مقدمة
الحديث عن واقع الاقتصاد الدولي، يتطلب تركيزا معمق في البحث عن بوادر نشأته وتحليل مجالات نشاطه والفواعل التي تتمحور حولها العملية الاقتصادية الدولية، والقواعد والضوابط القانونية التي تضبط سلوك وممارسات فواعل الاقتصاد الدولي، وكذا البحث في أسباب وظروف التحول صفة (الدولية) للاقتصاد إلى العالمية. كل هذه المحطات سيتم
التفصيل فيها في العناصر الموالية.
أولا: نشأة النظام الاقتصادي الدولي
إن الباحث في تطور النظام الاقتصادي الدولي، يلاحظ أنه لم يكون وليد الصدفة، وإنما كان نتاج لمحطات تاريخية كبرى أسهمت في تبلوره في صرته الحالية. إلا أن الكثير من الباحثين ينفون الممارسات التجارية والاقتصادية التي كانت قبل الحرب العالمية الثانية، ليؤسسوا بذلك الانطلاقة الفعلية لنشأة النظام الاقتصادي الدولي.
إذ كان هذا التصور يبرر موقفه من إلغاء صفة النظام على الاقتصاد الدولي قبل الحرب العالمية الثانية، من خلال التركيز على الطبيعة الفوضوية التي الاقتصاد الدولي قبل هذه المرحلة التي تميزت ببروز النزعة الإمبريالية الاستدمارية التي تهيمن وتسيطر على خيرات وثروات البلدان المستعمرة من خلال استخدام القوة. كما أنه ينفي صفة النظام أو التنظيم على الممارسات والمبادلات التجارية التقليدية بين الإمبراطوريات والمماليك في فترة سابقة لأنها كانت تقوم على المعاملات التجارية البسيطة كالمقايضة والمبارزة التي من لا تعطي القيمة الحقيقية للسلع. بالإضافة إلى ذلك أنهم يركزون على غياب المؤسسات الدولية ذات الطابع الاقتصادي التي تفرض القيود والقواعد والقوانين التي تنظم الاقتصاد الدولي.
ومن هنا يمكن القول بأن بوادر نشأة صفة التنظيم للاقتصاد الدولي، كان يتزامن مع ظهور المؤسسات الاقتصادية الدولية، التي تعتبر بمثابة الأجهزة فوق دولاتية تسهر على تنظيم وتسيير الاقتصاد الدولي وحل المنازعات الاقتصادية بين الدول بشكل ودي دون الدخول وفي صراعات النزاعات باستخدام القوة. كما تعتبر هذه المؤسسات بمثابة الآليات والميكانيزمات التي يرتكز عليها النظام الدولي.
1- المؤسسات الاقتصادية الدولية
جاءت المؤسسات الاقتصادية الدولية كاستجابة للعديد من الجهود الفكرية للباحثين وذلك رغبة العديد من الدول في تجسيد أفكار الباحثين على أرض الواقع. وكان قوام هذه الجهود الفكرية يتبلور في الحد من النزعة الانفرادية للدول لتحقيق مصالحها المطلقة دون التركيز على المصالح النسبية هذا من جهة. ومن جهة أخرى، البحث عن أسباب الصراعات والنزاعات والحروب الدولية التي تتمثل في المنافسة الشرسة  من خلال الهيمنة على البلدان الضعيفة والغنية بالموارد الأولية. ومن جهة أخرى الاجتهاد في خلق مؤسسات فوق دولاتية تكون شبيهة للمؤسسات الداخلية في الدولة التي تسهر على فرض النظام العام ورضوخ الأفراد لسلطتها من أجل الحفاظ على النظام العام داخل الدولة. ومن هنا جاء تصور هذه المؤسسات الدولية التي توكل لها مهمة فرض النظام الدولي ورضوخ الدول لسلطتها من أجل إرساء النظام الدولي.
2- بروز المجموعات الاقتصادية الدولية
كاستجابة الدول لمحاولة تكثيف جهودها لتنظيم العلاقات الاقتصادية في ما بينها، عملت على الدخول في المجموعات الاقتصادية من أجل تطوير التنسيق بين السياسات الاقتصادية وتعزيز العمل المشترك، بالإضافة إلى ذلك تعمل المجموعات الاقتصادية على توزيع الأدوار وتقاسم الأعباء التي تخلفها الأزمات الاقتصادية.
من بين أبرز المجموعات الاقتصادية التي لها أثر في الاقتصاد الدولي، نذكر منها:
أ- مجموعة الثماني G8: أنشأت هذه المجموعة بمبادرة فرنسية عام 1975. وكان الهدف منها، مواجهة الأزمة النفطية التي عرفها الاقتصاد الدولي في تلك الفترة. وكان عدد أعضائها سنة 1975 ستة (6) أعضاء متمثلة في كل من ( فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا، اليابان وإيطاليا) لتنضم كندا إلى المجموعة سنة 1976 وبعدها روسيا ابتداء من سنة 1998 وكان انضمامها بشكل تدريجي.
