الفصل الثالث: التاجر وفق القانون التجاري الجزائري
تعريف التاجر: طبقًا لنص المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري " يُعد تاجرًا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريًا و يتخذه مهنة معتادة له ما لم يقض القانون بخلاف ذلك"، فنص المادة تعتبر التاجر كل من يشتغل بالأعمال التجارية ويتخذها مهنة معتادة له سواء كان شخصًا طبيعيًا أو معنويًا (شركة) بشرط أن يكون موضوع النشاط الممارس من طرف الفرد أو الشركة تجاريا، ويتبين من ذلك أنّ تعريف التاجر لا يرتبط بانتمائه إلى هيئة أو حرفة أو طائفة معينة، وإنما يرتبط بالعمل الذي يباشره ذلك أنّ احتراف العمل التجاري هو أساس اكتساب صفة التاجر.
ويشترط لاعتبار الشخص تاجرا وفقا للنص المشار إليه الشروط التالية :
- أن يباشر الشخص الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف .
- أن يقوم الشخص بالأعمال التجارية لحسابه الخاص.
- توافر الأهلية التجارية.
أولا - شروط اكتساب صفة التاجر: يتضح من نص المادة الأولى أن المشرع الجزائري اشترط شرطان أساسيان لاكتساب صفة التاجر هما: احتراف الاعمال التجارية، • مباشرة الشخص لأعمال تجارية.• اتخاذها مهنة معتادة له.
ويجب أن يُضاف إلى هذين الشرطين شرط ثالث يؤخذ من المواد( 4 و 5) وهو أن يكون هذا الشخص مؤهلا لممارسة التجارة، وسوف نفصل ذلك في الآتي.
01- احتراف الأعمال التجارية: احتراف الأعمال التجارية هو الشرط الجوهري الذي يكسب المحترف صفة التاجر، إذا ما كان مؤهلا لمزاولة النشاط التجاري، و نظرًا لأهمية الاحتراف في تحديد مركز الشخص من النظام القانوني للتجارة فإننا سوف نتكلم عن ما يلي: معنى الاحتراف، عناصر الحرفة التجارية، موضوع الحرفة التجارية، نهاية الاحتراف.
أ- معنى الاحتراف: استعمل المشرع الجزائري كلمة (مهنة) للتعبير عن شرط الاحتراف غير أن استعماله لهذا التعبير يعني أن الشخص يمتهن التجارة ويتخذها مصدرًا للكسب ومن ثم العيش من جراء ما يجنيه من أرباح من تلك المهنة المذكورة. ويقصد بالمهنة "ممارسة النشاط بصورة منتظمة ومستمرة وعلى سبيل الاستقلال"
ب عناصر الحرفة :مهما كانت الآراء حول تعريف الاحتراف فالمستقر عليه فقها وقضاء أن للحرفة التجارية عناصر ثلاث هي:
-الاعتياد: وهو بمثابة العنصر المادي للحرفة و معناه تكرار القيام بالعمل التجاري من وقت لآخر، كما يمكن أن يعد الخطوة الأولى للدخول في عالم الاحتراف التجاري، والاعتياد يختلف عن الاحتراف في كون الاعتياد لا يصل ولا يرتقي إلى درجة الاستمرار والتنظيم، وعلى هذا الأساس فمن يقوم باعتياد الأعمال التجارية لا يلزم أن يكون تاجرًا، و لا يُعد القيام بالعمل التجاري العارض أو المتقطع أساسًا لاكتساب صفة التاجر، وتقرير حالة الاعتياد أو الاحتراف مسألة موضوعية يقدرها القاضي.
-القصد: وهو العنصر المعنوي للحرفة، فيجب أن يكون الاعتياد بقصد خلق حالة أو وضع معين وهو الظهور بمظهر صاحب الحرفة.
-الاستقلال في العمل التجاري :لا يكفي لاكتساب صفة التاجر أن يكون الاعتياد بقصد الظهور بمظهر صاحب الحرفة بل ينبغي أيضًا أن يقع ذلك على وجه الاستقلال، فيمارس الشخص العمل التجاري باسمه ولحسابه الخاص لا لحساب غيره، لأن التجارة تقوم على الائتمان، والائتمان ذو طبيعة شخصية، يقضي تحمل المسؤولية، وعلى ذلك فالموظفون والعمال في المحلات التجارية لا يعتبرون تجارًا لأنهم أجراء يقومون بالأعمال التجارية باسم و لحساب صاحب العمل و ينقصهم ركن الاستقلال في إدارة العمل أو المشروع وهي من مميزات صفة التاجر .
