Section outline

    • يولي علم النفس البيئي لبعض المؤثرات البيئية كالضوضاء، والحرارة، والتلوث والازدحام وغيرها، اهتماما خاصا في دراساتهم للعلاقة بين البيئة والسلوك.

      وفي ذلك سوف نعرض نماذجا من هذه المؤثرات ذات الدلالة بالنسبة للبيئة في عالمنا العربي وخاصة مع تعاظم ظاهرة التحضر.

      1- الضوضاء والسلوك:

      تمثل الضوضاء أحد المتغيرات الفريدة في البيئة الطبيعية لأن هذا المتغير البيئي الذي يؤثر في السلوك الإنساني هو من صنع الانسان ذاته وكنتاج لمدنيته وليس مصدره البيئة الطبيعية.

      إن التعريف البسيط والشائع للضوضاء هو أنها "صوت غير مرغوب".

      (مثال: قد تستمتع بصوت موسيقى كلاسيكية ولكن إذا تطرق إلى مسامعك هذا الصوت وأنت منكب على القراءة أو منهمك في عمل عقلى أو مهيأ للنوم، فإن هذا الصوت نفسه سوف يسبب لك ازعاجا وبالتالي يكون "صوتا غير مرغوب"، كذلك فإن الأصوات العالية التي تصدر عن آلات المصانع وغيرها تحدث الضوضاء، ولكن الفرد لا يحس بهذه الأصوات إلا إذا أدركها على أنها أصوات غير مرغوبة).

      هكذا، يتضمن مفهوم الضوضاء مكونا نفسيا هاما وهو اللامرغوبية "غير مرغوب" بالإضافة إلى المكون الفيزيائي، هذا المكون الفيزيائي ندركه بالأذن وبالعمليات العصبية العليا في الدماغ.

      ويعرفها شحاته (2000) بأنها: "تلك الأصوات غير المرغوب فيها نظرا لزيادة حدتها وشدتها وخروجها عن المألوف من الأصوات الطبيعية التي اعتاد على سماعها كل من الانسان والحيوان". وكذلك تم التطرق الى مصطلح التلوث الضوضائي ويمكن تعريفه كما ذكر شحاته أيضا بأنه: "الضوضاء التي إذا زادت عن حدها وشدتها وخرجت عن المألوف والطبيعي الى الحد الذي يسبب الأذى والضرر للإنسان والحيوان والنبات، وكل مكونات البيئة".

      كما يعرف التلوث السمعي أو التلوث الضوضائي بأنه:" جميع الأصوات التي تتجاوز في شدتها المستوى المقبول عند الإنسان وهو 60 ديسبل".

      وتختلف الضوضاء عن غيرها من ملوثات الهواء من عدة نواحي:

      • متعددة المصادر وتوجد في مكان ولا يمكن السيطرة عليها.
      • ينقطع أثرها بمجرد توقفها، فلا يبقى منها شيء حولنا.
      • تختلف عن عوامل التلوث الأخرى في أنها محلية إلى حد كبير بمعنى أننا لا نحس بها إلا بجوار مصدرها.

      يحدد "كرايتر" (1970) و"جلاس وسنجر" (1972) ثلاثة أبعاد رئيسية تؤثر في جعل الضوضاء كظاهرة بيئية مزعجة:

      - ارتفاع الصوت:

      فكلما ازداد حجم الصوت كلما أدى الى إعاقة الاتصال اللفظي، وإلى ازدياد الاستثارة والتوتر، وإلى تمركز الانتباه على الضوضاء ذاتها.

      - الضوضاء غير المتوقعة وغير المنتظمة:

      فعدم التوقع يؤدي إلى زيادة الاستثارة والشدة لأن الضوضاء غير المتوقعة يجري تقييمها على أنها جديدة وباعثة على التهديد، ولأنها تستحوذ على انتباه الفرد كي يفهمها ويقيمها فلا ينتبه للأنشطة الأخرى، وكذلك لأنه يصعب التكيف معها.

      -إدراك عدم القدرة على التحكم في الضوضاء:

      فنقص التحكم المدرك كأن تعوزنا وسائل التحكم في الضوضاء، يكون مهددا وباعثا على الضيق والازعاج.

      بجانب هذه العوامل الأكثر أهمية في تحديد تأثير الضوضاء على السلوك، تفترض بعض البحوث (بورسكي) عدة عوامل أخرى تزيد من الازعاج المصاحب للضوضاء، وذلك في الحالات التالية:

      - إذا كان الشخص يدرك الضوضاء على أنها غير ضرورية.

      - إدراك الأشخاص الذين يحدثون الضوضاء على أنهم غير مبالين بصالح الآخرين الذين يتعرضون للضوضاء.

      - كما أن الشخص الذي يسمع الضوضاء قد يعتقد أنها خطيرة بالنسبة للصحة. ويربطها بالخوف.

      - ويكون غير راض عن جوانب أخرى من بيئته.

      كخلاصة:

      العوامل التي يتوقف عليها ثاثير الضوضاء، هي:

      طول فترة التعرض للضجيج حيث يتناسب التاثير وشدة الخطورة طرديا مع طول فترة التعرض.

      الصوت المفاجئ هو اكثر تاثيرا من الضجيج المستمر.

      انتظام الضوضاء: الصوت المنتظم اكثرازعاجا وضيقا من الضوضاء غيرالمنتظم.

      شدة الصوت ودرجته حيث كلما اشتد الصوت كان تاثيره اكبر واحيانا يؤدي الى فقدان السمع الكلي .

      حدة الصوت فالأصوات الحادة اكثر تاثيرا من الاصوات الغليظة.

      موقع السامع من مصدر الصوت: فكلما قرب السامع من مصدر الصوت تاثر به بشكل اكثر.

      - التركيب العمري للمتعرض الى الضوضاء: فالاطفال أكثر تحملا.

      - مهنة الشخص وبيئته.

      2- تأثيرات الضوضاء:

      للتلوث الضوضائي عدة تأثيرات سلبية، ويمكن أن نحدد عدة جوانب للتأثيرات التي تحدثها الضوضاء في السلوك:

      أولا- التأثيرات الفسيولوجية: وتتضح في النواحي التالية:

      - فقدان السمع:

      ويحدث في حالة الارتفاع الشديد للصوت، كأن يصل إلى150 ديسبل، حيث يؤدي إلى تمزق في طبلة الأذن أو غيرها من أجزاء الأذن، أما إصابة السمع نتيجة للضوضاء الزائدة فتحدث عادة عند مستويات أقل من الضوضاء (90 إلى 120 ديسبل) بسبب الإصابة المؤقتة أو الدائمة للخلايا الشعرية الدقيقة في قوقعة الأذن الداخلية.

