1. دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية ووسائل الاعلام في التصدي لظاهرة تعاطي المخدرات
أ- مؤسسات التنشئة الاجتماعية:
- الأسرة: تقع على عاتق الأسرة مسؤولية أكبر من المؤسسات الأخرى في الوقاية من المتعاطي وذلك لعدة اعتبارات أبرزها أنها الجماعة الأولى التي تحتضن الطفل، والتي على أساسها يتشكل سلوكه وهي القدوة والنموذج الذي يحتذي به ولا بد أن لا تكتفي الأسرة بمجرد تقديم النصح والتوجيه والإرشاد لأبنائها، و انما يفترض فيها المتابعة المستمرة لسلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه فذلك يساعد على منع الأبناء من الوقوع فريسة التعاطي وكذلك تعريفهم بأي سلوك منحرف قد يسلكه الابن، وعلى الأسرة مراعاة في ذلك أساسيات التنشئة، أما إذا وقع الابن في بئر التعاطي فلا ينبغي عليها نبذ ابنها المتعاطي بل وقيامها بعدة ادوار اتجاهه منها، العلاج المبكر في مراكز العلاج،إضافة الى دعمه نفسيا واجتماعيا، وتقبله كعضو فعال في الأسرة بعد العلاج حتى لا ينتكس
- المدرسة: تعد المدرسة بعد الأسرة التجربة الاجتماعية الأولى في حياة الطفل وتؤدي دور بالغ الأهمية في عملية التنشئة الاجتماعية، وفضلا عن ذلك هي البيئة النوعية التي تتيح للنشئ التفكير السليم، وإتباع المنهج العلمي إلى جانب ذلك هي البيئة التي تحوي في اطارها عالم الطفل الأول من الرفاق والجماعات التي يختلط بها ويؤثر فيها ويتأثر بها .
والمدرسة تقوم بعدة أدوار وذلك للتصدي لأشكال الانحراف ومن بينها المخدرات وترتكز على القيام بما يلي:
الدور الوقائي: من الأدوار الوقائية التي يمكن للمدرسة أن تضطلع بها في مواحهة ظاهرة تعاطي المخدرات خاصة على مستوى الاكماليات والثانويات:
- تكريس العناية بحاجات الأطفال ومشكلاتهم وتوجيه سلوكهم وانفعالاتهم حيث يؤكد الاخصائيون أن الطفل بحاجة الى رفاق جدد يلهو معهم في وسط تربوي موجه، أي ربط العائلة بالمدرسة.
- تحقيق التعاون بين المدرسة والبيت خصوصا في فترة مرحلة الانتقال بين الطفولة والمراهقة.
- تربية وتنمية الوازع الديني عند الطفل والمراهق
- ضرورة فتح مراكز إرشادية، مهمتها تقديم العون والخدمات الإرشادية التربوية النفسية والاجتماعية والمهنية للتلاميذ والطلبة مع وجوب تعيين أخصائي نفسي واجتماعي في كل مدرسة وعلى مستوى جميع المراحل الدراسية.
- وضع برنامج تثقيفي شامل حول أخطار المخدرات من خلال الاستعانة بعدد من المتخصصين
- وضع برامج علاجية لعلاج الطلاب المتعاطين بالفعل
- توظيف الجماعات المدرسية للتوعية بأخطار المخدرات
- عرض المسرحيات بالمسرح المدرسي عن أثار مشكلة المخدرات بالمجتمع وتزويد مكتبات المدارس بالكتب والمراجع الكافية للتوعية من السقوط في الإدمان
- المسجد: إن المسجد بوصفه من أقدم مؤسسات التنشئة الاجتماعية من حيث التربية والتعليم والتثقيف في الإسلام، ودوره المتعدد الجوانب في الوقاية والعلاج من كل أشكال الانحراف، فالإسلام وحده يملك الضوابط والقيود التي تخلق في الإنسان المسلم الحاجز من كل الانحرافات والمشاكل الاجتماعية، فالإسلام ظاهره وباطنه دين اجتماعي، فإذا كان الدين في الشعوب بصفة عامة أحد مقومات الثقافة، فان الإسلام هو الدعامة الأولى في تنظيم المجتمع الإسلامي.
إن للمسجد رسالة وضرورة دينية لا غنى عنها، ويؤكد العديد من العلماء ومن بينهم "هنري لنك" الذي قال أن تربية الأطفال لمن أشق الواجبات وأخطرها وأدقها، ومشاكلها شديدة التعقيد والعسر، وهي بعد ذلك ذات أوجه متناقضة عند حلها، يكون معها الآباء في أمس الحاجة الى أية معونات خارجية، وقد كان طبيعيا بعد أن استغنى الآباء عن المعتقدات الدينية، فلم يجدوا أمامهم سوى علم النفس الخاص بالأطفال، لكن علم النفس الأطفال لم يكن بعد على استعداد لتقديم المعونة، لأن الثقة بهذا العلم لم تكن قد تعدت الثقة النظرية فقط.
إن المسجد بوصفه المدرسة الإسلامية دائمة الحضور في المجتمع الإسلامي تتعدى وظيفته كل الحدود المرسومة للمؤسسات الاجتماعية الأخرى، ويعتبر المكان الأصيل والطبيعي والتنفيذي نظريا وعمليا لإعداد الأجيال
من هذا المنطلق يمكن للمسجد أن يلعب دورا في عملية الضبط الاجتماعي إلى جانب الأسرة والمدرسة والإعلام وأجهزة الأمن والمنظمات والجمعيات المعنية في مكافحة المخدرات، لذلك توجب على العلماء والدعاة والأئمة العمل والتوعية والإرشاد بمختلف الطرق أن كل مسكر ومخدر ، مذهب للوعي والرشد، يحاربه الإسلام ويحرمه الدين، كما أنه ليس من المنطق والعقل أن تؤسس جمعيات ومنظمات لمحاربة المخدرات، ويحرم العلماء والفقهاء المخدرات قياسا على الخمر، بينما تفتح محلات بيع الخمور أبوابها، وليس من المنطق والعقل إن نتابع مروجي المخدرات ونترك بائعي الخمور يفسدون العقول ويخربون البيوت.