جـ- موضوع الحرفة التجارية :لا تكون الحرفة تجارية إلا إذا كان لها موضوعها عم ً لا من الأعمال التجارية التي نصت عنها المواد ( 2،3،4) من القانون التجاري الجزائري، و يجب أن يكون موضوع الحرفة التجارية عملا مشروعًا )يخدم التاجر من جهة والمجتمع من جهة أخرى. فمن يحترف تجارة ممنوعة أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة لا يكتسب صفة التاجر إنما يُعد مخالفًا للقانون.
د-نهاية الاحتراف: ينتهي الاحتراف في الحالات الآتية: الوفاة، الاعتزال التام للتجارة، هلاك أموال التاجر، علمًا أن صفة التاجر لا تنتقل إلى الورثة، ولكن إذا استمر الورثة في مباشرة التجارة التي آلت إليهم فإنهم يكتسبوا صفة التاجر لا على أساس أنهم ورثة بل على أساس الاحتراف.
02- الأهلية التجارية: سبق و أن قلنا أنه يجب لاكتساب الشخص صفة التاجر أن يقوم بالأعمال التجارية و يتخذها مهنة معتادة له وهو ما نصت عليه المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري. وفضلا عن ذلك يجب أن يكون مؤهلا لممارسة العمل التجاري، فإذا لم تثبت للشخص أهلية الاتجار فلا يكتسب صفة التاجر مهما كان احترافه، إذن فالأهلية شرط لاكتساب صفة التاجر.
والمقصود بالأهلية التجارية هي صلاحية الشخص لممارسة حرفة تجارية تستوجب إخضاعه للالتزامات التي يفرضها القانون على التجار، وهي مسألة لها أهمية بالغة بالنسبة للدولة التي تحصل الممارسة التجارية على إقليمها، و تختلف في ذلك الأهلية التجارية عن الأهلية المدنية التي تكون إما أهلية وجوب أو أهلية أداء، فأهلية الوجوب هي صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات. أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية الصحيحة. وهي مسألة تستوجب حماية القاصر من نفسه أو من استغلال الغير له، والمشرع الجزائري لم ينص في القانون التجاري على الأهلية اللازمة كي يمارس العمل التجاري حيث ترك أحكامها إلى القواعد العامة في القانون المدني. إلا انه تعرض لأهلية القاصر المأذون له بالتجارة في المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري. كما تعرض أيضًا في المادتين ( 6 و 7) لأحكام خاصة بأهلية المرأة المتزوجة فيما عدا ذلك يستوجب الرجوع إلى القواعد العامة.
و قبل التفصيل في هذا الموضوع تجدر الإشارة هنا إلى أن المادة ( 50 ) من القانون المدني الجزائري قد تكلمت هي كذلك عن أهلية الشخص الاعتباري و نصت على أن يكون للشخص الاعتباري أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائه أو التي يقررها القانون. فهي أهلية محدودة بالغرض الذي أنشأت من أجله و لا يمكنها أن تتعداه أبدًا، واستنادًا إلى ما سبق سوف نتكلم عن أهلية الشخص الطبيعي.
أ – الراشدون: سبق القول أن المشرع التجاري لم ينص عن حكم يحدد فيه سن الراشد التجاري و عليه يستوجب الرجوع إلى القاعدة العامة التي وردت في المادة ( ٤٠ ) من القانون المدني و التي حددت سن الرشد بتسعة عشر( 19 ) سنة كاملة، و لا يختلف في ذلك سن الرشد المدني عن سن الرشد التجاري، وحسب النص من بلغ التسعة عشر سنة كاملة ولكن أصيب بعارض من عوارض امتنع عليه مباشرة التجارة، ومنه فلن يكتسب صفة التاجر، والمقصود بعوارض الأهلية ما أوردته المواد ( 42 و 44 ) من القانون المدني، فتنص المادة ( 42 ) ق م ج على ما يلي: "" لا يكون أه ً لا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون. يعتبر غير ميز من لم يبلغ السادسة عشر سنة>>. وتنص المادة ( 44 ) من نفس القانون على ما يلي: " يخضع فاقد الأهلية و ناقصها بحسب الأحوال لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة ضمن الشروط ووفقًا للقواعد المقررة في القانون"، يفهم مما سبق أن من بلغ سن 19 سنة كاملة دون أن تكون أهليته مصابة بعارض من العوارض التي ذكرتها المادة فإنه يستطيع ممارسة العمل التجاري و يكتسب هذه الصفة. غير أنه قد يتعطل عن اكتسابها إذا ما أصيب بعارض حينئذ تنتقل الصلاحية والتصرف والممارسة من حوزتهم. المادة ( ٤٤ ) مدني.