ب- مجموعة العشرين G20: تبرز مجموعة العشرين عادة بوصفها منتدى التعاون الاقتصادي الدولي الذي يرمي إلى تقديم حلول مستدامة للتصدي للأزمات الاقتصادية. وظهرت هذه المجموعة كإفراز للأزمة المالية والاقتصادية التي ظهرت سنة 2008. وأعضاء المجموعة يتكونون من ( الولايات المتحدة الأمريكية، الأرجنتين أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسا، إيطاليا واليابان، المكسيك، كوريا وروسيا، السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، بريطانيا والاتحاد الأوروبي).
3- التكتلات الاقتصادية:
لم تقتصر الجهود الدولي في تنظم الاقتصاد الدولي على المجموعات الاقتصادية، بل كانت سابقة لها ظاهرة التكتلات الاقتصادية. فهي ظاهرة يتم من خلالها توحيد وتنسيق السياسات الاقتصادية بين البلدان الأعضاء وإلغاء كل القيود التي تعيق المبادلات التجارية وتنقل الأفراد ورؤوس الأموال. وهناك العديد من النماذج الموزعة عبر العالم، من بينها: (الاتحاد الأوروبي، مجموعة الأسيان، مجموعة الإكواس، مجلس التعاون الخليجي...). 
ثانيا: الاقتصاد الدولي والتحول من الصفة الدولية إلى العالمية
مع تزايد عدد السكان وارتفاع الطلب على المنتجات والسلع والخدمات، لم تعد الدولة قادرة على القيام بأدوارها في تلبية حاجيات مواطنيها، لأن الإنتاج الوطني يتزايد فقا لمتتالية حسابية، أما حاجيات المواطنين ترتفع فقا لمتتالية هندسية. الإضافة إلى ذلك ما أحدثته ظاهرة العولمة سهلت انفتاح شعوب العالم على بعضها كما ساهمت في تغيير السلوك الاستهلاكي للأفراد. وبالتالي ما كان يدخل في قائمة الكماليات من المنتجات والسلع بات في الوقت الحالي من الضروريات. كل هذه المعطيات عمقت من الفجوة التي تركتها الدولة في ظل تراجعها. على هذا الأساس أدركت الدول أنه من الضرورة البحث عن فواعل وإشراكهم في الأدوار التي يمكن من خلالها تغطيت العجز والفراغ الذي تركته الدولة. ليظهر المجتمع المدني والقطاع الخاص كشركاء جدد للدولة ينشطون داخل حدودها.
ومع تطور الإنتاج والوطني للقطاع الخاص والجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع المدني، أصبح من الضروري عليهم الانفتاح حول العالم من أجل كسب الخبرات وتطوير الذات وتوجيه نشاطاتهم خارج الحدود الوطنية، وبالتالي أصبحوا كشركاء جدد في الاقتصاد الدولي. فالقطاع الخاص الذي كان ينشط داخل حدود دولته التي ينتمي إليها، أصبحت استثماراته تغزو العديد من البلدان لتتغير صفته وتصبح شركات متعددة الجنسيات. والمجتمع المدني كذلك، بعد احتكاكه بالجمعيات المشابها له في بلدان متعددة، كون تنظيمات عبر دولاتية لتبرز كأحد الفواعل الجديدة تسمى المنظمات الدولية غير الحكومية.
من هنا، لم تعد الدول لوحدها من تسيطر على لمشهد الاقتصادي خارج دودها. وباتت الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية غير الحكومية تحتكر الفراغ الذي تركته الدول بعد تراجع أدوارها، وبالتالي أصبح من الضروري تغيير صفة الدولية على الاقتصاد الدولي ليصبح اقتصاداً عالمياً يستوعب مختلف الفواعل التي لا يمكن إغفال أدوارها.
بالإضافة إلى هذا، فإن تزايد فواعل الاقتصاد العالمي أدى إلى تفاقم سلوكيات الفواعل الدولاتية (الدول والمنظمات الاقتصادية الدولية، التكتلات الاقتصادية، المجموعات الاقتصادية...) والفواعل غير الدولاتية (الشركات متعددة الجنسيات، المنظمات الدولية غير الحكومية، الشبكات الإجرامية، شبكات الجريمة المنظمة...) ما أدى إلى تعقد وتشابك هذه الأدوار، ولم تعد بالصورة المبسطة من العلاقات الاقتصادية التي كانت تمارسها الدول فيما بينها.
