3. أركان اللامركزية الإدارية
- الإعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية .
- إنشاء أجهزة محلية منتخبة ومستقلة لإدارة وتولي تلك المصالح .
- خضوع تلك الأجهزة لدى قيامها بتلك المصالح لرقابة الإدارة المركزية .
وهي أركان متماسكة ومترابطة فيما بينها ، كما سنوضحه لاحقا .
1.2- وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية :
يرجع سبب ومبرر قيام النظام اللامركزي إلى وجود وظهور مصالح أو شؤون محلية ، تتمثل في ذلك التضامن الذي يعبر عن إهتماماتوإحتياجات سكان إقليم أو جهة معينة من الدولة تختلف عن الإحتياجات والمصالح والشؤون الوطنية العامة والمشتركة بين جميع المواطنين بالدولة
إن إعتراف القانون وإعتداده بهذا التمايز الموجود حقيقة وفعلا بين المصالح المحلية (الإقليمية ) والمصالح الوطنية (المركزية ) يشكل الركن الأساسي لوجود اللامركزية من حيث تكفل الإدارة المركزية بالمصالح الوطنية والتخلي عن المصالح المحلية لهيئات محلية بإعتبارها الأقدر على تلبيتها وإشباعها .ومن أهم المسائل التي تثار بصدد تحديد المصالح المحلية :
تعيين الجهة المختصة بذلك ، والكيفية المتبعة في عملية التحديد .
أولا : الإختصاص :
الإتجاه السائد بهذا الصدد ، أن يعقد الإختصاص بتحديد تلك المصالح والشؤون ، من خلال تحديد وبيان صلاحيات الهيئات اللامركزية ، إلى السلطة التشريعية ( البرلمان ) بموجب القوانين الأساسية المتعلقة بتلك الهيئات .
ففي الجزائر – مثلا – يقوم البرلمان بموجب المادة 140 من الدستور ، تنظيم وتحديد صلاحيات الإدارة المحلية من خلال :
- قانون البلدية رقم 90-08 المؤرخ في 22 يونيو 2011.
- قانون الولاية رقم 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012 .
إن إسناد مهمة تحديد المصالح المحلية المتميزة عن المصالح الوطنية القومية ( أي إختصاصات الإدارة المركزية ) إلى البرلمان وجعله من إختصاص القانون والتشريع يمثل ضمانا حقيقيا لدعم الطابع اللامركزي ويحمي الوحدات والهيئات اللامركزية للتقليص والتضييق من مجال ونطاق تلك الإختصاصات بمجرد إصدار قرارات إدارية صادرة عنها دون الرجوع للبرلمان .
ثانيا : الكيفية :
يتم توزيع مظاهر ومجالات الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والإدارة اللامركزية وفق أسلوبين أساسين ، هما :
أ) الأسلوب الأول ( الأسلوب الإنجليزي ) :
ومؤداه أن يبين المشرع ( القانون ) السلطات والإختصاصات المنوطة بالأجهزة اللامركزية – رغم تنوعها وتدرجها – على سبيل الحصر ، وما عداها فهو من إختصاصات الإدارة المركزية بإعتبارها من المصالح الوطنية .
ب) الأسلوب الثاني ( الأسلوب الفرنسي ) :
مقتضى هذا الأسلوب أو التصور أن يعمد المشرع إلى ذكر الميادين التي تتدخل فيها الإدارة المركزية ، على أن تترك مجالات وميادين عمل ونشاط الوحدات اللامركزية واسعة وغير محددة .
ولقد إعتمد المشرع الفرنسي في تنظيمه للإدارة الإقليمية أو المحلية ، هذه الطريقة حينما ذكر السلطات والصلاحيات التي تتمتع بها الوحدات والهيئات اللامركزية وإن بصورة وكيفية عامة وغير محددة ، وهو الأسلوب نفسه الذي الذيإتبعه المشرع الجزائري في تنظيمه للإدارة المحلية .
2.2- إنشاء وقيام أجهزة محلية ومستقلة ومنتخبة :
يقتضي النظام اللامركزي الإداري أن يعهد بإدارة وتسيير المصالح المحلية المتميزة ، كما ورد بالركن الأول إلى هيئات وأجهزة محلية مستقلة عن الإدارة المركزية ، وذلك بإضفاء الشخصية المعنوية عليها ، وأن تكون منتخبة من سكان الإقليم ذاته .
أ : الإستقلال ( الشخصية المعنوية ) : Autonomie
الشخص المعنوي هو مجموعة أشخاص ( أفراد) أو مجموعة أموال ( أشياء) ، تتكاتف تتعاون ، أو ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب إكتساب الشخصية القانونية personne juridique
، أي القدرة والمكنة على إكتساب الحقوق (droit) وبالمقابل التحمل بالإلتزامات (obligations) .