      وفي الواقع أن فقدان السمع الذي يؤثر في ملايين الناس، يمثل مشكلة خطيرة، فتقدر "وكالة حماية البيئة" على سبيل المثال أن ما يقرب من ثلاث مليون أمريكي يعانون من فقدان السمع بسبب الضوضاء.

      - الصحة البدنية:

      وهى تتأثر بازدياد الاستثارة والضغط الناتجين من التعرض للمستويات العالية من الضوضاء، ورغم أن بعض الدراسات (كوهين، جلاس، فيليبس) لم تتوصل إلى نتائج قاطعة بشأن العلاقة بين حدوث بعض الأمراض الجسمية وازدياد التعرض للضوضاء، إلا أنه من الواضح أن الضوضاء عامل مَرضي يؤدي إلى ازدياد النشاط الكهربي وانقباض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وازدياد إفرازات الغدد وغير ذلك من التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بردود الأفعال إزاء الضغط والشدة.

      ومع ذلك، فقد وجدت بعض الدراسات المسحية والارتباطية أن التعرض المتكرر للضوضاء يرتبط بتقارير عن أمراض شديدة (كدراسة كاميرون، روبرتسون، زاكس) وبازدياد استهلاك الحبوب المنومة وبالحاجة إلى التردد على الطبيب (دراسة جراندجين وآخرون)، لكن الدراسات في هذا الميدان ينقصها الكثير من الضبط للعوامل والمتغيرات العديدة المرتبطة بالظاهرة مثل ظروف السكن والدخل والتعليم.

      لذا جاءت نتائج الدراسات متناقضة أو غير محددة:

      مثلا: وجدت بعض الدراسات علاقة بين تعرض الأمهات الحاملات لضوضاء الطيران وازدياد نسبة وفيات أطفالهن (آندو، هاتوري)، كما أظهرت دراسات أخرى ارتباط تعرض العمال المشتغلين بالصناعة للضوضاء بظهور اضطرابات في القلب وبأمراض الحساسية والحنجرة وبالاضطرابات المعدية (كوهن، ‏جانسن).

      إلا أن ثمة دراسات (مثل فينكل، يوين، جلوريج) تقرر أنه لا يوجد ارتباط بين التعرض لضوضاء الصناعة والكثير من الاضطرابات الجسمية السالفة الذكر.

      هكذا، يصعب علينا الخروج بنتيجة عامة مفادها أن للضوضاء تأثيرا سلبيا مباشرا على الصحة الجسمية، ولكن يحتمل كثيرا أن هذا التأثير يحدث ارتباطا بعوامل ضاغطة أخرى (مثل الملوثات الصناعية، والتوتر في العمل، والضغوط الاقتصادية وغيرها) أو يزداد لدى أولئك الأشخاص الذين لديهم استعداد للإصابة باضطرابات فسيولوجية معينة (كوهن وآخرون).

      - الصحة العقلية:

      إذا كان التعرض للضوضاء المرتفعة يؤدي إلى زيادة النشاط الفسيولوجي المميز لحالات الضغط أو الشدة، وإذا كان الضغط أو الشدة عاملا سببيا للأمراض العقلية، فإننا نتوقع أن التعرض الزائد والمتكرر للضوضاء يرتبط بالأمراض العقلية كما يتضح من بعض الدراسات المسحية (كرايتر، كوهن وآخرون).

      وفي المجال الصناعي توضح دراسات عديدة (ستراكوف، كوهن، ميلر) أن التعرض للضوضاء الشديدة يرتبط بأعراض مرضية مثل كثرة الصداع والغثيان، وعدم الاستقرار والثرثرة، والقلق، والتقلب المزاجي أو الوجداني.

      وقد حاولت سلسلة من الدراسات أن تبحث العلاقة بين الضوضاء في المناطق المحيطة بالمطارات والصحة العقلية:

      فقد قارنت دراسة "آبي، ويكراما وآخرون" معدل التردد على المستشفيات والمصحات العقلية بين المناطق ذات الضوضاء المرتفعة والمنخفضة المحيطة بمطار "هيثرو" بلندن، أوضحت نتائج هذه الدراسة أن المعدل المرتفع من نزلاء المستشفيات والمصحات العقلية كان من بين سكان المناطق التي تعاني من ضوضاء زائدة نتيجة لقربها من المطار.

      وقد توصل "هريدج" إلى نتائج مماثلة تقريبا، وفي الواقع أن تفسير نتائج مثل هذه الدراسات ينبغي أن يؤخذ بحذر، لأن ثمة عوامل ومتغيرات أخرى ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في هذا الصدد.

      ثانيا- التأثيرات السلوكية:

      إن الضوضاء، التي يتراوح مداها بين 90 إلى 110 ديسبل، لا تؤثر في الأداء الخاص بالأعمال الحركية أو العقلية البسيطة في معظم الظروف، إلا أنه في نطاق هذا المدى، إذا كانت الضوضاء من النمط غير المتنبأ به (أي تتداخل في فترات غير منتظمة)، فإنها تتداخل مع الأداء في الأعمال التي تستلزم انتباها ويقظة، وتقلل من فاعلية الذاكرة، وإنجاز الأعمال المعقدة التي تستلزم من الفرد القيام بنوعين من النشاط في آن واحد.

       من ناحية أخرى، وجد "جلاس وسنجر"  أن إعاقة الأداء على هذا النحو كانت تقل لدى الأفراد الذين أدركوا أن في مقدورهم التحكم في الضوضاء (كأن يوقفوها إذا أرادوا ذلك).

      ويظهر من دراسات أخرى (برودبنت) أن الضوضاء المفاجئة والعالية والغير متنبأة تؤدي الى تشتيت انتباه الفرد وإلى وقوعه بالتالي في أخطاء إذا كان العمل يتطلب يقظة وتركيزا.

      ولكن تأثير الضوضاء على الأداء يتوقف إلى حد ما على تكوين الشخصية، كما يتبين من نتائج دراسات "أوبل وبريتون"  التي أوضحت أن الأشخاص الذين يعاق أداؤهم بالضوضاء كانوا يعانون من ازدياد القلق.

