الاختبارات والمقاييس في التوجيه والإرشاد المدرسي

TESTS AND MEASURES

تمهيد:

تستعمل الاختبارات والمقاييس في قياس القدرات والاستعدادات والسمات من مثل:

 الذكاء والقدرات والاستعدادات والتحصيل والشخصية والميول والقيم والاتجاهات والتوافق النفسي والصحة النفسية, وهذه كلها معلومات لازمة في الإرشاد النفسي، حيث عمل العلماء في سبيل قياس خصائص الأفراد من فروق فردية في التكوينات العقلية والتكوينات الشخصية  على ابتكار الاختبارات والمقاييس النفسية كأدوات مقننة يمكن بها قياس أوجه السلوك المختلفة بصورة علمية، وكثرت و نظرا لتنوع مجالات القياس لدى الإنسان تعددت الاختبارات والمقاييس، وأصبح  اليوم من الممكن قياس العديد بل معظم الخصائص النفسية للفرد.

مفاهيم الاختبارات والمقاييس النفسية:

القياس :

 حسب ستيفنزStevens  1946 القياس هو عملية التعبير الكمي عن الخصائص والأحداث بناء على قواعد وقوانين محددة.

أما علام 2000 هو تعيين فئة من الأرقام والرموز (العلامات) تكون مناظرة لفئة من الخصائص آو الأحداث طبقا لقواعد محددة، وطبقا لهذا التعريف فعملية القياس تشتمل على ثلاثة مجموعات وهي:

-          مجموعة الأرقام والرموز.

-          مجموعة الخصائص أو الأحداث أو السمات.

-          مجموعة القواعد والقوانين.( النبهان، 2013، ص 17)

    أما براون 1984 Brown فيرى في القياس بأنه التحديد الرقمي للسلوك أو الخصائص وفق قواعد محددة، بحيث تتضمن عملية قياس أي خاصية أساليب قياس دقيقة ومناسبة أو عمليات وقواعد محددة لتعين قيم عددية للخاصية أو الأداء الرفد على اختبار يقيس هذه الخاصية .

أما جرونلند Grounlond1985 فيشير للقياس بأنه عملية الحصول على وصف رقمي للدرجة التي يمتلك بها الفرد خاصية معينة. (ابو ناهية، 1994، ص 20 ).

    وحسبأبو ناهية القياس هو عملية تقدير رقمية او كمية لمقدار ما يملكه فرد معين من صفة أو خاصية من الخصائص بمقياس معين، ووفقا لقواعد معينة.  (أبو ناهية،1994، ص21)

تعريف الاختبار:

     حسب ساكس1994 saxالاختبار النفسي التربوي بأنه مطلب من مجموعة من المطالب تستخدم للحصول على ملاحظات منظمة يفترض أنها تمثل سمة نفسية أو تربوية .

أما براون فعرفه عام 1976 فيعرفه بأنه إجراء منظم لقياس عينة من السلوك.

تعريف شايس عام 1985 Chase الاختبار النفسي التربوي هو أداة قياس مقننة أو أسلوب منظم يصمم للحصول على قياس موضوعي لعينة من السلوك بهدف موازنة أداء الفرد بمعيار أو مستوى أداء محدد .(علام، 2000،ص 28 ).

شروط الاختبارات والمقاييس:

هناك شروط للاختبارات والمقاييس النفسية الجيدة، وفيما يلي هذه الشروط:
الصدق Validity:  الثبات Reliability: الموضوعية: أي أن يكون هناك معنى وتفسير موحد لوحدات الاختبار وأسئلته، يؤدي إلى فهم المقصود منها. التقنين: يقصد به إعداد معايير للاختبار أو المقياس حتى تتحول الدرجات الخام إلى درجات معيارية تمكن من مقارنة العميل برفاق سنه وجنسه وثقافته، وتعتمد المعايير على المتوسطات أو غيرها من مقاييس النزعة المركزية والانحراف المعياري.

إظهار الفروق الفردية: يجب أن يكون الاختبار فارقا، أي مظهرا للفروق الفردية ومميزا السهولة والصعوبة وتدرجها وتغطيتها للسمات بحيث تظهر الفروق الفردية، ويمكن معرفة ذلك بدراسة معامل سهولة الوحدات.
تعدد الاختبارات: يجب الاعتماد على أكثر من اختبار واحد في الإرشاد النفسي، لأن الاقتصار على اختبار أو مقياس واحد والاكتفاء به قد يكون مضللا.
الاعتدال في الاختبارات: يجب الاعتدال وعدم التمادي في إجراء الاختبارات، لأن كثرة الاختبارت قد تسبب مقاومة من جانب العميل، من مظاهرها الرفض والكذب والتلفيق، ومن علاماتها أيضا شك العميل في قيمة الاختبارات والمقاييس وفي دلالة نتائجها.

