تعريف:
الإثبات :
هو إقامة الدليل أمام القضاء، وقد يلزم القاضي بهذا الدليل كما يمكن يلتزم به، وقد يفرض القانون على المتقاضين تقديم دليل معين، كما قد تترك الحرية للقاضي في التحري وذلك وفقا لاعتماد مذهب من المذاهب المختلفة في الإثبات
وللإثبات العديد من المذاهب التي تأخذ به، لذا سيتم تناول
أولا مذاهب الإثبات
ثانيا عبئ لبلإثبات
مذاهب الإثبات
مذهب الإثبات المطلق : وتكون للقاضي وفقا لهذا المذهب سلطة واسعة في التحري عن الوقائع التي عليه، فيكون له دور فعال في تسيير الدعوى واستجماع الأدلة، فهو الذي عنها . ويعاب على هذا المذهب أنه يعطي سلطة واسعة وكبيرة للقاضي، مما قد يؤدي الإضرار بالمتقاضيين إذ يحتمل أن يتعرضوا لمفاجآت نتيجة اختلاف التقدير من إلى آخر ويقلل من الثقة في نظام الإثبات .
-مذهب الإثبات المقيد: قد يفرض المشرع للإثبات طرقا محددة، فلا يستطيع المتقاضى إقامة الدليل على حقه بغير الوسيلة التي حددها القانون، كما يكون القاضي كذلك ملزما بهذه الطرق، فهذا المذهب يقيد القاضي إلى أبعد الحدود ويحقق الانسجام في تقدير القضاة مما يترتب عليه استقرار المعاملات، إلا انه يؤخذ على هذا النظام أن الحقيقة القضائية لا تتفق أحيانا مع الحقيقة الفعلية أو الواقعية لأن القاضي والمتقاضين ملزمون بطرق محددة فلا يمكن إقامة الدليل على أمر واضح بغير الطرق التي حددها القانون .
-مذهب الإثبات المختلط :يأخذ هذا المذهب بالإثبات المقيد في مسائل معينة كالمسائل المدنية التي يتطلب المشرع إثباتها بالكتابة أما في المسائل المدنية التي تشترط الكتابة لإثباتها، فإثباتها يكون مطلقا إذ للقاضي تقدير شهادة الشهود أو القرائن القضائية وفقا لاقتناعه الشخصي، أما المسائل التجارية فيأخذ فيها بنظام الإثبات المطلق نظرا لما تتطلبه هذه المسائل من سرعة في التعامل،إذ يصعب إقامة الدليل عليها كتابة فلا يمكن تقييدها بأدلة معينة، وتأخذ معظم التشريعات –ومن بينها المشرع الجزائري – بالمذهب المختلط . وفي هذا المذهب المختلط يكون للقاضي موقف وسط، إذ قد يكون له مطلق الحرية في المسائل المدنية، إذ يستطيع من تلقاء نفسه الأمر بإجراء تحقيق في الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة للإثبات بالبيئة مثلا، كما أن له أن يوجه اليمين المتممة إلى أحد الخصوم من تلقاء نفسه أيضا. ويكون دور القاضي مقيدا وسلبيا كلما قيده القانون بأدلة معينة، كوجوب الاعتداء بالدليل الكتابي مثلا.
عبئ الإثبات و محله
عبئ الأثبات
نستطيع أن نوجز الحديث عن عبء الإثبات في النقاط التالية :
-يقع عبء الإثبات على من يدعي وجود الحق ابتداء فمن يدعي إصابته بضرر من عمل غير مشروع يكون مكلفا بإثبات واقعة الفعل الضار بكافة الطرق، بأن يقدم للقاضي أدلة الضرر الذي لحقه، وأدلة الخطأ الذي وقع من جانب المدعي عليه، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
-وفي حالة دفع الإدعاء من جانب المدعي عليه يقع على الأخير عبء الإثبات كما لو أدعى الوفاء بالدين الثابت بالكتابة مثلا يلتزم بتقديم ما يثبت الوفاء كتابة لأنه في هذه الحالة يعتبر مدعيا ببراءة ذمته من ذلك الدين، ونفس الشيء بالنسبة للمدعي عليه الذي ينكر وقوع خطـأ منه أو ينكر رابطة السببية بين سلوكه والضرر الذي أصاب المدعي في دعوى الفعل الضار.
-يعفى المدعي من إثبات خطأ المدعي عليه في الخطأ المفترض بقرينة قانونية، كما هو الحال في المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، مثل الإضرار التي تقع من عديمي أو ناقص الأهلية، او الحيوان، أو من الآلة، أو من صاحب البناء .. فالمسؤول عن الرعاية والحاسة في تلك الحالات، وكذلك المتبوع المسئول فرضا عن خطأ تابعه، في جميع هذه الأحوال لا يكلف المدعي بإثبات أوجه الخطأ في السلوك الضار وإنما يكفيه إثبات الضرر وارتباطه بالسلوك الضار دوريا يكلف بإثبات الخطأ في سلوك من قام بالفعل الضار.