      ولا تنطوي الضوضاء فحسب على تأثيرات مباشرة وفورية على الأداء ولكن أيضا على تأثيرات لاحقة وبعيدة المدى، كما تكشف دراسات "جلاس، سنجر فريدمان وشيرود وآخرون، في هذه الدراسات طلبوا من المفحوصين أداء أعمال بعد 25 دقيقة من التعرض لضوضاء ذات 108 ديسبل بعض هذه الأعمال عبارة عن ألغاز غير قابلة للحل تعتبر مؤشرا لتحمل الإحباط وللمثابرة، والآخر قراءة "بروفة تصحيح (تجربة مسرحية قبل عرضها على الجمهور) " لبعض النصوص وهو عمل يستلزم يقظة وتركيز انتباه عاليين. ويتضح من النتائج أن نسبة تتراوح مابين النصف إلى الثلث فقط من المفحوصين، مقارنة بغيرهم من المجموعة الضابطة التي لم تتعرض لضوضاء، قد أظهروا قدرة على تحمل الإحباط، ومن ناحية أخرى كانت نسبة الأخطاء التي وقعوا فيها كبيرة بما يدل على تشتت انتباههم.

      للضوضاء كذلك تأثيرات سلبية على العمل والإنتاج، فمن المشكلات الحادة المترتبة على وجود خلفية من الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج والتجارة هو تداخلها مع العمليات الاتصالية وإعاقتها للسلوك الاتصالي. (نيميكيك، جراندجين، ماكينزي)

      وقد اتضح أنه حينما كانت هذه الخلفية الضوضائية عبارة عن محادثة فإنها تعوق الأداء أكثر من الضوضاء التي لا يتم إدراكها على أنها محادثة، ومن الواضح أننا نحاول أن نسمع المحادثة الخلفية كاتصال لذا فإننا نركز قدرا كبيرا من انتباهنا عليها، الأمر الذي قد يعوق الأعمال أو الأنشطة التي نقوم بها.

       وتكشف بعض البحوث (آكتون) عما يعرف بظاهرة "التكيف الاتصالي للخلفية الضوضائية"، التي تبدو في مقدرتنا على تعلم الاتصال بفاعلية في حالة وجود أنماط كثيرة من الخلفية الضوضائية.

      فالمستويات المقبولة من الخلفية الضوضائية تتراوح ما بين 55 إلى 70 ديسبل، والكثير من المصممين البيئيين يستخدمون هذه المعايير في هندسة البيئة.

       وقد ظهر من دراسات "برودبنت وليتل" أن خفض الضوضاء يؤدي إلى زيادة الإنتاجية عند العمال.

      وقد أدى الاهتمام بتأثير الضوضاء على الكفاية الانتاجية والحالة المعنوية والصحية للعاملين بالكثير من الهيئات الحكومية والصناعية إلى التخطيط لتخفيف عوامل الضوضاء في مواقع العمل والإنتاج، ومن بين هذه الاجراءات:

      استخدام السجاد السميك، ومواد عازلة للصوت في بناء الأسقف والجدران، وكذلك تصميم الآلات بطريقة تخفف من ضوضائها أو اصطناع أساليب مكيانيكية لامتصاص ضوضاء الآلات، وغير ذلك من الإجراءات.

      3- مقياس التلوث الضوضائي (السمعي):

      هو مقدار ما يتحمله الإنسان من ضوضاء، ويقاس معدل الضوضاء بوحدة تسمى الديسيبل أو الهرتز، ويشار لها بالحرفين اللاتينيين  dB وكل ديسيبل واحد يمثل عتبة يمكن سماعها بالأذن البشرية. يمكن للأذن البشرية أن تتحمل الاستماع إلى ضجيج يساوي 91 ديسيبل لمدة ساعتين، والاستماع إلى ضجيج يساوي 100 ديسيبل لمدة 15 دقيقة، وإلى ضجيج يساوي 112 ديسيبل لمدة دقيقة واحدة؛ أما الضجيج الذي يزيد على 140 ديسيبل، فلا يمكن للبشر تحمل الاستماع إليه، وقد يؤدي ذلك إلى تلف عصبي فوري لديهم.

       وطبقا لمنظمة الصحة العالمية WHO يعادل مستوى التكلم الطبيعي لدى الإنسان 60 ديسيبل مثلا، ومستوى الضوضاء المسموح في البيئات المدرسية ينبغي أن لا يتعدى 35 ديسيبل داخل الصف في أثناء التدريس وأن لا يتجاوز مستواها من المصادر الخارجية 55 ديسيبل في أثناء فرصة الاستراحة في ساحة المدرسة. أما إذا تجاوز التعرض للضوضاء بمستوى85  ديسيبل لأكثر من ست ساعات في اليوم الواحد، فمن المحتمل أن تسبب خطرا على الصحة.

      معدل الضوضاء المقرر عالمیاً ھو كالتالي :

      من 25 -40 مقبولة في المناطق السكنیة.

       من 30 -60 مقبولة في المناطق التجاریة.

      من 40 -60 مقبولة في المناطق الصناعیة.

      من 30 -40 مقبولة في المناطق التعلیمیة.

      من 20 -35 مقبولة في المستشفیات.

      4- الضوضاء في الوسط المدرسي:

      يمكن حصر مصادر الضوضاء في البيئة التعليمية، على النحو التالي:

      - مصادر موجودة داخل غرفة الصف:

      من مصادر الضوضاء داخل غرفة الصف والتي يمكن ملاحظتها ما يلي: حركة واهتزاز الأثاث داخل الصف، الصحف والأوراق المعلقة بالحائط، ألعاب الحاسوب، كلام الطلاب داخل الفصل بشكل غير منظم..

      - مصادر موجودة داخل المدرسة :

      هناك مصادر ضوضاء يمكن حدوثها داخل غرفة الصف، فإن هناك بعض مصادر الضوضاء خارج غرفة الصف. فمن مصادر الضوضاء داخل المدرسة ما يلي :

      قاعات الدروس المجاورة، الممرات المزدحمة بالأصوات، مناطق الازدحام مثل المطعم أو الصالات الرياضية، وأجهزة التكييف.

      عدد التلاميذ:

      يرتبط هذا العامل حسب هيجي وآخرون (1996) بشكل أساسي بمساحة القسم الذي يتواجد فيه التلميذ، أي أن توفير مساحة مناسبة لعدد التلاميذ المتواجدين في القسم يساهم وبشكل فعال في التخفيض من مستوى الضوضاء بشرط أخذ تصميم البناء الهندسي المدرسي بالاعتبار.