ثالثا: الفواعل الجديدة في الاقتصاد العالمي:
في ظل الانفتاح الكبير الذي شهده الاقتصاد العالمية، الذي أصبحت ميزته الأساسية الانفتاح على مختلف الفواعل. هذه الميزة جعل الاقتصاد العالمي غير قادر على التحكم بممارسات وسلوكيات هذه الفواعل الجديدة التي لا تخضع لمنطق القانون الدولي ولا تخضع للمسؤولية الدولية، سوى أنها تسعى لزيادة وتعظيم مصالحها. ومن أهم الفواعل الجديدة غير الدولاتية التي تلعب أدوارا مهمة في الاقتصاد العالمي نذكر منها ما يلي:
 1- الشركات متعددة الجنسيات:
تعتبر الشركات متعددة الجنسيات، أحد أكبر وأهم الفواعل غير الدولاتية تأثيرا على الاقتصاد العالمي. وهذا لما تقوم هذه الشركات من أدوار، فهي تتحمل على عاتقها تزويد شعوب العالم بالسلع والخدمات التي عجزت الدولة على تلبيتها كحاجيات لمواطنيها. إذ تعمل هذه الشركات على توزيع استثماراتها في العديد من البلدان التي تتخذها كأسواق لها أو كمناطق عبور لتصنع منتجاتها فيها نظراً للظروف المواتية للاستثمار في هذه البلدان وتوجه منتجاتها للسوق العالمية. ومن هنا لم تعد هذه الشركة تنتمي للدولة الأم التي نشأت فيها، وأصبح نشاطها ذا بعد عالمي لذا سميت بالشركات متعددة الجنسيات.
ومن أكبر وأهم هذه الشركات الموزعة عبر العالم، نذكر على سبيل المثال، كبريات الشركات التي تهتم بالتكنولوجيا شركة مايكروسوفت، وشركة آبل وشركة سامسونغ وغيرها. والشركات التي تنشط في مجال الأغذية كشركة مراعي، شركة ماكدونالدز، شركة يونيليفر، شركة كوكاكولا، شركة بيبسي. 
2- المنظمات الدولية غير الحكومية:
لم تكن الشركات متعددة الجنسيات الفاعل غير الرسمي الوحيد الذي برز على الساحة الاقتصادية، بل عملت المنظمات الدولية غير الحكومية على فرض نفسها لتكون أحد الفواعل المهمة في الاقتصاد العلمي، فهي تهتم بالعمل الرقابي، من خلال تتبع ممارسات ونشطات كل من الدول وشركات متعددة الجنسيات، وتحديد مسؤولياتها أمام الانتهاكات التي يمكن أن ترتكبها في حق البيئة أو حقوق المستهلكين. ومن بين هذا النوع من المنظمات التي تهتم بتنمية المناطق النائية في العالم وخلق مشاريع إنمائية يمكن من خلالها بعث النشاط الاقتصادي.
3- الشبكات الإرهابية:
عملت الشبكات الإرهابية على فرض نفسها على الاقتصاد العالمي لتكون أحد الفواعل المؤثرين فيه. إذ تقوم الشبكات الإرهابية بالعديد من الممارسات التي تؤثر على الاقتصاد العالمي. على استهداف الشركات الكبرى في العالم واختطاف رعاياها من أجل الحصول على الفدية، وتهديد مصالح الشركات الأجنبية والدول، وبالتالي تصبح الدول التي تنتشر فيها الشبكات الإرهابية مصدر للتهديد، هذا ما يؤدي إلى هجرة الاستثمارات الخارجية وتذبذب في تزويد العالم بالسلع والخدمات. على سبيل المثال نذكر استهداف الميليشيات الحوثية -التي تعتبرها السعودية منظمة إرهابية- للمنشآت النفطية السعودية الذي أدى إلى تذبذب في تزويد العالم بالنفط، وهو ما زاد في أسعاره.
4- شبكات الجريمة المنظمة:
تعتبر شبكات الجريمة المنظمة أحد أخطر الفواعل التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، نظرا للخصوصية التي تتميز بها والمتمثلة في انتشارها في العديد من البلدان، كما أنه يصعب التحكم فيها نظرا ممارسة نشاطاتها بطرق متخفية ومتعددة. ومن بين النشاطات التي تقوم بها هذه الشبكات (الاتجار بالبشر، تهريب المخدرات، والأسلحة، القرصنة، تبييض الأموال.....وغيرها من الممارسات) التي من شأنها التأثير على الاقتصاد العالمي.