ب - الممنوعون من الممارسة التجارية: الموظفون العموميون والمحامون والأطباء تنظمهم قوانين خاصة لاعتبارات تقتضيها المصلحة العامة، هؤلاء رغم بلوغهم سن الرشد إلا أنهم ممنوعون من مباشرة التجارة فإن باشروها اكتسبوا صفة التاجر وتظل أعمالهم التجارية صحيحة و تنشأ آثارها و يتحملون هذه الآثار، أما جزاء مخالفة هذا المنع فينحصر في فرض العقوبات التأديبية التي ينص عليها قانون المهنة التي يخضع لها الشخص المخالف، والهدف من ذلك يعود إلى حماية الجمهور المتعامل معهم. و على ذلك فيخضعون لأحكام القانون التجاري ويلزمون بالتزاماته.
جـ - الأجانب :استنادًا إلى نصوص القانون المدني نستنتج انه يمكن للأجنبي الموجود على مستوى تراب الجمهورية الجزائرية أن يمارس العمل التجاري إذا كان قد بلغ سن 19 سنة كاملة دون أن تصاب أهليته بعارض من العوارض، بالإضافة الى حصوله على رخصة بذلك.
د- القصر :تنص المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري على أنه " لا يجوز للقاصر المرشد ذكرًا أم أنثى البالغ من العمر ثمانية عشر ( 18 ) سنة كاملة والذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ العمليات التجارية، كما لا يمكن اعتباره راشدًا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقًا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصادق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفيًا أو غائبًا أو سقطت عنه سلطته الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة انعدام الأب والأم"، ويفهم من نص المادة ( 5) أن ممارسة العمل التجاري بالنسبة للقاصر مربوطة بشروط :
أولا: الإذن من الولي الشرعي.
ثانيًا: المصادقة على الإذن من طرف المحكمة التي يريد القاصر ممارسة العمل التجاري في إطار اختصاصها.
ثالثًا: أن يكون الإذن العائلي مرفقًا بطلب التسجيل في السجل التجاري.
ه- المرأة المتزوجة: المشرع الجزائري سوى بين الرجل و المرأة في ممارسة العمل التجاري واكتساب صفة التاجر، فقط أن تحترف المرأة الأعمال التجارية وأن تتخذ منها مهنة معتادة لها وأن تكون مؤهلة لممارسة العمل التجاري. وقد أكدت المادة ( 8) من القانون التجاري الجزائري هذه الواقعة بقولها: << تلتزم المرأة التاجرة شخصيًا بالأعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها. .....>>. إلا أن المادة ( 7) نصت على أن: " لا تعتبر المرأة المتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر في البيع بالتجزئة للبضاعة التابعة لتجارة زوجها "، يفهم من ذلك أن المساعدة أو التطوع من طرف الزوجة لا يكسبها الصفة التجارية لأنها تعمل لمصلحة زوجها، إلا أن ذلك لا يمنع من اكتساب صفة العاملة و تخضع في ذلك لأحكام قانون العمل وتتمتع بكافة الحقوق التي يرتبها هذا القانون.
* طرق أخرى لاكتساب صفة التاجر دون احتراف العمل التجاري: يمكن طرح السؤال التالي، هل هناك طريق آخر يكتسب به الشخص التاجر غير الطريق المحددة في نص المادة الأولى وهو احتراف الأعمال التجارية ؟.
بالفعل لقد أضاف القانون التجاري الجزائري طريق آخر يمكن به الشخص أن يكتسب صفة التاجر حتى ولو لم يمتهن الأعمال التجارية استنادا للمادة الأولى منه، ذلك أنه برجوعنا إلى نص المادة 21 من القانون التجاري الجزائري التي تنص على أنه:» كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها، ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة«.
معنى ذلك أن الطريقة الثانية لاكتساب صفة التاجر هو الحصول على السجل التجاري (القيد في السجل التجاري) حتى ولو لم يكن هذا الشخص يمتهن الأعمال التجارية، ويعتبر في نظر القانون مكتسب صفة التاجر خاصة بعد نص المادة حيث أصبح القيد في السجل التجاري قرينة قاطعة اكتساب صفة التاجر لا تقبل إثبات العكس.