      الفئة العمرية للتلاميذ:

      بينت دراسة وورلد وآخرون (1999) أن معدل مستوى الضوضاء للفئات العمرية (6- 8) سنوات أعلى من مستويات الضوضاء الصادرة من الفئات العمرية المتقدمة في السن والتي تكون بين (11- 12) سنة.

      خبرة المعلمين:

      بينت دراسة دوكرل وآخرون (2002) أن الخبرة الكافية في مجال التعليم، تساهم في تخفيض مستويات الضوضاء الصادرة عن التلاميذ المتواجدين في الأقسام الدراسة.

      - مصادر ضوضاء خارج المدرسة:

      إن موقع المدرسة من أهم الأمور التي لابد من أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في بناء مدرسة. فمن الأفضل وجود المدرسة في مكان هادئ بعيد عن مصادر الضوضاء. وبينت دراسة هانز وآخرون (2000) أن موقع المدرسة المتواجد بالقرب من الطرقات والسكك الحديدية والمطارات يعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع مستويات الضوضاء في المدارس.

        ويمكن تلخيص مصادر الضوضاء خارج المدرسة، فيما يلي:

      أصوات الطائرات، أصوات السيارات أو حركة مرور السير المزدحمة، أصوات متعلقة بأجهزة ومعدات البناء والمصانع.

      ويسهم تصميم البناء الهندسي للمدرسة في التخفيض في مستوى الضوضاء، من خلال توفير المعالجات الصوتية التي تساهم في التخفيض من الضوضاء، كاستعمال الجدران العازلة للصوت والتي تمنع دخولها إلى الأقسام الدراسية، بالإضافة إلى اختيار الموقع المناسب لفتحات النوافذ والأبواب.

      -        تأثيرات الضوضاء في الوسط المدرسي:

      وتؤثر الضوضاء بشكل كبير على إعاقة التحصيل الدراسي والنمو التعليمي للتلاميذ، حيث يؤثر مستوى الضوضاء على:

      - تؤثر الضوضاء على المستوى الفيزيولوجي حيث تسبب للمتعلمين اضطرابات النوم، واضطراب ضغط الدم والكورتيزول.

      - تؤدي الضوضاء إلى ظهور فرط النشاط والإجهاد، كما تتأثر كل من الذاكرة والانتباه. 

      - بما أن الضوضاء تسبب مشكلات في السمع، وبالتالي تزداد المشكلات التعليمية واضطرابات التعليم وصعوباته.

      - عدد ونوعية ومحتوى الاتصالات اللفظية، كما يسبب مشكلات في اللغة المكتوبة أو الملفوظة، وكذا التأخير في اكتساب اللغة وثراء المفردات المستخدمة.

      - عدم القدرة على التركيز وبالتالي عدم الانتباه للفرد الآخر، وعدم القدرة للاستماع لشروحات الدرس، كما تسبب عدم القدرة على القراءة والحساب.

      - تأثر الحالة المزاجية للمتعلم.

      - الرغبة في الابتعاد عن مصدر الضوضاء واختيار الأماكن الهادئة وقد يكون أحد أسباب التسرب الدراسي.

      - الدراسات التي أجريت حول تأثيرات الضوضاء على المتعلمين:

      (01): قام "كوهن سنجر، جلاس" بدراسة على أطفال يعيشون مع أسرهم في بعض المباني العالية الواقعة في طرق رئيسية بمدينة نيويورك، حيث تزداد الضوضاء نتيجة لحركة المرور في الأدوار المنخفضة وتقل في الأدوار العليا، وقد اتضح من هذه الدراسة أن الأطفال في الأدوار المنخفضة يعانون أكثر من صعوبات السمع والقراءة، وكذلك من عدم وصولهم إلى مستويات متقدمة في الدراسة.

      (02): في دراسة (برونزافت، ماكارثي) قارنوا مهارات القراءة لدى التلاميذ بين جهتين في المدرسة -جهة بجوار إحدى طرق السكك الحديدية والأخرى أكثر هدوءا لبعدها عن هذا الطريق، وقد تبين أن التلاميذ الذين يتعرضون للضوضاء أثناء العملية التعليمية تقل مهاراتهم في القراءة وينخفض مستوى تحصيلهم الدراسي بصفة عامة.

      (03): تمثل الضوضاء عاملا مؤثرا في انتشار ظاهرة العدوان، في ذلك تتنبأ نظريات عديدة في تفسير العدوان (بركوفيتز، وباندورا) أنه في الظروف التي يكون فيها العدوان سلوكا مسيطرا في الدرج الهرمي السلوكي، فإن زيادة مستوى الاستثارة عند الفرد سوف يؤدي أيضا إلى زيادة شدة السلوك العدواني، أي أنه بقدر ما تؤدي الضوضاء إلى زيادة الاستثارة، فإنها أيضا تؤدي إلى زيادة العدوان بين الأفراد الذين لديهم استعداد بالفعل للعدوان.

       (04): تؤثر الضوضاء في تناقص التفاعل الاجتماعي القائم على السلوك التعاوني، فالضوضاء الباعثة على الضيق وعدم الارتياح تجعلنا أقل ميلا إلى تقديم العون إلى الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدة، ففي المواقف التي تستلزم من شخص معاونة للآخر أو مساعدته على حل مشكلة ماء، كانت هذه الظاهرة الاجتماعية (تقديم العون للآخرين وتعضيدهم) تتناقص كلما ازدادت الضوضاء المصاحبة لهذه المواقف. حسب دراسة (ماثيوس، كانون، بيج) فالضوضاء لا تجعل المفحوصين ينتبهون إلى الأمارات أو العلامات الدالة على حاجة شخص أو أشخاص إلى العون.

      والخلاصة أن الضوضاء قد تؤدي إلى زيادة الاستثارة والضغط والشدة، وتضييق الانتباه، وتقييد السلوك، هذا الأثر السلبي للضوضاء يتوقف على حجم الضوضاء ومقدرة الفرد على التنبؤ بها، وإدراكه لإمكانية التحكم فيها، وإذا تضافرت عوامل أخرى بجانب الضوضاء مثل درجة تعقيد العمل أو المهمة وخصائص شخصية الفرد وغير ذلك من العوامل، كان للضوضاء آثارا معطلة أو محبطة لفاعلية سلوك الفرد.

    • -     التلوث البيئي (تلوث الهواء/ الماء/ التربة):

      يعتبر التلوث مشكلة عالمية وذلك لترابط النظمة البيئية والدورات الطبيعية مع بعضها البعض. وللتلوث أنواع كثيرة منها تلوث الماء والهواء والتربة والغذاء، هذا بالإضافة الى التلوث الضوضائي والشعاعي.

