2. الممالك التي ظهرت على ارض سوريا القديمة
مملكة ايبلا:
ايبلا هي مملكة سورية قديمة قامت في تل مرديخ، وتبعد عن حلب حوالى 55 كيلومتراً. ازدهرت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وامتدت المناطق التي كانت تحكمها من الفرات شرقاً حتى سواحل المتوسط غرباً، ومن طوروس شمالاً حتى حماه جنوباً.
وقد اكتشفت آثار إيبلا في عام 1975 بواسطة بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما برئاسة باولو ماتييه. وعثر في الموقع على أرشيف يحوي حوالي 15,000 لوحا مسماريا يقدر أنها تعود إلى 2250 قبل الميلاد ومكتوبة بخط مسماري مشتق من الخط المسماري القديم ولكن اللغة هي لغة سامية غير معروفة سابقا
وقد مرّت إيبلا بثلاث حقبات زمنية. الأولى بين 2400 و2300 قبل الميلاد، والثانية 2300 و2000 قبل الميلاد، والثالثة بين 2000 و1600 قبل الميلاد. واسمها باللغة العربيّة يعني الحجر الكلسي، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى طبيعة الأحجار الكلسية فيها. وشكّلت مملكة إيبلا أساساً لبناء الحضارة السورية وكان لها ارتباط وثيق مع مراكز الحضارات، خصوصاً الحضارة الفرعونية.
كان النفوذ التجاري لإيبلا يمتدّ حتى صحراء سيناء، في الشمال فلسطين ولبنان وسورية وفي الغرب وصلت إلى قبرص، وفي الشرق حتى مرتفعات ما بين النهرين. وكانت حضارة إيبلا وثقافتها مهيمنتين اقتصادياً وسياسياً على مناطق كثيرة من سورية، تمتدّ بين جبال لبنان في الغرب وحتى بادية الشام في الشرق، وبين جبال طوروس في الشمال إلى منطقة حمص في الجنوب حتى نهر الفرات. وكانت بفضل موقعها في وسط الخطوط التجارية، صلة الوصل بين مصر وما بين النهرين، وإلى ما بعد جبال إيران حتى الهند.
من اثار مملكة ابيلا
مملكة ماري:
يرجع تاريخها الى الألف الثانية والثالثة قبل الميلاد، ظهرت أهميتها عندما سيطر الاموريون في بداية حكمهم على مناطق الحواف في بلاد الشام فخضعت مدينة ماري القريبة لنهر الفرات لنفوذهم ، وهي تقع جنوب مصب نهر الخابور في شمال وشمال شرقي ابوكمال على الضفة الغربية لنهر الفرات
وكان تأسيس هذه المملكة عن طريق سلطة اجتماعية وسياسية ملكية كان لها حضور قوي وموقع دعم في المنطقة على نهر الفرات في سورية، فقامت حضارة عريقة متأصلة ارتقت بين الحضارات. وكان لمدينة ماري عاصمة المملكة دورا هاما في الطريق التجاري الذي يتبع مسلك الفرات في سورية الداخلية. ويعتقد أن الخارطة الجغرافية المتغيرة للمنطقة آنذاك حفزت نشوء كثير من المدن الجديدة في سورية امتدادا من الساحل إلى الداخل وفي بلاد الجزيرة السورية وما بين النهرين، وكانت لمدينة ماري ميناء على نهر الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة النهرية واستقبال المراكب والسفن التجارية، فكانت ماری صلة الوصل بين الطرفين فهي تتوسط المسافة بينهم، فقامت وازدهرت حضارة من أهم الحضارات القديمة .
تعرضت مملكة ماري لاكثر من هزة فبعد انتصار سرجون الأكدي على لوجال زاجيري حاكم مدينة أوما نجده يجتاح بعد ذلك بلاد الأموريين ويستولي على مملكة ماري ويضمها الى حكمة، وفي عهد الملك حمورابي نجد انه اتبع في بداية حكمه سياسة التحالف مع المدن القوية في الجوار وتحالف مع مملكة ماري تحالفا ظل هوالجانب القوي فيه الى ان ضعفت المملكة وضمها الى دولته .
الموقع الاثري لمملكة ماري
مملكة يمخاذ:
عثر عالم الآثار ليونارد خلال عملية تنقيب ناجحة عن الآثار في الطبقة الرابعة من تل العطشانة في سهل العمق على عدد كبير من الألواح الطينية نقشت بالكتابة المسمارية تحدثنا كتاباتها عن بعض أحداث القرن الخامس عشر قبل الميلاد وتقص علينا هذه النصوص اخبارا عن بعض حكام مملكة يمخاذ التي كانت عاصمتها مدينة حلب وعن حكام مملكة موكيش وعاصمتها الالخ ( تل العطشانة)التي اقيمت على انقاض مدينة اقدم زمنا منها، وكانت مملكة موكيش تابعة لمملكة يمخاد في حلب.
لقد تميزت هذه المملكة بالقوة العسكرية وبالأهمية التجارية على حد سواء اذ وردتنا منها مئات النصوص الاقتصادية التي ذكرت فيها كميات كبيرة من المواد الأولية التي كان ملوك حلب يخزنونها في مستودعاتهم، ومن ثم يعاد تصديرها باتجاه بحر ايجة واسيا الصغرى.
من الملوك المهمين الذين حكموا يمخد حمورابي الأول( هو غير حمورابي البابلي) الذي كان على عرش المملكة عندما اخضع البابليون ماري ودمروها والذي لم يحاول مساعدة صهره وزوج شقيقته زمري-لم، وربما كان ذلك مقصوداً لأنه لا يريد أن يخوض حرباَ خاسرة ضد حمورابي البابلي.
وفي عهد ابي بعل خليفة حمورابي الاول وياريم-لم الثاني ونقمي-ايبوخ وصلت هذه المملكة الى قمة مجدها واصبحت(الالاخ) عاصمة ثانية لها ومقراً لنائب الملك فاستقر فرع من السلالة الحلبية الحاكمة في منطقة موكيش (عند مصب نهرالعاصي) وقد تميزت هذه المنطقة بأهميتها التجارية ذلك أنها كانت مركزاً لتجميع أخشاب جبال الامانوس المهمة بالنسبة لبلاد الرافدين. وكانت النهاية السياسية لهذه المملكة على يد الحثيين الذين غزوا حلب عام 1350 ق. م وانهوا وجودها.
حدود مملكة يمخاد
الممالك الارامية:
اسس الاراميون العديد من الممالك والدويلات في شمال سوريا وجنوبها منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد ، وكان اسم احدى هذه الامارات" ارام - نهرايم " أي ارام النهرين ، ولكن الاشوريين قضوا على هذه الامارة في القرن التاسع قبل الميلاد، ومن هذه الامارات ايضا كانت دولة اخرى عاصمتها في حران وتسمى "ارام فدان" ولكن الدولة التي اصبح لها شان كبير كانت مملكة دمشق " ارام دمشق" التي تاسست في اواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وامتدت هذه المملكة من الفرات شرقا الى نهر اليرموك غربا ، عاصمتها هي مدينة صوبا (زوباء)
ومن الامارات الاخرى التي اسسها الارميون نجد " ارام بيت رحوب" في الجنوب و"ارام معكة" التي تحتل منطقة دان( تل القاضي ) و" جشور" التي كانت في الناحية الشرقية بين اليرموك ومنطقة دمشق.