- ثانيا:التزامات التجار
تتمثل الالتزامات التي فرضها المشرع الجزائري على التجار في: مسك دفاتر تجارية، القيد في السجل التجاري، الالتزام بمسك الدفاتر التجارية، الخضوع للضرائب على الارباح التجارية والصناعية، تجنب الممارسات المنافية للمنافسة.
01: مسك الدفاتر التجارية: من بين أهم الالتزامات التي تقع على عاتق التاجر الالتزام بإمساك الدفاتر أ السجلات التجارية
أ- تعريف الدفاتر التجارية: تنص المادة 9 تجاري بأنه على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر أن يمسك دفاتر تجارية، وهي عبارة عن سجلات يقيد فيها التاجر عملياته التجارية من إيراداته، مصروفاته، حقوقه والتزاماته، ومن هذه السجلات يتضح مركزه المالي و ظروف تجارته.
ب أهمية مسك الدفاتر التجارية :- الدفاتر التجارية المنتظمة تعطي صورة صادقة لنشاط التاجر.
- الدفاتر التجارية وسيلة للإثبات أمام القضاء.
- الدفاتر التجارية وسيلة عادلة لربط ( فرض) الضرائب .
- الدفاتر التجارية وسيلة أمان تساعد التاجر في الحصول على الصلح الواقي الإفلاس بالتقصير.
ج- أنواع الدفاتر التجارية :اختلفت التشريعات في تعيين الدفاتر التجارية الواجب على التاجر مسكها، فهناك من اكتفى بإلزام التاجر بمسك دفاتر تجارية كافية للدلالة على حالته التجارية دون تعيين. و هناك من عين حدًا أدنى من هذه الدفاتر التجارية و تركت الحرية للتاجر في أن يضيف ما يشاء حسب الحاجة الماسة لتجارته. و سوف نتكلم عن ذلك في الآتي.
ج-1) الدفاتر التجارية الإجبارية :التاجر ملزم بمسك دفترين إجباريين هما دفتر اليومية ودفتر الجرد.
أولا- دفتر اليومية: فقد نصت المادة (9) من القانون التجاري الجزائري على أن: << كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر ملزم بمسك دفتر اليومية يقيد فيه... ". ونصت المادة (10) منه على " يجب عليه أيضًا أن يجري سنويًا جردًا لعناصر أصول و خصوم مقاولته...".
أولا: دفتر اليومية: يعتبر دفتر اليومية من أهم الدفاتر التجارية و أكثرها بيانا لحقيقة المركز المالي للتاجر بسبب طبيعته التي فرضها المشرع واعتباره سجلا يوميا يقيد فيه التاجر عمليات تجارته يوما بيوم من بيع أو شراء أو اقتراض أو دفع أو قبض سواء لأوراق نقدية أو أوراق تجارية أو استلام بضائع عينية إلى غير ذلك من الأعمال المتعلقة بتجارته.
ثانيًا: دفتر الجرد :تقيد في دفتر الجرد تفاصيل البضاعة الموجودة لدى التاجر آخر سنته المالية وكذلك يقيد بدفتر الجرد الميزانية العامة للتاجر التي توضح مركزه الإيجابي والسلبي في نهاية السنة وهي تشمل على خانتين إحداهما مفردات الأصول وهي الأموال الثابتة والمنقولة وحقوق التاجر على الغير والأخرى مفردات الخصوم لبيان الديون التي في ذمة التاجر للغير وهي ديون المشروع للغير علاوة على رأس المال باعتباره أول دين عليه .
ج -2) الدفاتر التجارية الاختيارية :طبيعة التعامل التجاري الواسع وحاجات التجارة تقتضي أن يمسك التاجر دفاتر إضافية و يرجع ذلك لاختيار التاجر نفسه باعتباره أدرى من غيره بشؤون تجارته وهي دفاتر اختيارية لم ينص عليها المشرع الجزائري بل ترك أمرها للتاجر و اختياراته. و يمكن حصرها في الآتي:
دفتر الخزانة (الصندوق): يسجل فيه التاجر كل المبالغ التي تدخل أو تخرج من الخزانة.
دفتر المبيعات و المشتريات: يسجل فيه التاجر كل البضائع التي يبيعها و يشتريها.
دفتر الأوراق التجارية: يسجل فيه مواعيد الاستحقاق الخاصة بالأوراق التجارية (كمبيالات أو شيكات) لصالحه أو للغير.