      ومنذ مائتي عام كان من الممكن مضت أن تتم ملاحظة التلوث والتعامل معه على نطاق ضيق. أما الآن فان مصنعا يبعد مئات الكيلومترات بمقدوره أن يلوث منظومة بيئية متكاملة من خلال مركبات يصعب تتبعها، كما أن آثارها تستمر عقودا طويلة.

       فعلى سبيل المثال نجد أن الصناعة الألمانية تلوث الدول السكندنافية (الدنمارك، النرويج، السويد)، والأمطار الحمضية في كاليفورنيا تعمل على حرق الأشجار المورقة وتدمير الأسطح البلاستيكية والمطاطية وقتل الأسماك في إنجلترا.

      1-مفهـوم التلـوث البيئـي pollution :

      اختلــف علمــاء البيئــة والمنــاخ في التوصــل إلى تعريــف دقيــق ومحــددا للمفهــوم العلمــي للتلــوث البيئــي، وأيــا كــان التعريــف فــان المفهــوم العلمـي للتلـوث مـرتبط بالدرجـة الأولى بالنظـام الإيكولـوجي، حيـث إن كفـاءة هـذا النظـام تقـل بدرجـة كبـيرة وتـصاب بـشكل تـام عنـد حــدوث تغــير في الحركــة التوافقيــة بــين العناصــر المختلفــة، فــالتغير الكمي أو النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يـؤدي بـه إلى الخلـل، ومـن هنـا نجـد أن التلـوث البيئـي يعمـل علـى إضـافة عنصر غير موجود في النظام البيئي، أو انـه يزيـد أو يقلـل مـن وجـود أحـد عناصـره بـشكل يـؤدي إلى عـدم اسـتطاعة النظـام البيئـي علـى قبول هذا الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل في هذا النظام.

      وقـــد تعـــددت مفاهيم التلـــوث البيئـــي، كما يلي:

      هو مصطلح يعنى بكافـة الطـرق الـتي يتـسبب النـشاط البـشري في إلحــاق الــضرر بالبيئــة الطبيعيــة، والتلــوث قــد يكــون مرئيا كالنفايات، أو بصورة دخان اسود ينبعث مـن أحـد المـصانع، وقد يكون غير مرئي ومن غير رائحـة أو طعـم.

      كما يعرف بأنه: "الحالة القائمة في البيئة والناتجـة عـن التغـيرات المـستحدثة فيهـا والـتي تـسبب للإنـسان الإزعـاج أو الأمـراض أو الوفـاة بطريقـة مباشـــرة أو عـــن طريـــق الإخـــلال بالأنظمـــة البيئيـــة وتعـــرف مـسببات التلـوث بالملوثـات، وتعـرف الملوثـات بأنهـا المــواد أو الميكروبات التي تلحق الضرر بالإنسان".

      ويشمل المفهوم الحديث للتلوث:" كل مـا يـؤثر علـى جميـع العناصـر الحيوية بما فيها من نبات وحيوان وإنسان، وكذلك ما يؤثر في تركيـــب العناصــــر الطبيعيـــة غــــير الحيــــة مثـــل الهــــواء والتربــــة والبحـيرات والبحــار".

      ولقد صار تلوث الهواء أحد المشكلات البيئية الخطيرة، وخاصة في العقدين الأخيرين، ونعلم الآن جيدا أن غازات عادم السيارات، والجسيمات المتطايرة من نفايات المصانع، وازدحام المناطق السكانية وغيرها تنطوي على تأثيرات خطيرة على الصحة، وفي مقدمة هذه الملوثات: أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، ثاني أكسيد النتروجين، المواد الدقيقة، الهيدر كاربونات، والملوثات الكيميائية الضوئية (تتكون من الأوزون "غاز سام" ومن مكونات كيميائية مشعة تكونت بفعل تأثير ضوء الشمس على أكسيد النيتروجين والكربوهيدرات وخصوصا ما ينبعث من عوادم السيارات) المتكونة من أثر الضوء والحرارة في إحداث التغيرات الكيمائية.

      ورغم ازدياد "الوعي البيئي" بهذا الشكل الخطير من أشكال التلوث ومحاولة التقليل من حدته، إلا أن الهواء بشكل خاص لايزال عرضة لمزيد من التلوث واستفحاله.

      ونعتمد في إدراك تلوث الهواء على حاسة الشم وعلى إمكانية الرؤية، هذا الإدراك لتلوث الهواء غير كاف لأن الكثير من التلوثات الخطيرة للهواء لا يتم تكشفها على هذا النحو، فأول أكسيد الكربون، مثلا، بلا رائحة وبلا لون.

      وبما أننا لا يتأتى لنا في الغالب إدراك الأنواع الخطيرة من التلوث بواسطة رائحتها أو رؤيتها، إذن كيف نستطيع إدراك وجود التلوث؟

      رغم توفر أجهزة الكشف الكيميائي للتلوث، إلا أن ثمة طرقا أبسط يمكن لأي شخص أن يستخدمها لاستنتاج وجود التلوث، يؤكد خبراء التلوث أن ازدحام السيارات دليل رئيسي لاستنتاج التلوث، حيث أن ما يزيد على 50% من أسباب تلوث المدن يرجع إلى ظاهرة ازدحام السيارات (هاميل وآخرون).

      ومن الدلائل الأخرى لاستنتاج تلوث الهواء: عدم نزول الأمطار (فالمطر ينظف الهواء)، وكثرة المباني العالية (التي تعوق حركة الهواء وتجدده)، وكثرة إشارات المرور، واختناق حركة السيارات (فالتوقف أو التباطؤ ثم الإسراع بحركة السيارات يؤدي إلى ازدياد عادم السيارات، في حين أن السيارات التى تتحرك بسرعة منتظمة لا تفعل مثل هذه الآثار في افساد الهواء في البيئة) (هاميل).

      كذلك فإن تدخين السجائر يحمل آثاره الضارة على صحة المدخنين، وعلى الأشخاص غير المدخنين الذين يستنشقون الهواء الملوث بالتدخين وخاصة في الأماكن المغلقة، حيث يعانون تقريبا من نفس هذه الآثار المرضية، فدخان السجائر يحتوي على كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون والفومالديهايد (غاز عديم اللون نافذ الرائحة) وبعض المكونات الضاة الاخرى.