المحاضرة رقم: (2): اقتصاديات الدول السائرة في طريق النمو
يقصد بصفة البلدان السائرة في طريق النمو، بأنها البلدان التي تعمل على الخروج من دائرة التخلف الاقتصادي، من خلال تجاوز الأساليب التقليدية في الإنتاج وإدخال المكننة للعملية الإنتاجية وتطوير المنتوج ليكون أكثر تنافسية في الأسواق العالمية. وتتميز هذه البلدان بالعديد من المميزات التي تجعلها تختلف عن غيرها من البلدان التي خاضت أشواط كبيرة في تطوير اقتصادياتها.
أولا: مواصفات البلدان السائرة في طريق النمو:
تتميز هذه البلدان العديد من المواصفات، يمكن تصنيفها إلى مواصفات سياسية، مواصفات إدارية، مواصفات اقتصادية وأخرى اجتماعية يمكن التفصيل فيها في العناصر التالية:
 المواصفات السياسية للبلدان السائرة في طريق النمو:
يمكن تحديد موصفاتها السياسية في النقاط الموالية:
- انعدام الاستقرار السياسي وبروز الصراعات السياسية وانتشار الفساد السياسي؛
- انعدام الديمقراطية وسيطرة النظم الحاكمة على كل دواليب السلطة؛
- ضعف وغياب دور المؤسسات السياسية، وبالتالي تفشل في تأدية مهامها الرقابية؛
- انعدام الإرادة السياسية لدى الطبقة الحاكمة في تطوير الأوضاع الاقتصادية للدولة؛
- وصول حكومات كومبرادورية للسلطة يكون ولاءها لأطراف خارجية أكثر من ولاءها لشعبها.
 المواصفات البيروقراطية:
تكون المواصفات البيروقراطية التي تتميز بها البلدان السائرة في طريق النمو في العنصر الموالية:
- صعوبة الإجراءات الإدارية: تتمثل هذه الصفة في العديد من الممارسات كالتعقيدات الإدارية التي تثقل كاهل المستثمرين بطلب استخراج كم هائل من الوثائق.
- التباطؤ في استخراج الوثائق: في غالب الأحيان نجد البيروقراطيات في هذه البلدان تتعمد أخد وقتا طويل في استخراج بعض الوثيقة بداعي إجراء تحقيقات أو أن طبيعة الورقة تتطلب ذلك الوقت، هذا ما يكبد المستثمرين خسائر فادحة جراء هذه التأخر.
- الاعتماد على مركزية التسيير البيروقراطي: هذا الإجراء يجعل الإجراءات الإدارية بيد شخص واحد له صلاحية إصدار الوثائق، وبالتالي كل هذه الإجراءات تكون مرهونة بظروف هذا الشخص. ففي حالة غيابه تتعطل كل المصالح الإدارية.
- الاعتماد على الأساليب البدائية في التسيير الإداري: ويقصد بذلك، أن هذه البلدان مازالت مرهونة بالإدارة الورقة ولم تدخل الوسائل التكنولوجية تسيير إدارتها. هذا الأمر يعود لعدة أسباب منها، عدم قدرة بعض البلدان اقتناء الوسائل التكنولوجية المتطورة، وهناك بلدان أخرى لا تمتلك موظفين لهم القدرة في التعامل مع هذه التكنولوجيا، وبلدان أخرى تتعمد تأخير رقمنة بيروقراطياتها بهدف التخفي وراء الممارسات البيروقراطية السلبية (كالتزوير، تضخيم الفواتير، سهولة إتلاف الأرشيف لطمس الحقائق... وغيرها من الممارسات التي تحاربها الرقمنة).  
- عدم استقرار القوانين: ويقصد بذلك، التقلبات التي تتميز بها الطبيعة القانونية في هذه البلدان، تكون أكثر مرونة. هذا ما يؤدي إلى نفور المستثمرين من هذه البلدان 
- فساد الجهاز البيروقراطي: من مظاهره الرشوة والمحابات، التزوير، تضخيم الفواتير، التلاعب بالمال العام...
3- المواصفات الاقتصادية للبلدان السائرة في طريف النمو: يمكن تلخيصها في:
- الاعتماد الكلي على الصناعات الاستخرجية والثروات الباطنية التي تزخر بها في رسم استراتيجياتها الاقتصادية، 
- عدم استقرار نسبة الناتج المحلي الإجمالي الذي يعكس مدى استقرار اقتصاديات هذه الدول؛
- تقلبات الميزان التجاري وميزان المدفوعات، ما يؤدي إلى حالة العجز المزمن وعدم القدرة على تحقيق الموازنة؛
- ارتفاع نسب التضخم، بحيث تفقد السلع والمنتجات قيمتها الحقيقية،
- انعدام الشفافية في التعاملات الاقتصادية؛
- تدني قيمة العملة النقدية بمقابل العملات الأجنبية؛
- سياساتها الاقتصادية مرهونة بتقلبات الأسواق العالمية للموارد الأولية؛
- ظروفها الاقتصادية تجعلها بيئة طاردة للاستثمارات، بحيث لا يرغب أي مستثمر في المغامرة باستثماراته في هذه البلدان على الرغم ما تزخر به من فرص.