الاحتراس من أثر الهالة Halo Effect: يجب الاحتراس من أثر الهالة عند استخدام الاختبارات والمقاييس وفي التقييم النفسي بصفة عامة، ويقصد بأثر الهالة ميل الفاحص إلى أن يقيم المفحوص متأثرا بفكرة عامة أو انطباع عام عنه على أنه حسن أو رديء أو أعلى من المتوسط أو دون المتوسط. (زهران،  ص    )

الاختبارات والمقاييس في العمل التوجيهي:

تتنوع الاختبارات والمقاييس فنجد منها:

- اختبارات ومقاييس الذكاء بأنواعها المختلفة من حيث المادة ومن حيث طريقة الأداء.
- اختبارات ومقاييس الاستعدادات والقدرات العقلية.
- اختبارات التحصيل الدراسي بأنواعها التشخيصية والتنبؤية والتدريبية.
- اختبارات ومقاييس الشخصية بأنواعها من استفتاءات ومقاييس تقدير واختبارات إسقاطيه.

   ففي مجال التوجيه التربوي:

تعود بداية العمل بالاختبارات في الموقف التربوي في فرنسا من خلال الجهود التي قام بها العالم الفرنسي أ.تولوز (1865،1948) وهذا من خلال مجال التوجيه المدرسي والمهني وكانت الغاية تسهيل تكييف الطلاب مع الحياة المدرسية ومع عالم العمل.

أما في الاتحاد السوفياتي سابقا فكانت لهم نظرة مخالفة لدور الاختبارات حيث اصدر الحزب الشيوعي آنذاك مرسوما يقضي بإلغاء استخدام الاختبارات كونها مكيفة وفقا  للتلاميذ في البيئة البورجوازية، كما أنها وليدة وسط بيئي غير ثابت وقابل للتغير ، إضافة لكونها ترسخ فكرة وجود عبقريات خاصة.

إلا أن البدايات الحقيقية في استخدام الاختبارات في الوسط المدرسي تعود لعام 1904 على يد بينيه وسيمون، حيث استخدمت للتمييز بين الأطفال الأسوياء والتلاميذ غير الأسوياء في المدارس الفرنسية،(عمر وآخرون،2010،ص ص 114،115) ثم تطورت حركة الاختبارات النفسية خصوصا في مرحلة الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وعموما فإن استخدام الاختبارات في مجال التوجيه التربوي يستلزم استخدام اختبارات القدرات والاستعدادات إلى جانب اختبارات القدرة العقلية العامة، وتقيس اختبارات القدرات والاستعدادات قدرة العميل على النجاح في طائفة معينة من نواحي النشاط العقلي. وتتنوع اختبارات القدرات والاستعدادات لتقيس القدرة اللغوية، والقدرة الرياضية، والقدرة الفنية، والقدرة الموسيقية، والمهارة اليدوية والمهارات الحركية الأخرى.
- اختبارات التحصيل الدراسي بأنواعها التشخيصية والتنبؤية والتدريبية.
- اختبارات ومقاييس الشخصية بأنواعها من استفتاءات ومقاييس تقدير واختبارات إسقاطيه.
- اختبارات الميول.
- اختبارات القيم. حامد زهران،

الاختبارات والمقاييس كأداة للتشخيص النفسي:

       تعتبر الاختبارات بأنواعها المختلفة والمتنوعة من أهم الأدوات المستخدمة في علم النفس للتوصل إلى فهم أعمق ومعرفة أكثر شمولا لشخصية الفرد ، من حيث قدراته العقلية ومشكلاته الانفعالية.

       ويمكن تحديد دور الاختبارات في الأهداف الآتية:

1-      تقييم قدرات الفرد وإمكانياته، من حيث ذكائه وقدراته العقلية(اختبارات الذكاء).

2-      كشف الجوانب المختلفة من شخصية الفرد، مشاعره، أفكاره، رغباته، اتجاهاته،(اختبارات الشخصية)

3-    تقييم دينامية السلوك لدى الفرد وكشف الدوافع الواعية واللاواعية التي تحرك هذا السلوك، أي كشف أنواع الصراعات أو المآزم النفسية(الاختبارات الاسقاطية).

4-      تشخيص الاضطراب أو المرض النفسي أو العقلي الذي يعاني منه الفرد.

