3. المراحل الكبرى لحضارة بلاد الرافدين

مر تاريخ حضارة بلاد الرافدين بالمراحل التالية:

-1- العهد السومري القديم:

   كان يسمى هذا العهد الأول من الحكم السومري بفجر السلالات الأولى 2800 – 2370 ق.م، والتي كانت تقوم على نظام المدن الدول، بمعنى كل مدينة هي دولة بحد ذاتها، لها اقتصادها الخاص ومعتقداتها الخاصة وآلهتها الخاصة وحكامها الخاصون، أي مدن دول مستقلة عن بعضها البعض، و أبرزها أوروك ولجش و أوما في الجنوب وكيش في الشمال، أخذت هذه المدن تتصارع وتتنافس فيما بينها، على الأراضي الزراعية وعلى مصادر المياه لأن النشاط الزراعي كان هو أبرز نشاط تقوم به هذه المدن الدول.

وتشير قائمة الملوك السومرية الى ان الملكية نزلت من السماء في كيش، وورد ذكر ثلاثة وعشرين ملكا في وثيقة قائمة الملوك السومرية من بينهم الملك ايتانا صاحب اسطورة الصعود الى السماء، ومن ملوك سلالة كيش يمكن الاشارة الى أجا الذي عاصر الملك جلجماش احد ملوك مدينة الوركاء، وحسب قائمة الملوك السومرية فقد تعاقب على حكم البلاد احدى عشر سلالة من بعد سلالة اور الاولى.

2- العهد الاكدي: (2370 –  2230ق.م.)

 يرتبط نشوء الدولة الاكدية بشخصية" سرجون الاكدي" الذي استطاع توحيد البلاد، وينتمي "سرجون" وعائلته إلى قبائل تتكلم أحد اللهجات السامية، ويعتقد أن أصوله تنتمي إلى البدو نصف المتحضرين على أواسط الفرات، وما ساعده إلى الوصول إلى سدة الحكم ولملمة الدول المتبعثرة تحت حكمه المركزي الموحد هو تنازع تلك الدول فيما بينها ، وتذمر الشعب من فساد سلطة الكهنة من جهة أخرى.

   استطاع سرجون القضاء على جميع منافسيه، انطلقت حملته من مدينة "كيش" إلى أن وصل إلى الخليج العربي، أما حدوده الشمالية فقد وصلت إلى مملكة "ماري"، وقد حكم "سرجون" 56 سنة استطاع خلالها خلق وحدة سياسية مركزية، التي قضت على نظام المقاطعات حكام مدن الدول، فأصبح الملك يدير شؤون المقاطعات الزراعية، دون أن يكون للكهنة دورا فيها. 

   وقد حكم حكام كثر من بعد سرجون الاكدي كان أشهرهم " نرام سين" الذي اعتبر أقوى ملوك الأكاديين بعد "سرجون"، نظرا للقوة التي وصلتها البلاد في عهده، حيث استطاع أن يمد حدود الإمبراطورية الأكادية إلى مدينة "ابلا"، كما عرفت الإمبراطورية  استقرارا في عهده، غير أن الحكام من بعده لم يكونوا بنفس المستوى، مما دب في أرجاء الإمبراطورية الضعف.

3- عهد الاحياء السومري: (2012-2004 ق.م )

يطلق عليه كذلك العهد السومري الحديث، يرتبط هذا العهد باخر اسرة سومرية حكمت المنطقة وهي سلالة "ارو الثالثة" التي اسسها "الملك اورنمو" ، وقد قام هذا الملك باخضاع بلاد سومر وبلاد اكاد، وهو صاحب زيقورة اور الثالثة، واشتهر كذلك بتشريعه للقوانين

   دامت فترة حكم سلالة اور الثالثة 108سنوات، تعاقب على الحكم 5 ملوك استطاعوا أن يؤسسوا دولة تمتد من الخليج الغربي جنوبا إلى أقصى الرافدين شمالا، أي نفس الحدود التي كانت للدولة الأكادية.

   كان الملك في هذا العصر لا يستمد سطته من المصدر الإلهي بل كان نفسه هو المصدر الإلهي لأن الملك إله في هذا العصر.

   مع تغلغل قبائل " المارتو" إلى داخل بلاد الرافدين بدأ الانهيار يدب في سلالة أور الثالثة، هذه القبائل التي كانت توصف في اللغة الأكادية "بالعموريين " التي كانت سببا في تلاشي عصر سلالة أور الثالثة، التي دخلت بلاد الرافدين إلى أقصى سهول الرافدية الجنوبية، تسمى هذه القبائل السامية الغربية، وبالكنعانية تارة أخرى.

