تعريف المقاول – الشروط الواجب توفرها فيه
تمهيد:
عرف مفهوم المقاول تطورا مع مرور الزمن، ففي فرنسا خلال العصور الوسطى كانت كلمة مقاول تعني؛ الشخص الذي يشرف على مسؤولية، ويتحمل أعباء مجموعة من الأفراد، ثم أصبح يعني الفرد الجريء الذي يسعى من أجل تحمل مخاطر اقتصادية. أما خلال القرنين 16 و17م، فقد أصبح يعني الفرد الذي يتجه إلى أنشطة المضاربة ( أي الذي يبحث عن الأرباح).
تعريف المقاول:
تشير كلمة "مقاول" أحيانا إلى كلمة "رائد"، من الريادة التي تعني في الأصل استثمار الفرص والبحث عن الربح. كما ارتبطت بالقدرات البشرية على الإبداع والتجديد. والريادة؛ نحو؛ ريادة الأعمال: (المقاولة؛ENTREPRENARIA / ENTREPRENEURSHIP)، نقول: مقاول؛ رائد الأعمال (ENTREPRENEUR). والمصطلح استخدم لأول مرة في بداية القرن 16، وقد تضمن مفهومه آنذاك معنى المخاطرة وتحمل الصعاب.
وباللغة الانجليزية؛ مصطلح (undertaker) أو (adventuer)، حسب تعريف (jonhnson's dictionary): " الشخص الذي يحاول استغلال الفرص التي تتميز بالمخاطرة". ويعرفه الباحث (cantillon) بالقول: " المقاول هو صاحب رأس المال الذي يتحمل المخاطر الناجمة عن لا یقین (عدم التأكد) البيئة".
وقديما، عرّف القاموس الفرنسي العام للتجارة الذي تم نشره سنة 1723 بباريس، (entrepreneur) بـ؛ " الشخص الذي يباشر عملا أو مشروعا ما، حيث بدل أن يقال صاحب مصنع، يقال مقاول صناعي تحمل مسؤولية عمل ما، أو مشروع أو صناعة... الخ ".
وعموما، فقد مال بعض الباحثين إلى الاتفاق على أن (المقاول هو الشخص الدینامیكي الذي يخوض مخاطر محسوبة. أين يعمل في ظل لا یقین البيئة بصفة عامة، وتقلبات الأسواق بصفة خاصة. وهو يتحمل المخاطر الناجمة عن ذلك، فقد تكون مخاطر مالية، أو جسدية، أو عائلية، أو نفسية).
وبهذا فالمقاول: هو الشخص الذي يمتلك الصفات والقدرات والمهارات الشخصية، التي تؤهله لاستغلال الفرص المتاحة، وتحمل المخاطر الناجمة عن خلق وتطوير مقاولته، في ظل بيئة لا يقينية معتمداً في ذلك على الإبداع بمختلف أشكاله.
تطور تعريف المقاول:
استعملت هذه الكلمة لأول مرة سنة 1616م، من طرف العالم الفرنسي DE) MONCHRETIEN)، وكانت تعني الشخص الذي يوقع عقدا مع السلطات العمومية من أجل ضمان إنجاز عمل ما، أو مجموعة أعمال مختلفة. وبناء على ذلك كانت توكل إليه مهام تشييد المباني العمومية وإنجاز الطرقات، وضمان تزويد الجيوش بالطعام.
وبالرغم من تطور هذا المفهوم عبر الزمن إلا أن الفضل يعود إلى بعض العلماء الاقتصاديين مثل (CONTILLON سنة 1755)، و (SAY سنة 1803) اللذان قدما تصورا واضحا عن وظيفة المقاول.