دفتر الأستاذ: ويعد هذا الدفتر من الدفاتر التجارية الهامة نظرًا لاستعماله المتواصل وارتباطه بالدفاتر الأخرى حيث يعد سجل القيد النهائي التي تصب فيه جميع الدفاتر التجارية الأخرى، وهو منظم تنظيمًا دقيقًا تخضع هذه الدقة فيه لعلم المحاسبة.
د تنظيم الدفاتر التجارية :أوضح القانون التجاري الجزائري في المادة ( 11 ) منه كيفية تنظيم الدفاتر التجارية الإجبارية نظرًا لأهميتها من أجل توحيد طريقة تنظيمها لدى التجار والتقيد بكيفية تدوين المعلومات فيها. ويمكننا أن نستشف من نص المادة ( 11 ) ما يلي:
أن تسجل المعلومات الخاصة بالعمليات التي يجريها التاجر بحسب تواريخها، كما أوجبت المادة أن تخلو هذه الدفاتر من الفراغ أو ترك بعض الأماكن على بياض ولا محو ما كتب أو تحشية أو نقل على الهامش و أن لا تتضمن الشطب أو ما إلى ذلك، والهدف من كل ذلك هو مراعاة الدقة والوضوح في تدوين العمليات وتفويت الفرصة على التاجر الذي يلجأ إلى تغيير البيانات المدونة.
يجب أن ترقم هذه الدفاتر والمصادقة عليها من طرف المحكمة المختصة قبل استعمالها والهدف من هذا الإجراء هو منع التاجر من أن يزيل بعض صفحاتها أو إبدال الدفتر برمته.
ه مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية :تنص المادة ( 12 ) من القانون التجاري الجزائري على المدة التي يجب على التاجر الاحتفاظ فيها بدفاتره التجارية بقولها: << يجب أن تحفظ الدفاتر والمستندات المشار إليها في المادتين ( 9 و 10) (اليومية والجرد) عشر سنوات، كما يجب أن ترتب وتحفظ المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الموجهة طيلة نفس المدة >> المتتبع للنص يفهم أن المشرع الجزائري لم يحدد بداية سريان هذه المدة، ولكنه من البديهي أن تبدأ من تاريخ إقفال الدفتر أي من تاريخ التأشير بانتهاء صفحات الدفتر، وكذلك بالنسبة للمراسلات الواردة و الصادرة تبدأ المدة نفسها من تاريخ إرسالها أو تسلمها والجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية أو عدم انتظامها :
رتب المشرع الجزائري جزاءات مدنية وأخرى جزائية عن عدم المسك أو عدم التنظيم في المادة ( 14) من القانون التجاري الجزائري.
الجزاءات المدنية :أول جزاء مدني يترتب في حق التاجر هو حرمانه من تقديم هذه الدفاتر كوسيلة من وسائل الإثبات أمام القضاء. وخضوعه للتقدير الجزافي للضريبة الذي غالبا ما يكون في غير صالحه. زيادة على ذلك فإن التاجر المهمل أو المقصر في إمساك هذه الدفاتر أو عدم تنظيمها يحرمه من إجراء تسوية قضائية معه لعدم بيان مركزه المالي.
الجزاءات الجنائية : تنص المادة 370 تجاري وما بعدها على أنه يعد التاجر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير في حالة توقفه عن الدفع ولم يكن قد مسك حسابات مطابقة لعرف المهنة.
وتطبق العقوبات الجنائية المنصوص عليها في المادة 383 من قانون العقوبات على الأشخاص الذين تثبت إدانتهم بالتفليس بالتقصي أو التدليس ، وتقضي تلك المادة بأن كل من قضى بارتكابه جريمة الإفلاس في الحالات المنصوص عليها في قانون التجارة يعاقب عن الإفلاس البسيط بالحبس من شهرين إلى سنتين وعن الإفلاس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ويجوز علاوة على ذلك أن يقضي على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
02- القيد في السجل التجاري :
أ- تعريف السجل التجاري :السجل التجاري " ورقة معدة من طرف الدولة ومراكز محافظات السجل لتسجيل المعلومات الخاصة بالتاجر (طبيعيًا كان أو معنويًا) التي يتطلبها القانون و الأنظمة الصادرة بمقتضاها ". أو هو ورقة تفرد فيها لكل تاجر سواء كان شخصًا طبيعيًا أو معنويًا مجموعة من البيانات الخاصة به وبنشاطه التجاري تحت رقابة و إشراف الدولة.