و بناء عليه فالتشخيص هو عبارة عن تقييم علمي شامل لحالة الفرد، من حيث قدراته وإمكانياته، ومشكلاته التي يواجهها ويعاني منها، وبذلك فمن خلال التشخيص يمكن تهيئة برامج إرشادية او علاجية وهو كذلك يتضمن التنبؤ  وبناء الافتراضات المتوقعة عن حالة معينة.(عباس، 1992،ص ص18،19 )

انواع اختبارات ومقاييس التشخيص في العمل الإرشادي:
يطلق مصطلح اختبارات ومقاييس التشخيص في مجال الإرشاد العلاجي والعلاج النفسي على الاختبارات والمقاييس التي تساعد في تحديد المشكلات وتشخيص الاضطرابات والأمراض النفسية.

ومن بين أهم الاختبارات التي يمكن استعمالها في العمل الإرشادي نجد ما يأتي:

اختبارات التوافق النفسي:
يهتم المرشد باختبارات التوافق النفسي، وتقدير التوافق النفسي للعميل شخصيا واجتماعيا ومدرسيا ومهنيا ... إلخ.
ومن أمثلة اختبارات التوافق النفسي المتداولة في الوطن العربي ما يلي:
اختبار التوافق الشخصي والاجتماعي: إعداد عطية هنا. ويقيس التوافق الشخصي والاجتماعي.
اختبار التوافق للطلبة: وضع هيو بيل Bell، اقتباس وإعداد محمد عثمان نجاتي. ويقيس التوافق المنزلي والصحي والاجتماعي والانفعالي، ويصلح للمرحلتين الثانوية والجامعية.
اختبار الشخصية للمرحلة الإعدادية والثانوية: إعداد عطية هنا. ويقيس التوافق الشخصي، ويتناول الاعتماد على النفس والشعور بالقيمة الذاتية والشعور بالحرية والشعور بالانتماء والتحرر من الميل إلى الانطواء والخلو من الأعراض العصابية، والتوافق الاجتماعي ويتناول المستويات الاجتماعية والمهارات الاجتماعية والتحرر من الميول المضادة للمجتمع والعلاقات في الأسرة وفي المدرسة وفي البيئة المحلية.
- مقاييس الصحة النفسية من مثل:
مقياس الصحة النفسية للشباب: إعداد حامد زهران، فيوليت فؤاد، ويقيس الصحة الجسمية، والهدوء النفسي، والطمأنينة، والصحة النفسجسمية، والاجتماعية، والشعور بالانتماء. والتقبل، والتفاؤل، والاتزان الانفعالي، والشعور بالثقة، وتحقيق الذات، والسلوك المعياري، والشعور بالأمن، والضبط الذاتي.
- مقاييس الإرشاد النفسي:
توجد مقاييس للإرشاد النفسي يستخدمها المرشدون للحصول على معلومات عن ديناميات ومشكلات الشخصية، وتستخدم مثل هذه المقاييس لإثارة اهتمام المرشدين بعملائهم والتعرف على من يحتاجون منهم إلى خدمات إرشادية، والتعرف على مشكلاتهم ومعاونتهم في الحصول على فهم ناضج للذات، والحصول على معلومات كثيرة لازمة لعملية الإرشاد النفسي.
وأهم مقاييس الإرشاد النفسي المستخدمة في الوطن العربي هو:
مقياس الإرشاد النفسي: إعداد محمد عماد الدين إسماعيل وسيد مرسي، وقد وضع المقياس بيردي وليتون Berdie & Layton باسم مقياس منيسوتا للإرشاد النفسي Minnesota Counseling Inventory .