-في حالات الخطأ المفترض إذا أراد المدعي عليه بالتعويض المدعي أن ينفي مسئوليته عن الحادث الضار فعليه يقع إثبات العكس في المسئولية التقصيرية عن فعل الغير دائما
-وإذا وجدت قرينة قانونية في حالات الخطأ واجب الإثبات وكانت مقررة لصالح أحد الخصوم فإنه يعفى من إثبات الواقعة المتعلقة بها وعلى الخصم الأخر يقع عبء إثبات عكس تلك القرينة القانونية .ومثال ذلك إذا قدم المستأجر مخالصة عن الوفاء بأجرة الشهر الرابع من هذا العام تعتبر قرينة قانونية على سداد الأجرة المستحقة من قبل عن العين المؤجرة له، ويعفى من إثبات الوفاء بالأجرة عن الشهور السابقة، وينتقل عبء الإثبات إلى المؤجر لكي يدلل على عدم الوفاء حتى يثبت العكس وهو أمر صعب دائما
محل الإثبات
تعريف:
يقصد بمحل الإثبات تلك الواقعة القانونية المنشئة للحق لأنها هي مصدر الحق وبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده وسوف نتكلم عن محل الإثبات في الواقعة المادية وفي التصرف القانوني
الواقعة المادية لقانون: سبق القول أن الواقعة المادية القانونية قد تكون من فعل الطبيعة وحدها ولا دخل للإنسان في إحداثها كالولادة وقد تكون الواقعة المادية قانونية أيضا يترتب عليها القانون أثار معينة وهي من عمل الإنسان كالعمل الضار وغير المشروع كالجريمة، وكلما كانت الواقعة المادية مصدر للحق المتنازع عليه كانت هذه الواقعة بالذات هي محل الإثبات أمام القضاء أي تكون هي ما ينبغي إقامة الدليل على إثباته حتى وجود الحق ويشترط في الواقعة المادية القانونية التي تكون محل للإثبات شروط هي :
-
أن تكون متعلقة بالدعوى
-
يجب أن تكون الواقعة منتجة في الإثبات
-
أن تكون جائزة القيود
التصرف القانوني : سبق أن عرفنا بأن التصرفات القانونية هي المصادر الإدارية للحقوق لأن نشوء الحق وقيامه يتوقف على إرادة الشخص سواء في العقود التبادلية أو في التصرفات بإرادة منفردة، وبهذا تختلف التصرفات القانونية عن الوقائع المادية القانونية، حتى تلك الوقائع المادية التي تكون بفعل الشخص ذاته في الأعمال الضارة وغير المشروعة كالجرائم وأشباه الجرائم بل وحتى في الجرائم العمدية، لأننا كما ذكرنا من قبل أنه حتى في الجرائم العمدية التي يرتكبها الجاني بإرادته الحرة ويتوافر لديه القصد الجاني ونية الإجرام تكون الجريمة ذاتها عمدية أي إرادية ولكن حق المجني عليه أو ذويه في التعويض عن الضرر الناشئ عنها ذلك الحق يرتبه القانون على فعله الضار دون أن يكون للمجرم إرادة للحقوق الناشئة ولهذا تعتبر الجرائم أعمالا غير مشروعة وتعتبر مصادر غير إرادية للحقوق الناشئة عنها في حين أن الجرائم عمدية كما قلنا فالعبرة بنشأة الحق رغم إرادة الملتزم به. والتصرفات القانونية باعتبارها مصادر إرادية للحقوق تختلف أيضا عن الواقع المادية من حيث الإثبات، وذلك لأن مصادر الحقوق هي العقود وهي من صنع الأشخاص مع توافر الإرادة الصحيحة للأشخاص وتلك الإرادات الحرة هي محور العقود المنشئة للحقوق. ولهذا نجد المشرع غالبا يستلزم لإثبات الحقوق العقدية دليلا معينا هو الإثبات بالكتابة بحسب الأصل كقاعدة عامة. ولكن لهذه القاعدة استثناء ان في القانون المدني الجزائري نصت عليهما المادة 333 بقولها أن التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عن 1000 دج أو تكون قيمتها غير محددة، لا تثبت بشهادة الشهود ولابد من أن تكون ثابتة بالكتابة وذلك فيما عدا المعاملات التجارية. ومعنى ذلك أنه يستثني من قاعدة إثبات الحقوق بالكتابة في العقود حالتان :
-
-الحالة الأولى: المعاملات التجارية لأنها تقوم على عنصري الثقة والسرعة معا.
-
-الحالة الثانية: هي التصرفات القانونية التي تكون قيمتها 1000 دج فأقل سواء كانت التصرفات منشئة للحق أو كان يترتب عليها انقضاء ذلك الحق