وقد عالج المشرع الجزائري نظام السجل التجاري في المواد من ( 19 إلى 29 ) ق.ت.ج. وسنتناول في هذا المجال ما يلي:
أ - الملزمون بالقيد: تنص المادة ( 19 ) من القانون التجاري الجزائري على ما يلي: " يلتزم بالتسجيل في السجل التجاري:
1- كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون الجزائري ويمارس أعماله التجارية داخل القطر الجزائري.
2- كل شخص معنوي تاجرًا بالشكل، أو يكون موضوعه تجاريًا، ومقره في الجزائر أو كان له مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت".
ثم جاءت المادة ( 20 ) من نفس القانون و نصت على ما يلي: " يطبق هذا الإلزام خاصة على:
1- كل تاجر، شخصًا طبيعيًا أو معنويًا.
2- كل مقاولة تجارية يكون مقرها في الخارج و تفتح في الجزائر وكالة أو فرعًا أو أي مؤسسة أخرى.
3- كل ممثلية تجارية أجنبية تمارس نشاطًا تجاريًا على التراب الوطني".
ب- آثار القيد في السجل التجاري: تترتب مجموعة من الآثار الهامة عن القيد في السجل التجاري يمكن حصرها فيما يلي:
- اكتساب صفة التاجر: هذا الأثر حددته المادة (21) بقولها كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يُعد مكتسبًا صفة التاجر… وتترتب عنه كل الآثار التي يحكمها القانون التجاري.
كما أن عدم القيد في السجل التجاري بالنسبة للملزمين قانونًا بالقيد يسقط عنهم حقوق التجار دون أن يعفيهم أو يخفف عنهم من التزامات التجار.
- اكتساب الشركة الشخصية المعنوية: نصت المادة ( 549 ) من القانون التجاري الجزائري على ما يلي: " لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري"، فالقيد في السجل التجاري بالنسبة للشركات يعد بمثابة شهادة الميلاد ونشوء الشخصية المعنوية وتمتعها بالأهلية القانونية.
- ضرورة ذكر رقم السجل في معاملات التاجر : إذا تعامل التاجر مع الغير خلال مساره التجاري وجب أن يذكر في عنوان فواتيره أو طلباته أو تعريفاته أو نشراته الدعائية أو مراسلاته الرقم التسلسلي للسجل التجاري و كذا مقر المحكمة التي وقع فيها السجل التجاري و هذا ما أكدته المادة ( 27 ) تجارى بقولها: " يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري أن يذكر في عنوان فواتيره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل المراسلات الخاصة بمؤسسته الموقعة منه أو باسمه، مقر المحكمة التي وقع فيها السجل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه.
جـ- الجزاءات الجنائية : زيادة على ما فرضه المشرع من أحكام سابقة تحقق إشهارًا قانونيًا لما يحتويه السجل التجاري من بيانات فقد فرض جزاءات و عقوبات جنائية للمخالف، سواء عدم طلب القيد في السجل التجاري، أو التأشير بالبيانات المعدلة، أو طلب المحو في الميعاد القانوني، أو إهمال ذكر المحكمة التي وقع السجل فيها، أو عدم ذكر رقم السجل على جميع فواتيره و مراسلاته.
فنصت المادة ( 29 ) من القانون التجاري الجزائري على عقوبات وجزاءات جنائية تتراوح بين الغرامات المالية وعقوبة الحبس.
د - وظيفة السجل التجاري :
- تنظيم المجتمع التجاري.
- دعم الثقة و الائتمان للمتعاملين مع التاجر.
- إعطاء صورة حقيقية عن النشاطات التجارية.
- يعطي السجل صورة للدولة عن حقيقة المركز المالي للعاملين في التجارة على مستوى التراب الوطني الأمر الذي يساعد الدولة على وضع الخطط الاقتصادية التي تهم البلد كلل.
03- هذا واذا كان القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية تعتبر من اهم التزامات التاجر، الا انه هناك التزامات أخرى مهمة، وعلى رأسها الخضوع للضرائب على الأرباح التجارية الصناعية، بالإضافة الى التزام التاجر بالامتناع عن أي تصرف يعتبر من قبيل المنافسة غير المشروعة والتي تضر بسمعة التاجر وبالتجارة وتؤدي الى متابعته بجنحة المنافسة غير المشروعة.
- لمعلومات اكثر يرجى الضغط على الرابط التالي: