إن القراءات التي قمنا بها لتتبع تطور مفهوم الأتمتة، عبر مراحل تاريخية متعددة في محاولة التنقيب عن نشأته و وبداية تداول استعماله بشكل يحمل مدلولا مسيقا ومتشبعا بمفهومه التقني و العملي، قد بينت أن حقبة المنشأ التي عرف فيها تداول المصطلح الاول في سياق محدد إبان الثورة الصناعية في القارة الأوروبية، حيث نقدر أحتاج قد احتاج استحداث المفهوم إلى اصطلاحا لغويا يؤسس له، ففي هذه الحقبة ظهر المفهوم الذي عرف بالميكنة او المكننة الذي يعبر تقريبا على الميكانيكا أين عرف الانسان انتاج الآلة، مما أدى إلى ظهور مختلف المصانع التي تشتغل بالآلات، فمصطلح ميكنة حسب ويكيبيديا باللغة العربية مشتق من لفظ "ماكنة/ ماكينة" بالغة اللاتينية و يقابله باللغة العربية : الآلة. أما من الناحية الدلالية فمعناها: إدخال الآلة في العمل وتحويله من أداء يدوي إلى أداء آلي. ويقابل مكننة بالعربية: تأليل، وقد ارتبط مصطلح المكننة " Mechanization " باستخدام الآلات لتوفير الجهد البشري والوقت(ويكيبيديا العربية)
بينما عرف المركز الفرنسي للموارد النصية والمعجمية الميكنة " Mécanisation "
القيام بتنفيذ مجموعة مهام تلقائية باستخدام جهاز ميكانيكي أو أداة آلية لغرض الإنتاج أو التصنيع. وفي وقت ما عبر هذا المصطلح بشكل عملي على ربط المفهوم بالاستعمال المكثف للآلات لتحل محل العمليات اليدوية في تنفيذ العمل. لكن من الطبيعي أن يتمدد المفهوم ليشمل المستخدم في الاطار التطور الطبيعي للعلاقة انسان- ألة الذي عرف بمفهوم "الآلية" « MACHINISME »، فيرى كل من (Bertrand GILLE, Pierre NAVILLE ) أننا نسمي "آلية" لمجموعة من المفاهيم والممارسات التي ولدت من انتشار آلات الإنتاج ، والتي أنتجت نفسها ، و "آلية" تترجم استعمال بعض المفاهيم العلمية أو الفلسفية التي تم استخلاصها منذ فترة طويلة من المبادئ الفيزيائية للميكانيكا، وفي تقديرنا ان هذا التمدد قد عبر عليه المفكر Couffignal حينما وصف الآلية بانها عملية تحويل السلوكيات الطبيعية إلى ردود فعل تلقائية بمنئى عن الإرادة. لكن صياغة هذا المفهوم على هذا النحو عرف بعض التحسينات من خلال ريط مفاهيم المرونة والانضباط والميكنة على حد سواء، بهدف بناء عملية عقلية او فكرية تعمل على نحو مشابه لآلية تعمل بمفردها بشكل لا ارادي - شيء يعمل بمفرده-. ورغم تحفظات الكثير من المفكرين في وقت معين على هذا المفهوم في ميدان ميكنة الفكر الإنساني، فقد تم إحراز تقدم جديد في مجال ميكنة الفكر الإنساني.( https://www.Cnrtl.fr)
فإذا كانت الميكنة Mécanisation تعني استخدام الآلات لتحل محل الأداء البشري، حيث تساعد العامل على أداء أنشطة العمل التي تعتمد على الجهد العضلي من خلال استخدام الآلات بدلا من أن يقوم بها يدويا. فقد عرف هذا المفهوم تمددا آخرا في شكل عملية إحلال او استبدال تام، فمن تزويد العامل بالأدوات الألية لا نجاز العمل تعد المفهوم إلى الأتمتة؛ أي أتمتة الأدوات والآلات لتلغي كلية المجهود العضلي للعامل، ثم أتمتة أشمل استهدفت العمليات و الانظمة التصنيعية لتعمل بشكل ذاتي و دون تدخل مباشر للإنسان عبر استعمال البرمجة والتحكم المحسوب؛ ليتعد الأمر بعد ذلك إلى المناشط والقطاعات الإنتاجية و الخدماتية والاعلامية.... إلخ.
فالأتمتة " automatisation" عمليا مصطلح يعبر عن قدرة جهاز معين على تنفيذ تسلسل عمليات محددة مسبقا من خلال بنية معينة (الميكانيكية ، الهوائية ، الكهربائية ، الإلكترونية ، إلخ) ، و قد تطورت هذه الاجهزة بشكل مذهل في شتى الميادين مع تطور الحاسوبية والبرمجيات و الرقمنة التي غزت حياتنا اليوم.( www.universalis.fr )