       ولقد أوضحت دراسات كثيرة، منها على سبيل المثال دراسة "ليكويت، لانديس، ميركي" عن أثر بيئة التدخين على صحة الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، أن الأشخاص غير المدخنين الذين يستنشقون دخان السجائر المتطاير في بيئتهم يعانون بأعراض مرضية كثيرة مثل ازدياد معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، واضطراب التنفس.

      وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر التدخين في العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص. فلقد اتضح من دراسة "بليدا وساندمان" أن الأشخاص غير المدخنين يقيمون الأشخاص المدخنين تقييما سلبيا، فالاستجابات الاجتماعية والعاطفية نحو المدخنين تتسم بالتباعد الاجتماعي وبالفتور العاطفي.

      عموما فإن ملوثات البيئة الهوائية عديدة ومتتوعة، وهي ما أسماها "ريتشارد دول 1992 باسم "التلوث الكامل".

      ويقول إن الفائدة التي عادت علينا من هذا أقل بكثير من الأضرار التي لحقت بالهواء ولوثته، والتي تؤدي إلى انقلاب درجات الحرارة الناتجة عن الضباب والدخان الصادر من الملوثات، هذا الضباب إذا زادت حدته يؤدي إلى الوفاة.

      إن الهواء الملوث يؤثر فى الناس مباشرة من خلال تدميره للبيئة فعلى سبيل المثال يزيد الهواء الملوث من تاكل المعادن وتدمير المحاصيل الزراعية والخضروات.

      هذا وللهواء الملوث آثار على الصحة، فقد وجد ارتباط بين التلوث والإصابة بالالتهاب الشعبي وسرطان المعدة والرئتين وأمراض القلب ومعدلات وفيات الأطفال الصغار وغير ذلك.

      2-  أشكال التلوث:

      يُقسم التلوث لعدة أنواع، كما يلي:

      حسب نوع المادة التي تسبب التلوث، ومنها:

        *التلوث الكيميائي:

      التلوث الكيميائي هو التلوث بالمواد الكيميائية المصنّعة من قِبَل الإنسان أو الناتجة عن مخلفات المصانع كمصانع مواد التنظيف وزيوت السيارات أو الملوثات التي تَنتج كمخلفات جانبية لعملية الصناعة، وهذه المواد تُلقَى في المجاري المائية أو تنتشر في الهواء مما يسبب تلوثًا بيئيًا، وهذا النوع من التلوث ذو آثار شديدة الخطر على البيئة والكائنات، فقد ظهرت آثار هذا النوع من التلوث بوضوح في النصف الثاني من القرن العشرين.

       وقد تصل آثار التلوث الكيميائي إلى الغذاء عن طريق استخدام المواد الحافظة والألوان والصباغ والمنكّهات والروائح الصناعية المُستخدمة في الأغذية وقد أثبتت الدراسات أن كل هذه المواد تسبب الأورام السرطانية الخبيثة.

      ومن أكثر المواد الملوثة للبيئة التي تضر بصحة الإنسان الرَّصاص وكبريت الهيدروجين ومركبات الزئبق والكادميوم والزرنيخ ومركبات السيانيد والمبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والنفط.

      *التلوث الإشعاعي:

      وهو تسرب المواد المشعّة إلى الماء والهواء والتربة ويُعدُّ من أخطر أنواع التلوث البيئي بسبب عدم إمكانية رؤيته أو شمه أو الإحساس به، حيث تنتقل الإشعاعات وتتسلل بسهولة إلى الكائنات الحية في كل مكان دون ترك آثار عند انتشارها، ولكن عند وصول المواد المشعة إلى خلايا أجسام الكائنات تُحدث أضراراً ظاهرة وباطنة قد تودي بحياة الناس، ومصادر التلوث الإشعاعي طبيعية كالأشعة الصادرة من الفضاء الخارجي والغازات المشعّة المتصاعدة من قشرة الأرض أو صناعية كمحطات الطاقة النووية والمفاعلات الذرية والنظائر المشعة المستخدمة في الصناعة أو الزراعة أو الطب أو غيرها.

      *التلوث البيولوجي:

      يُعدُّ هذا التلوث من أقدم أنواع التلوث الذي عرفه الإنسان، وينشأ نتيجة وجود بكتيريا وفطريات وغيرها في الماء أو الهواء أو التربة. تختلط هذه الكائنات بالطعام الذي يأكله الإنسان أو الماء الذي يشربه أو الهواء الذي يستنشقه مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.

      ويحدث التلوث البيولوجي عند تصريف مياه الصرف الصحي دون معالجتها كيميائيًا في موارد المياه العذبة أو بسبب انتشار القمامة المنزلية في الشوارع دون مراعاة القواعد الصحية في جمعها ونقلها والتخلص منها بطريقة علمية، أو بسبب ترك الحيوانات النافقة في العراء أو إلقائها في موارد المياه أو عدم إتباع طرق صحية في حفظ الأطعمة وتصنيعها مما يعرضها للتلوث.

      *التلوث الصوتي:

      تتسبب الضوضاء بأضرار نفسية وعصبية وفيزيولوجية كإحداث الضرر بالقدرة على السمع والتسبب باضطرابات نفسية في صورة قلق وارتباك أو حدوث اضطرابات فيزيولوجية نتيجة الحالة النفسية مثل آلام الرأس، وتسبب تناقص بقدرة الإنسان الإنتاجية فالضوضاء تسبب حوالي 50% من الأخطاء الميكانيكية مما يعادل 20% من الحوادث المهنية.

      *التلوث الحراري:

      يُقصد بالتلوث الحراري التغير في درجة حرارة المسطحات المائية الطبيعية نتيجة النشاط البشري.

      *التلوث الجوي:

      يُعدُّ تلوث الهواء خطرًا على صحة الإنسان، وبحسب الدراسات البيئية فإن أغلب سكان المدن في الدول النامية معرضون لمستويات غير صحية من ثاني أكسيد الكربون حيث يعد الكربون الأسود من الملوثات الخطرة التي أصبحت منتشرة في الهواء بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

      حسب مصادر التلوث: يوجد مصدرين للتلوث، وهما:

      *التلوث الطبيعي:

      هو تلوث لا دخل للإنسان فيه بل سببته ظواهر طبيعية تحدث من وقت لآخر كالبراكين والصواعق والعواصف التي قد تحمل معها كميات هائلة من الرمال والأتربة وتتلف المزروعات والمحاصيل، ومن الصعب مراقبة هذا التلوث أو التنبؤ به والسيطرة عليه.