- فالمقاول حسب (كونتيون) هو شخص مخاطر يقوم بتوظيف أمواله الخاصة، حيث يعتبر حالة "عدم اليقين" عنصرا أساسيا في تعريف المقاول. ويرى أنه في أي مجال كان، يشتري ويستأجر بسعر أكيد، ثم ينتج ويبيع بسعر غير أكيد. فهو غير متأكد من نجاح نشاطه أو فشله، وهو بالتالي يتحمل المخاطر في عملياته الاقتصادية.
- أما الاقتصادي الكلاسيكي الفرنسي (جون بابتيست ساي / J.B.SAY) فيعتبر المقاول الشخص المبدع الذي يقوم بجمع وتنظيم وسائل الإنتاج، بهدف خلق منفعة جديدة.
- ويرى (جوزيف شومبيتر /J.Shumpeter ) (عالم أمريكي من أصل نمساوي في الاقتصاد والسياسة)؛ أن المقاول هو ذلك الشخص الذي لديه الإرادة والقدرة على تحويل فكرة جديدة أو اختراع جديد إلى ابتكار. وبالتالي، فوجود قوى الريادة في الأسواق والصناعات المختلفة، تنشأ عنها منتجات ونماذج عمل جديدة. فالرياديون يساعدون ويقودون التطور الصناعي، والنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
كما يرى أن وظيفة المقاول تتمثل في البحث عن التغيير والتصرف بما يوافقه، واستغلال ذلك كأنه فرصة. لذا فإنه يعتمد على إبداعه واختراعاته للتقنيات وتوظيفها من أجل تحقيق ما يلي:
- صنع منتج جديد.
- استعمال طريقة جديدة في الإنتاج
- اكتشاف قنوات توزيع جديدة في السوق.
- اكتشاف مصادر جديدة للموارد الأولية أو الموارد النصف مصنعة.
- إنشاء تنظيمات جديدة.
- كذلك نجد أعمال الاقتصادي الانجليزي (ألفريد مارشال / A. Marsall) الذي يعتبر من أوائل الكتاب الانجليز الذين اهتموا بالمقاول، حيث تزامنت أعماله مع ظهور المؤسسات الكبيرة التي شهدت انتشارا كبيرا. لذلك فهو يعتبر تحول الاقتصاد من الاعتماد على نظام الحرف الصغيرة التي يسيرها العمال أنفسهم إلى نظام المؤسسات الكبيرة المسيرة من طرف مقاولين رأسماليين، يتطلب وجود رجال ذوي طاقات كبيرة، تتمثل مهمتهم في تسيير الانتاج بطريقة تؤدي إلى جعل الجهد المبذول يقدم أحسن نتيجة ممكنة، من أجل إشباع الحاجات الإنسانية.
وعموما، فقد عرف المفهوم تطورا في الدول المتقدمة، وارتبط بالاختراعات والتفرد. أما في الدول النامية فقد ارتبط بمن يأخذ بزمام المبادرة والتحرك، ويخاطر وينشئ عملا جديدا يساهم به في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الشروط الواجب تحققها في المقاول:
عرفت شخصية المقاول نقاشا بين الباحثين من أجل ضبط مواصفاتها، ووضعوا جملة من الشروط، أوجبوا تحققها فيه حتى يكون مقاولا، منها:
- الاستعداد للمخاطرة عند تبنّيه للمشروع وبدء تشغيله. ويلاحظ أنه كلما زادت درجة الرغبة في النجاح يزداد الميل والاستعداد نحو المخاطرة.
- تمتعه بروح الفريق، ومواجهة الصعوبات، ووضع كل الموارد تحت التنفيذ؛ سواء كانت هذه الموارد داخلية، نحو: الـكفاءات، والمهارات، أو كانت موارد خارجية، نحو: الأدوات، والأفراد، والتنظيم.
- الابداع، والثقة بالنفس.
وعلى المقاول أن يتمتع بثلاث خصال.
- أن يكون صاحب مهنة.
- أن يتوفر على روح المبادرة.
- أن يتوفر على روح المخاطرة.
- Teacher: مـغــزي أحمد سعيد