4- المواصفات الاجتماعية للبلدان السائرة في طريق النمو: 
أما هذا النوع من المواصفات يمكن تلخيصه في ما يلي:
- انتشار ظاهرة البطالة وارتفاع نسبها،
- تدني القدرة الشرائية للمواطنين؛
- توسع دائرة الفقر وتآكل الطبقة الوسطى في المجتمع؛
- انتشار الظواهر الإجرامية، كالاتجار بالممنوعات والاختطافات والاتجار بالبشر...
- تزايد الهجرة غير الشرعية للهروب من الأوضاع المزرية التي تتخبط فيها هذه البلدان؛
- في مجتمعات هذه البلدان توفر بيئة خصبة لنشوب النزاعات والصراعات العرقية والإثنية والدينية.
ثانياً: الفرص المتاحة للبلدان النامية:
على الرغم من المواصفات السياسية والبيروقراطية الاقتصادية والاجتماعية سابق الذكر التي تتميز بها هذه البلدان، إلا أنها مازالت لها العديد من المفاتيح الاقتصادية والفرص التي تتيح لها فرصة الإقلاع الحقيقي أمام تحسين أوضاعها وترتيب استراتيجياتها الاقتصادية. فحسب تقرير هيئة الأمم المتحدة.
1- الفرص الداخلية:
- تعتبر البلدان النامية أو السائرة في طريق النمو سوق محلية خصبة تساعد على تسويق والترويج للإنتاج المحلي وتطويره لتقليص فواتير الاستيراد التي تثقل كاهل الدول.
- ضرورة التسريع في خطط الإصلاح الاقتصادي الحكومية باتجاه تقليل الاعتماد على تصدير الموارد الأولية، والاتجاه نحو التطوير التقني والصناعي والخدماتي واقتصاد المعرفة وغيرها من البدائل التي تكفل إبراز اقتصاد متنوع قائم على الإنعاش الاقتصادي.
- ضرورة التوجه نحو الصناعات التحويلية للاستفادة من فائض الموارد الأولية، حتى تخرج بشكل تدريجي من تبعية البلدان الأجنبية، وتعمل على تطوير منتجاتها حتى تكون أكثر تنافسية في السوق الدولية.
- وجوب فتح المجال للقطاع الخاص وتوفير الشروط اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تساعد على كسب الخبرات ودخول التكنولوجيا المتطورة.
- التوجه للمجالات الاقتصادية الأقل تكلفة والاعتماد عليها للإقلاع الاقتصادي، كالصناعات التقليدية التي بإمكانها تحريك العديد من القطاعات الأخرى كالسياحة والنقل والتجارة الخارجية وغيرها.
2- الفرص الخارجية:
- ضرورة الاستفادة من الخبرات الأجنبية والاعتماد عليها مع مراعاة خصوصياتها التي يجب مراعاتها حتى ينجح الإقلاع الاقتصادي
- الاستفادة من المساعدات الممنوحة في إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المخصصة لاقتصاديات البلدان النامية لتحسين أوضاعها الاقتصادية من خلال وضع الاستراتيجيات وتحليل اتجاهات النمو.
- توجيه المساعدات المالية واللوجستية والتقنية التي تقدمها البلدان المانحة، في القطاعات الإستراتيجية وذات المردودية السريعة لتخطي حالة العجز والاعتماد على عائدات هذه القطاعات في الإقلاع الاقتصادي الحقيقي.
ثالثا: العقبات المواجهة للبلدان السائرة في طريق النمو
- غياب الإرادة السياسية لدى الطبقة الحاكمة في تجسيد خطط فعلية للإقلاع الاقتصادي؛
- تبعية هذه البلدان المفرطة للدول المتقدمة والاستسلام بحالة الفشل والعجز.
- انعدام الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي، كلها عوامل تأثر على المشاريع التنموية والاستثمارات الأجنبية.
- استنساخ نماذج أجنبية للإقلاع الاقتصادي دون مراعاة خصوصيتها، فشلها في ابتكار نماذج خاصة بها
- أغلب هذه البلدان تتخبط في المديونية الخارجية، الأمر الذي يجعل قراراتها وسياساتها مرهونة لدى الجهات المانحة للقروض في إطار سياسات المشروطية التي توافق عليها هذه البلدان من أجل الحصول على القرض. زد على ذلك، جل البلدان السائرة في طريق النمو مازالت تتخبط في تسديد فوائد الديون أو خدمة القرض وعجزها عن التخلص منها.