      *التلوث الصناعي:

      يحدث هذا التلوث نتيجة لأنشطة البشر الصناعية والخدماتية والترفيهية وغيرها، ثم أن استخدام التقنية بشكل زائد فاقم حدوث هذا التلوث، إذ تُعدُّ الصناعات التقنية السبب الرئيسي للتلوث في عصرنا الحاضر وباتت تهدد حياة الكائنات على وجه الأرض.

      وأهم مصادر التلوث الصناعي المخلفات الصناعية والتجارية وما تنفثه عوادم السيارات ومداخن المصانع التي تخلف مركبات الكلور والفلور والكربون السامة.

      وتنقسم الملوثات الصناعية إلى ملوثات صلبة ناجمة عن بعض الصناعات كالأتربة الناتجة عن صناعة الأَسمنت، وملوثات سائلة كمحاليل المواد الكيماوية التي تُلقى في المجاري المائية، وملوثات غازية كالغازات والأدخنة الضارة المتصاعدة من مداخن المصانع التي تكرر النفط.

      حسب البيئة التي يحدث فيها التلوث:

      *تلوث الهواء:

      تُعدُّ أغلب ملوثات الهواء غازية وتشمل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين التي تنتج من الدخَان المتصاعد من عوادم السيارات ومداخن المصانع بالإضافة إلى بعض الشوائب وأبخرة الفلزات الثقيلة كالرصاص حيث تبقى هذه الأدخنة معلقة في الجو لعدة أيام على شكل ضباب دخاني، وآثار هذا التلوث لا تظهر على الإنسان بشكل مباشر لكنها تؤدي على المدى البعيد إلى اضطراب في الجهاز التنفسي والكثير من الأمراض.

      ثم إن التلوث الهوائي يتسبب في الأيام الماطرة بالأمطار الحمضية وهي ظاهرة ألحقت الأضرار الكثيرة بالثروة الزراعية والحيوانية والسمكية.

      وسائل مكافحة تلوث الهواء

      • استخدام وقود يسبب أقل ضرر للبيئة كالغاز الطبيعي.
      • تركيب مرشحات لأدخنة المداخن وعوادم السيارات.
      • استخدام طاقة الشمس وهي طاقة نظيفة لا ينتح عنها ملوثات.
      • إنشاء المصانع والمعامل خارج المدن مع أخذ الاحتياطات للتقليل قدر الإمكان من كَمّيَّة الملوثات.

      *تلوث التربة:

      وينتج من المخلفات والنفايات والمواد الكيميائية التي تُلقى في التربة فتتغير خصائصها الطبيعية والحيوية وتتغير تركيبتها بشكل يجعلها تؤثر سلبًا على من يعيش فوق سطحها من إنسان وحيوان ونبات، ومن أهم مسببات تلوث التربة المعادن الثقيلة، كما وقد تتلوث التربة نتيجة سقوط الأمطار الحمضية عليها أو نتيجة سقوط الغبار الذري الناتج عن التفجيرات النووية التي أحدثها الإنسان.

      وقد تتلوث التربة أيضًا بالمبيدات الزراعية وهذا ينعكس بشكل سلبي على غذاء الكائنات الحية.

      - وسائل مكافحة تلوث التربة

      • إنشاء المصانع والمعامل بعيدًا عن الأراضي الزراعية ومعالجة مخلفاتها قبل تصريفها.
      • التقليل من استخدام المبيدات والأسمدة الزراعية قدر الإمكان.

      *تلوث الماء:

      يُعدُّ الماء عصب الحياة لأغلب الكائنات الحية، وتمثل المياه العذبة 3% من الحجم الكلّي لمياه الأرض وهذه النسبة بالرغم من ضآلتها فهي تواجه خطر التلوث نتيجة رمي المخلفات الآدمية واختلاط الصرف الصحي بالمياه العذبة. وتلوث الماء هو تغيُّر طبيعته وخصائصه الكيميائية والفيزيائية فيصبح غير صالح للاستخدام وخطر على البيئة والكائنات الحية، ويوجد ثلاث أنواع لتلوث المياه:

      • تلوث طبيعي وهو الذي يُغيّر خصائص الماء الطبيعية فيجعله غير صالح،
      • وتلوث كيميائي نتيجة وجود مواد سامة كيميائية مثل الرَّصاص،
      • والتلوث البكتيري نتيجة وجود ميكروبات في الماء تُسبب المرض.

      - وسائل مكافحة تلوث الماء:

      • معالجة المخلفات الناتجة عن النشاط البشري والصناعي قبل تصريفها في موارد المياه.
      • معالجة مياه المجاري ومياه مخلفات المصانع لإعادة استخدامها.
      • إجراء فحوص دورية لعينات من المياه الصالحة للاستخدام للتأكد من عدم تلوثها وأخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة التلوث إن وجد.

      3-   بعض مظاهر التلوث:

      1/ ثاني أكسيد الكربون: خطورته على الإنسان أشد بكثير من آثار خطورته على الكائنات الأخرى، وقد كشفت الدراسات عن أن هذا الملوث الغازي يصيب رئتي الإنسان وأجزاء أخرى من جهازه التنفسي إلى جانب ما يسهم به من انتشار أمراض العيون والأمراض الجلدية التي تتميز بأنها مزمنة وغير قابلة للعلاج.

      2/ أول أكسيد الكربون: هو الملوث الهوائي الوحيد الذي ينفرد الإنسان بصنعه وهو يتكون من الأكسدة غير الكاملة للوقود، خصوصا في محركات السيارات وعلى الرغم من أن نسبته تقل عن ثاني أكسيد الكربون إلا أنه يتصف بسميته الشديدة، فهو يكون مع الدم مركب صلبا يقلل من كفاءة الدم في نقل الأكسجين، وعندما تزيد كميته قليلا يتسبب في إنسداد الأوعية الدموية محدثا الوفاة.

      3/ دخان السجائر: في دراسة لاوبورن وجد أن هناك علاقة بين دخان السيجارة وبين انخفاض الأداء على أحد اختبارات القدرات المعرفية الإدراكية.

      كما يتسبب التدخين في فقدان الشهية والتعرض للإصابة بالقرحة وانخفاض قدرة الرئتين على تبادل الغازات مع الدم.

      - بعض الملوثات الأخرى:

      هناك العديد من الملوثات الضارة جدا والمهلكة لصحة الإنسان قبل الحيوان من هذه الملوثات:

      التلوث الإشعاعي - تلوث الغذاء - التلوث الحراري، وهذه الملوثات لها آثار بدنية ووراثية، ولها تأثيرات خلوية بالإضافة إلى الآثار السلوكية.

