تعد نظرية الخطأ من أقدم نظريات المسؤولية التي تم نقلها من مجال القانون الداخلي إلى القانون الدولي على يدّ الفقيه "جروسيوس" والذي اقتنع بضرورة ترتيب المسؤولية على الدولة التي ينسب إليها خطأ أو إهمال نتيجة فشلها في الحيلولة دون وقوع التصرف الخاطئ من رعاياها، ويستوي في ذلك كونها أجازت هذا التصرف بالإمتناع عن العقاب عليه أو التهاون في توقيع العقاب 

ويعد إقامة المسؤولية الدولية للدول على أساس الخطأ في القانون الدولي ضربا من التضليل و التشويش. ذلك أن الخطأ يأخذ وصفين ،الأول يتحدد وفقا للمدلول الذاتي ويتطلب وجود النية أوالقصد أو التهور من جانب الدولة. أما الثاني فهو موضوعي ومحله خرق التزام دولي.

وينجم عن التميز بين المدلولين السابقين أنه في حال الاستناد إلى المعنى الذاتي فلا مجال للحديث عن المسؤولية الدولية في المجال البيئـي استنادا لفكـرة الخطأ. ويتعزز القول باستبعاد المفهوم الذاتي للخطأ لمصلحة المفهوم الموضوعي بالرجوع إلى القانون الروماني الكلاسيكي، والذي يقر بأن الخطأ الذي تنبني وفقا له المسؤولية يمتاز بخصائص موضوعية باعتباره ناجم عن الظروف الموضوعية التي تحيط بالضرر بدلا من الحالة الذهنية للقائم به (بالخطأ).وبالتالي تقوم نظرية الخطأ على أساس عدم إمكانية مساءلة الدول ما لم يصدر عنها فعل خاطئ يلحق ضررا بغيرها من الدول بغض النظر عما إذا كان هذا الخطأ متعمدا أم غير ذلك، كما يستوي أن يكون الفعل الخاطئ عملا إيجابيا أو في صورة امتناع عن القيام بعمل.

نخلص إذن إلى أن مفهــوم الخطأ كأساس للمسؤوليــة ينحصر في عـدم التصرف مع بذل العنايـــة اللازمـة أو الواجبــة أوخرق لأحكام معاهدة أو إتيان عمل محظـور.

يكفـي في هذا الصدد الاستدلال بما انتهى إليه الأستـاذ Jiménez de Aréchaga بقوله :" إذا كانت القاعدة الدولية التي تم حذفها على وجه التحديد تنطوي على الخبث أو الإهمال المتعمد، فإن قواعد القانون الدولي لا تتضمن شرطا عاما للإهمال أو النية المبيتة كشرط لقيام المسؤولية ".

مثال: 

1- تعبر قضية مضيق كورفو بين ألبانيا و المملكة المتحدة المناسبة التي من خلالها اعترفت المحكمة الدائمة للعدل الدولي بمسؤولية ألبانيا عن الأضرار التي لحقت بالبحرية البريطانية نظرا لكون الظروف المحيطة تدل على استحالة جهل ألبانيا بوجود ألغام في مياهها الإقليمية،وفي ذلك إشارة لقيام المسؤولية على أساس الخطأ. ومع ذلك لم تستعمل المحكمة مصطلح " الخطأ" عند إقرارها بمسؤولية ألبانيا بالرغم من تأكدها من أن مسؤولية هذه الأخيرة قامت لعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة وامتناعها عن إعلام السلطات البريطانية بوجود الألغام في نطاق بحرها الإقليمي رغم علمها بذلك.

2- كذلك من الحالات التي طبق فيها القضاء نظرية الخطأ قضية الدار البيضاء، والتي بمناسبتها أقامت محكمة التحكيم الدولية الفرق بين المخالفات الناتجة عن الإهمال وتلك بدون خطأ على خلفية التنازع في الاختصاص بين السلطات العسكرية الفرنسية المحتلة لمدينة الدار البيضاء المغربية و القنصل الألماني.

3- ومن القضايا التي اعتبر فيها الخطأ كأسـاس لقيـام المسؤوليــة الدوليـة قضيــة دار جمعيــة التبشيــــر homemissionary society بين المملكة المتحدة وبريطانيا سنة 1920.