المحاضرة رقم: (3): اقتصاديات الدول المتقدمة
اقتصاديات البلدان المتقدمة أو دول العالم المتقدم، هي صفات أو تسميات تطلق على البلدان التي بلغت أشواط كبيرة في التقدم الاقتصادي ووصلت إلى مستويات إنتاجية كبيرة من خلال توسيع قدراتها الإبتكارية في ميدان التكنولوجيا والتحكم فيها، كما تتميز قدرتها العالية في ميدان التصنيع والتحكم في الكمية والنوعية مما يسمح لها الدخول للأسواق العالمية بكل أريحية في التنافسية التي يتميز بها الاقتصاد العالمي. كما تتميز هذه البلدان بقدراتها العالية في مساهمتها في إنعاش الاقتصاد العالمي من خلال المبادلات التجارية وتنقل السلع والخدمات والاستثمارات منها وإليها، بالإضافة إلى أنها تتميز بارتفاع الناتج القومي المحلي الذي ينعكس بالإيجاب تحسن مستوى المعيشة لدى الأفراد. وهناك العديد من المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس قوة اقتصاديات الدول وترتيبها يمكن تحديد أهمها في النقاط التالية:
أولا: الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product: ويختصر بـ GDP هو مؤشر اقتصادي يقيس القيمة النقدية لإجمالي السلع والخدمات التي أنتجت في بلد ما خلال فترة زمنية محددة الموجه للبيع، بالإضافة إلى بعض المنتجات والخدمية غير السوقية التي توفرها الحكومات مجانا مثل التعليم، الصحة، الأمن والدفاع. وكان ترتيب البلدان العشرة المتقدمة حسب هذا المؤشر لسنة 2020، كالتالي:
المرتبة الأولى احتلتها الولايات المتحدة الأمريكية: بـ 19.48 تريليون دولار. أما المرتبة الثانية، كانت من نصيب الصين: بـ 12.23 تريليون دولار، تليها في المرتبة الثالثة اليابان: بـ 4.87 تريليون دولار. أما ألمانيا احتلت المرتبة الرابعة بـ 3.69 تريليون دولار. لتكون الهند في المرتبة الخامسة بـ 2.65 تريليون دولار. تليها المملكة المتحدة في المرتبة السادسة بـ 2.63 تريليون دولار. أما فرنسا كانت السابعة عالميا بـ 2.58 تريليون دولار، لتليها في المرتبة الثامنة البرازيل بـ 2.05 تريليون دولار وهكذا تكون إيطاليا في المرتبة التاسعة بـ 1.94 تريليون دولار. كندا في المرتبة العاشرة  بـ 1.64 تريليون دولار.
ثانيا: نمو الناتج المحلي الإجمالي: وهو مؤشر يتم من خلاله تحديد نسبة تقدم أو تراجع الناتج المحلي الإجمالي بين سنة وأخرى. بمعنى آخر قياس الفارق بين الناتج المحلي الإجمالي المحلي بين السنة السابقة والسنة الحالية وترجمتها بنسبة مئوية. من خلال هذا المؤشر كان نصيب الدول العشر الأكبر تقدما من نمو الناتج المحلي الإجمالي على النحو التالي: الولايات المتحدة الأمريكية 2.27%، الصين بنسبة 6.9%، اليابان بـ 1.71%، ألمانيا بـ 2.22%، الهند 6.68%، المملكة المتحدة 1.79%، فرنسا 1.82%، البرازيل 0.98%، إيطاليا 1.50%، كندا 3.05%.
ثالثا: نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي: ويسمى كذلك، معدل الدخل الفردي وهو مؤشر اقتصادي يقيس درجة التنمية الاقتصادية في بلد ما وأثرها الاجتماعي، ويتم ذلك من خلال قسمة قيمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان، لذلك فهو ليس القيمة الحقيقية لإنتاج الأفراد، بل يستعمل لقياس مستوى الرفاه الاجتماعي لمواطني الدولة. وكان نصيب الفرد حسب العشر الدول الأكثر تقدما من ناتجها المحلي الإجمالي كما يلي: الولايات المتحدة الأمريكية: 59.939 دولار، الصين: 8612 دولار، 38214 دولار، ألمانيا 44.680 دولار، الهند 1980 دولار، المملكة المتحدة 39.532 دولار، فرنسا 39827 دولار، البرازيل 9881 دولار، إيطاليا 32.038 دولار، كندا 44.841 دولار.