      وبالإضافة لأنواع التلوث السابقة هناك أنواع أخرى من الملوثات نذكرها فيما يلي:

      الالمونيوم - الزرنيخ - الرصاص - المنجنيز - الزئبق - النيكل - الثاليوم – القصدير - الكاديوم – البرون.

      تلك الملوثات والسموم لها آثار صحية نجملها فيما يلي:

      فقدان حاسة الشم – فقدان الشهية – الهياج والاضطرابات العنيفة –الاكتئاب – الدوار (الدوحة) – التعب والكسل – الصداع – الارق – الهياج العصبي البالغ – التأخر العقلي – الشلل – النعاس – الارتجاف أو الرعشة – الاضطرابات البصرية.

      4-  التأثيرات المترتبة على ظاهرة تلوث الهواء:

      لقد صارت هذه التأثيرات موضع اهتمام الباحثين في الميادين المختلفة، كما يتضح مما يلي:

      أولا: التأثيرات الصحية:

      وهي ذات دلالات خطيرة في هذا العصر، فقد تبين أن ازدياد معدل الوفيات في المناطق الحضرية يرجع إلى ازدياد الملوثات البيئية، ومثال ذلك: كارثة ديسمبر1952 في لندن، حيث توفي ما يقرب من 3500 شخص بسبب تزايد مستويات ثاني أكسيد الكبريت في الهواء (جولد سميث).

      ويعتبر أول أكسيد الكربون أكثر الملوثات شيوعا وأكثرها خطرا على الصحة فهو يحول بين أنسجة الجسم (بما فيها أنسجة المخ والقلب) وبين استقبال الأكسجين الملائم، وقد يؤدي استمرار التعرض لهذا الملوث إلى مشكلات صحية حادة، مثل إصابات السمع والبصر، والشلل الرعاشي والصرع، والصداع والتعب واضطرابات الذاكرة، بل وازدياد الأعراض الدالة على التأخر العقلي والمرض العقلي (شولتي، جارلاند، بيرس، روز وروز). ومن المحتمل أن يكون كبار السن والمرضى هم أكثر ضحايا تلوث الهواء.

      وقد توصل الأطباء إلى تحديد مايعرف ب "زملة تلوث الهواء" التي تتضح في أعراض معينة مثل:

      الصداع والتعب، والأرق، وسرعة الاستثارة، والاكتئاب، والتهاب العينين، وآلام الظهر، والاضطرابات المعدية، واضطرابات التفكير والأحكام (لافرني، هارت) ويعتقد كثير من الاخصائيين أن نسبة تتراوح بين 50% إلى 90% من الإصابة بالسرطان تعزى إلى التلوث -تلوث الهواء والماء والغذاء. والواقع أن ما يترتب عن التلوث من أضرار صحية أكثر وأخطر مما هو معروف لدينا.

      ثانيا- التأثيرات السلوكية:

      يقوم قدر كبير من الدراسات في هذا الصدد على دراسة تأثير أول أكسيد الكربون، الذي ينتج من عدم الاحتراق الكامل لبعض المواد التي تحوي الكربون (كاحتراق الخشب، الفحم، البنزين..)، ولقد وجدوا أن تركز هذا الملوث بنسبة تتراوح بين 25 إلى 125 جزءا لكل مليون من هذه النواتج الكيميائية يظهر خاصة في فترات ازدحام حركة مرور السيارات.

       في إحدى الدراسات (بيردوفرتهايم) جرى تعريض المفحوصين (متطوعين) لتركيز أول أكسيد الكربون بنسبة تتراوح بين 50 إلى 250 جزءا في الجو لفترات مختلفة من الوقت، وسألوهم أن يأتوا بأحكام يميزوا فيها بين فترات الوقت المختلفة، ولقد وجدا أن التعريض لمدة تسعين دقيقة لتركز الكربون بنسبة 50% جزءا في الجو يؤدي إلى الاخلال بأداء المفحوصين في إدراك الوقت، وكلما ازدادت نسبة تركز أول أكسيد الكربون يزداد معدل الاخلال بأداء الأفراد.

       وحينما استخدم الباحثان الفئران في تجاربهما، وجدا أن احدى عشرة دقيقة من التعرض لتركيز أول أكسيد الكربون بنسبة 100 جزءا في الجو يؤدي إلى إعاقة التعلم عند هذه الحيوانات في موقف للتعلم الشرطي الإجرائي.

      وقد أوضحت دراسات "برايساشر" أن ملوثات الهواء، بما فيها أول أكسيد الكربون تؤثر بشكل ضار في بعض جوانب السلوك الإنساني، وبخاصة زمن الرجع والمهارة اليدوية والانتباه.

      لذا يفترض أن تلوث الهواء المرتبط بحركة المرور وكثرة الاختناقات في شوارع وأماكن مزدحمة بالسيارات، قد يؤدي إلى إعاقة القدرة على القيادة بما قد يؤدي إلى زيادة معدل حوادث السيارات.

      يتضح ذلك خاصة من نتائج دراسة "لويس، بادلي، بنهام، لوفيت" عن "التلوث الناتج من حركة المرور، والكفاية العقلية"، في هذه الدراسة تعرض المفحوصون لنوعين من الهواء: هواء نقيا، وهواء ملوثا في موقع فوق منطقة مزدحمة يبلغ معدل المرور فيها بحوالي 830 سيارة في الساعة، وقد تبين أن أداء المفحوصين الذين استنشقوا الهواء الملوث قد أخفق في ثلاثة أنشطة من أربعة أنشطة عقلية تستلزم تشغيلا للمعلومات، هذه النتائج تؤيدها أيضا دراسات "هورفاث»، دامز، أوهانلون"، ومؤداها أن أول أكسيد الكربون ينطوي على آثار ضارة بمستوى فاعلية الأداء الإنساني، وقد أوضحت دراسات "روتون وآخرون" أن تعرض المفحوصين للروائح الكريهة (مركب الايثيل) يؤدي إلى زيادة ظاهرة العدوان بينهم.

      والخلاصة أن تلوث الهواء ينطوي على آثار ضارة وخطيرة بالنسبة لفاعلية السلوك الانساني فهو قد يعجل ببعض العلل الجسمية أو يسبب حدوث أمراض جسمية حادة، ويمثل أول أكسيد الكربون الناتج من عادم السيارات الخاصة، أكثر ملوثات الهواء شيوعا وخطورة.