إجراء الاختبارات والمقاييس:
يتطلب إجراء الاختبارات والمقاييس النفسية مراعاة بعض الأمور الأساسية حتى يأتي الإجراء سليما ومؤديا للهدف، ومن هذه الأمور ما يلي:
اختيار الاختبارات: يجب اختيار أنسبها لتطبيقه حسب ما يراد قياسه وحسب عمر العميل وجنسه ودرجة ثقافته وحسب الموقف والوقت المتاح وحسب مجال الإرشاد. ويوصي بأن يختار المرشد أقل عدد ممكن من الاختبارات والمقاييس التي تغطي أكبر مساحة ممكنة من السلوك وتعطي أوفى قدر من المعلومات، وبحيث تتميز بأكبر قدر من الصدق والثبات وسهولة الاستخدام.
الأخصائي: يجب حسن اختيار الأخصائي الذي يقوم بإجراء الاختبارات والمقاييس وتفسير نتائجها. ويتطلب هذا أن يتوفر لديه التدريب والخبرة في استخدام الاختبارات والمقاييس بصفة عامة وفي بعض أنواعها بصفة خاصة مثل الاختبارات الإسقاطية والاختبارات العملية واستخدام الأجهزة.
المفحوصون: يجب إثارة دافعية العميل لأخذ الاختبارات، واختيار الوقت المناسب له، وفي حالة الإجراء الجماعي كلما صغر عدد المفحوصين كلما كان الوضع أفضل، وأفضل أداء هو الأداء الفردي.
المكان: يحسن أن يكون إجراء الاختبارات والمقاييس في "مختبر" أو "معمل" ويجب مراعاة أمور ضرورية مثل المقاعد المريحة والإضاءة الكافية والتهوية المناسبة ... إلخ.
المناخ النفسي: يجب تهيئة مناخ نفسي مناسب لإجراء الاختبارات والمقاييس بحيث تكون الحالة النفسية للعميل مناسبة والظروف المحيطة به من حيث الزمان والمكان ... إلخ مناسبة حتى يشعر بحرية وطمأنينة فيأتي الأداء على أكمل وجه ممكن.
الإجراء: في إجراء الاختبارات والمقاييس يجب الالتزام بتعليماتها.
النتائج: بعد تمام إجراء الاختبارات والمقاييس يتم تصحيحها وتقرير نتائجها في ضوء المعايير. ويجب أن يعرف العميل نتائج الاختبارات التي أجريت عليه، ومن الأفضل أن تعرض نتائج الاختبارات والميول أولا ثم اختبارات القدرات ثم التحصيل، بحيث تعرض النتائج الأفضل التي حصل فيها العميل على درجات عالية قبل تلك التي حصل فيها على درجات أقل، مع اتخاذ كل الاحتياطات بما يؤدي إلى تدعيم معرفة العميل بذاته وشخصيته دون شعوره بالخيبة وتحطيم الآمال. ويمكن أن تعرض النتائج في صورة تخطيط نفسي يشملها جميعا ويوضح العلاقات بينها، ويمكن في ضوئه مقارنة الصورة الناتجة بتصور العميل لذاته.
تفسير النتائج:

بعد تصحيح الاختبارات والمقاييس وتقرير نتائجها لا بد من تحليل هذه النتائج، ويجب أن يكون المرشد موضوعيا وعمليا في تفسيره للنتائج ومتحررا من النظريات الجامدة والقواعد العامة التي قد لا تنطبق على الحالة الفردية موضوع الدراسة والفحص، ويجب أن يكون تفسير النتائج في ضوء بعضها البعض وبالاستعانة بالمعلومات التي يتم جمعها بوسائل جمع المعلومات الأخرى. فمثلا يجب الاحتراس في تفسير النتائج الرقمية مثل نسبة الذكاء فقد تكون نسبة ذكاء عميل كما أظهرها اختبار ما منخفضة، ولكن بحث الحالة بالوسائل الأخرى يدل على أنه في حالة نفسية لا تسمح له بالتركيز في أداء اختبار الذكاء،         

    ويقترح لوندي وشيرتزر Lundy & Shertzer؛ "1963" أن يعقد لتحقيق هذا الهدف ما أسمياه "مقابلة التفسير" Interpretation Interview  (زهران،     )

مزايا الاختبارات والمقاييس:تمتاز الاختبارت والمقاييس بما يلي:
- - تعطي تقديرا كميا وكيفيا معياريا لشخصية العميل واستعداداته وقدراته ونقاط قوته ونقاط ضعفه، مما يساعد في تحديد التشخيص وطريقة الإرشاد.
- يمكن استخدامها في قياس مدى التقدم أو التغير الذي طرأ على الحالة عند إعادة إجرائها.
- تعتبر وسيلة فعالة في التقييم والتصنيف والاختيار واتخاذ القرارات والتنبؤ المبني على معلومات كمية أكثر صدقا وثباتا من التقديرات الكيفية.
- تستخدم في تقييم الإرشاد ودراسة النمو والتغير الذي يطرأ على الحالة.
- تمهد لاستخدام وسائل أخرى مثل المقابلة ومؤتمر الحالة.
- يستطيع المرشد أثناء إجراء العميل لها أن يلاحظ سلوكه ومدى إقباله عليها أو رفضه لها أو تركه بعض الفقرات ... إلخ، وهذا له أهميته الخاصة في عملية الإرشاد.

Last modified: Thursday, 25 May 2023, 9:44 PM