوث الضرر عن النشاطات الغير محظورة دوليا. لذلك فإن الأساس القانوني لهذه المسؤولية هو فكرة تحمل التبعة أو الغنم بالغرم . وبتعبير آخر، تستند هذه النظرية إلى موضوعها أو محلها أي إلى الضرر،ولا ينظر فيها إلى عنصر الخطأ الذي يتعذر غالبا إثباته في ظل مشروعية الأنشطة التي تقوم بها الدولة وفقا لمعايير القانون الدولي. نخلص إذن إلى أنه طبقا لفكرة المسؤولية الدولية المؤسسة على المخاطر، فإن الدولة تعتبر مسؤولة عن أي عمل يسبب ضررا لمصلحة يعترف بها ويحميها القانون الدولي بصرف النظر عن أية مخالفة لأحكام هذا الأخير أو وجود خطأ صادر عنها، إعمالا لفكرة أن من يقوم بنشاط شديد الخطورة، يجب أن يتحمل المسؤولية عن المخاطر التي يخلفها هذا النشاط.. وعليه فهذه النظرية كفيلة بتخطي صعوبة إثبات الخطأ المسبب للضرر، وبالتالي عدم حرمان الطرف المتضرر من الحصول على التعويض المناسب عن الأضرار الجسيمة التي تلحق به

1/ مشروع المواد المتعلق بالمسؤولية الدولية على أساس الفعل المشروع أو الأنشطة التي لا يحرمها القانون الدولي هو نتاج تطور تدريجي للقانون الدولي الاتفاقي و ليس له أي أساس عرفي.

2/ يطرح إشكال تحديد الأنشطة الخطرة التي لا يحضرها القانون الدولي وهذا  من شأنه تقويض الحماية الفعلية للبيئة نتيجة ظهور أنشطة مستقبلية جديدة. وعليه، فنطاق مشروع المواد يعتبر محدد من زاوية أنه لا يشمل ولا يغطي كافة الأنشطة التي لا يحضرها القانون الدولي لأنه يركز فقط على الأنشطة التي تتضمن خطر التسبب في أضرار بيئية، وبالنتيجة فمشروع المواد يرتبط بـالأنشطة الخطيرة activités dangereuses والجد خطيرة extremement dangereuses في حين أن الأنشطة البيئية تتضمن مخاطر لابد أن تخضع للتقدير الموضوعي لارتباطها بوضعيات و تنبؤات مستقبلية.

3/ تولى مشروع المواد تكييف الضرر و اشترط أن يكون "عابرا للحدود"transfrontiere و "ذو شأن Significatif وبالتالي فالمصطلح الأول يغطي مسائل الإقليم والولاية والرقابة، بحيث يجب أن تمارس الأنشطة على إقليم دولة أو على أماكن تخضع لولايتها أو رقابتها وتكون لها أثارا على المناطق التي تخضع لإقليم أو ولاية أو رقابة دولة أخرى. في حين يبقى الغموض قائما بشأن مفهوم الضرر ذو شأن.

وعند قراءة التعليق على مشروع المواد، يتبين بأن الضرر ذي شأن هو ضرر " يتجاوز مجرد القابلية للكشف عنه " Détectable" ولكن دون اشتراط ضرورة أن يصل إلى مستوى " الخطير Grave " أو الجوهري . فهو الضرر الذي يجب أن تكون له آثارا ضارة حقيقية على الأشياء كالصحة أو الممتلكات أو البيئة إلخ... من جهة ، وإمكانية تقدير هذه الأضرار بمعايير واقعية Factuels وموضوعية Objectives وكذلك معايير ذاتية ترتبط بظروف الحالة وبالوقت أو الزمن الذي تمت خلاله عملية تقدير الخطورة .

 في حادثة Tchernobyl في 26 أفريل 1986 على الساعة 1.23 صباحا،على إثر إجراء اختبار سلامة على المفاعل النووي رقم أربعة (4)،حدث أضخم انفجار عرفه العالم. ولمدة 10 أيام استمر الوقود النووي في الاحتراق مخلفا عناصر مشعة في الجو (ما مقداره 60% من اليود المشع، و40% من مادة السيزيوم) بلغ مداها ثلاثة أرباع أوربا لاسيما روسيا، أوكرانيا، بيلاروسيا،والجمهوريات السوفياتية.