ومن ثم فإن الشخصية المعنوية تعتبر السند القانوني لتوزيع الوظيفة الإدارية بالدولة ، من خلال إعطاء بعض الأجهزة الإستقلال القانوني حتى تتمكن من القيام بنشاطاتها بما يترتب عن ذلك من حقوق ومن إلتزامات وتحمل للمسؤولية ، ولهذا فإن الإعتراف بالشخصية القانونية يشكل على المستوى القانوني ، المبدأ الأساسي للامرمركزية ، وأشخاص القانون الإداري هي – أساسا – الأشخاص المعنوية العامة ، وما وجود الأشخاص الطبيعية بها ( الموظفون ) ، إلا لخدمتها وحسابها .
ب-الإنتخاب: يعد تشكيل الأجهزة والهيئات المحلية بالإنتخاب من شروط قيام النظام اللامركزي ، بل أن هناك رأيا فقهيا يربط بين االامركزية وتشكيل مجالس الوحدات اللامركزية بالإنتخاب وجودا وعدما ، ومع ذلك فقد تتطلبي الأوضاع – أحيانا – إستبدال الإنتخاب بالتعيين بالنسبة لبعض أعضاء هيئات الإدارة المحلية ، أو الإعتماد على أسلوب التعيين – أساسا – كما هو الحال بالنسبة لصورة الامركزية المرفقية ( المؤسسات العامة ) .
1- الخضوع للرقابة ( الوصاية ) الإدارية :
إذا كان الإعتراف بوجود مصالح محلية متمايزة يقتضي قيام وإنشاء أجهزة محلية منتخبة ومستقلة لإدارة وتسيير تلك المصالح والشؤون ، فإن مدى ذلك الإستقلال لن يكون مطلقا ، بل سيكون محدودا في نظام اللامركزية الإدارية ، وإلا إنتقلنا لنظام اللامركزية السياسية .
وعليه يستلزم الأمر قيام علاقة بين الإدارة المركزية ووحدات الإدارة اللامركزية في صورة رقابة أو وصاية إدارية تختلف ، في جوهرها عن السلطة الرئاسية القائمة بين الرئيس والمرؤوس في ظل النظام المركزي .
فما هي مظاهر الرقابة الإدارية المبسوطة على وحدات الإدارة الامركزية ؟
وما هي المبادئ والقواعد الأساسية التي تحكم تلك الرقابة وتميزها – خاصة – عن السلطة الرئاسية ؟
الفرع الأول : المظاهر
تتجلى مظاهر الرقابة ، في النظام اللامركزي ، في الوصاية الإدارية المبسوطة والمنصبة إما على :
- هيىات ومجالس الإدارة اللامركزية في حد ذاتها .
- الأشخاص والأعضاء في تلك الهيئات ،
- الأعمال والتصرفات الصادرة عن الإدارة اللامركزية .
3-1 : الرقابة على الهيئات ذاتها :
إذا كان إنشاء وحدات الإدارة اللامركزية ( البلديات مثلا ) من إختصاص القانون حيث يتم – عادة – بموجب قانون بموجب قانون صادر عن السلطة التشريعية ، فإن ذات القانون المنشئ لتلك الوحدات يخول السلطات الإدارية المركزية سلطة إيقاف وحل أجهزة وهيئات الإدارة ، دون المساس بوجود الشخصية المعنوية لتلك الإدارة .
1.1.3- الإيقاف : Suspension
يمكن للإدارة المركزية ( سلطة الوصاية ) طبقا للشروط والإجراءات القانونية ، أن تعمد إلى إيقاف وتعطيل نشاط وسير أعمال مجلس أو أو هيئة معينة مؤقتا طيلة فترة محددة ( شهر مثلا ) لإعتبارات معينة تستند إلى مبدأ المشروعية أو مبدأ الملائمة .
2.1.3- الحل : Dissolution
كما قد يخول القانون لسلطة الوصاية أن تقوم بالحل والإزالة والإنهاء الدائم لهيئة من هيئات الإدارة المحلية ( المجلس المنتخب )
2.3- الرقابة على الأشخاص: تمارس السلطة الوصية رقابتها على الأشخاص المعينين بالوحدات اللامركزية ، كما لها أيضا وفق إجراءات معينة ، ممارسة وصايتها الإدارية على الأشخاص المنتخبين .
تتمثل أهم مظاهر الرقابة الإدارية على الأشخاص والأفراد القائمين على إدارة وتسيير الهيئات المحلية في :
- توقيف العضو بهيئات الإدارة اللامركزية لمددة محددة عن ممارسة المهام ( شهر مثلا ) ،
- الإقالة لأسباب عملية ، كتولي العضو المنتخب لمهام إدارية في جهة أخرى
- العزل أو الطرد أو الفصل بسبب إدانته لإرتكاب أعمال مخالفة للقانون ( جرائم مثلا ) .
الرقابة على الأعمال :
- منذ البداية يجب إستبعاد كل مظاهر الرقابة حيث تتضمن فقط التصديق والإلغاء وفق صيغ قانونية معينة سيتم توضيحها فيما يأتي .