رابعا: الحصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي: ويقصد به صحة دولة ما من الناتج المحلي العالمي 
المحاضرة رقم: (4): التعاون الاقتصادي الدولي: الفرص والقيود
التعاون الاقتصادي الدولي أو ما يسمى بالإنجليزية International Economic Cooperation، ويقصد به مجموعة العلاقات الاقتصادية التي تنظم تدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال ونقل الخبرات ونتائج البحوث والاختراعات والاكتشافات الجديدة التي تساعد جميعها على تحقيق معدلات عالية ومستدامة من النمو للفواعل المشكلة للاقتصاد العالمي.
أولا: أشكال التعاون الاقتصادي الدولي:
هناك العديد من أشكال التعاون الاقتصادي الدولي من أهمها:
1- المبادلات التجارية: تتمثل في تبادل السلع والخدمات في إطار التجارة الخارجية التي تقوم بها الدول فيما بينها، من خلال المبادلات التجارية المباشرة أو عن طريق مناطق التجارة الحرة.
2- الاتفاقيات الثنائية: تعتبر الاتفاقيات الثنائية أحد أشكال التعاون الدولي، فهي وثيقة تبرم بين طرفين لا أكثر –قد تكون دولتين، وقد تكون دولة وشركة متعددة الجنسيات وقد تكون بين شركتين أو بين دولة ومنظمة دولية أو بين شركة ومنظمة دولية ....الخ -. ويتم من خلال هذه الوثيقة وضع البنود والمجالات الاقتصادية المتفق على التعاون فيها والمدة الزمنية لهذه الاتفاقية فقد تكون قصيرة المدى أو متوسطة المدى أو بعيدة المدى. كما تمثل هذه الاتفاقية المرجعية القانونية التي يتم الاستناد إليها في حال ما إذا قام أحد الأطراف بالإخلال ببنودها أو دخل الطرفان في نزاع، يتم الاحتكام إلى الاتفاقية والبث في هذا النزاع من طرف محكمة العدل الدولية إذا طلب أحد أطراف النزاع اللجوء إليها. 
3- الاتفاقيات الاقتصادية متعددة الأطراف: هي نفسها مثل الاتفاقيات الثنائية، لكن المختلف فيها هو تعدد أطرافها فهي تشمل ثلاث أطراف فأكثر.
4- الاتحادات والتكتلات الاقتصادية: تعتبر الاتحادات والتكتلات الاقتصادية أحد النماذج الرائدة في مجال التعاون الدولي، إذ تتعهد البلدان الأعضاء لهذه التكتلات من خلال توحيد السياسات الاقتصادية والمالية والتنسيق في ما بينها، والعمل بشكل جماعي على التغلب على العقبات والمشاكل الاقتصادية وتطوير النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاه الاجتماعي لشعوب لدول الأعضاء، وهناك العديد من النماذج الرائدة في هذا المجال، أبرزها الاتحاد الأوروبي، مجموعة الإكواس، والآسيان، مجموعة البريكس، وغيرها من النماذج.
ثانيا: الفرص المتاحة للتعاون الاقتصادي الدولي:
1- تشجيع الاستثمارات: يعمل تشجيع الاستثمار على خلق مشاريع اقتصادية واعدة في البلدان النامية، مما يسمح لها بتوفير مناصب الشغل والتقليل من البطالة. فهناك العديد من الدول والشركات تسعى إلى تحويل أو توسيع استثماراتها في البلدان الفقرية والنامية نظرا للامتيازات المتوافرة في هذه البلدان، أبرزها توفر اليد العاملة منخفضة التكاليف، وتوفريها على المواد الأولية. هذه الاستثمارات تعود بالفائدة على البلدان النامية لأنها تقلص لها نسبة البطالة كما تعمل على تكوين العاملين بها وتمكينهم من استخدام التكنولوجيا المتطورة. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تستفيد من عائدات هذه الاستثمارات في إنعاش اقتصادها.
2- تبادل الخبرات: يقصد بتبادل الخبرات، أنها عمليات التكوين المشتركة التي تتم من خلال إرسال عمال وموظفين إلى شركات أجنبية من أجل الحصول على تكوين متخصص يتيح للموظفين تطوير مهاراتهم وخبراتهم في مجال نشاطهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتم إبرام ندوات ولقاءات دورية مشتركة من أجل طرح المشاكل الميدانية العمل على إيجاد حلول مشتركة لها، أو تبادل الأفكار والتجارب في حل المشكلات.
3- تقديم المساعدات: إن المنح والمساعدات المالية واللوجتسية والتقنية والتكنولوجية والبحثية التي تنمح للبلدان النامية التي تقدم سوء من طرف الدول أو من طرف المنظمات الدولية، تعتبر أحد الفرص الكبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي، فمن جهة، يتم استغلال هذه المساعدات في تطوير صناعاتها وتحسين جودة منتجاتها لتتطابق مع معايير الجودة التي تفرضها البلدان المتقدمة، وهو الأمر الذي يعزز ويطور المبادلات التجارية وإنعاش التجارة الخارجية.  
