1. سكان وشعوب حضارة سوريا
تعتبر سوريا من الأقاليم الحضارية القديمة التي بنت لنفسها حضارة تعود بجذورها إلى العصور الغابرة في القدم، وقد كانت مركزا لالتقاء وتوافد شعوب مختلفة الأجناس والأعراف على أراضيها وموطنا لانصهار الحضارات الشرقية والغربية
أطلق اسم سوريا قديما على المنطقة الممتدة ما بين مصر وبلاد النهرين، وقد جمع هذا الإقليم كل من سوريا وفلسطين فسوريا كانت تشمل القسم الشمالي ويقصد به حاليا الصحراء السورية، أما فلسطين فقد امتدت أراضيها من منابع نهر الأردن حتى صحراء سيناء.
ظهر اسم سوريا في مصادر أوغاريت من أوائل القرن 14 ق.م. تحت مسمى "شرين" "shryn " وكانت احدى مناطق شمالي الفرات معروفة عند البابليين باسم "سوري"، وفي العبرية اطلق اسم "سيريون" علة المنطقة شرقي لبنان، واستخدم هذا الاسم فيما بعد ليشمل البلاد كلها.
وفدت على سوريا موجات بشرية يقال عنها أنها عناصر سامية، وأهم هذه العناصرالبشرية:
أ- الأموريون:
هم أول شعب سامي عاش في سوريا وقد وفدوا عليها من الجزيرة العربية في هجرة واحدة مع الكنعانيين في حوالي منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد أي حوالي سنة 2500 ق.م.، وأخذوا ينتشرون في باديتي الشام والعراق وامتدوا حتى غربي الفرات واستقروا عند أواسط هذا النهر.
وقد كان يسكن في هذه المناطق عناصر سومرية ولكن بعد وفود الأموريون إليها أصبحوا يمثلون أغلبية السكان وسماهم السومريون القدماء أهل " مارتو" أي أهل الغرب أي الغربيين الذين سكنوا إلى الغرب من بلادهم ثم سماهم الأكديون باسم الأموريين.
ب- الكنعانيون:
وفد الكنعانيون مع الأموريون في هجرة واحدة في حوالي سنة 2500 ق.م.، ولكنهم كانوا أكثر عددا، واستقر الكنعانيون في منطقة الساحل وهم الذين أطلق عليهم اليونانيون اسم الفنيقين، وقد اختلف الباحثون في أصل تسمية كنعان، فيرى البعض أنها جاءت من "كنع" أو خنع أو قنع بمعنى الأراضي المنخفضة التي سكنوها، ومنهم من يرى بأنها من أصل هندو أوروبي من كلمة "كنج" بمعنى الصبغة الحمراء.
وفي المصادر البابلية وردت باسم "كنغى" أو "كنج" ووردت في الكتابات الفينيقية تحت اسم كينغ وحرفت إلى كنعان في العبرانية .
ج- الأراميون:
هم قبائل رحل عاشوا في شمال شبه الجزيرة العربية ثم هاجروا إلى سوريا وذلك منتصف الألف الثانية ق.م. لقد ظهر اسم "آرام" في المصادر التاريخية منذ القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، كما ورد في وثاق مدينة ماري وفي وثائقي أوغاريت في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد.
وقد أسس الأراميون العديد من المدن والدويلات في شمال سوريا وجنوبها منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد.
د- الحوريون والميتانيون:
ظهر الحوريون في التاريخ في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد وقد جاءوا من المرتفعات الواقعة شمال شرقي الهلال الخصيب وأصبح له كيان سياسي في شمال سوريا.
كون الحوريون لأنفسهم مملكة في سوبارتو وفي سوريا العليا وذلك أثناء غزو الهكسوس لمصر، وكونوا في المناطق التي تركزو فيها في شمال العراق دولة قوية عرفت باسم مملكة ميتاني ، وقد كان كل الحوريون والميتانيين القوة السائدة في غرب اسيا وقبل ظهور قوة الحيثيين