4- العهد البابلي :

يقسم الباحثون التاريخ البابلي الى إحدى عشرة سلالة مرت على حكم مدينة بابل اشهرها :

- سلالة بابل الأولى (العهد البابلي القديم) :(1894 -1531 ق.م):

ظهرت سلالة بابل الأولى في وقت كانت البلاد مقسمة الى عدة دويلات مدن متنافسة وأشهرها مدينتي "ايسن"و"لارسا"، وقد حكم هذه السلالة 11 ملكا لمدة ثلاث قرون كان أشهرهم الملك حمورابي الذي أعاد الوحدة السياسية للبلاد.

الملك حمورابي: (1792-1750 ق.م) حين تولى حمورابي  الحكم في مدينة بابل بدأ مشروعه الكبير في إعادة توحيد البلاد، وأنجزه في العام الثامن والثلاثين من حكمه، وأعقب ذلك إصداره لشريعته المشهورة. واشتهر هذا العصر بإنجازاته الكبيرة مثل بناء المعابد وتقوية الحصون والأسوار في عاصمته بابل وفي مدن مملكته الأخرى وتنظيم الجيش وشؤون إدارة البلاد.

-الاسرة البابلية الثانية (1740- 1500 ق.م):

تعرف بسلالة القطر البحري، نشأت هذه السلالة في الجزاء الجنوبية من البلاد، حكم هذه السلالة 11 ملكا، دخل حكام هذه السلالة في صراع كبير مع ملوك بابل، ودمرت نتيجة هذا الصراع مدن كثيرة في الجنوب من بينها مدينة" اور" ، ولم يتمكن احد الطرفين من القضاء على الاخر الا ان جاء الكشيون وقضوا على استقلالها في سنة 1500ق.م

-الاسرة البابلية الثالثة (الكشيون):1518- 1157 ق.م:

يرجح ان يكون الكشيون قد نزحوا من المنطقة الوسطى من جبال" زاجروس"، ودخلوا بابل بعد انسحاب الحثيين منها، وقد تلقب ملوك الكشيين بلقب "ملك سومر وأكاد" و"ملك بابل"، وأطلقوا على بابل تسمية" كار دويناش" أي بلاد الاله دويناش"، وانتهت دولتهم على يد العيلاميين بعد ان حكموا بلاد الرافدين لأكثر من اربعة قرون.

الاسرة البابلية الرابعة: 1124- 1103 ق.م:

امتد حكم هذه السلالة لقرن من الزمن تقريبا حكم خلاله ستة ملوك اشهرهم نبوخذ نصر الاول .

5- العهدالآشوري:

   إن الآشوريين من القبائل السامية التي استوطنت قبائلها المناطق ما بين نهرين في الشمال الغربي حوالي الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد اشتهرت المدينة " آشور" بازدهارها التجاري وأخذت كعاصمة للدولة الآشورية في أغلب مراحلها.

  العهد الآشوري القديم 2100 – 2530 ق.م.:

   تتشكل الفترة من ظهور مدينة "آشور" حتى زوال سلالة بابل الأولى، تمتاز الفترة المبكرة من تاريخهم بالغموض بحيث دخلوا في النفوذ السومري في عهد سلالة " أور الثالثة " ثم تحت السيطرة البابلية، وظهر من الآشوريين عدد من الملوك أشهرهم "شمش داد"، الذي سيطر على القسم الشمالي من بابل، وعاصر الملك البابلي "حمورابي" وانكسر طموحه في مد سلطانه على جنوب بلاد الرافدين.

  العهد الآشوري الوسيط 1500 - 911 ق.م.:

   حكم آشور في هذه الفترة ملون ضعفاء في ظل وجود قوتين متصارعتين، إلى أن جاء الملك الآشوري "أبلوط الأول" الذي استطاع وضع النواة الأولى للإمبراطورية الآشورية القوية.

 العهد الآشوري الحديث 911 – 612 ق.م:

   ويعرف كذلك بالعهد الإمبراطوري، غلب على هذا العهد الحكم المطلق والطابع العسكري للدولة، هذا العهد ازدهر كثيرا وتطور معماريا، حيث كانت آشور في هذا العصر قوة عسكرية كبيرة، وتمكنوا من الوصول إلى المناطق الجنوبية من بلاد ما بين النهرين وفي الشمال وصلوا حتى نينوى.

6- العهد البابلي الحديث (الدولة الكلدانية) 626-539 ق.م

بعد ان تمكن" نبوبلاصر" من هزم الأشوريين في نيبور، اعلن نفسه ملكا على بابل مؤسسا بذلك الأسرة البابلية الحادية عشرة التي تعرف بالمملكة الكلدانية.

ويعتبر الملك" نبوخذ نصر الثاني" أشهر ملوك هذا العصر، حيث كانت له انجازات كثيرة منها هزيمته لمصر ومختلف القوى المتحالفة معها في الشرق الأدنى القديم، وكذلك تدميره لبيت المقدس سنة 586 ق.م وسبيه لليهود وتهجيرهم الى بابل.

وفي سنة 539 سقطت الدولة الكلدانية على يد الفرس بقيادة الملك "قورش"