4- التعاون على التصدي للأزمات الاقتصادية: لأثبتت التجارب، أن الأزمات الاقتصادي العالمية على مر العصور، لا يمكن تجاوزها بشكل انفرادي. بل العمل الجماعي وإشراك مختلف الفواعل هو الحل الأنسب لتجاوز هذه الأزمات. أبرز مثال على، يتمثل في الجهود المشتركة في إطار مجموعة العشرين التي كانت كفضاء جماعي للبحث عن حلول للأزمة المالية والاقتصادية لسنة 2008.
ثالثا: القيود المفروضة على التعاون الدولي:
هناك العديد من القيود التي تعيق تطور وازدهار التعاون الاقتصادي الدولي لعل أبرزها يتمثل في ما يلي:
1- الإرهاب الدولي: يشكل الإرهاب الدولي أكبر تهديد لمصالح الدول، فهو يهدد بشكل مباشر السياسات التعاونية بين الدول، كما تجد الدول التي ينشط في أراضيها صعوبة في إيجاد شركات تتعاون معهم باعتبارها منطقة غير آمنة.
2- انعدام الاستقرار السياسي: يعتبر الاستقرار السياسي أحد الشروط المهمة التي تركز عليها الدول عند دخولها في علاقات تعاونية مع دول أخرى، وانعدامه يصعب من فرص التعاون بين البلدان، لآن التقلبات السياسية يمكن لها أن تعصف بالمصالح الإستراتيجية للدول المتعاون معها. وبالتالي فالبلدان التي تشهد استقرار سياسي لا تغامر بالدخول في تعاون مع البلدان غير مستقرة سياسيا.
3- الحروب والنزاعات المسلحة: تدخل البلدان التي تشهد حروب ونزاعات مسلحة ضمن قائمة البلدان غير الآمنة وبالتالي فإن غالبية الدول توقف تعاملاتها معها وتوصي مواطنيها من عدم السفر إليها وتطلب الشركات التابعة إليها الانسحاب منها لأنها تعتبر مصدر تهديد. 
4- السياسات الحمائية: غالبا ما تشكل مختلف السياسات الحمائية المختلفة نوع من التضييق على المبادلات التجارية بين الدول، وأهم هذه السياسات تتمثل في فرض الرسوم الجمركية على السلع والخدمات، ووضع نظام الحصص للمواد المستوردة وهو الإجراء الذي يقيد المتعاملين الاقتصاديين من عدم تجاوز أكثر من الكمية المفروضة من طرف الدولة على سلعة ما. 
5- الخلافات السياسية: تعتبر الخلافات السياسية أحد أبرز الأسباب المعيقة لشتى مجالات التعاون الدولي عموما وفي مجاله الاقتصادي بالخصوص. والمثال البارز على ذلك، يمكن أن يضرب على دول مجلس التعاون الخليجي والأزمة التي يعاني منها أعضائه بسبب الخلاف السياسي حول القضايا الإقليمية والدولية مع دولة قطر. فبسبب هذا الخلاف أدى إلى تعليق عضوية قطر في المجلس، بالإضافة قطع علاقاتها الاقتصادية معها، ومنع رحلاتها الجوية من الملاحة الجوية في الأجواء السعودية والإمارتية، وكانت كل هذه العقوبات والمضايقات التي فرضتها دول مجلس التعاون، من أجل عدول قطر عن مواقفها وسياساتها الخارجية. مثال آخر يجسد مدى تأثير الخلافات السياسية على التعاون الاقتصادي الدولي، يكمن في الخلافات السياسية بين الجزائر والمغرب حول عدد من القضايا، التي كانت سبب في قطع العلاقات الثنائية وغلق الحدود البرية، بل أكثر من ذلك رهنت مصير الاتحاد المغاربي بسبب هذه الخلافات.
6- التفاوت بين اقتصاديات الدول: إن التفاوت بين الدول من ناحية القوة الاقتصادية، يجعل من البلدان الأقوى اقتصاديا تتحمل أعباء كبيرة تجاه البلدان الأضعف اقتصادا، ومن هنا لا ترغب الاقتصاديات الكبرى الدخول في أحد أشكال التعاون التي تلزمها كل هذه الأعباء. ومثال على ذلك الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت اليونان وحالة الإفلاس التام للدولة، أدت إلى انقسام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مساعدة وإنعاش اقتصاد اليونان، وأحد البلدان المعارضة بريطانية التي أعلنت انسحابها من عضوية الاتحاد الأوروبي فيما بعد.
Last modified: Monday, 6 May 2024, 2:59 PM