3. ثانيا-عصر الولاة في شمال افريقيا

1-تعريف عصر الولاة 96-184هـ/715-800م:

عصر الولاة هو الفترة التي تلت الفتح الإسلامي للمغرب، حيث أصبح المغرب إقليما إسلاميا تابعا للدولة الأموية. خلال هذه الفترة، تم تعيين ولاة لإدارة المنطقة من قبل الخلفاء في دمشق أو الفسطاط. استمرت هذه الفترة حوالي ربع قرن وشهدت تعاقب ستة ولاة على البلاد، وتركزت اهتماماتهم على توسيع الدولة وتنظيم البلاد إدارياً ومالياً، رغم وجود أخطاء وتجاوزات أدت إلى تفجر الأوضاع.

2-الولاة المتعاقبون على المغرب الإسلامي:

تميزت فترة ولاة بني أمية على المغرب بالتنوع والتعقيد، حيث لم يكن الخلفاء يعينون ولاة محليين لكل المناطق، بل كانوا يعينون والياً واحداً على المغرب والأندلس.

برز من بين الولاة محمد بن يزيد القرشي (97-99هـ/716-717م) الذي عينه الخليفة سليمان بن عبد الملك، وتميزت فترته بالاستقرار والأمن. كما جاء بعده إسماعيل بن عبيد الله (100-102هـ/718-720م) الذي عينه الخليفة عمر بن عبد العزيز وركز على نشر الإسلام بالدعوة السلمية.

تعاقب بعده يزيد بن أبي مُسلم (102هـ/720م) الذي اتبع سياسة الشدة مع البربر فقُتل في نفس العام. ثم جاء بشر بن صفوان (103-109هـ) الذي استشهد خلال حملاته البحرية على الجزر.

واصلت الولايات التعاقب، حيث تولى عبيدة بن عبد الرحمن السلمي (110-115هـ/728-733م) الذي نظم حملات بحرية إلى صقلية، وبعده عُين عبد الله بن الحبحاب القيسي (116-123هـ/734-741م) الذي شهدت فترته ثورة ميسرة المرغري.

3-أوضاع المغرب الإسلامي أيام عصر الولاة:

كان كل والٍ جديد في المغرب يبدأ فترة ولايته بتصفية تركة الوالي السابق عن طريق إقصائه وأعوانه، بمختلف الوسائل من قتل وعقاب ومصادرة أموال وإلغاء التنظيمات القائمة. هذا الأمر جعل البلاد تعيش في حالة اضطراب وخوف ورعب عند بداية كل ولاية جديدة، مما دفع السكان إلى تجنب التعاون مع الحكام. وعلى الرغم من اهتمام الولاة بإدارة البلاد، إلا أن المصادر تحتفظ بمعلومات قليلة عن هذه الإدارة.

ولقد أنشأ يزيد بن أبي مسلم حرسًا من البربر على النمط البيزنطي لحمايته، إلا أن ذلك كان سببًا في مقتله. كما قام عبيد الله بن الحبحاب بإجراء تقسيم إداري جديد للمنطقة وأحدث ثلاث ولايات، بالإضافة إلى تنظيم المدن على الطريقة الإسلامية من خلال تعيين المحتسبين وتنظيم الأسواق.

اهتم الولاة أيضًا بتوسيع نطاق الإسلام في المناطق المجاورة وحماية الحدود من الأعداء، وعملوا على ضم مختلف القبائل البربرية إلى الإسلام والدولة الأموية. ومع ذلك، ارتكبت أخطاء كثيرة بحق البربر، حيث تم تهميشهم واعتبارهم موالي وعبيدًا للعرب، مما أدى إلى استياء واسع وغضب بينهم، خاصة مع السياسات المالية المتعسفة التي فرضت ضرائب عالية وزادت من معاناتهم. هذا الجو من الظلم والتهميش أدى إلى اندلاع ثورات عديدة في صفوف البربر.